عبد الظل - الفصل 2447
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2447 : زيارة منزلية
تاركًا خلفه بعض الأحجار المتشققة، وصل صني إلى بوابة معينة وانتظر قليلًا، متوقعًا أن ينقض عليه ذئب عملاق، ليغمره بإعصار من الحماس والاندفاع وحب الجراء المبلل باللعاب.
لكن، لم يحدث شيء من هذا القبيل. كان صني قد هيّأ نفسه ليتظاهر بالانزعاج، لكنه الآن شعر بخيبة أمل غريبة.
‘لينغ لينغ، ذلك الشقي… ألا يشمّ رائحة عمه المفضل واقفًا عند الباب؟’
انتظر صني قليلًا بعد، ثم تنهد ورفع يده ليطرق على البوابة. لكن قبل أن يفعل، انفتحت لتكشف عن صدرٍ منحوت ومصقول ومتناسق. نظر صني إليه لبضعة لحظات، ثم رفع بصره… ثم، متنهّدًا، رفعهما أعلى بعد.
كانت إيفي واقفة على طريق الحصى حافية القدمين، مرتديةً بنطالًا رياضيًا مريحًا ومهترئًا، وقميصًا قصيرًا مؤقتًا يحمل شعار ‘غايل والليل’ الباهت، متشبثًا بشجاعة بقوامها الممتلئ. كان شعرها مبعثرًا، وكانت تفرك عينيها وتتثاءب.
بدت رؤيتها بهذه الملابس العادية غريبة قليلًا، بالنظر إلى من تكون وأين هما الآن. لكن، من جهة أخرى، لم تكن إيفي يومًا من أولئك الذين يهتمون بمكانتهم العالية.
نظرت فوق رأس صني إلى الشارع بنظرة مرتابة.
“هاه؟ لا أحد هنا؟”
‘سحقا!’
صرّ على أسنانه.
“مهلًا! توقفي عن التظاهر بعدم رؤيتي.”
رفعت إيفي حاجبيها، ثم أنزلت نظرتها ببطء. ثم أنزلتها أكثر… وابتسمت ببريق.
“آه! إنه أنت، يا فتى الظلال. آسفة، لم ألاحظك هناك… وأعني بـ’هناك’، في الأسفل، الأسفل جدًا…”
عبس صني بانزعاج.
“كيف لهذا أن يكون منطقيًا؟ لنقل إنك لم تلاحظيني، ماذا عن تلك الحزمة الضخمة على ظهري؟ التي يبلغ طولها ثلاثة أمتار؟ وحده الأعمى من قد يفشل في ملاحظتها!”
نظرت إيفي إلى الغرض الملفوف الذي كان يبرز فوق كتفه الأيسر، ثم حكّت رأسها بخجل.
“حسنًا، أمسكتني… على أي حال، تفضل بالدخول. لقد تم تحذيري من أنك ستظهر، لذا كنت بانتظارك. إنه رسميًا أول يوم من إجازتي! لم أكن أعلم أصلًا أن لي إجازات، كما تعلم؟ وإن كان وجودك يعني أنها ستكون رحلة عمل في أحسن الأحوال… الآن بعد أن فكرت في الأمر، أعتقد أنني تعرّضت لعملية احتيال وسُلبت من حقي في الراحة…”
تبعها صني عبر البوابة وألقى نظرة حوله.
“هاه؟ أين الصغير لينغ؟ ووالده؟ كنت آمل أن أراهما.”
نظرت إليه من طرف عينها.
“لينغ لينغ مُعاقَب، ويساعد والده في المزرعة. وأيضًا… غريبٌ جدًا أنك صديق لزوجي. غريبٌ للغاية!”
رمش صني بضع مرات، مصعوقًا ومصدومًا.
“ماذا؟ لماذا؟ دعيني أخبركِ، أنا صديق رائع.”
هزت إيفي رأسها بحماس.
“بالضبط. أنت رائع جدًا! بالمعنى الحرفي للكلمة. أنت سيادي، بـحق التعويذة! ما شأن زوجي بأن يكون صديقًا لسيادي؟”
سخر صني.
“ذاك الرجل متزوج من قديسة ويربّي أخر. أعتقد أنه يستطيع التعامل مع كونه صديقًا لفائق. لا تستهيني به… إنه ببساطة من ذلك النوع المبهر.”
نظرت إليه إيفي، ثم أشاحت بنظرها بابتسامة خفيفة.
“حسنًا… هذا صحيح. هو فعلًا مبهر قليلًا، أليس كذلك؟”
قبل أن يدخلا المنزل، أشار صني لها أن تتوقف، وأنزل الحزمة من على ظهره متنهّدًا براحة مسموعة.
“انتظري قليلًا. لست متأكدًا إن كان يمكننا إدخال هذا الشيء إلى الداخل.”
كانت أرضية قصر إيفي قد صنعت لتتحمل الوزن الهائل لشكلها المتسامي — وكذلك لتنجو من طاقة لينغ لينغ الفائضة — لكن المنزل نفسه… لم يكن واثقًا. فزوجها قد بناه من خشب سحري من الغابات المحيطة بباستيون، لكن ما معهما هنا شيء استثنائي فعلًا.
أراح أسفل الحزمة على الأرض، وأسندها بيد واحدة، ثم بدأ بتدليك كتفه المتألم باليد الأخرى.
“آه. هذا أفضل…”
راقبت إيفي الغرض الضيق بنظرة فضولية.
ابتسم صني ابتسامة ماكرة.
“هذه… هدية صغيرة مني لكِ.”
أنزلها بعناية على الأرض، ثم جثا على ركبتيه ليفك الأشرطة. بالطبع، كان كل من القماش الذي غُلِّفت به الحزمة والأشرطة مصنوعًا من الظلال المتجلية، وكان بوسعه ببساطة أن يبددها… لكن أين المتعة في ذلك؟.
وفوق ذلك، كلما اقترب صني من أن يصبح سَامٍ، زادت قدرته على تقدير تلك اللحظات البشرية الصغيرة. أجل، بوسعه أن يتنقل آنيًا، وأن يجعل الظلال تؤدي عنه كل شيء دون أن يحرّك إصبعًا، لكن السير على قدميه وفعل ما يرغب فيه بيديه له متعة خاصة بذاته.
وأثناء فكّه للغلاف، ألقى نظرة مشاكسة على إيفي.
“ليس شيئًا مجنونًا. فقط تذكرتك حين رأيته.”
ومن داخل القماش، ظهر رمح مهيب. كان بطول ثلاثة أمتار تقريبًا، خاليًا من الزينة الزائدة لكنه جميل التصميم. كان الرمح العظيم جليلًا ومتألقًا في آن، وكأنه صنع من ذهبٍ خالص — ومع ذلك، كان يشعّ هالةً من الشراسة الساحقة والجاذبية المهيبة، تُثير الهيبة والتوقير في قلب كل من رآه.
كان رأس الرمح طويلًا، قادرًا على الطعن والقطع، بينما كانت الساق مستقيمةً تمامًا وتبدو غير قابل للتدمير. وما إن انكشف الرمح، حتى فاحت في الهواء رائحةٌ عاصفة ورعدية، وتطايرت شرارات كهربائية عبر العشب.
لقد بدت… عتيقة، وقوية بشكل لا يُوصَف، ومقدسة. وكأن العالم نفسه تفاعل مع حضور السلاح الذهبي، فأصبح أكثر إشراقًا وجلالًا من حولها.
حدّقت إيفي في الرمح العظيمة، مسحورةً.
“…ما هذا؟”
وفي تلك اللحظة، أشرق وجه صني.
“حبة فاصوليا لحبة فاصوليا!”
أجبرت نفسها على صرف بصرها عن الرمح، ونظرت إليه بنظرة خالية من الإعجاب.
“أتريد الموت؟”
ضحك صني.
ثم عادت إيفي لتفحص الرمح قليلًا، قبل أن تسأل بنبرة من الذهول:
“لا، حقًا. ما هذه التحفة؟”
هز صني رأسه وأخيرًا بدّد قماش الظلال. وكان صوته غير مبالٍ وهو يشرح:
“هذا… أثرٌ سَامٍ.”
ترجمة آمون