عبد الظل - الفصل 2437
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2437 : النفي
لقد أصبحت نيفيس أقوى بكثير بعد بلوغها التفوق. ومع ذلك، كانت هناك تفاصيل خفية في تلك القوة الجديدة – فلم تأتِ كلّها بسهولة، ولم يكن بالإمكان استخدام كلّها بحرية في أي موقف.
خذ على سبيل المثال قدرة الجانب الفائقة خاصتها. لقد حصل صني على قدرة استدعاء الأشباح الراقدة داخله إلى الوجود، ليصبح جيشًا يسير على الأرض، جيشًا من الظلال غير القابلة للتدمير ينمو مع كل كائن حي يقتله، مما جعله كيانًا مرعبًا بحق.
ونيفيس، أيضًا، حصلت على قدرة هائلة. ومع ذلك، لم تكن قدرتها الفائقة لتعزز نيفيس ذاتها – بل كانت تعزز رعايا نطاقها، مما يسمح لها بشفائهم وتقويتهم بلهيبها من مسافة بعيدة.
ولهذا، كان من المؤسف حقًا أنها اضطرت إلى مواجهة الشيطان الملعون بمفردها. ليس لأن هناك كثيرين يمكنهم مساعدتها في قتال ضد مخلوق كابوسي ملعون.
ولكن، بطبيعة الحال، لم تكن وحيدةً أبدًا – ليس حقًا. فنطاقها شمل البشرية كلها، في نهاية المطاف.
ليس كل إنسان عادي كان جزءًا منه، لكن معظمهم كانوا كذلك. أما بين الـمستيقظين، فلم يكن ينتمي إلى نطاقها إلا أولئك من عشيرة الظل أو المنفيين إلى قلعة الإصلاحية في قبر السَّامِيّ – أما البقية، فكانوا مرتبطين بنيفيس، إما برغبتهم الخاصة، أو من خلال تمركزهم في البوابات التي يسيطر عليها تابعوها المتسامين.
وربما، هي من كانت مرتبطة بهم.
كانت تشعر بهم جميعًا، دائمًا. لهب شوقهم كان كنجومٍ لا تُعدّ تتلألأ في هاوية من ظلام لا حدود له، وكلها مرتبطة بروحها بخيوطٍ من نور النجوم. بعضها كان بعيدًا وباردًا، صغيرًا إلى درجة يكاد يكون غير موجود – والبعض الآخر كان كألسنة لهبٍ ضخمة، تتوهج بشدة حتى كاد إشعاعها يعمي الأبصار، وشغفه يملأ الهاوية بالدفء.
كان هناك عدد لا يُحصى من النجوم في نطاقها، ما يجعل إدراكها كلها بشكل فردي مستحيلاً، لكن الغرق في عظمتها الجماعية كان سهلاً للغاية. أحيانًا، كانت نيفيس تكافح لتتذكّر أين تنتهي هويتها ويبدأ اتساعهم. في تلك اللحظات، كانت الأمور ذاتها التي ساعدتها على الحفاظ على إنسانيتها، تساعدها على الحفاظ على ذاتها.
اسمها الحقيقي. الروابط الثمينة التي نسجتها مع الآخرين. المودّة التي احتفظت بها في قلبها.
والأهم من ذلك كلّه، رغبتها المتقدة. شوقها الخاص.
هدفها.
كان الأمر غريبًا حقًا – في السابق، كانت نيفيس تخشى فقدان إنسانيتها. أما الآن، فكانت تخشى تجربة إنسانية زائدة – تجربتها جميعًا، وربما، الذوبان الكامل في اتساع نطاقها، لتتحول إلى قوّة عنصرية لا إلى شخص.
وربما كان هذا ما يشعر به السَاميين. وربما كان هذا ما يعنيه أن تكون سَاميًا.
مبجل حقيقي.
وإن كان الأمر كذلك، فلا شأن لنيفيس به.
العنصر قويّ كقوة الطبيعة، لكنه لا يمتلك وجهة. لا يمتلك قناعة. لا يمتلك إرادة.
لا يمتلك ما يلزم لتحقيق ما تريده.
وهي تسير نحو الشيطان الملعون، صهرت إرادتها برغبتها، وصاغت منها درعًا لا ينكسر.
‘لستُ وحدي. هذا المخلوق، مع ذلك، وحده… وسيموت وحده، مَقطوعًا بسيفي ومحروقًا بلهيبي.’
كل يومٍ، كانت نجومٌ جديدة تشتعل في فضاء نطاقها المرصّع بالنجوم.
وكل يوم، كان بعضها ينطفئ إلى الأبد.
كانت نيفيس تشعر بخسارة تلك النجوم بخفوت. كان هناك كثيرون أكثر من أن تحزن على فقدان كل لهبٍ منفرد، لكنها كانت دائمًا تدرك كم من الأقدار كانت تتحطم وتُطحن إلى غبار في هذا العالم القاسي الذي تحكمه تعويذة الكابوس.
كم من الآمال والأحلام كُتب لها أن تبقى أبدًا غير محققة.
كانت تتألّم لفقدانهم بشخصها.
حين تحرك الشيطان الملعون واندفع نحوها، ساحبًا مجساته الوحشية الطويلة من جبل اللحم الرمادي بسرعة مذهلة عبر الأنقاض، أخذت نيفيس ذلك الألم وصهرته في إرادتها، وصاغت منه سيفًا لا يرحم.
شعرت بإرادة الشيطان الملعون تشكّل العالم من حولهم. محاولًا تشكيل نيفيس نفسها، كذلك.
كانت قد أدركت بالفعل ما هو هذا السَامي الساقط، وما هي القوة التي يمتلكها.
كانت هناك دلائل لتجمعها. أتى الشيطان الملعون من تجاويف قبر الساميّ، حيث اختبأ من الشمس المدمرة لآلاف السنين. وكانت هناك إشارات في ما قاله لها أيضًا – ذكرياته عن شمس رؤوفة، عن أجنحة، عن احتراق، وأطراف هيكلية.
لكن لم تكن نيفيس بحاجة إلى التخمين.
لأن إحدى ألمع النجوم في نطاقها كانت كاسي، ورغم المسافة بينهما، كانت صديقتها ما تزال معها، ترى أشياء لا يستطيع أي بشري آخر رؤيتها.
كان يمكن تسمية الشيطان الملعون بالنفي.
لقد امتلك قوة الرفض، والإنكار، والنقض.
كل ما أنكره، لم يكن أمامه خيار سوى التلاشي، وكل ما رفضه، حُكم عليه بأن يُمحى من الوجود.
كانت إرادته الخبيثة مرعبة، شاسعة كالمحيط، وقاسية في شرّها المستتر.
لا عجب أن موردريت قد فرّ عند مواجهة هذا المخلوق المروع. بل الأعجوبة أن ظلّ صني تمكّن من إغراق النفي في النوم.
حين اندفع الجسد الرمادي والمجسات المتفحمة نحوها، وجهت نيفيس لهيبها في النعمة. ركّز السيف الذي كان مربوطًا بالظل سابقًا تلك النيران في شعاع مدمّر من النور الأبيض الخالص، ومزّق ذلك النور المسافة بينها وبين ذلك المخلوق الكابوسي الهائل في لحظة، مهددًا بشطر الجبل الشنيع من اللحم إلى نصفين.
ولكن، بدلاً من ذلك، انطفأ ببساطة، نُفي بواسطة سلطة السَامي الساقط المدنّسة.
عبست نيفيس.
لم يُقاوَم هجومها، ولم يُصَدّ. بل نُفي ببساطة، أُبطل قبل أن تسنح له الفرصة لإحداث أي ضرر، وكأنّ فكرة إصابة ذلك الكائن بلهيبها قد أُعلنت كذبة من قِبل الشرير المظلم.
وبما أن الشيطان الملعون أعلن ذلك، فقد أصبح هو الحقيقة.
تعثرت يدها للحظة قصيرة.
‘كيف لي أن أقتل سَاميًا ينفي قدرتي على قتله؟’
كان الشيطان الملعون سَاميًا، سَاميًا ساقطًا وفاسدًا.
وذلك السَامي… لم يكن يؤمن بنيفيس.
لكن، لحسن الحظ، كانت هي تؤمن بنفسها.
ترجمة آمون