عبد الظل - الفصل 2424
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2424 : الكلمات أقوى من القنابل
تصاعدت شدة اللهب فجأةً، واجتاحت موجة من الحرارة التي لا تطاق خزنة البنك. ارتجف الشكل المحاصر في قلب الانفجار المزدهر ببطء وتشنّج، وبلغ أذني رَين صراخٌ مشوّه على نحو غريب.
كانت تعلم أن الطاغية لن يُقتل بالنار. فمجرد قدرتها على نطق اسم النار الحقيقي كان دليلاً كافياً – كان عيبها سيمنعها من تسخير هذا الاسم لو لم يكن ممكناً. لكنها كانت واثقة من أنه سيتألم كثيراً من الانفجار.
لم يكن الطاغية فقط أكثر عرضة للاحتراق بسبب اللقب الذي ألصقته به، بل إن لقبها الآخر تآزر مع قدرة جانب القرصان، مما زاد من بطء ذلك السيد المحترق.
أما القرصان، فقد تدحرج مبتعداً عن الانفجار، ناهضاً قرب رَين، وحدق بها من تحت قناعه الشيطاني بعينيه الزرقاوين الحادتين قائلاً بهدوء:
“.ظننتكِ مسالمة؟”
ابتسمت رَين بوجهٍ مشرق.
“أنا كذلك!”
ثم استدارت نحو السيد المحترق وأسقطت لقب القابل للاشتعال، واستبدلته بلقب آخر.
مُفرط الإحساس بالألم.
شخص يشعرُ بكل ألمٍ بأقصى قدرٍ ممكن.
ولم تكن رَين لتعترف أبداً كيف ولماذا تعرف هذه الكلمة، لكنها تعرفها. وكانت النتيجة أن الصرخة المشوهة تحولت إلى عويل مشوه أشد فظاعة.
حدّق بها القرصان بعينيه الزرقاوين الهادئتين. لكن… هل تخيلت رَين، أم أنه ارتعش قليلاً؟.
لا بد أنها كانت تتخيل.
***
بعد وقت قصير، انتهى الشغب.
اللصوص – الذين تبيّن أنهم متعصبون طائفيون – كانوا فاقدي الوعي ومقيّدين. غُطيت جثة الطاغية المحترقة بملاءة. لم تكن رَين قد قتلته، بطبيعة الحال. فهي، بوصفها شخصاً مسالماً لا يؤذي أحداً، اكتفت بجعله يصرخ ويتشنج من شدة الألم بينما أنهت تمار والقرصان المهمة.
كانت قد اقترحت حتى أن يكتفوا بضرب ذلك المتعصب المجنون حتى يفقد وعيه، لكن كان للقرصان رأي آخر. وقد تفهمت قراره – فالمجرمون المستيقظون كانوا صعبي الاحتواء من الأساس، فما بالك بسيدٍ مختل؟ كان سجنه يتطلب مواردًا لا تملكها الحكومة.
كانت الحكومة بالكاد تمنع العالم من الانهيار كما هو.
في جميع الأحوال، رُفع الحظر عن البنك. واختفى القرصان، وراي، وفلور دون أثر، بينما بقيت رَين وتمار للتحدث مع قوات الحكومة. مكانة تمار كإرث، وكونها قائدة سابقة للفيلق الملكي السابع، سيكون مفيداً لتفسير كيف انتهى عدد من المجرمين المستيقظين وسيد صاعد في تلك الحالة البائسة.
وبعد تفقد الرهائن وتحريرهم من القيود، خرجت الاثنتان إلى الخارج. وأثناء انتظارهما لوصول الشرطة أمام أبواب البنك، ألقت رَين نظرة حولها، وتوقفت عيناها عند الكتابات المشوّهة التي لطّخت الجدران.
تنهدت. لقد تغيرت NQSC كثيراً. في الماضي، لم يكن هناك كتابات جدارية في منطقة مرموقة كهذه. وخصوصاً لا شيء يفتقر لأي قيمة فنية. مجرد فوضى من الحروف مرسومة بدهان باهت.
كما لم يكن هناك متعصبون مجانين يسطون على البنوك.
نظرت إلى تمار.
“مهلاً. لم نكن في هذا البنك صدفة، أليس كذلك؟”
نظرت تمار إليها بنظرة متزنة.
لكنها في النهاية، اكتفت بهز كتفيها.
“ربما.”
رفعت رَين يدها ونقرتها على جبينها.
“كنت أعلم! لكن لماذا؟ لا تفهميني خطأ، لا أمانع إحباط سطو على بنك. في الواقع، كان الأمر مثيرًا نوعاً ما. لكنني مشغولة جداً اليوم – يجب أن ألقي كلمة أمام جمهور كبير خلال ساعة!”
وأظهرت تعبيرًا بائسًا. نظرت تمار إليها، فالتزمت الصمت لبضع ثوانٍ، ثم تنهدت.
“أخاكِ مشغولٌ حالياً. لذلك طلبت مني آيكو تقييم أداء القرصان ودعم فريقه عند الحاجة. مع أنني أظن… أنها لم تتوقع أن آخذكِ معي.”
ضحكت رَين.
“ولماذا أخذتني، إذاً؟”
رمقتها تمار بنظرة صارمة كعادتها.
“أعني… من الصعب التخلص منكِ، كما تعلمين؟”
ثم أشرق وجهها بابتسامةٍ نادرة، وأشاحت بنظرها.
“وأيضاً، أردت أن تري القرصان في الميدان وتبدي رأيكِ. أنا أُعد فوجاً لتحدي الكابوس الثاني، كما تعلمين. كنت أراقبه، واحتجت أن أتأكد من أنه سيندمج.”
ابتسمت رَين بدورها.
“وما رأيكِ؟ هل سيندمج؟”
أومأت تمار.
“بالتأكيد. أستيريون سيندمج جيدًا.”
رمشت رَين.
“هاه؟”
هل سمعت خطأً؟.
“ماذا قلتِ؟”
نظرت تمار إليها باستغراب.
“قلت إن القرصان سيندمج جيداً. لماذا؟”
أمالت رَين رأسها قليلاً.
“آه. أظنك زللتِ لسانكِ.”
وأشارت إلى الجدار.
“لا بد أن هذا الجرافيتي من صنيع يديكِ. صحيح؟” ‘1’
كان هناك، بخط كبير وعريض:
أسـ.. تير.. يون.
“ما هو ‘أستيريون’ أساساً؟”
تأملت تمار الجرافيتي للحظة، كما لو أنها تراه لأول مرة، ثم عبست وهزت رأسها.
“لا أدري. الاسم مألوف قليلاً، ربما؟”
من مكانٍ بعيد، اخترقت صفارات الإنذار الصمت. ربّتت رَين على كتف تمار.
“على كل. أنتِ ستتعاملين مع الأمر. أما أنا، فعليّ تقديم تقرير أكاديمي.”
ثم استدارت وبدأت في الابتعاد. الكلمة الغريبة علقت في ذهنها، تتكرر بإلحاح كدودة أذن:
‘أستيريون، أستيريون. أسـ.. تير.. يون.’
***
في أحد ممرات قلب الغراب، توقف صني واتكأ على الجدار.
تذكّر للتو استلامه تقريرًا عن سطو البنك، ومشاركة رَين فيه.
‘هي فعلت ماذا؟’
“رَين… شوَت سيدًا حيًا؟!”
والكلمة المفتاحية هنا: حي.
وقد قامت كذلك بطرد صدى قسرًا. يبدو أن هذه إحدى القدرات التي أصبحت شقيقته تملكها. وفقاً للتقرير، كانت قد استُلهمت للفكرة من قدرة السيد المشوي، والتي سمحت له بمنع المستيقظين من استدعاء الذكريات.
فإذا كان بالإمكان التدخل في الاستدعاء، فلم لا يكون بالإمكان التدخل في الإلغاء؟.
“لا، لكن لماذا بـحق الجحيم تتورط في قتال ضد أسياد أصلاً؟!”
كان قد أدار ظهره للحظة واحدة… بل أقل من ذلك!.
واحد من سبعة منه فقط أدار ظهره.
تنهد صني بغضب، مستاءً لأن رَين وُضعت في موقف يجعلها تواجه سيداً معادياً. وبالكاد كان هناك أحد… سوى أربعة من نخبة عملاء عشيرة الظل… لحمايتها!.
‘لِمَ كلفت كوينتين بحراسة باستيون إذاً؟ أما كان يمكنه مرافقتها إلى NQSC؟’
هزّ رأسه وتابع السير.
‘يجب أن أتحدث مع آيكو بجدية عن ذلك الحادث.’
لكن حينها، عاد إلى ذهنه شيء من الأسابيع الماضية.
تجمد صني، ثم أطلق ضحكة خاوية.
“…ماذا؟ ماذا فعلت آيكو؟”
***
1: الجرافيتي الكتابة على الجدران.
ترجمة آمون