عبد الظل - الفصل 2422
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2422 : الظلال ضد المتعصبين، قاتلوا!
ضربُ الطاغية بقبضةٍ أشبه بسبيكةٍ مدرعة، ولم يكن ذلك سيئًا جدًا، بما أن جون قد مرّ سابقًا بالتجربة المؤسفة المتمثلة في تمزيق ناقلة جنود أو اثنتين بيديه العاريتين.
ومهما بلغت قوة الصاعد، فإنه لا يزال خاضعًا لقوانين الفيزياء. فاندفع الطاغية أرضًا، ثم اصطدمت مؤخرة رأسه بالأرض محدثةً صدعًا. وقبل أن يتمكن من استجماع نفسه، ضربه جون مجددًا، ثم مرةً أخرى، وأخرى.
كانت ذراعاه تتحركان كالمكابس، سقطت قبضتاه كأنهما مطرقتان هيدروليكيتان. لم يكن في استطاعته طعن عدوه حتى الموت، لذا كانت الصدمة القوية والإصابات الناتجة عن الرضّ هي الخيار الأفضل التالي – صبّ جون كل ما استطاع من قوة في كل لكمة، حريصًا في الوقت نفسه على ألا يحطم عظامه.
كونه عضوًا في عشيرة الظل لم يكن دون مزاياه، لكن لذلك ثمن أيضًا، وربما أبرز عيوبه أن خدّم اللورد المظلم لم يعودوا ينتمون إلى نطاق اللهب، وبالتالي كانوا محرومين من نعمة نجمة التغيير. لم يكن اللهيب المعجزة سينزل لتخفيف آلامهم أو شفاء جراحهم، لذلك كان عليهم أن يكونوا دائمًا أكثر حذرًا.
أكثر حذرًا من أولئك الذين يسيرون في النور، على الأقل.
‘هيا…!’
كان الطاغية متوهجًا قليلًا، لكنه لم يكن متأثرًا كما كان جون يأمل. والأسوأ من ذلك أن الرجل بدأ يستعيد وعيه بالفعل. تدفق الدم من أنفه ومن فمه، حيث سقط سن أو اثنان على الأرجح، لكن عينيه استعادتا بريقهما القاتل. لقد مرت ثلاث ثوانٍ بالفعل منذ انقطاع الطاقة، حتى لو بدا الأمر أطول من ذلك. وهذا يعني أن الأمور كانت على وشك أن تصبح أصعب بكثير بالنسبة للظلال.
فاستدعاء الذكريات يستغرق وقتًا، لكن تلك التي تُنتج النور عادةً ما تكون أبسطها وأضعفها، ما يجعل استدعاءها سريعًا نسبيًا. وإذا بادر أحد المتعصبين إلى رد الفعل بسرعة، فإن الظلام الذي منح جون ورفاقه ميزة حاسمة قد يتبدد في أي لحظة.
لكن كان على جون أن يركّز على الطاغية. والآن وقد استعاد الرجل وعيه، لم يعد بالإمكان تحطيم جمجمته بسيلٍ من الضربات – فمواجهة سيّد في قتال يدوي كانت فكرة محفوفة بالمخاطر في أفضل الأحوال، أما الاشتباك الجسدي المباشر معه فكان انتحارًا محضًا.
لذا، تراجع جون وقفز للخلف، مُفعّلًا قدرته المستيقظة من جديد لإبطاء الطاغية. بدا جوهره مثقلًا، لكن تحكمه به كان مصقولًا بما فيه الكفاية ليخترق التنويم المجهول. مع ذلك لا زال المتعصب الصاعد يتحرك بسرعة أذهلت جون، إذ قفز على قدميه واستدعى زوبعة من الشرر لتنير محيطه.
أما بالنسبة لجون، فقد بدا الشرر المتناثر في الهواء وكأنه ينجرف ببطء.
فبدأ بمراقبة خصمه.
كان الطاغية أكبر سنًا مما ظنّه، وجهه الشاحب والصلب غير محلوق. كانت معداته عادية، لا توفر حماية إضافية. وسواءً الطعن، أو إطلاق النار في مؤخرة الرأس، أو رميه عبر جدار، أو ضربه المتكرر في وجهه – لم يبدُ أن كل ذلك وكأنه أثر فيه بشكل ملحوظ.
غير أن الدم المتدفق من أنفه وفمه كان سيؤثر على تنفّسه. وكان رجلًا أعسرًا، لكن عينه اليمنى هي المهيمنة. كما أنه كان يحمي جانبه الأيسر قليلًا، على الأرجح دون وعي، مما يشير إلى إصابة قديمة لا تزال تعلن عن نفسها، أو عادة نفسية على الأقل. ليس الكثير للاعتماد عليه.
تنهد جون، وألغى تنشيط قدرته المستيقظة، واندفع إلى الأمام.
—
خارج الردهة المدمرة، وقعت أمور كثيرة خلال هذه اللحظات الثلاث الطويلة.
فقد الطاغوت الساقط نصف مجساته ودُفع إلى زاوية الغرفة بسبب هجوم تمار العنيف. كان سيفها الأسود العظيم ذكرى صاغها لها صني بنفسه – كان سحره غريبًا جدًا، إذ يجعل هذا السلاح الوحشي أشد فتكًا كلما تحركت صاحبته بسرعة، ويمنحه قوةً أعظم إذا كانت حاملة السلاح معلقة في الهواء تمامًا، دون ملامسة الأرض. هذا وعنصر المفاجأة ساهما في دفع الصدى العملاق إلى الخلف. لكن الآن، استعاد الطاغوت وعيه وكان على وشك تنفيذ هجمة مرتدة.
في هذه الأثناء، استخدمت رَين اللحظة الأولى لإسناد لقبٍ لنفسها. بصفتها مستيقظة، كانت قادرة على الحفاظ على لقبين في آن واحد، لذا منحت نفس اللقب لفلور أيضًا.
كان لقبًا بسيطًا جدًا.
“فلور، الآن!”
بينما التصقت حارسة الخزنة بالأرض، اندفعت الفتاتان نحو اللصوص. لم يكن الظلام مشتتًا إلا بومضات الطلقات وتوهج شرر النور الأثيري، لذا لم يكن بإمكان الأعداء التصويب بدقة. ومع ذلك، فقد أطلقت ستة رشاشات أوتوماتيكية وابلًا من الرصاص.
أصيبت رَين في كتفها. رغم اللقب الذي منحته لنفسها، لم تكن منيعة تمامًا ضد الرصاص. كانت ضربة مباشرة من مدفع كهربائي ثقيل على الأرجح ستخترق جسدها. ولم تكن لتستطيع حماية شخص عادي من الموت على يد أسلحة أقل تدميرًا أيضًا – فبطبيعة الحال، لا يملك الأشخاص العاديون مناعةً ضد الرصاص.
لكنها لم تكن شخصًا عاديًا، بل كانت مستيقظة. والمستيقظون يمتلكون مقاومة ما للأسلحة العادية، لذا لم يكن من الضروري أن يغير اللقب طبيعتها بشكل جذري. كل ما فعله هو تعزيز صفة كانت موجودة فيها أصلاً، وكان التأثير قويًا بما يكفي لأن تتجاهل الإصابة وتتابع تقدمها كما لو لم يحدث شيء.
وهذا انطبق على فلور أيضًا، حتى إن لم يكن اللقب الممنوح لها مرتبطًا باسمٍ حقيقي، مما جعله أقل فاعلية.
بلغتا المتعصبين بأمان. وما حدث بعدها كان متوقعًا تمامًا. كانتا رَين وفلور محاربتين مستيقظتين ماهرتين بشكل استثنائي، تمتلكان أنوية مشبعة بالكامل وتجربةً مرعبة وغنية في خوض الحرب في قبر السَّاميّ. أكثر من ذلك، كانتا قادرتين على الرؤية في الظلام، بينما لم يكن خصومهما كذلك.
كانت الصعوبة الوحيدة في أن رَين لم تكن تستطيع قتل خصومها، بل كان عليها أن تُخضعهم وتُبقي الجميع أحياء. وكان اللصوص قد بدأوا بالفعل في استدعاء ذكريات إضاءة.
ومع ذلك، لم يستفد أيٌّ منهم من ذلك الضوء.
فبحلول لحظة تجلي أول مصباح إلى الوجود، كان كل المعتدين الستة إما قتلى أو فاقدين للوعي. لقد اكتسحتهم رَين وفلور بسرعة مدهشة، متحركتين بسرعةٍ وهدوء وكأنهما ظلالٌ حقيقية.
كل ذلك لم يستغرق أكثر من ست لحظات. وفي اللحظة السابعة…
همست تمار بأسى، دافعةً نفسها في الهواء لتتراجع. رغم ذلك، تمكّن الصدى من الوصول إليها بمخالبه، فدفعها لتتدحرج على الأرض. وفي الوقت نفسه، طُرح القرصان على الجدار المحطم – لكن بدلًا من الارتطام بالأرض، استدار وهبط على قدميه، مستعيدًا توازنه بعد لحظةٍ واحدة، بمستوى مذهل من اللامبالاة.
وقف الطاغية وصَداه في مواجهة الظلال الثلاثة، فأصابت رعشةٌ طفيفة عمودَ رَين الفقري.
‘أظن أنه… من الأفضل أن أفكر في شيءٍ ما بسرعة؟’
ترجمة آمون