عبد الظل - الفصل 2421
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2421 : في وضع الحركة البطيئة
امتلك جون جانبًا غريبًا جدًا.
كانت قدرة جانبه الخاملة دقيقة، لكنها متعددة الاستخدامات ومفيدة للغاية – جعلته شديد الملاحظة على نحو استثنائي. كانت حواسه أَحدّ من معظم الناس، وكان يستطيع تمييز أشياء لا يلاحظها الآخرون. أكثر من ذلك، كان الزمن يبدو وكأنه يتباطأ من حوله حين يركّز أو يمتلئ بالأدرينالين – لكن ذلك لم يكن سوى وهم. في الحقيقة، كان الزمن يمرّ بوتيرته المعتادة، لكن قدرة جون على الإدراك وتقييم محيطه كانت تتفوق على مجراه.
بكلمات أخرى، كان يرى حركات أعدائه كما لو كانت بالحركة البطيئة. أما هو، فكان يتحرك بالسرعة ذاتها، إذ إن سرعته لم تتلقَّ تعزيزًا مماثلًا — لكنه كان يملك وقتًا أطول لإدراك ما يفعله خصومه ووضع أفضل الخطط المضادة.
وحين تُضاف تلك الموهبة إلى مهاراته في الملاحظة وقدرته البدنية العالية، فقد بدا وكأنه يملك سرعة رد فعل خارقة وحُكمًا ثاقبًا شيطانيًا. ونتيجة جانبية لذلك، اكتسب جون سمعة رجل العروق الجليدية، إذ لم يكن يرمش، ولم يُصدم أبدًا، وبقي ثابتًا كالصخر مهما حدث.
لقد أنقذته قدرته الخاملة مرارًا – كانت دائمًا قوية، وبعد سنوات من التدريب المتخصص، تعلّم جون كيف يستخرج أقصى إمكانياتها.
أما قدرته المستيقظة، فلم تكن بسيطة أبدًا.
فقد سمحت له بإبطاء الزمن فعلًا. حسنًا، ليس تمامًا. بل كانت تسمح له بإبطاء الأشياء، الناس، والمخلوقات. لكن هناك قيدًا. قدرته كانت تستهدف منطقة وليس كيانًا محددًا – وداخل تلك المنطقة، كانت التأثيرات تختلف باختلاف الهدف.
من هم أقوى منه يتأثرون بدرجة أقل، ومن هم في مستواه يتأثرون بدرجة متوسطة، بينما من هم أضعف منه يُبطؤون أكثر. إضافةً إلى ذلك، لم تكن إلا أجسادهم هي ما يُبطَّأ، بينما تبقى قدراتهم الإدراكية كما هي. أما الأجسام والظواهر غير الحية، فكانت تُبطّأ أكثر من غيرها.
ولم يكن جون محصنًا من قدرته الخاصة أيضًا، ما يعني أنه كان عليه استخدامها بحذر وتروٍّ. كان بوسعه مثلًا أن يُطلقها أمامه ليُبطئ رصاصة طائشة ويتفاداها، أو ليفرّ من انفجار. لكن إن أراد الاشتباك مع عدو قوي، فإن إبطاء كلاهما سيكون انتحارًا – لأنه سيتأثر أكثر من خصمه.
ومع ذلك، بعد أن فشل طعنه في قتل الطاغية، غمر جون القبو كله في مستنقع الزمن البطيء، ليمنح راي وقتًا كافيًا لقطع التيار الكهربائي.
وبمجرد أن ابتلع الظلام كامل البنك، حصلت الظلال على أفضلية حاسمة ضد العدو.
أومأ جون بإشارة، مبيّنًا قصده:
[الطاغية.]
وفي الوقت نفسه، أومأت تمار من الحزن بإشارة:
[الصدى.]
وفي اللحظة التالية، الغى جون تنشيط قدرته المستيقظة، فانفجر القبو الأرضي في فوضى عارمة.
“ييااا قـــرصـــاااان!”
دوّى صوت الطاغية في الظلام، مفعمًا بغضبٍ قاتل وشيء آخر تمامًا. في الواقع، كانت ضربة صوتية كاملة – لحسن الحظ، كان جون قد غادر موقعه السابق بالفعل، فلم يُصَب بموجة الصدمة المدمّرة.
اندفعت فلور إلى الأمام، وأمسكت حارسة القبو ودَفعت بها أرضًا.
كانت تمار قد حطّمت قيودها وانطلقت بسرعة خاطفة. بدت وكأنها تخطو على الهواء وهي تطير فوق الطاغوت الساقط – وقد اتخذ ختم الظلال لديها شكل سيف أسود عظيم، فأنزلته على رأس المخلوق البغيض بدوران عنيف.
أما الأميرة، فقد خطت خطوةُ واثقة إلى الجانب، واضعةً كتلة الصدى العملاق بينها وبين اللصوص المستيقظين، ثم فتحت فمها وكأنها ستقول شيئًا…
فأطلق المتعصبون النار.
‘أيها الحمقى العظمـــاااء!’
أضاع جون جزءًا من الثانية يتحسّر فيه على انعدام المهنية لدى هؤلاء المتشبهين باللصوص. من ذا الذي يطلق النار عشوائيًا في مساحة مغلقة؟! صحيحٌ أن لا الطاغية ولا صَداه سيتأثران بالرصاص العادي، لكن الحراس المستيقظين الستة قد يقتلون بعضهم بعضًا بسهولة. وفعلاً، لم تصب أي رصاصة هدفها.
كانتا فلور وحارسة القبو على الأرض، بينما تمار على ارتفاع ثلاثة أمتار، والأميرة رَين محمية بجسد الصدى العملاق، أما جون… فكان محميًا بواسطة الطاغية نفسه.
كان المتعصب الصاعد قد استدار بالفعل، لذا اخترقت بعض الرصاصات مؤخرة رأسه وارتدت مع طنين معدني.
“توقفوا عن إطلا—”
وقبل أن يُكمل جملته، اصطدم به جون كالكبش المحطّم.
كان هدفه الآن فصل الطاغية عن بقية الظلال، وإبعاده قدر الإمكان عن الأميرة. لذا أمسك الرجل، وترك الزخم يقذفه معه نحو أقرب جدار. اصطدما به بقوة مدمّرة، واخترقاه – كان جون يعرف منذ البداية أن جدران القبو الخارجية مصفّحة ومحميّة بسحر روني، لكن كانت الجدران التي تفصل بين الغرف الداخلية زخرفية فقط. فسقط هو والطاغية في شقة حارسة القبو وسط وابل من الحطام.
وبينما يهويان، طعن جون الرجل الصاعد ثلاث مرات – مرة في العنق، ومرة بين الأضلاع، ومرة في الفخذ الداخلي، على أمل أن يقطع شريانًا واحدًا على الأقل.
للأسف، بدا أن جسد الطاغية كله محمي بواسطة سمة غامضة. خَدَش خنجر جون الأسود الجلد دون أن يخترقه. ربما كانت سلاح أقوى سيُجدي، لكن جون مستيقظ، لذا كانت علامة الظلال خاصته لا تضاهي إلا سلاحًا مستيقظًا.
‘اللعنة.’
عادة، كان استدعاء الذكريات في موقف كهذا فكرة سيئة – ليس فقط لأن الذكريات تستغرق وقتًا لتظهر، بل لأنها تتجسد على شكل دوامات من الشرر المتلألئ. وأعضاء عشيرة الظلال يزدهرون في الظلام، لذا فإن إنارة أنفسهم بهذه الطريقة تصرّف غير حكيم. ولهذا السبب، فإن الذكريات المصنوعة لهم على يد لورد الظلال تتجلى عبر خيوط من الظلام. بعضها – كالأسلحة خصوصًا – يمكن استدعاؤه على الفور.
لكن، ويا للعجب، وجد جون نفسه غير قادر على استدعاء الذكريات.
بدأ الزمن يبطؤ من حوله بينما يستوعب الحقيقة المفاجئة، ويتأمل الأسباب المحتملة، ثم يصل إلى استنتاج مرجّح.
‘هاه.’
يبدو أن القيود السحرية المفروضة على الرهائن المستيقظين لم تكن سحرية أصلًا. بل كانت تُستخدم لتمويه سمة شخص ما.
سمة الطاغية، على الأرجح. ذلك الرجل كان يستطيع كبح تدفّق الجوهر، مما يتداخل مع قدرات المستيقظين ويمنعهم من استدعاء الذكريات.
فماذا كان على جون أن يفعل، إذا كان سلاحه لا يخترق لحم المتعصّب الصاعد، ولا يستطيع استدعاء نصل أخر؟.
كان قناع الطاغية قد تحطّم بسبب الضربة الصوتية، كاشفًا عن وجهه المتناسق الصارم. فتح فمه، وكأنه يوشك على قول شيء ما. قد تكون سُخرية، أو ربما ضربة صوتية أخرى.
بعد تفكير سريع في الخيارات، أطلق جون قبضته وضرب السيد في وجهه.
ترجمة آمون