عبد الظل - الفصل 2420
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2420 : إقليم المجهول
قبل عدّة دقائق، نهض راي عن الأرض وتفحّص اللصوص الأربعة المستيقظين الذين كانوا يحرُسون الرهائن. لم تكن قدرة جانبه الخاملة تجعله غير مرئي، لكنها كانت تجعله صعب الملاحظة – كان الناس ومخلوقات الكابوس على حد سواء يولون حضوره القليل من الانتباه، وكان وجوده باهتًا للغاية. مع ذلك، لتلك القدرة حدود. كان يمكنه إسقاط أحد اللصوص، ولكن ما لم يكن حذرًا، فسوف يلاحظ البقية ذلك على الفور. حتى لو لم يلاحظوا راي نفسه، فسيلاحظون أن أحدهم سقط – إذ لم يكن المستهدفون يملكون نفس القدرة.
‘هناك أربعة منهم.’
كان المستيقظون غير متوقّعين وغالبًا ما امتلكوا جوانب خبيثة، لكن عادةً، لم يكن القضاء على أربعة مشكلة بالنسبة لراي – ليس بعد التدريب الذي تلقّاه في عشيرة الظل، على الأقل. أمّا القضاء عليهم بهدوء، والتأكّد من ألّا يتضرّر أي رهينة في العملية، فذلك أمر آخر تمامًا.
نظر إلى النصل الأسود في يده، ثم تنهّد ووضعه على الأرض.
في اللحظة التالية، اختفى راي.
في مثل هذه اللحظات، أفضل صديق له هو الإلهاء.
لم يحدث شيء لعشرات الثواني، ثم فجأة، انكمش أحد الرهائن إلى الخلف وصرخ:
“أ-أفعى! أفعى!”
استدار اللصوص الأربعة معًا نحو مصدر الاضطراب، رافعين بنادقهم. كان الرجل يحاول الزحف إلى الخلف بشكل أخرق، رغم عدم وجود شيء أمامه.
نظر اللصوص إلى بعضهم البعض، ثم توجّهوا نحوه.
أو، على الأقل، ثلاثة منهم فعلوا ذلك.
أما الذي كان أبعدهم عن الرهينة الصارخ، وبالتالي خارج خط نظر رفاقه، فقد وجد فجأة ذراعًا تلتف حول عنقه. أحكم راي قبضته عليه بقوة شرسة، حتى أفقده الوعي. وبما أنه لم يُحدث أي صوت على الإطلاق، وكانت كلّ الأنظار منصبّة على الرهينة المذعورة، فلم يلحظ أحد قيامه بوضع اللص المغمى عليه برفق على الأرض.
وفي تلك الأثناء، وصل الثلاثة الآخرون إلى وجهتهم. نظروا إلى الرهينة الشاحب، ثم قال أحدهم بنبرة غاضبة:
“اخرس، أيها الأحمق. لا يوجد شيء هنا!”
لكن الرهينة هزّ رأسه بعناد:
“لا! كان هناك أفعى هنا قبل لحظة! أقسم بذلك!”
تنهد اللص وفتح فمه ليشتم الرجل المقيّد.
في تلك اللحظة، زحفت أفعى سوداء فجأة فوق جسده، ولفّت نفسها حول عنقه. فتحت الأفعى فمها، وانبعث صوت فحيح بارد في الردهة.
“ما هذا…؟”
كان اللصان الآخران يبدآن برفع بنادقهما، لكن في تلك اللحظة ظهر راي بجانب أحدهما، وأسقط على رأسه أنبوبًا معدنيًا – كان قد التقطه من مكان قريب – فسقط الرجل كما تسقط الشجرة، وبحلول اللحظة التي التفت فيها رفيقه نحو الصوت، لم يكن هناك أحد.
راي، على عكس الآخرين، كانت له قدرة مستيقظة تجعله غير مرئي – رغم أنها كانت محدودة بحدود معينة، كذلك.
لكن في كل الأحوال، كان يحتاج فقط إلى نصف ثانية للوصول إلى اللص الأخير هذه المرّة. ركله راي بقسوة في بطنه، وأمسك ببندقيته ليمنعها من الإطلاق عرضًا، ثم ضربه بركبته في ذقنه بينما كان ينحني من الألم. وبحلول تلك اللحظة، كان علامته قد تخلّصت بالفعل من اللص الذي كانت تخنقه.
أصبح الأربعة لصوص، جميعهم على الأرض، كجثثٍ ساكنة لا تتحرّك.
زحفت الأفعى السوداء عبر الأرض وتسلقت ساقه، واختفت داخل كمّه بعد لحظات.
نظر راي إلى الرهائن، الذين كانوا يحدقون به بصدمة وخوف.
بقيّ واقفًا للحظة، ثم رفع يده ووضع إصبعه على شفتيه، كما لو أنه يطلب منهم الصمت.
ثم، فجأة، اختفى، ولم يترك خلفه سوى أربعة أجساد لا تتحرك.
كل ما تبقّى له الآن هو الوصول إلى غرفة التحكّم في شبكة البنك، والانتظار لإشارة القرصان.
كانت فلور أيضًا داخل القبو، وبرغم أنّ راي لم يكن سعيدًا بالابتعاد عنها أثناء مهمّة خطيرة، إلا أنه كان يعلم أنها تستطيع الاعتماد على نفسها. كانت محبوبته معالجة، نعم. لكنها تلقت نفس التدريب الذي تلقّاه. ناهيك عن أن رَين وتمار كانتا هناك أيضًا.
‘وأنا الوحيد العالق في هذه الأعمال المملة.’
تنهد بمرارة، وتذكّر مخططات البنك التي درسوها مسبقًا، واندفع نحو مركز التحكّم في الشبكة.
***
كان جون يستمع إلى الحوار بين الحارسة والطاغية دون أن يُظهر أي اهتمام. لكنه، في الحقيقة، كان يُتابع الحديث باهتمام بالغ.
‘ستة مستيقظين مقاتلين، وواحد صاعد.’
لم يكن الوضع رائعًا، لكنه لم يكن كارثيًا أيضًا.
طالما تمّت تصفية الصاعد بسرعة، فلن يشكّل الباقون مشكلة تُذكر.
بالطبع، لم يكن جون لينقضّ على قائد الأعداء قبل أن يعرف ما الذي أتى هذا الرجل لسرقته تحديدًا.
ثم استدعى الطاغية صدى ساقط.
ذلك أفسد مزاجه قليلًا، لكن ليس كثيرًا. لم يتغيّر شيء فعليًا – قتل قائد المتعصّبين بسرعة لا يزال هدفه الرئيسي. فعندما يموت الطاغية، سيختفي صَداه معه. كانت أول مهمة له كعضو في عشيرة الظل محفوفة بالمخاطر حقًا. كان عليه أن يعرف ما الذي يبحث عنه الطائفيون، ويُسقطهم، رغم أن قائدهم كان صاعدًا. وفي الوقت نفسه، كان يجب أن يضمن سلامة الرهائن، أو على الأقل، ألّا يُصابوا بأذى بالغ.
قرار إلى أي مدى يمكن السماح للطائفيين بالذهاب، تُرك لتقديره الشخصي. خذ الحارسة كمثال. هل ينبغي أن يدع الطاغية يعذّبها؟ أم أن هذا سيكون تجاوزًا للخطّ الأحمر؟.
عادةً، كان جون يملك حدودًا واضحة لأيّ مهمة، لكن عشيرة الظل منحت أعضاءها قدرًا كبيرًا من الاستقلال. لم يعُد مجرد بندقية للإيجار – بل كان متوقعًا منه أن يستخدم حُكمه الشخصي ويتّخذ قرارات تُفيد العشيرة بمبادرة ذاتية.
وذلك وحده كان أرضًا مجهولة… والآن أضيف عامل كبار الشخصيات غير متوقّع إلى المعادلة.
الأميرة. والأسوأ، أن العدو يملك صدى ساقط. وسؤال ما إن كان جون سيسمح بتعذيب الحارسة لم يعد مهمًّا الآن – فالطاغية قرّر الانتقال مباشرة إلى القتل.
المتعصّب القاتل، في تلك الأثناء، كان يتكلّم مجددًا:
“… إذًا، يا حارسة القبو، أمامكِ خياران، إما أن تتعرّفي إلى صديقي عن قرب، أو تسلّمي لي الذكرى المسماة ‘مفتاح الصعود’ طواعيةً.”
ابتسم جون بخفّة خلف القناع.
‘أوه، شكرًا لك على اللطف.’
لقد منحه الرجل اسم الذكرى التي تبحث عنها طائفته. ما يعني أن جون لم يعد بحاجة إليه حيًّا.
كتم نية القتل بداخله – فبعض الأعداء كانوا حسّاسين لها – وتقدّم خطوة إلى الأمام، مُظهرًا علامته، وغرسها في جمجمة الطاغية.
لم يكن هناك إنذار، ولا مؤشر على الهجوم. مجرّد ضربة سريعة وشرسة، كان من المفترض أن تُنهي حياة المتعصّب.
لكن هكذا يكون القتال ضد المستيقظين. يصعب التنبؤ بالمستيقظون دائمًا.
فبمجرد أن لامس سلاحه رأس الخصم، بدا كأنه يحاول خرق المعدن. لا بد أن الوغد يمتلك جانبًا دفاعيًا قويًا.
‘اللعنة.’
فعّل جون قدرته المستيقظة، وأبطأ الزمن.
“راي، الآن!”
في مكان بعيد، سمع راي صوتَه من خلال ذكرى تواصل خاصة يتشاركها الثلاثة، وقطع التيار الكهربائي.
فانطفأت الإنارة الاصطناعية، وجدران الفيديو، وأنظمة المناخ – فقد كان كل شيء في القبو يحتاج إلى كهرباء لِيعمل – ليغرق المكان الرحب في ظلامٍ دامس.
والظلام هو إقليم الظلال.
ترجمة آمون