عبد الظل - الفصل 2417
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2417 : رهينة غير مؤذية، ومضحكة
نظرت رَين إلى الأوغاد المقنّعين وابتسمت ببراءة.
‘يجب أن يكون هذا كافيًا، صحيح؟’
لم تكن الحياة متوقعةً أبدًا. كان من المفترض أن يكون هذا اليوم عاديًا، ومع ذلك، وجدت نفسها وسط عملية سطو على بنك. ربما كانت ستلوم حظها السيئ، لكنها اشتبهت أن الحظ لا علاقة له بالأمر. لا، لا بد أنها تمار.
ألقت نظرة جانبية على فتاة الإرث.
كانتا تزوران NQSC في مهمة – حسنًا، كانت رَين في مهمة، أما تمار فقد رافقتها كصديقة وحارسة غير رسمية.
لقد حققت الرئيسة بيثاني إنجازًا غير مسبوق بإنشاء محطة كهرومائية في عالم الأحلام، لكنها لم تستطع العودة إلى عالم اليقظة لتشارك أبحاثها مع من تبقى من المجتمع الأكاديمي هنا. لو فعلت، لابتلعها الكابوس الأول – لذا، كان لا بد من وجود وسيط ليرفع التقرير نيابة عنها.
وكانت رَين المستيقظة الوحيدة ضمن الفريق، لذا كانت الخيار الطبيعي رغم كونها متدرّبة. وكانت تتوق منذ زمن لزيارة NQSC أيضًا. فهي قد نشأت هنا في الأساس، لكنها بعد أن غادرت المدينة إلى قلب الغراب منذ سنوات عديدة، لم تُتح لها فرصة العودة.
لذا، استخدمت رَين وتمار بوابة الأحلام للعودة إلى عالم اليقظة. وسيبدأ المؤتمر الذي كان من المفترض أن تقدّم فيه التقرير بعد بضع ساعات، لكن قبل أن تتوجها إلى المكان، طلبت تمار زيارة البنك الذي تحتفظ عشيرتها فيه بصندوق ودائع. وها هما الآن، مقيّدتان تحت أنظار عشرات المهاجمين المسلحين.
وكان هؤلاء المهاجمون يرمقون رَين حاليًا بكراهية عارمة.
قالت وهي تبتسم بخجل:
“آه، هل كان صوتي عاليًا جدًا؟ آسفة، آسفة. أممم، تفضلوا، واصلوا كما كنتم!”
ثم ألقت نظرة محرجة نحو قائد اللصوص.
بالطبع، لم تكن قد أهانته لمجرد التسلية.
فرَين، رغم صِغر سنّها، كانت تعرف الناس جيدًا. لقد قابلت كل أنواع الرجال والنساء – الكثير منهم في أسوأ حالاتهم أو أفضلها. فالأزمات والحروب دائمًا ما تكشف الطبيعة الحقيقية للناس، وكلاهما كان وفيرًا في عالم تعويذة الكابوس.
لذا، وبعد لمحة سريعة لطبيعة هذا الطاغية الحقيقية، عرفت بالضبط إلى أين ستتجه الأمور منذ اللحظة التي بدأ فيها الكلام.
فهذا الرجل القاسي كان بحاجة إلى إخضاع حشدٍ من الناس الخائفين – ضرورة حاسمة إن كان ينوي الخروج من هذا الصراع بأقل الخسائر. لكن نادرًا ما يتصرف الأشخاص الخائفين بعقلانية. لن تُجدي التهديدات المجردة نفعًا.
ولو كان يعرف ما يفعله – ويبدو أنه كذلك – فسيبرهن على تهديده بالعنف بشيء أكثر إقناعًا من مجرد الكلمات. كانت رَين متأكدةً من أن الطاغية سيتّخذ من أحدهم عبرة، حتى لو لم يتحدَّ سلطته أحدٌ بعد. دم ذلك الشخص سيكون كافيًا لإقناع الرهائن الآخرين بأن تهديداته حقيقية.
لهذا السبب استفزّت رَين الرجل. إن كان لا بد لأحدهم أن يكون عبرة، فالأفضل أن تكون هي – فرَين مستيقظة، ويمكنها تحمّل ما لا يستطيع أحد من الرهائن العاديين تحمّله. وإن بالغ الطاغية، فبإمكانها هي وتمار أن تقدّما مقاومة حقيقية.
لم تكن مغرورة لدرجة أن تظن أنهما لا تُقهَران. في ظروفٍ أخرى، ربما كانت رَين لتتصرّف بحذرٍ أكبر.
لكنها لاحظت راي بين الرهائن. وكانت فلور هنا أيضًا، وقد تسللت إلى صفوف المجرمين – تنكّرهما لم يخدع رَين، وبعد أن شعرت بتواصلهما عبر إشارات الظل، استنتجت أن الرجل الطويل ذو قناع الطاغوت المشوَّه هو أيضًا من عشيرة الظل.
كان هذا الطاغوت الغامض يشعّ بثقةٍ وبرودةٍ مروّعة. لم ترَ وجهه، لكن عينَيه الزرقاوين اللامعتين كانتا باردتين لا تباليان، وكأن الوضع المشحون بالتوتر والمميت لم يؤثر فيه أبدًا. بدا كرجلٍ يتدفق الجليد في عروقه.
لم تكن رَين تعرفه، وهو أيضًا لم يبدُ أنه يعرفها، لذا من المرجّح أنه أحد الذين جنّدهم صني مؤخرًا. يبدو وكأن جمع الأشخاص المميزين هي هوايته الجديدة.
على أي حال، كان في البنك خمسة من عشيرة الظل وعشرة مهاجمين – ما يعني أن رَين كانت بالفعل تُعرّض نفسها للخطر، لكن ذلك الخطر لم يكن كبيرًا. خمسة من الظلال كافون تمامًا للتعامل مع هذه الحثالة. كانت المشكلة الوحيدة الطاغية نفسه، الذي بدا أنه سيد. ومع ذلك، لم يتّضح بعد مدى خطورته الفعلية.
عندما وجّه الرجل القاسي نظرته الزجاجية نحوها، ابتسمت رَين وهمست بكلمتين بالكاد تُسمعان، لتمنح نفسها زوجًا من الألقاب.
“أنا غير مؤذية، وعدٌ مضحك لسماءٍ بعيدة.”
الناس أقلّ ميلًا لمهاجمة من لا يشعرون تجاههم بالتهديد، وأكثر ميلًا لأن يُحسنوا إلى من يُضحكهم. الآن، لم يكن أمامها إلا أن تأمل ألا يُصرّ الطاغية على معاملتها بقسوة.
تأملها لبضع ثوانٍ، ثم اقترب منها بخطواتٍ بطيئة مدروسة وحدّق فيها، فارتجفت. كان شيءٌ ما ناقصًا في نظرته. التعاطف، ربما، أو ربما الإنسانية ذاتها.
‘آه، آمل ألّا يكون الألم شديدًا.’
لكن طالما أن الرهائن الآخرين سيسلمون، فإن رَين لا تمانع أن تتألم قليلًا.
لكن، ولحسن حظها، أطلق الطاغية ضحكةً منخفضة مقلقة فجأة.
“شكرًا لكِ، أيتها الآنسة الشابة. البلاغة، في الواقع، أمرٌ لا بد لرجلٍ في مهنتي أن يتقنه.”
ثم حوّل نظرته الزجاجية إلى تمار. صمت لوهلة، ثم تحدّث بنبرة متزنة:
“تمار من الحزن، يا لها من مفاجأةٍ سارّة.”
لا يختلف أصحاب الإرث عن المشاهير، لذا لم يكن غريبًا أن يتعرف عليها – حتى وإن كانت عشيرة الحزن قد فقدت مجدها القديم، فلا زال كثيرون يعرفون ملامحها.
بدا أن الطاغية يبتسم خلف قناعه، ثم قال بصوتٍ خالٍ من المشاعر موجّهًا حديثه إلى الخلف:
“يا قرصان، خذ هاتين الشابتين معنا. سيكون من الأسهل الوصول إلى الخزنة بوجودهما.”
تنهدت رَين بارتياحٍ طفيف وألقت نظرة نحو الرجل الطويل ذو قناع الطاغوت – القرصان. وكان أحدث أفراد عشيرة الظل ينظر إليها بدوره.
‘هاه.’
ولكن… لماذا بدا وكأنه يريد خنقها؟.
ترجمة آمون