عبد الظل - الفصل 2413
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2413 : مواكبة الأحداث (مع نفسي)
بعد مضي فترةٍ، كان صني في غرفة مجلس رائعة داخل قصر اليشم — بل كان هناك اثنان منه. أحدهما جالسٌ على كرسي الظل وساقاه متشابكتان، بينما كان الآخر ممددًا على أريكة فاخرة بطابع متكلف، يغطي وجهه بيده ويتأوه بأسى. كلاهما كان يعاني من صداعٍ مروّع.
ومع ذلك، كانت الهيئة الجالسة على الكرسي في حالٍ أفضل بكثير. كان نظيفًا ومرتّب الملابس، على الأقل. أما الآخر، الذي عاد تَوًّا من مغامرة مروّعة في عالم لعبة آرييل، فكان مغطًى بطبقات فوق طبقات من الرماد، والسخام، والدم الجاف، وأوساخٍ من شتى الأنواع. والثقب في صدره بالكاد تعافى، والندبة في موضع ذراعه المقطوعة التي أُعيد وصلها لم تختفِ بعد.
بشكل عام، كانت هيئته مثيرةً للشفقة.
مع ذلك، لم يكن التجسيد الأول سليمًا تمامًا، فقد بدا عليه بعض الاضطراب أيضًا. والسبب في ذلك أن جسده خضع لعملية مؤلمة لاكتساب نسيج الجسد – مثلهم جميعًا، حقًا.
‘هذا الوغد.’
قال صني وهو يُلقي على نفسه نظرة لاذعة ثم هزّ رأسه.
تجاهله التجسيد الآخر.
بالطبع، كان الاثنان في الحقيقة كيانًا واحدًا – مرةً أخرى – لذا فإن أي ألم يشعر به أحدهما يشعر به الآخر أيضًا. والصداع الذي كانا يعانيان منه سببه اندماج ذكريات معزولة دامت لأسابيع. ومع ذلك، فإن صني، لو أتيحت له الفرصة ليبدو متماسكًا وهادئًا من جهة، بينما يفتعل نوبة غضب ويغرق في الشفقة على الذات من جهة أخرى، لكان أحمقًا لو فوّت الفرصة. لكن، ولسوء حظه، كان الجمهور المستهدف يتجاهل أداءه البارع تمامًا.
تنهد صني.
“يا لها من نوبة غضب مهدورة.”
كانت نيفيس بالكاد توليه اهتمامًا، منشغلةً بالعناية بجراح كاي. رغم أن صني قد شُفي تقريبًا بالكامل، ورغم أنه هو نفسه سبب أسوأ إصابات كاي، إلا أنه كان مستاءً من قلة الاهتمام. صحيحٌ أن بقية من في غرفة المجلس كانوا يحدّقون به باهتمام، بل يمكن القول إنهم كانوا يرمقونه بنظرات الموت. وللإنصاف، فسيشان، وريفل، وهِل، جميعهم يملكون سببًا وجيهًا ليغضبوا منه.
سعل صني وقال:
“ماذا؟”
[هل عليك أن تسأل؟]
حتى صوت كاسي كان ممتلئًا باللوم. قبل أيام، حين اختفى أحد تجسيداته وكاي فجأة من غرفة اللعب في قصر اليشم، وتركوا خلفهم أخوات سونغ مذهولات، حلّ محلّهم ثلاث مخلوقات كابوسية. وللدقة، حَلّ مكانهم طاغية ملعون واثنان من الوحوش الملعونة.
كان صني قد بدأ بالفعل بتحريك تجسيداته الأخرى نحو قلب الغراب، مصدومًا من انقطاع الاتصال مع الظل المشاغب، لكنه ما كان ليصل إلى قصر اليشم في الوقت المناسب. كادت الأخوات الثلاث أن يُقتلن هناك على الفور.
لكنهن لم يُقتلْن. بالطبع، لم يكن بوسعهن أبدًا هزيمة طاغية ملعون، ناهيك عن كونه يقود وحشَين ملعونَين. ولحسن الحظ، فإن ضيق المساحة في غرفة اللعب منحهن بضع ثوانٍ للنجاة، واستغلت سيشان تلك الثواني بدهاء شديد.
خدعت الكائنات المفزعة وجذبتها نحو بيت دُمى ملكة اليشم، الذي ابتلعهم تمامًا كما ابتلعها وابتلع شقيقتيها قبل عقود. لا تزال المخلوقات الملعونة محاصرة بداخله. في الواقع، خلال الأسبوعين الماضيين، قضى صني ساعات طويلة يحدّق في تماثيل تلك الأهوال الرجسة الصغيرة وهي تتجول في غرف البيت المزينة بأناقة.
كان لا بد من حراسة لعبتَي اليشم المرعبة — بيت الدُّمى ولوح اليشم — طوال الوقت. لذا، أمضى صني النصف الأكبر من الشهر يفعل ذلك. وبعد وقت، انضمّت إليه نيفيس كذلك. لم يكونوا يعرفون ما الذي سيخرج من لوح اليشم لاحقًا، لذا كان من الضروري تركّز هذه القوة كلّها في قلب الغراب.
أما التجسيد المفقود، فلا يزال ضائعًا، لكن لم يكونوا بلا معلومات تمامًا عما يفعله. في الواقع، كانوا يرَون القطع تتحرك على لوح اللعبة مرتين يوميًا بوضوح. وكان صني يشعر بكل لحظة مؤلمة تتلقى فيها روحه ضررًا، ويرى أشباحًا جديدة تدخل بحر روحه من حين لآخر.
أشباح قوية ومروعة. أوه، ثم اختفى ظل الإدانة بالكامل.
يبدو أن تجسده الوغد كان يستمتع كثيرًا هناك بمفرده. وقد بلغت ذروة الأحداث بظهور كاي متعثرًا في غرفة اللعب من العدم. لكن قبل أن يتمكن صني من التنهد بارتياح، وجد نفسه يتلوّى من الألم، يشعر بلحمه يُعاد تشكيله وإعادة ترتيبه.
وما إن تعافى، عاد التجسيد الضال، وأغرق ذهنه بذكريات معارك ضارية، وكشوفٍ مذهلة، وحقائق صادمة كادت تدفعه إلى حالة سبات ذهني. ولحسن الحظ، استعادت روحه أيضًا ذكريات تقبّل هذه المعرفة الجديدة – بشكل مبدئي على الأقل – لذا لم تستمر تلك الحالة طويلًا.
نظر صني إلى نيفيس، ثم أجاب على سؤال كاسي العقلي:
[لا، لا أحتاج أن أسأل. لكن هيا، لم يُصابوا لتلك الدرجة من السوء. وكم من الوقت عليّ أن أقضيه في بيت الكلب؟]
مهما كانت الجراح التي نالت من أخوات سونغ، فقد شُفيت فورًا تقريبًا بفضل نيفيس من مسافة شاسعة – وهذا سبب آخر لبقائهن على قيد الحياة وبصحة جيدة. قد يكون صني تصرّف بنهور بعض الشيء، لكن هل يُلام حقًا؟ لو لم تخبره سيشان بأنها زارت غرفة اللعب مرات عديدة عندما كانت طفلة وخرجت منها حيّة وبلا أذى يُذكر، لكان اتّخذ الحذر المطلوب. لماذا يكون السيادي حذرًا مفرطًا في مكانٍ اعتاد الأطفال حرفيًا اللعب فيه؟.
كان كاي قد شُفي تمامًا بحلول الآن، لذا تركته نيفيس وسارت نحو رأس الطاولة. جلست، وتأملت صني للحظة – كليهما بالتناوب – ثم فتحت فمها لتتكلم.
لكن قبل أن تتمكن، تكلّمت مغنية الموت أولًا:
“أنظروا، أنظروا! هناك اثنان منه. نجمة التغيير، هل يمكنني الحصول على واحد؟ من فضلكِ؟ أرجوووكِ؟”
أغلقت نيفيس فمها وحدّقت بها بصمت. لم يتغير شيء في تعبير وجهها. لكن الستائر خلف مغنية الموت بدا وكأنها اشتعلت فجأة، لسبب ما.
“آه!”
أزالت مغنية الموت الجمر من شعرها وحدّقت في نيفيس بنظرة حزينة.
“جشعة!”
حدّقت نيفيس بها لبضعة لحظات إضافية، ثم تنفّست بعمق، وأطفأت الستائر بفكرة، ثم عادت ببصرها إلى صني.
“إذًا؟ ما الذي حدث بالضبط؟”
ابتسم صني ابتسامةً محرجة.
“حسنًا، هل تريدين النسخة القصيرة أم الطويلة؟”
اكتفت نيفيس بهز كتفيها.
“لنبدأ بملخصٍ قصير.”
حكّ صني مؤخرة رأسه.
“حسنًا. لنرَ…”
ترجمة آمون