عبد الظل - الفصل 2411
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2411 : نسيج اللحم
شعر صني بالحقيقة الأخيرة تدخل جسده وتُصيبه، منتشرةً فيه وكأنها شيفرةٌ خبيثة. لقد تغيرت طبيعة جسده الفانية وأُعيدت هيكلتها، تمزقت خلاياه وأُعيد تركيبها وفقًا للمخطط الجديد – وكان ألم أن يُفكك ويُعاد بناؤه مروعًا بكل بساطة، جعله يترنح ويسقط.
كان ذلك نقيضًا للعملية الهادئة من التطور والتجدد التي يمر بها المستيقظون عند بلوغ رتبة جديدة – كان عنيفًا، غير طبيعي، وخاطئًا تمامًا. شعر صني أنه يتحول إلى شيء لم يُقدّر له أبدًا أن يكونه، يتحول إلى كيان لم يكن من المفترض أن يكونه يومًا.
للمرة الرابعة.
ترسّخ إرث ويفر في جسده، مُعيدًا تشكيله. وهذه المرة، أثر التغيير على لحمَه بشكلٍ رئيسي. ثم أنسجته العضلية، أوتاره، أعضاؤه الداخلية… كان كل شيءٍ يُعاد صياغته وصقله، ليُصبح أكثر صلابة ومتانة من ذي قبل، مفعمًا بالحيوية غير البشرية.
‘كيف لهذا أن يكون منطقيًا حتى؟’
لقد أصبح ظلًا الآن. كائنًا غير مادي لا يمتلك لحمًا إلا عندما يرغب بالتجسد كبشري. فلماذا بـحق الجحيم كان الألم بهذا الشدة؟.
صرّ صني على أسنانه وأطلق زمجرةً معذبة بينما كان جسده يُعاد بناؤه وترتيبه. لا بد أنه بدا كأنه مسخًا لمن يراه – كانت عضلاته تتلوى وتتموّج تحت جلده وكأنها أفاعٍ، وكانت أصواتٌ مقززة تتردد من داخله. وإن كان هناك ما يمكن اعتباره رحمة، فهو أنه لم يكن عرضةً للنزيف – وإلا لكان المشهد مقززًا بشكلٍ لا يوصف، وفوق ذلك، مفزعًا.
“آرررغه! سحقا!”
ضرب صني الأرض بقبضته في قلعة الثلج، فانطلقت شقوقٌ كالنسيج عبر الجليد. لكن فجأةً…
انحسر عذابه.
وغمره شعور غريب مفعم بالنشوة الخافتة، عندما التحمت شظايا النسيج ببعضها. نسيج الدم، نسيج العظام، ونسيج اللحم – الأجزاء الثلاثة من إرث الشِيطَان الغامض المسؤولة عن الوعاء المادي لنسله – اندمجت لتكوّن كيانًا متكاملًا متناغمًا. تحوّل قلبه وتحسّن بنسيج اللحم، ضاخًا دمًا قد غُيّر بواسطة نسيج الدم. ويتدفق الدم عبر النخاع الذي عُزز بنسيج العظام، ليصبح أغنى وأكثر تجددًا. كان الجسد البشري آلةً معقدة ومترابطة، والآن، كل جزء فيه تغيّر، تقوّى، وتحسّن ليُشبه جسد كائن أسمى. شِيطَان، بالتحديد.
كانت هناك أجزاء أخرى منه باتت تعمل بانسجام مذهل أيضًا. ميزة إضافية وُلدت من اندماج الأجزاء الثلاثة الجسدية من النسيج – اللحم، والعظام، والدم. جُدد صني من رأسه حتى أخمص قدميه. حتى جلده، الذي سبق أن تعزز بعباءة اليشم، تلقى تحوّلًا طفيفًا. لقد كان طقمًا كاملًا، حسنًا، الجزء الأول من الطقم الكامل على الأقل.
بدأت ذراعه المكسورة تستعيد حركتها بالفعل. وكان الجُرح الغائر في صدره يلتئم بسرعة. ولم تكن الأنسجة وحدها من تصلح نفسها – فاكتساب نسيج اللحم عمل كمُحفّز، وكانت عظامه تُرمم نفسها كذلك. لم يكن صني يفقد الكثير من الدم عادةً، لكن إن حدث، فسيُنتج جسده المزيد بوتيرة أسرع.
أطلق ضحكةً مكتومة.
‘أخيرًا.’
أخيرًا يمكنه أن يُطلق على نفسه لقب الصرصور الخالد بكل ثقة. يا له من إنجازٍ!.
كانت التحوّلات تقترب من نهايتها. تنهد صني ببطء وتمدّد على الأرض، شاعرًا ببرودة الجليد تُبرد جسده المحموم. كان يشعر بشعورٍ رائع، حقًا. قويٌ، سريعٌ، رشيقٌ، صلبٌ، وصامدٌ. كان مفعمًا بالطاقة ومليئًا بالحيوية، وأصبحت حواسه أكثر حدة من ذي قبل.
كان العالم واضحًا ونقيًا.
وكان يتفكك بوضوح ونقاء أيضًا، فيما كانت الجبال من حوله تهتز وتئن. كانت تضغط لطرده، والضغط يتزايد بسرعة.
“صني! هل أنت بخير؟”
أدار صني رأسه ونظر إلى كاي، الذي كان واقفًا فوقه بوجهٍ قلق. رفع يده وشكّل دائرةً بين إبهامه وسبّابته.
“أنا بخير. في الواقع، أشعر أنني بحالة ممتازة.”
تنفّس كاي الصعداء وابتسم. نظر إلى صني وكأنه أراد أن يقول شيئًا. لكن في اللحظة التالية، تلاشى جسد كاي وغاب عن الأنظار، اختفى دون أثر.
حدّق صني إلى الفراغ الذي كان كاي يقف فيه قبل لحظة، ثم أدار رأسه لينظر إلى السقف.
‘لقد أُعيد إلى عالم الأحلام.’
وسوف يُطرد صني من لعبة آرييل قريبًا هو الآخر.
والآن وقد نال جائزته، لم يعد هناك سبب يدعوه للبقاء. لذا، استنشق بعمق وانتظر أن يُنفى من هذا العالم الاصطناعي.
وأثناء ذلك، لم يستطع صني أن يمنع نفسه من التفكير في ما عرّفه. فيما فعله ويفر.
‘ذلك الشِيطَان اللعين.’
لقد كان حجم الحقيقة التي كُشفت له أعظم من أن تُستوعب في لحظات قصيرة. لقد حصل على كم هائل من المعرفة، وكانت طبيعتها مزلزلة وصادمة. ونتيجة لذلك، كانت أفكاره مشتتة.
‘ويفر.’
لم يُقتَل ويفر على يد القاتلة، على عكس ما قادته إحدى الحقائق السابقة إلى تصديقه.
ومع ذلك، فقد قتلت القاتلة شيطان القدر في النهاية، مُحققةً قدرها. لقد قتلت ويفر مرتين.
القاتلة. أورفني من التسعة. كان ذلك اسمها، حتى وإن لم تكن تتذكره. ومن الغريب أنها لم تنسَ اسمها خلال آلاف السنين التي قضتها هائمةً في عالم الموت كظلٍّ وحشي. بل بدأت في نسيان ذاتها فورًا بعد قتلها لويفر للمرة الأولى، كأنها لُعنت كعقابٍ على أخذ روح شِيطَان. ربما كانت تلك المرة الأولى انتصارها الحقيقي.
أما المرة الثانية… كان صني واثقًا أن الشيطان الشرير دبّر موته النهائي بنفسه – أو على الأقل قد رآه قادمًا. فحتى ويفر ربما لم يكن قادرًا على الهروب من قدره، خصوصًا حين يعمل تسعة من الأبطال المُقدّرين على تحقيقه. لكن حتى إن لم يكن قادرًا على الإفلات من مصيره المحتوم، فقد كان بإمكانه التأثير في نسيج القدر بما يكفي، لتصميمه. فكيف مات شيطان القدر؟ ولماذا؟ ولأجل ماذا؟.
حسنًا، أصبحت الإجابة واضحةً الآن.
لقد كشفه ويفر لصني مباشرةً، لا أقل.
ما الذي قاله ذلك الشِيطَان الشرير، بعدما رأى في المستقبل أن شخصًا سيسير على خطاه وسيعرف حقيقة تلك اللحظة يومًا ما، بعد آلاف السنين؟.
“سأريك… كيف يموت السَاميين.”
همس صني بصوتٍ شبه غير مسموع.
لقد وعده ويفر أن يُريه كيف يُقتَل السَاميين… وقد فعل.
أخيرًا، عرف صني الإجابة على الأسئلة التي بقيت تطارده لعقدٍ من الزمن.
كيف مات السَاميين؟ ماذا حدث للشَيَاطِين؟.
الآن، أصبح يعرف.
“قتلتهم ويفر. قتلتهم ويفر جميعًا.”
انبعثت من شفتيه ضحكةٌ خشنة غير مصدقة.
ترجمة آمون