عبد الظل - الفصل 2403
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2403 : التنوير القسري
على المنحدر فوق صني، كان الإدانة يمتص خيوط الحرير إلى داخل أتساع جسده المظلم. كانت المجسات السوداء الهائلة التي قيدت أطرافه قد امتصّت بالفعل، متمزقةً بينما كان العملاق الهائل يتحرر من قبضتها.
كذلك كانت الأجزاء السفلية من سيقان محرك العرائس – أربع من سيقانه، على الأقل – التي كانت قد غُرِزت في صدر الإدانة. أطلق العثة العملاقة صوت طقطقة غريب بينما تحطّمت أطرافه، وتدفّقت أنهار من الإيكور الأسود المخيف من الجراح المروعة كمدٍ جارف. وحيثما سقطت قطرات هذا السائل القاتم، كان منحدر الجبل ذاته يتموج ويغلي، مولِّدًا تجلّياتٍ وحشية.
فقدت العثة البغيضة تماسكها على جسد الإدانة، وكان ينبغي أن تهوي من الأعلى. لكنها بدلًا من ذلك، سُحقت على صدر الظل الشاهق، غارقةً فيه ببطء، كما لو كانت منجذبةً بقوة لا تُقاوم.
لبرهة، بدا وكأن محرك العرائس في موقفٍ يائس.
لكن حينها، رأى صني أمرًا أذهله وأرعبه… شيئًا ما لم يكن من المفترض أن يكون ممكنًا.
انفصل رأس الإدانة الضخم عن جسده في نافورة مروعة من شظايا السج.
فبعد كل شيء، كان لدى العثة السوداء ساقان متبقيتان، فاستخدمتهما لتمزيق رأس الظل الشاهق من عنقه بعنف.
بدا محرك العرائس صغيرًا ورقيقًا أمام ظل الإدانة بحجمه الجبلي، ومع ذلك، رفع الرأس الهائل بساقيه النحيلتين بسهولة.
لم يكن صني متأكدًا إن كانت العثة السوداء تمتلك فمًا. لكنه كان واثقًا تمامًا أن رأس الإدانة كان يُلتهم… بطريقة ما.
فقد بدأ يتقلّص بسرعة، حيث أنسابت أنهار من الظلام على جسد الظل مقطوع الرأس بينما تنهمر قطع السجّ كنيازك داكنة. وكانت ارتطاماتها تدمّر منحدر الجبل أكثر، مما أدى إلى تشققات عميقة تمر به.
في تلك الأثناء، كان الإدانة على وشك الإمساك بجناحي محرك العرائس. لكن تحركت الأجنحة في اللحظة الأخيرة، فشقّت حوافها الحادّة معصمي الظل الهائل وكأنها سيوفٌ عملاقة.
وفي لحظة، فقد العملاق الشاهق يديه الاثنتين.
مقطوع الرأس ومشوَّه الجسد، تمايل الإدانة. لكنه حرّك ذراعيها ليعانق محرك العرائس، دون اكتراث بالحالة المرعبة لهيئته المادية.
كانت أجزاء من المنحدر، والثلج الجليدي، وقطع ضخمة من الحرير الأسود تمتصّ بالفعل إلى جسده، وتتحوّل إلى لحم الإدانة.
كان الظل الهائل سيقدّم لمحرك العرائس قتالًا عنيفًا. لكن كان صني يعلم أنه سيخسر.
بل قد يُدمّر تمامًا – لا يُعاد إلى روحه، ولا إلى عالم الظل ذاته، بل يُمحى من الوجود نهائيًا، أو يتحوّل إلى غذاء لتلك العثة السوداء المخيفة.
لم يكن صني يعلم أن الأشباح يمكن تدميرها أصلًا. لكنه كان يجب أن يعلم. فثمة قليل من المُطلقات في عالم تعويذة الكابوس. حقيقة أن أيا من أشباحه لم يُدمّر من قبل تعني ببساطة أنه لم يلتقِ كائنًا قادرًا على تدميرها… بعد.
ومع بلوغ رتبة وفئات أعدائه ذروة القوة المدنّسة، كان لا بد أن يواجه أحدهم قريبًا.
بل إنه فعل فعلًا – كان صني شبه متأكد أن الإدانة كانت قادرة على استيعاب الأشباح حينما كانت تهيمن على تجاويف قبر السَّامِيّ، ويحوّلهم إلى جزء آخر من جسده المظلم.
فلماذا قد يكون محرك العرائس استثناءً؟.
لهذا، لم يكن صني قادرًا على الاعتماد على ظل الإدانة المارق. إن أراد هزيمة تلك العثة الرجسة والانتصار في لعبة الموت، فعليه الاعتماد على نفسه فقط.
ولهذا.
عليه أن يُصبح شخصًا قادرًا على قتل محرك العرائس.
لم يكن صني نفسه قادرًا على تلك المهمة. نعم، كان ‘عملاقًا’ فائقًا، وإن كان واهنًا جدًا. لكن حتى لو واجه روح الشك الفاسدة بكل ما تملكه من قوّة مروّعة، لكانت النتيجة نفسها.
كانت كل قوّته عديمة الفائدة إن لم يستطع أن يتحمل استخدامها، ممزقًا بالشك ومقيّدًا بخيوط الحرير الأسود.
لم يكن لدى صني أي أمل في التغلب على محرك العرائس. إذًا، ماذا يمكنه أن يفعل؟.
كان بوسعه أن يصبح شخصًا آخر.
فهو ظل، في نهاية المطاف، والظلال بطبيعتها بلا شكل. وفي الوقت ذاته، تجيد الظلال اتخاذ أي شكل ترغب فيه، أو بالأحرى، شكل ما يُلقيها.
وقد تعلّم صني أن يفعل الشيء ذاته بمساعدة رقصة الظل.
ومع ذلك، كان يقيّد نفسه عن إتقان الخطوة الخامسة من رقصة الظل – الخطوة التي كانت ستسمح له بمحاكاة السمات والخصائص المختلفة لكائنات أخرى – بسبب مدى خطورتها.
كان يخشى أن يفقد نفسه في أشكالهم إلى الأبد. لكن ذلك الخوف لم يكن ذا قيمة في هذه اللحظة، لأن أن يصبح دمية يتحكم بها محرك العرائس قدرٌ أسوأ بكثير من أن يتحوّل إلى شيء لا يستطيع التعرف عليه.
لذا، قمع صني بقوة غضبه القاتل وجمع شظايا ذهنه الممزق والنازف، مستعدًا لاختراق مستوى جديد من إتقان رقصة الظل.
جمع الرؤى والإنجازات التي لمَحها بصفته قديسًا وسياديًا، غارقًا في حالة من التنوير الاصطناعي.
المفاهيم والأفكار التي لامسها من قبل، لكنه اختار تجاهلها، أشرقت في ظلمة ذهنه واندمجت معًا.
والتجارب التي حاول نسيانها طفت على سطح ذاكرته، متحوّلة إلى كَشفٍ وإلـهام.
شعر صني بصورة واضحة لما عليه أن يفعله، وكيف عليه أن يفعله، وهي تتشكّل في رأسه – ترسم له طريقًا عليه اتباعه كي يؤدي الخطوة الخامسة بنجاح.
كل ما تبقّى هو أن يُحاول. ويَنجح.
ويَنجو من النجاح.
‘يجب أن أبقى نفسي.’
فيما كانت العثة الرجسة والعملاق مقطوع الرأس يمزّقان بعضهما البعض أمامه، ركّز صني كيانَه كلَّه على مهمة مستحيلة واحدة.
أن يصبح كائنًا قادرًا على قتل محرك العرائس.
لكن، ما هو ذلك الكائن؟.
حسنًا.
ألم يكن ذلك واضحًا؟.
[الثابت] وصف السمة: [القديسة الحجرية مقاومة للغاية لجميع أشكال الضرر، فضلاً عن كونها محصنة تمامًا ضد الهجمات العقلية والروحية.]
بينما كانت مادة الحجر المعدني الصوفية لعباءة اليشم تغلف عملاق الظل بدرع أسود مخيف، مدّ صني حواسه ليدرك كل تفصيلة صغيرة في الدرع التي صنعه نيذر، أمير العالم السفلي.
كان عليه أن يصبح أحد أبناء نيذر.
كان عليه أن يصبح قديسًا حجريًا.
ترجمة آمون