عبد الظل - الفصل 2381
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2381 : نهاية الصيد
كان الليل قد حلَّ عندما عاد صني وكاي إلى المعبد. كانت القاتلة لا تزال تستريح، فوضع أحد تمثالي اليشم بجانبها وناول الآخر لكاي.
أما الأخير… ذاك الأخير، فقد احتفظ به لنفسه.
كان الضريح مائلاً غارقاً في الحمم البركانية، لذا كان وضع التماثيل على المذبح مهمةً صعبة. مع ذلك، كان كاي قادراً على الطيران، لذا لم يُشكل ذلك مشكلةً كبيرة. وبينما كانت حلقة الرماد الثالثة تتشكل حول نواة روحه، غادر صني مرةً أخرى، وألقى نظرةً حذرةً على المنحوتات الغريبة التي ترتفع من بحيرة الحمم، وقدّم تضحيته.
كانت هذه آخر حقيقة سيكتشفها قبل قتل طاغية الثلج.
كانوا سيغادرون ضريح الحقيقة في غضون ساعات قليلة، مما يعني أنه حتى لو سقط مخلوق كابوس آخر بين أيديهم، فلن يتمكن من تقديم قربان آخر إلا بعد غزو قلعة الثلج – إذا كانت مشابهة لقلعة الرماد. لم يكن صني متأكدًا مما سيحدث بعد موت الطاغية، لذا كان هناك احتمالٌ أن تكون هذه آخر حقيقةٍ يتلقاها كمكافأةٍ في هذه اللعبة الملعونة.
أخذ نفسًا عميقًا.
غرق تمثال شيطان الثلج في الحمم البركانية، ووجد صني نفسه في مكانٍ آخر مرةً أخرى.
لكن هذه الحقيقة لم تكن كغيرها.
كان صني يتألم.
كان جسده الضبابي يُؤكل حيًا بلعنةٍ مُرعبة، وعقله المُتكتم يُستهلك بأوهامٍ شريرة. كان قلبه يُمزقه رعبٌ لا يُوصف، وروحه مُحطمة، وإرادته ورغبته في الحياة مُنتزعةٌ منها بيدٍ قاسية.
لم يكن لديه عزاءٌ، ولا فرجٌ.
لا خيارَ له سوى الموت.
ومع ذلك، رفض الموت. ترنح، سائرًا على الرمال بخطواتٍ مُتعثرة، مُحاطًا بالظلام. في مكان ما في الأعلى، كانت السماء الأبنوسية تتلألأ بنور نجومٍ فضية لا تُحصى، لكن بريقها الباهت لم يكن كافيًا لإنارة الوادي المظلم، ناهيك عن تدفئة جسده المتجمد الممزق.
كان الدم يسيل من فمه، منسكبًا من خلال أنياب قناعه، وهو يشع بنورٍ ذهبي جميل… بنور السمو. كان الدم المشع يسيل من الجروح التي تملأ جسده أيضًا، يبلل نسيج عباءته الداكنة.
خطوة. خطوة. ثم خطوة أخرى.
نفدت من صني الخطوات التي كان مقدرًا لها أن تخطوها. لم يتبقَّ سوى القليل.
“آآآآه…”
انزلق أنين من شفتيه، وقد شوه القناع صوته الخافت.
ثم أتى صوت آخر.
صوت حفيف أوراق الشجر تحت قدم مفترس، صوت أجنحة رشيقة تشق سماء الليل.
وصوت سهمٍ يخترق نسيج القدر.
ارتطم رأس السهم بعنقه، وأُطيح به أرضًا.
سقط صني على ركبتيه، وقطرات دمه الذهبية تتلألأ كأحجار كريمة نفيسة. رفع يده، وأمسك بخشب السهم الأسود الأملس – لا يختلف كثيرًا عن سطح قناعه المصقول – ثم انتزعه بقوة، محطّمًا إياه في قبضته.
كانت يد الرامي القوية التي أطلقت السهم ضعيفةً جدًا لدرجة أنها لم تستطع إيذاء كائن مثله. لم يخترق السهم جسده إلا لوجود جرح في رقبته، تركه عدوٌّ أشدّ فتكًا.
لم يكن للسهم أي أثر…
لكن السم الأسطوري الملطخ بطرفه كان شيئًا آخر. كان سمًا لم يكن من المفترض أن يوجد في العالم بعد الآن، ومع ذلك، ها هو ذا.
انتشر بردٌ مروع في جسده بسرعةٍ مُرعبة. ثم اجتاح روحه وعقله وروحه.
فجأة، شعر صني بالضعف.
حتى أنه وجد صعوبة في إبقاء عينيه مفتوحتين. ارتجف جسده المكسور.
برد… برد…
كان يشعر بالبرد، وكان وحيدًا.
سيرحل وحيدًا، دون أن يشهده أحد… تمامًا كما عاش. لن يتذكّره أحد… كأنه لم يكن موجودًا أصلًا.
كان الموت آتيًا.
أتيًا على وقع خطوات خفيفة، متمثلًا في امرأة خرجت من الظلام بهدوء. كانت المرأة ترتدي درعًا داكنًا مهترئًا وحجابًا يخفي وجهها الجميل، وشعرها الطويل الفاتن مربوطًا على شكل ضفيرة.
ألقت ظلال الليل المرصعة بالنجوم ستارًا كثيفًا فوقها، ومع ذلك، كان يرى عينيها الباردتين بوضوح.
كان بإمكانه رؤية انعكاسه فيهما أيضًا.
هيئة ضبابية متشحة بعباءة بالية، وقناع من خشب أسود مصقول يُغطي وجهه.
لقد كان ويفر، شيطان القدر.
الشيطان الجبار المرعب…
وها هو ذا، راكعٌ الآن أمام صيّادة بشرية.
انبعثت ضحكة مكتومة من شفتي الشيطان، جعلها القناع غريبة ومُضللة.
“أنتم التسعة… آه، كم نبغضكم…”
كان شيطان القدر يعرف اليأس الأبدي في صراعه ضد القدر أفضل من أي شخص آخر.
لم يكن التسعة سوى بشرٍ بائسين، لكنهم كانوا أيضًا مُقدرين. كانت حياتهم تلاقيًا للقدر. سيبدو لأي شخص آخر صغارًا وبائسين، ليسوا أكثر من حشرات… إلا لويفر، الذي استطاع أن يرى نسيج القدر العظيم، كانت أجسادهم شامخة كأجساد العمالقة، تلوح في الأفق، تُثقل كاهل ويفر بثقلها الساحق. نظرت المرأة إلى الشيطان بصمت.
وابتسم الشيطان من خلف القناع.
“كانت مكيدتكِ، أليس كذلك؟ يا لها من فخٍ خبيثٍ نصبتهِ لنا. لقد هربنا من إخوتنا… ولكن يبدو أننا فشلنا في الهروب منكِ، في النهاية.”
كان الشيطان يعرفون المرأة جيدًا. لقد كانت تلاحق ويفر منذ زمن طويل، هذا الكائن الفاني بروحٍ نقية. أحيانًا، كانت تأتي كوحش، وأحيانًا كصيّادة. لم يروها وهي تتنقّل في خفاء بين العوالم، تخوض معركةً تلو الأخرى في سبيل أن تُقوّي نفسها… لكنهم كانوا يشعرون بها، يشعرون بهيئتها وهي تقترب منهم أكثر فأكثر في نسيج القدر، تلتف حولهم كأفعى.
حتى عجزوا عن الحركة، ولم يعد هناك مكانٌ يذهبون إليه.
وأخيرًا، تكلّمت المرأة.
ظن الشيطان أن صوتها سيكون منتصرًا، لكنه كان متعبًا ببساطة.
“أنا أعلم ما أنت.”
كان الشيطان متعبًا أيضًا.
“إن كنتِ تعلمين ما نحن، فتعلمين ما يعنيه القضاء علينا. ثمّة ثمن يجب دفعه لقتل شيطان. هل أنتِ مستعدّة لدفع ذلك الثمن؟”
لم تُجب المرأة.
أطلق الشيطان تنهيدة طويلة حزينة.
“أنتِ لا تعلمين شيئًا، أيتها الصغيرة. يا مسكينة، لقد فات الأوان. سامحينا، إن استطعتِ.”
ثم سحبت المرأة سيفها وغرزته في صدر الشيطان بحركة سريعة وانسيابية. لم يكن هناك تردد في ضربتها، ولا رحمة.
سقط ذلك الكيان الضبابي أرضًا، بلا حياة.
حدق القناع الأسود في السماء المرصعة بالنجوم بنظرة عمياء، ثم تفتّت إلى إعصار من الشرر المتطاير.
تنهدت الصيّادة بعمق، ورفعت بصرها إلى السماء.
لقد أتمّت مهمتها، أخيرًا.
ترنّحت قليلًا، ورفعت يدها، ولمست حجابها بارتباك.
وتحرّكت شفتاها بخفوت، تُهمهم بهمسةٍ بالكاد سُمعت:
“…أي مهمة؟”
ترجمة آمون