عبد الظل - الفصل 2374
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2374 : شيطان الهلاك
كانت تلك الرونيات قد كُتبت على أرض الزنزانة الواقعة تحت كاتدرائية المدينة المظلمة المهدّمة، بواسطة أحد الكاهنين الأعلى لتعويذة الكابوس، من جثته استعاد صني قناع ويفر. لم يكن قادرًا على قراءتها في البداية، لكنه تمكّن من تمييز معناها أثناء عودته إلى الشاطئ المنسي كقديس.
تراجع صني خطوةً إلى الخلف، وهمس:
“هكذا تكلّم ويفر… سيفتحون البوابات. وقد فعلوا، جالبين الخراب والدمار علينا. والآن، في وقر الخراب، يرقد السَاميين أمواتًا. وقد سقط الشياطين. وها هو المنسيّ قادمٌ، مستيقظًا تمامًا، ليستهلكهم.”
أغمض عينيه للحظة.
سلاح قتل السَاميين… هل كان السَامي المنسيّ نفسه؟ هل كان التسعة ينوون فك ختم الفراغ، وإيقاظه، والتسبّب بنهاية الوجود بأكمله؟.
هل كان ذلك انتقامهم لدماء شعبهم التي سفكتها الإمبراطورية، وللأرض التي دمّرتها، والحرية التي سلبتها؟.
هل كان هؤلاء الأوغاد مُقدّرين، أم كانوا تجسيدًا للهلاك؟.
‘هؤلاء… هؤلاء المجانين.’
ارتجف، ثم هزّ رأسه.
‘لا… لا، أنا أستبق الأحداث.’
كان ويفر قد أعلن أنّ ‘هم’ سيفتحون البوابات. ‘هم’ تلك قد تكون بمعنى التسعة… وقد تكون بمعنى الشَيَاطِين. أو حتى السَاميين. بل قد يكون ويفر نفسه – شيطان القدر – يعلن عن نيّته الخاصة.
رفع صني يديه وفرك وجهه بعنف.
كان قد عرفّ الكثير… لكنه لا يزال بلا أي أجوبةٍ!.
كيف انتهت تلك الحرب اللعينة؟.
هل حقّق التسعة هدفهم، أم فشلوا في النهاية؟.
هل كانت بوابات الفراغ مفتوحةً، أم لا تزال مغلقة؟.
الفساد المنتشر، وبذور الكابوس المزدهرة، والتوسّع المستمر لعالم الأحلام، توحي بأنها مفتوحةٌ على مصراعيها، وأن السَامي المنسيّ حرّ طليق. ومع ذلك، يبدو أيضًا أنّه لا يزال سجينًا ونائمًا، لأنّه لو لم يكن كذلك، لما بقي أي وجودٍ أصلًا. فلأبتلع الفراغ كل شيءٍ.
كان كل شيءٍ متناقضًا، ولم يكن لدى صني مفتاح حله.
‘آه، لا أفهم شيئًا…’
تأوّه.
لكنّ شيئٌ واحدٌ كان مؤكدًا.
لطالما وُجد لاعبٌ ثالث يختبئ خلف الستار. الشَيَاطِين، السَاميين… والتسعة.
وقد حُسم قدر العالم بهذه القوى الثلاث.
ومع أن التسعة بدوا ضعفاء بشكل مثير للشفقة مقارنةً بهذه الشخصيات الأسطورية، إلا أن تأثيرهم كان عكس ذلك تمامًا. في الواقع، وبسبب قلة المعلومات عنهم، بدا التسعة خطرين للغاية.
لا… في الواقع، هناك قوة رابعة أيضًا. الأهم من بين الجميع. كيف نسي صني ذلك؟.
كان هناك ويفر.
تنهد صني ببطء.
لا يزال لا يعرف كيف يندمج ويفر بين كل هذا، ما الهدف الذي كان يسعى إليه، وماذا حدث له.
بدا أن العرافة تعتقد أن شيطان القدر سيكون العقبة الأعظم في طريق التسعة. وبما أن التسعة أرادوا قتل السَاميين وتدمير العالم… فهل يعني ذلك أن هدف ويفر كان العكس تمامًا؟.
لا، لم يكن كذلك. مع معرفته بذلك الشيطان المراوغ… رغم أن صني لم يكن يعرفه جيدًا… يمكن أن يكون أي شيء. ربما كان ويفر عدوًا للتسعة، وربما استخدمهم فقط لخدمة أهدافه الخاصة.
من كان ليعرف الحقيقة؟.
حسنًا… قد تعرف القاتلة، لو استعادت ذكرياتها.
فمهمّتها، في النهاية، كانت قتل ويفر.
‘جنون!’
“اللعنة على كل هذا.”
استدار صني وتوجّه إلى ضريح الحقيقة بخطى حاسمة. وعند دخوله ظلمة القاعة العظيمة، تجاهل كاي وتقدّم مباشرة إلى القاتلة، التي كانت تشحذ سيوفها مسنِدةً ظهرها إلى أحد المذابح.
توقّف أمامها، نظر إليها من أعلى، وزمجر:
“إذاً… أخبريني. هل نجحتِ في قتل ويفر؟”
حدّقت به الظل الشريرة بصمت، دون أن تظهر أي أثر للمشاعر.
سخر منها.
“أم أنكِ فشلْتِ؟ صحيح. لا بدّ أنك فشلْتِ.”
بطبيعة الحال، لا بد أنها فشلت. كيف لشخص تافه أن يقتل شيطان القدر؟ مجرد الفكرة سخيفة.
ولكن من جهة أخرى…
فكرةُ أن تسعة فانين من البشر قد يتسببون في موت السَاميين كانت سخيفةً أيضًا. ومع ذلك، مات السَاميين.
هل من الممكن أن تكون المرأة التي يخدمه ظلها الآن هي قاتلة ويفر فعلًا؟.
لا، مستحيل.
“لا بد أنكِ متِّ بيد ويفر، بدلًا من ذلك!”
لم تُبدِ القاتلة أي ردّ فعل، وكأن كلماته بلا معنى.
مع ذلك…
شعر بعينيها السوداوين الباردتين تتغيّران قليلًا.
وأخيرًا، لاح على وجهها لمحةً من الانفعال.
ما هي؟.
فخرٌ… يأسٌ؟ عزمٌ؟ أم ارتباك؟.
يبدو أن القاتلة نفسها لم تكن تعرف.
ولمَ قد تعرف؟.
فهي لا تذكر حتى اسمها، ناهيك عن ماضيها.
غطّى صني وجهه براحة كفه وتنهد بعمق.
“ما، ما الذي فعلتموه، أنتم أيها المجانين؟”
بقيت القاتلة تحدّق فيه لبضع ثوانٍ أخرى، ثم هزّت كتفيها وعادت إلى شحذ سيوفها، غير مبالية تمامًا بالعاصفة التي تعصف بقلبه.
لعن صني بهدوء.
“لديّ… بعض الكلمات القاسية ليوريس، في المرة القادمة التي أراه فيها.”
اقترب كاي، الذي كان ينظر إليهما في ارتباك، ورفع حاجبه.
“يوريس؟ ومن يكون هذا؟”
نظر إليه صني، فرمش عدة مرات، ولوح بيده في إشارة استخفاف.
“يوريس… مجرد صديق لي. عبد قاتل السَاميين، لكنه أيضًا أمير، نُفي من الموت بواسطة لعنة سامية. وأصبح يتسكّعُ الآن في عالم الظل، لذا أزوره من وقتٍ لآخر للدردشة، والمزاح، ومحاولة قتله. أوه… وهو أيضًا هيكل عظمي. هيكل عظمي ناطق. حسنًا، حوالي ثمانين بالمئة من هيكل عظمي ناطق – فقد خسر بعض العظام مع مرور الوقت.”
أومأ كاي ببطء.
“آه، فهمت. هذا منطقي، على ما أظن. لكن… هل أنت بخير؟ تبدو… متوتّرًا.”
رمقه صني بنظرة قاتمة.
“بالطبع أنا بخير.”
ابتسم وأشار إلى نفسه بإبهامه.
“أنا بخيرٍ تمامًا إن كنتُ متوتّرًا.”
سعل كاي.
“آه. هذا… جيد، إذن.”
وفي صباح اليوم التالي، وصلت ثلاث قطع ثلج جديدة لتحيط بالبركان المدمّر.
ترجمة آمون