عبد الظل - الفصل 2369
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2369 : خيط رفيع
مرةً أخرى، أعطى صني كلاً من كاي والقاتلة تمثالًا واحدًا من تماثيل وحوش اليشم، ليُضحّى به في ضريح الحقيقة. حدث كل شيء كما حدث من قبل – بعد أن وُضعت التماثيل على المذبح، تحولت إلى رماد وامتصتهما. أضيفت حلقة ثانية إلى تلك التي كانت تحيط بالفعل بأنوية روحيهما…
حسنًا، نواة روح في حالة كاي. أما في حالة القاتلة، فلم يكن صني متأكدًا تمامًا مما يجب أن يُسمّي الجمرة المتوهجة في قلب كيانها الغامض والمظلم تمامًا. ربما شظية من نواة في ظلّ روح، على الأرجح.
نظر إليها، فتذكّر ما قالته له يوريس ذات مرّة. أن ظلاله لم تكن مكتملة بالكامل… وإن وُجدت طريقة لإكمالها، فإن صني لا يعرفها. ولا يعلم إن كان هناك داعٍ لذلك أو فائدة منه.
كل ما كان يعرفه هو أن القاتلة كانت كاملة قبل أن تقتل بسيفه، لكنها الآن، أصبحت جزءًا منه – مثل بقية ظلاله.
’لغز آخر لحلّه… يومًا ما.’
لقد جعلت حلقة الرماد الثانية كاي والقاتلة أقوى بكثير. كما سمحت لصني أن يغمرهما بجزء أكبر من إرادته — قدرٌ كافٍ ليجعله لا يقلق من إرسال أي منهما إلى معركة مع مخلوقات الكابوس العظيمة.
أما بالنسبة للملعونين، حسنًا… لم يكن صني واثقًا جدًا حتى عند مواجهتهم بنفسه. ولكن، بقدر ما عُزّز رفاقه بإرادته، فسيكونون قادرين على مساعدته في إسقاط أولئك الملعونين على الأقل. فلن ترتد سهامهم عن لحم أولئك السَاميين الساقطين دون أن تترك أثرًا..
’هذا شيء، على الأقل.’
بل في الواقع، كان ذلك مكسبًا عظيمًا. ظلال الذئب وقطيعه كانت الآن مستريحة داخل روحه — وطالما أن صني قادر على استدعاء شبح الشيطان المقدس إلى الوجود، فإن جيشه الصغير سيصبح أقوى بشكل هائل.
ومع ذلك…
درس تمثال اليشم الثالث – تمثال شيطان الثلج – الذي لا يزال مستلقيًا في راحة كفه.
كان يريد أن يصبح أقوى أيضًا. لقد سقطت خمسة من رجسات طاغية الثلج بيده بالفعل، من بينها ثلاثة ملعونين… لكن بدلًا من أن يمنحه ذلك شعورًا بالأمان، لم تجلب له تجربة تلك المعارك سوى القلق.
لقد كانت معركة الذئب قريبة جدًا. انتصر في النهاية، وكان نصرًا باهرًا حقًا. ومع ذلك، لم يكن هناك أحد يعلم أكثر من صني كم كان من السهل أن يخسر حياته بدلًا من ذلك.
فكيف له أن يقاتل طاغوتًا ملعونًا؟.
كان هناك قفزة نوعية في القوة بين الوحوش والشياطين، لأن الشياطين كانت عاقلة. لكن كان هناك قفزة مماثلة بين الشياطين والطواغيت، لأن الطواغيت امتلكوا قوى مدنّسة ومزعجة. فماذا كان سيفعل إن أطلق كائن سَامي ساقط قواه عليه؟.
ماذا لو أن ذلك السَامي لم يكن بصحبة وحوش، بل مسوخ؟ أو حتى مخلوقات من فئة أعلى؟.
لذا… لم يكن صني ليرفض المزيد من القوة.
ومع ذلك، كان يريد أن يعرف الحقيقة أيضًا.
مهما كانت القوة التي قد ينالها من التضحية بتمثال شيطان الثلج لضريح الحقيقة، فإنها ستكون إن لم تكن تافهة، ففعلى الأقل هامشية. كاي والقاتلة قادران على استعارة إرادته عبر الرماد، لكن ماذا كان صني سيستعير؟ في أحسن الأحوال، ستزداد قوته قليلًا.
أما المعرفة، فهي أصل كل قوة. لم يكن قائل ذلك سوى ويفر نفسه… لذا، معرفة حقيقة مفيدة قد تمنحه في الواقع قوة أكبر بكثير من مجرد التضحية بتمثال.
أو لا.
’لقد قررت.’
تنهد صني.
“أظن أنني سألقي هذا الشيء في الحمم.”
كان كاي، الذي كان قد بدأ في تمرين نفسه على استخدام قوته الجديدة عبر شد قوسه، قد نظر إليه لوهلة.
“افعل ما ترى أنه الأفضل.”
ثم أنزل القوس ونظر إليه بشكل مباشر. كانت على وجه كاي تعبيرات غريبة – ليست عبوسًا تمامًا، لكنها قريبة من ذلك.
رفع صني حاجبه.
“ما الأمر؟”
ظل كاي صامتًا للحظة، ثم هز رأسه.
“لا شيء، فقط… ذلك الشيطان. هل لاحظت شيئًا غريبًا أثناء قتالك له؟”
رمش صني عدة مرات.
“كان “ذلك الشيطان سَاميًا مرعبًا، كان كل شيءٍ فيه غريبًا. ماذا تعني بالضبط؟”
تردد كاي قليلًا، ثم هز كتفيه.
“الأمر فقط… أعتقد أنني رأيت شيئًا وأنا أقاتل العملاق النحاسي. أعني وأنا أساعد دودتك تلك في قتاله.”
عبس تعبيره قليلًا عند ذكر الوفرة، مما دفع صني إلى الابتسام.
“ما الذي أراه هنا؟ ألديك شيءٌ من النفور تجاه الوفرة؟ هيا كاي، إنها مجرد دودة… دودة مقدسة ضخمة للغاية. في الواقع، إنها أشبه بتنين. والتنانين والديدان أبناء عمومة، ألا يجعل هذا منكما نوعًا ما… شقيقين؟”
ارتجف كاي.
“لا يوجد دودةٌ شقيقةٌ لي، شكرًا جزيلاً! رجاءً لا تقل أشياء مريعة كهذه، يا صني!”
ضحك صني.
“حسنًا، حسنًا. لا داعي للغضب. على أي حال، ما الذي رأيته؟ نحن نعلم جميعًا كم أن بصرك مميز، كاي، فلا تقلل من شأنه.”
كان صني أعلى رتبةً من كاي وأقوى منه بكثير، لكن ذلك لا يعني أنه يفوقه في كل شيء. ففي مجال الإدراك، مثلًا، كان كاي يسبقه بمراحل – بل ويسبق الجميع، في الواقع. لذا، كان صني ميّالًا لأخذ ما رآه كاي على محمل الجد.
بقي كاي صامتًا للحظة، عابسًا، ثم قال أخيرًا:
“أثناء المعركة… في بضع لحظات، ظننت أنني رأيت شيئًا يلمع في الهواء خلف العملاق. لكن في كل مرة كنت أحاول النظر إليه عن قرب، لم أكن أجد شيئًا هناك. كنت أظن أنني توهمت، ثم يُشغلني ذلك اللمعان مرة أخرى لاحقًا. وفي النهاية…”
توقف لوهلة، ثم أضاف:
“ظننت أنني لاحظت خيطًا فضيًا يمتد من ظهره ويختفي في الأفق. كان رقيقًا ورفيعًا للغاية حتى يكاد لا يُرى، حتى أنا لم أتمكن من رؤيته بوضوح. ثم اختفى في لمح البصر، لذلك لا أستطيع الجزم إن كنت قد تخيلت الأمر كله. فقد كانت المعركة شديدةً للغاية، بعد كل شيء.”
صمت صني قليلًا، ناظرًا إليه.
“ألم تقل إن هناك شيئًا غريبًا في جميع رجسات الثلج؟ هل يمكن أن تكون تلك الخيوط تمتد من ظهورهم أيضًا؟”
لم يكن صني قد رأى أو استشعر أي خيوط. ولكن إن كانت تلك الخيوط رفيعة إلى حدٍ لا متنهائي كما قال كاي، فلن تترك ظلًا على الأرض – وبالتالي، لن يكون هناك ما يمكنه استشعاره.
كان الأمر مريبًا جدًا، في الواقع، ويستحضر صورة الدمى التي تُحرّكها أوتار محرك الدمى. لا بد أن طاغية الثلج كان يتحكم بتماثيله بطريقة ما، لذا تجاوب صني بشدة مع تلك الصورة.
هز كاي كتفيه.
“لا أعرف.”
تنهد صني.
“ابقِ عينيك مفتوحتين لهذه الخيوط في الأيام القادمة، إذًا. وإن رأيت واحدة أخرى، أخبرني.”
بعد ذلك، ابتعد وغادر المعبد.
سار صني إلى حافة المنصة، وألقى نظرة خاطفة عبر بحيرة الحمم البركانية. كانت الحرارة هنا لا تُطاق تقريبًا، لذلك لم يتسكع، وألقى تمثال اليشم مباشرةً في البحيرة.
وبينما كانت الحمم تبتلع التمثال، تراجع بضع خطوات وجلس.
’لنرَ…’
ركز صني وعيه على الأسئلة التي أراد إجاباتها أكثر من غيرها، آملاً أن يؤثر ذلك على الحقيقة التي سيتلقاها هذه المرة.
كيف انتهى العالم؟ كيف مات السَاميين؟ ماذا فعل ويفر…
ثم، فجأةً، وجد نفسه في مكان آخر.
ترجمة آمون