عبد الظل - الفصل 2357
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2357 : المذبح الثاني
كانت القاتلة تقف في مكانها، تمامًا حيث تركها، ساكنة في ظلال الضريح. ومع شروق الشمس، تسللت خيوط من الضوء إلى القاعة الخالية للمعبد المحترق عبر الفتحة في سقفه وشقوق بواباته الشاهقة – ورغم ذلك، كانت الظلال تبتلع معظم القاعة، حتى إن كان جسدها الساكن مخفيًا بالكامل.
وبطبيعة الحال، استطاع صني الرؤية في الظلام، فلم تستطع الاختباء منه.
تنهد.
كانت القاتلة ظلًا غريبًا.
فقد كانت، في ما مضى، ظل امرأة بشرية. ماتت تلك المرأة، وسافر ظلها إلى عالم الظلال كما تفعل كل الظلال… لكنها، هناك، رفضت أن تُفنى كما يفنى الآخرون، واستمرت، مُطاردةً من هم مثلها لتبقى على قيد الحياة. سواء كان ذلك بسبب قوة هويتها أو لأي سبب آخر، لم يكن صني يعلم. لكن على أي حال، فإن رفضها العنيد للاستسلام أثمر في النهاية. لم تعد القاتلة مجرد ظل، بل وُلدت من جديد كمخلوق ظل.
وقد أزال مرور الزمن ما تبقى من ذاتها الأصلية، فحوّلها إلى صائدة شرسة عديمة الرحمة، كما التقاها صني – لم تكن تتذكر حتى اسمها حينها، ناهيك عن ماضيها.
قُتلت مرة أخرى… ثم وُلدت من جديد، هذه المرة كظله.
لذا، لم تكن القاتلة بشرية ولا مخلوقة، بل شيئًا بينهما. لم تكن تملك جانبًا كما يملك البشر، لكنها أيضًا كانت أكثر ذكاءً وخطورة من أن تُعدّ وحشًا فحسب.
بمعنى آخر… لم تكن تملك أي قوى خاصة. كل ما كانت تملكه هو مهاراتها، وذكاؤها الحاد، ونِيّتها القاتلة المرعبة، وإرادتها الصلبة. بهذه الأدوات وحدها، نجت آلاف السنين في عالم الظل، تصنع الأسلحة والسهام من شظايا السجّ، وتُعد الفخاخ لأعدائها، وتختبئ حين تمرّ عاصفة الجوهر بالقرب منها.
وربما لم يكن هذا حالها دومًا، مع ذلك. فهي ظل فريد مملوء بجوهر الروح لا جوهر الظل، ليست متسامية تمامًا، ولا فائقة تمامًا… وربما كانت تملك قوة ما ذات يوم، أو حتى جانبًا، قبل أن تتدهور روحها المشعة وتفقد شكلها الأصلي.
وربما يمكن استعادة جانبها يومًا ما.
على أي حال، لم يكن صني ليقلل من شأنها – أو تعتبرها أقل تهديدًا – لمجرد أن القاتلة لا تمتلك أي قوى خاصة. فقد كانت تُشكل تهديدًا لا يُصدق حتى بدونها، وهو ما يشهد به شخصيًا.
ومع ذلك، كان فضوليًا جدًا لرؤية كيف سيجعلها ضريح الحقيقة أقوى.
والأمر ذاته ينطبق على كاي… في الواقع، لم يكن صني يعرف كيف من المفترض أن يعمل ضريح الحقيقة أصلًا. كل ما كان يعرفه هو ما قالته لهما سيشان – أن قتل أحد كائنات العدو في هذا المربع سيجعل القاتل أقوى، بطريقة ما.
وجميعهم بحاجة ماسة إلى أن يصبحوا أقوى، لذا كان هذا أمرًا جيدًا لهم.
والحقيقة أن تماثيل اليشم قد تكون بدائل للقتل كانت نعمة أيضًا.
‘أتساءل ما الذي ستفعله لعبة آرييل.’
هل ستمنحهم هبة ساحرة؟ أم ستطور القطعة إلى فئة أعلى؟ أم تهبهم أسلحة ومعدات سحرية؟.
هل ستكون تلك الهبات دائمة، أم ستتلاشى حال مغادرتهم اللوح؟.
سيعرف الجواب قريبًا.
وبينما كان صني يتجه نحو مركز الضريح، هبط كاي من الأعلى، نزل قربه، وابتسم.
“صني… هل أنهيت سحرك؟”
أومأ صني برأسه وقال، بصوت متعب وراضٍ في آنٍ واحد:
“نعم. لقد سارت الأمور على ما يرام، رغم صعوبته. آه… ألست عبقريًا؟ فمن غيري كان ليخترع شيئًا ثوريًا كهذا، هاه؟”
نظر إلى كاي بنظرة ترقب، وبقي صامتًا للحظة، ثم أضاف:
“ثوري. فهمتها؟” ‘1’
سعل كاي فجأة.
“أوه… نعم. كان البركان يهتز بشدة. خشيتُ حدوث ثوران.”
ضحك صني.
“كان ذلك فقط أثناء حفري في الجبل. هيا، سأشرح لك ما فعلت لاحقًا بالتفصيل.”
وأثناء سيرهما نحو المذبحين، والقاتلة تتبعهما بصمت، نظر صني إلى كاي بنظرة فضول.
“عدت من مراقبة العدو، أليس كذلك؟ فمن هو ضيفنا القادم من الشمال؟”
عبس كاي قليلًا.
“حسنًا… إنه وحش. لكنه ليس وحشًا منفردًا.”
توقف صني لثانية، وغمز بعينيه عدة مرات.
“لا تقل لي… هل هناك مئة منهم؟”
هز كاي رأسه بخفوت.
“لا. يبدو أنهم نحو اثني عشر – قطيع. يبدون كذئاب شبحية مصنوعة من الثلج.”
ابتسم صني ابتسامةً عريضة.
“قطيع؟ أخيرًا… هذه أخبارٌ جيدة!”
ربما كانت أخبارًا سيئة جدًا في الحقيقة، لكن رأى صني العكس. لم يكن يظن أن الكائنات الملعونة وفيرة لدرجة أن تتنقل في قطعان… لذا، لا بد أن ذئاب الثلج كانت وحوشًا عظيمة. مما يعني أنه لن يضطر إلى مواجهة ثلاثة مخلوقات كابوسية ملعونة دفعة واحدة.
‘رائع، رائع… كلما زادوا، زادت المتعة!’
وبابتسامة مشرقة، اقترب من المذبحين وراح يدرسهما باهتمام.
بدا المذبح على اليمين مطابقًا تقريبًا لمذبح قلعة الرماد. أما المذبح على اليسار، فكان مختلفًا تمامًا.
ربما كان منقوشًا بالرونيات ذات يوم، لكن مرور الزمن صقله ومحو معالمه. والآن، لم يكن يغطيه سوى السُخام.
ومع ذلك، كان لا يزال بإمكان صني أن يرى التجويف في مركزه، بالحجم المناسب تمامًا لتمثال اليشم.
تنهد.
‘ها هي فرصتي لأعرف حقيقتين مغريتين… وأضحي بهما بدلًا من ذلك.’
كان الأمر طريفًا. كان يعتقد أن ضريح الحقيقة سيكون مكانًا تُكتشف فيه الحقائق، لكنه بدلًا من ذلك، سيضحي بالحقائق ليحصل على القوة.
“هاك، خذ هذا.”
ناول تمثالًا لكاي، وآخر للقاتلة.
رفع كاي حاجبه.
“أنا؟ ظننتك ستحاول تقوية نفسك.”
هزّ صني رأسه رافضًا.
“أنا قوي بما فيه الكفاية بالفعل – ربما لاحقًا. لكن أنتما الاثنان تحتاجان لأن تكونا أكثر فائدة حالًا.”
ثم تراجع خطوة للخلف، وأشار نحو المذبح.
“هيا. ضع تمثال وحش الثلج عليه.”
تردّد كاي قليلًا.
“إذًا… آه… ماذا سيحدث حين أفعل؟”
ابتسم صني ابتسامةً ماكرة.
“لا فكرة لدي! سنعرف قريبًا، صحيح؟”
عبس كاي قليلًا.
“أنت… لن تدعني أذهب أولًا لمجرد أن ترى إن حدث شيءٌ فظيعٌ قبل أن تُجرّبه بنفسك، أليس كذلك؟”
نظرت إليه صني بتوبيخ.
“بالطبع لا.”
ثم عادت ابتسامته.
“لو كنت أريد ذلك، كنت سأجعل القاتلة تذهب أولًا!”
نظر إلى القاتلة، وحكّ مؤخرة رأسه، وأضاف هامسًا:
“ولا علاقة لهذا إطلاقًا بكونها، كظل، ستكون عينة تجريبية غير موثوقة… صدقني…”
***
1: شرح النكتة السامجة: groundbreaking تعني ثوري بالسياق بس بشكل حرفي (ground) و (breaking) كسر الأرض، او حفر الأرض بمقصد الي سواه بالجبل… اخخخ.
ترجمة آمون