عبد الظل - الفصل 2356
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2356 : المخطط الأعظم
سمح صني لجسده أن يتحوّل إلى ظل، عائدًا إلى شكله الطبيعي. لكن هذه المرّة، تجاوز حدود ذلك الشكل.
تخلى عن صورته البشرية المألوفة، وأطلق العنان لظله. متحررًا من قيود الهيئة البشرية، تمدّد ظله وانتشر في كل الاتجاهات، مغطيًا أرجاء ضريح الحقيقة الفسيحة في لحظة. ثم اندفع من بواباته كموجةٍ مظلمة.
في غضون ثوانٍ، أصبح صني شاسًا بما يكفي لابتلاع البركان بأكمله – على الأقل حتى النقطة التي تنحدر عندها منحدراته في بحر السُحب.
غطى ظله الحوض العملاق للحفرة البركانية والمنحدرات المغطاة بالرماد، متدفقًا إلى كل شقٍّ وصدع. فاحتوى الأعماق المتوهجة للفتحة الرئيسية، وكذلك الخنادق الخانقة للفتحات الثانوية.
تحركت القاتلة بصمت، واضعة يدها على مقبض سيفها. أما كاي، فاكتفى بإلقاء نظرة حوله، تريّث لبضعة لحظات، ثم أغمض عينيه ليستريح.
في هذه الأثناء، استدعى صني شبح الوفرة. فارتفعت الدودة العملاقة من أعماق روحه وغرست أنيابها في الصخر، زاحفةً عبر الكتلة الصلبة للبركان نحو نفقٍ عريضٍ شقّه. كانت أشباح الدبابير السجّية مندفعةً خلفها، مُطهّرةً الأنفاق من الحطام.’1′
ركز صني، فاضطرب ظله الشاسع، ونمت من أعماقه السوداء أذرعٌ كثيرة. تدفق جوهره كالسيل، ونسجت يداه التي لا تُحصى منها أوتارًا سوداء. كان قد فكّر طويلًا فيما سينسجه من أجل الحصار القادم.
في الحقيقة… لم يكن صني واثقًا من نتيجة المعركة كما أوحى للآخرين. فقتال ثلاث قطع ثلجية، بما فيهم شيطان، مهمة خطرة – خاصةً مع قلة المزايا المتاحة له. كانت الدبابير الكريستالية قد أُضعفت حين هاجمت قصر الرماد، لكن ذلك كان لأن قلاع الرماد آنذاك كانت محاطة بمربعين من نفس اللون. أما ضريح الحقيقة، فسيكون محاطًا بالكامل بنطاق الثلج أثناء المعركة، مما يعني أن الغزاة لن يُضعفوا كثيرًا، أو ربما لن يُضعفوا على الإطلاق. ولن يُقمع صني ورفاقه أيضًا، بعكس ما حدث في معارك خلية الجليد والوفرة، لكن هذا هو كل ما لديهم. الاحتمالات لم تكن في صالحهم.
لذا، كان على صني أن يستعد. وكانت شظية الروح المقدسة التي سقطت في يده واحدة من موردين ثمينين يمتلكهما – الآخر كان تماثيل اليشم. فما أفضل استخدام لها؟ هل يصنع بها سلاحًا فتاكًا؟ أم سحرًا قويًا يمكن تعزيزه بعباءة اليشم؟ أم أداة تتيح له تنفيذ خدعة خبيثة؟ كانت هناك خيارات عديدة، لكن لا شيء منها يمنحه التأثير الذي يحتاجه.
وكانت هناك مشكلة أخرى أيضًا – الوقت. كانت ذكرى مقدسة جديرة بسحرٍ مُعقّدٍ بحق، لكن نسج سحرٍ مُعقّدٍ كان عمليةً طويلةً ومُعقّدةً. ولم يكن صني مُتيقّنًا من قدرته على إتمام شيءٍ مُعقّدٍ كهذا قبل هبوط قطع الثلج على ضريح الحقيقة. لذا، كان لا بدّ أن يكون السحر بسيطًا بسيطة نسبيًا، لكن مشحونًا بقوةٍ مرعبة.
وما مِن سلاحٍ، أو سحرٍ، أو أداةٍ يُمكنه التفكير بها كانت قادرة على منحهِ النتائج المرجوة ضمن هذه القيود. فلذلك، قرر صني أن يفعل شيئًا آخر. قرر ألا يصنع ذكرى على الإطلاق.
بدلًا من ذلك… قرر أن يسحر الجبل نفسه. كلّه، من أعمق نقطة في الفوهة البركانية إلى منحدراته الحادة المُغطاة بالرماد. ستصبح شظية الروح المقدسة نواة سحره الأعظم، بينما تتحول الأنفاق التي حفرتها الوفرة إلى قنوات لتمرير أوتار جوهر الظل، مُشكّلةً أنماطًا معقدة لنسيج تعويذةٍ هائل. سيحوّل ذلك النسيج البركان المتصاعد إلى حصنٍ سحري، حيث سيواجه صني المحاربون الملعونون التابعين لنطاق الثلج، ويقضي عليهم واحدًا تلو الآخر.
بالطبع، لم يكن إنشاء مثل هذا النسيج أمرًا سهلًا. كانت الممرات التي حفرتها الوفرة بدائية مقارنة بما يمكن لصني أن ينسجه حين يصنع ذكرى. لذا، لم يكن قادرًا على إغناء الجبل سوى بسحر بسيط نسبيًا. لكن كان ذلك كافيًا. كان يملك سحرًا معينًا في ذهنه… حلًا مثاليًا لعددٍ من المشاكل التي يواجهها. كانت القوى المتورطة في الأمر ضخمة لدرجة أن صني لم يكن واثقًا من أن تحفته الأعظم ستصمد حتى لمعركة واحدة. لكن لا بأس… طالما أنها تؤدي غرضها، فسيحصل على بضع أشباح قوية أخرى لمساعدته في الحصار التالي.
‘لدي الكثير من العمل…’
تنهد بصمت. كان التحكم في الوفرة صعبًا، والسيطرة على الدبابير السجّية فوق ذلك مرهقًا، ناهيك عن اضطراره لنسج أوتار الجوهر في نفس الوقت.
‘عليّ أن أسرع.’
مرّت الليلة بسرعة. وفي الصباح، تحرّك العملاق الآلي وشيطان الثلج شمالًا بمربعٍ واحد، تمامًا كما تنبأ صني. وفي الوقت ذاته، ظهرت قطعة ثالثة على قمة الجبل الثلجي شمالًا، لتُغلق الحصار. كان وحش ثلجي آخر – يبدو أنه أحد الاثنين اللذين كانا يحميان قلعة الثلج.
تجاهل صني الوافد الجديد مؤقتًا، وركّز على حفر البركان وتشكيل نسيج التعويذة الأعظم. كان عليه التحكم في تدفّق الحمم البركانية كي لا تُغرق شبكة الأنفاق، لكن تبيّن أن ذلك سهل التنفيذ بقليل من البصيرة. وفي النهاية، تمكن من إتمام السحر قبل الفجر التالي بساعات قليلة فقط.
مستعيدًا شكله البشري للمرة الأولى منذ محادثته الصريحة مع كاي، أطلق صني تنهيدةً طويلة، ومسح العرق عن جبينه. كان متعبًا للغاية. لكن لا وقت للراحة…
وقف صني مترددًا للحظة، ثم أخرج التمثالين اليشمِيَّين من داخل درعه. استقرا في كفه، وكانا باردين عند لمسه.
تنهد صني ببطء وقال:
“فلنتعامل معكما الآن.”
***
1: أسم المُفرطة تغير إلى وفرة
ترجمة آمون