عبد الظل - الفصل 2353
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2353 : ساحة المعركة المقدسة
لم تكن ساحة الضريح مختلفةً عن غيرها. لقد كانت جبلًا مكسوًّا بالثلج من قبل، لكن بعدما ابتلعها نطاق الرماد، تحطّمت قِمَّة الجبل، وجرت أنهارٌ من الحمم على منحدراته، مُذيبةً الثلج والجليد. وسرعان ما غطاها الرماد.
صعد صني ورفاقه ببطء منحدر البركان الوليد، دون استعجال للوصول إلى الفوَّهة. كان هناك متسع من الوقت، في النهاية، لأن أعداءهم سيحتاجون إلى ما لا يقل عن حركتين لشن الهجوم.
“إنه لأمر مثير للاهتمام.”
نظر صني إلى عمود الدخان المتصاعد في السماء. فتذكّر كابوسه الأول – كان المعبد عديم الاسم أيضًا يقع فوق قمة مكسوة بالثلج. لكن الآن، انفجرت قِمَّة الجبل وانهارت، واستُبدلت بفوَّهة بركان تغلي. هذا يعني أن ضريح الحقيقة لم يكن هناك.
‘هل كان مُخبأً في كهف؟’
كان بإمكانه أن يسأل كاي، لكنه في الحقيقة لم يكن مهتمًا كثيرًا.
أما كاي، في المقابل، فبدا عليه بعض الانزعاج.
“هذه المرة، ستهاجمنا ثلاث قطع ثلجية في الوقت ذاته، أليس كذلك؟”
هز صني كتفيه.
“غالبًا.”
زفر الرامي الساحر ببطء.
“الاثنان اللذان قتلناهما كانا مروّعين بما فيه الكفاية. هل أنت متأكد أننا سنتمكن من التعامل مع ثلاثة دفعة واحدة؟”
تردد صني قليلًا.
“حسنًا، لدينا الآن خلية السجّ، وظل المُفرطة معنا أيضًا. ولسنا مضطرين لقتل الثلاثة – كل ما علينا هو الصمود حتى تشرق الشمس. إذا حصّنا هذا المكان جيدًا، فالأمر ممكن.”
أظلمت تعابيره قليلًا.
“المشكلة الحقيقية هي أننا سنضطر إلى صدّهم في اليوم التالي، والذي بعده، وبعده… إلى ما لا نهاية، حتى يُباد أحد الطرفين تمامًا.”
ابتسم صني بخفوت.
“لكن هذا هو بالضبط السبب الذي جعلنا نأتي إلى هنا، أليس كذلك؟ كي نصبح أقوى مع كل قطعة ثلجية يُضحّى بها في ضريح الحقيقة.”
في الواقع، كان صني يأمل أن يتمكن من استخدام الضريح حتى قبل أول حصار. لقد كان يحمل تمثالين من اليشم، في النهاية… وفكرة تضييع حقيقتين كانت تؤلمه، لكنه إن كان بالإمكان التضحية بهما لتقوية نفسه وحلفائه، فسيقبل بذلك.
ضحك كاي.
“ما زلت مفعمًا بالثقة، كما أرى. أما تشعر بالخوف ولو قليلًا؟”
هز صني رأسه.
“ولماذا أشعر بالخوف؟ لقد توقفت هذه الأمور عن إخافتي منذ زمن بعيد. وكأنني قد استهلكت كل مقدار الخوف الذي وُهب لي منذ الولادة… آه، لكنني لست خاليًا من الخوف تمامًا. أتدري ما الذي يخيفني حقًا؟”
رفع كاي حاجبه.
“ماذا؟”
أخذ صني نفسًا عميقًا، ثم ارتجف.
“مشاهدة نيفيس وهي تصب العسل على البان كيك التي صنعتها. هذا… هذا مُخيف.”
رمش كاي عدة مرات.
“وما خطب العسل؟”
رمقه صني بنظرة غاضبة.
“كل شيء! فالسؤال الأنسب هو: ما الصواب في العسل؟… من ذا الذي يلوث البان كيك البريئة بشيء دنيء كهذا؟”
حدّق به الرامي الساحر في صمتٍ لبرهة، ثم أخذ نفسًا مرتجفًا.
“وأنت جاد حقًا. لكن إن كنت تكره العسل إلى هذا الحد، لِم لا تطلب من نيفيس أن تتوقف عن استخدامه؟”
سعل صني وأشاح ببصره.
“أوه… ولماذا أفعل؟ إن كانت تحب العسل، فأنا مستعد لملء برج العاج كله بالعسل. وإن لم يكفِ، سأستبدل ماء البحيرة بالعسل أيضًا.”
ضحك كاي.
“ألا تبدو لطيفًا؟ تمامًا مثل…”
رمقه صني بنظرة قاتمة.
“أقترح عليك التوقف هنا يا صديقي. إن كنت تعرف مصلحتك.”
ضحك كاي بصوت أعلى.
وفي النهاية، بلغوا حافة الفوَّهة وبدأوا النزول. وسرعان ما وصلوا إلى الفوهة الرئيسية للبركان وعمود الدخان المتصاعد منها.
استقر ضريح الحقيقة على منصة مُعلّقة فوق هاوية سحيقة، مشدودًا بسلاسل مغطاة بالسخام. لكن، وعلى عكس قلعة الرماد، لم يكن هناك حصن على المنصّة. بدلًا من ذلك، كان هناك معبد محترق مبني من كتل حجرية ضخمة، واجهته سوداء من أثر الرماد والدخان. بأعمدة عالية، وإفريز عريض، وجِزع مثلث مزيَّن بنقوش متآكلة… بدا ضريح الحقيقة مألوفًا على نحو ما، كأنه قريب رثّ الحال من المعبد عديم الاسم. لم يكونا متطابقين تمامًا، لكنّهما يشبهان بعضهما إلى حد بعيد، كأنهما من نفس الطراز المعماري.
حدّق صني في المعبد المُتفحم لبضع ثوانٍ.
‘يا للفضول’.
كان يعلم أن المعبد عديم الاسم قديم حقًا. ولأنه بُني في الأصل ليُكرّس للسَاميين السبعة جميعًا، فلا بد أنه قد أُنشئ في فجر العالم – بعد أن أُغلق الفراغ، ولكن قبل أن يُنسى السَامي السابع وتُحرّم حتى ذكراه. وُلد الشَيَاطِين تقريبًا في نفس ذلك الزمن، لذا من المرجّح أن هذا النوع من المعابد قد ترسّخ في عقل آرييل منذ أيام طفولته. لذا، حين احتاج إلى تشكيل نموذج تقريبي للمعبد، قد يكون لجأ إلى هذا الطراز دون كثير تفكير.
أمال صني رأسه.
هل من الصواب التفكير في الشَيَاطِين بهذه البساطة؟ أن يتصورهم بهذه الإنسانية؟.
لقد وُلد الشَيَاطِين وهم مقدّسون، وقد انتُزعوا من روح سَامٍ. لذا، فلا يمكن أن يكونوا بشريين أكثر من اللازم… ومع ذلك، كانوا صغارًا ذات يوم، وقد عرفوا الشغف والحزن، وساروا في مسار الصعود حتى بلغوا الرتبة السامية.
فمن ذا الذي يستطيع الجزم أنهم لم يشتركوا في شيء من الشبه مع بشرٍ فانون مثل صني وكاي؟ هازًّا رأسه، التفت إلى القاتلة وقال مبتسمًا:
“هل أرميكِ مجددًا عبر الهاوية؟”
رمقته بنظرة باردة مشؤومة… ثم خطت بخفة نحو كاي، ووقفت إلى جانبه بصمت.
فتح صني عينيه بدهشة.
‘آه! ألم الخيانة المرير…’
ترجمة آمون