عبد الظل - الفصل 2348
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2348 : إرادة الموت
كان لكل جرحٍ ألحقه صني بجسد دودة الثلج الضخم غرضًا محددًا، وذلك الغرض هو السماح لمزيد من الدبابير السجية بالدخول إلى داخلها.
وبحلول هذه اللحظة، كانت معظمها قد وجدت طريقها إلى داخل الوحش الملعون. كانت تتلوى هناك، ناشرةً الفوضى وممزقة للأنسجة بينما تحفر أعمق فأعمق. وحتى لو كانت الجراح التي ألحقها صني بمخلوق الكابوس الهائل تافهةً نسبيًّا، فإن تمزيقه والتهامه من قِبل مئة شبح فائق من الداخل لم يكن كذلك.
ومع ذلك، تحملت دودة الثلج مقدار الضرر المُروّع الذي لحق بها دون عناء تقريبًا، مما يُظهر الفجوة الشاسعة بين الرتبة الفائقة والرتبة المقدسة – أو بالأحرى، الملعونة.
بل أكثر من ذلك، حتى وهي مدفونة عميقًا داخل لحمها، لم تكن الدبابير السجية آمنة تمامًا. في الواقع، تم تدمير العديد منها بالفعل. بعضها سُحق ببساطة بفعل عضلات الوحش الملعون الهائلة، وبعضها الآخر شق طريقه عن طريق الخطأ إلى جهازه الهضمي فطُحن إلى غبار أو ذاب بالكامل. بعضها لاقى حتفه بطرق لا يستطيع صني حتى وصفها، ناهيك عن فهمها، في حين أن بعضها دُمّر بطرق أغرب.
فبما أن دودة الثلج كانت تتحكم بمفهوم اللانهاية كسلاح، وبما أنها قادرة على توسيع أو تقليص جسدها بإرادتها، فقد تمزقت بعض الدبابير السجية ببساطة عندما اتسع فجأة الفضاء المكاني الذي كانت تحتله. وأخرى سُحقت إلى كرات صغيرة لا نهائيًّا من السج عندما تقلص الفضاء ذاته.
بالطبع، لم يُدمَّر أي منها فعليًّا – بل عادت إلى المساحة المظلمة في روح صني. لكنها استُبعدت من هذه المعركة المصيرية، وهو ما يُعادل التدمير فعليًّا.
‘ يا الهـي … ما مدى صلابة هذا الشيء؟’
كان الجبل مليئًا بالثقوب الآن، يئن بتمايل مقلق، مما جعل من الصعب على صني إيجاد موطئ قدم ثابت بينما يواصل الفرار من هجمات الوحش الملعون المروعة. لم تُظهر دودة الثلج أي علامات خارجية تدل على تأثرها الجدي بجحافل الدبابير السجية… على الأقل حتى الآن. وهو لا يعني أنها لم تُصب بأذى.
في الواقع، استطاع صني أن يشعر بإيقاع المعركة يتغير ببطء.
وشعر بفرحة شرسة حين أدرك أن تحضيراته لم تذهب سدى، وأن استراتيجيته تؤتي ثمارها. تمامًا كما خطط، كان على وشك هزيمة هذا العدو الساحق باستخدام مزاياه – ذكاؤه، ومكره، ومهارته.
وبحلول ذلك الوقت، كان كاي والقاتلة قد غرسوا كل سهام ‘النهايَة’ التي صنعها صني في لحم الدودة. كانت الأسحار التي صنعها صني بشق الأنفس تُقيد أجزاء مختلفة من جسدها في الفضاء، مما صعّب على الكائن استخدام قوته اللامتناهية.
وفي الوقت نفسه، كانت الدبابير السجية تمزق أحشاء دودة الثلج، بينما كان صني يسمم روحها بقوة إرادته القاتلة. أما كاي والقاتلة، فقد انتقلا إلى استخدام سهام فتاكة فقط، يساعدانه على إلحاق أكبر ضرر ممكن بالوحش الملعون.
وقد أُضيفت إرادتهما المتسامية إلى نية صني القاتلة الفائقة، مما رجّح الكفة. ومع استمرار صني في تسميم روح دودة الثلج، خانقًا الشرارة التي تُبقيها حية، أضعفها ذلك. وكلما ضعفت، قلّت قدرتها على مقاومة قوة الأسحار المُقيِّدة. وكلما ازدادت قوتها تقيدًا، زاد الضرر الجسدي الذي تستطيع الدبابير السجية إلحاقه بها.
وهذا، بدوره، أضعف قوى حياتها أكثر.
كانت دورة فاضلة… أم خبيثة؟.
دورة ستقود هذا الكائن الهائل، الأهوج، السامي الفاسد… إلى الموت.
‘هيا، أيها الحثالة… مت بسرعة!’
كانت قشرة صني تتآكل ببطء أيضًا. حتى وإن نجا من ضربات دودة الثلج المباشرة، فإن الضرر الذي أصاب عملاق الظل بمجرد تواجده في مركز هذا الدمار اللامعقول كان يتزايد.
ومع ذلك، استمر صني.
لأنه كان يشعر بذلك – ببطء ولكن بثبات، كان جسد دودة الثلج الضخم ينكمش. بدلًا من أن ينمو إلى اللانهاية، كان يقل تدريجيًّا في الحجم. لم يستطع أن يرى النتيجة بسبب الحجم المهول للمخلوق، لكنه استطاع أن يشعر بها من خلال الظلال. كان هناك عدد أقل من الحلقات يلتف حول الجبل بالفعل…
ومع استمرار المعركة، تسارع معدل انكماش دودة الثلج أكثر فأكثر. وبحلول الوقت الذي نفدت فيه سهام كاي، كان صني قادرًا على رؤية ذيلها. حتى فمها الهائل قد تقلص – لا يزال بإمكانه ابتلاع صني في قضمة واحدة، لكنه الآن سيضطر إلى المضغ أولًا.
وبينما كان يعبر عبر الظلال ويتدحرج على منحدر الجبل المثقوب والممزق، انضم ظل جديد إلى المعركة فجأة.
‘ما… الذي يفعله هذا المجنون؟’
انتشر صوتٌ مُخيفٌ يُشبه أغنيةً في السماء فجأةً، وضربت موجةٌ صوتيةٌ رأس الوحش الملعون، مُمزقةً بعضًا من لحمه ومُغيرةً اتجاهه قليلًا.
تَهاوى تنينٌ بديع من الأعالي، فحطّ على ظهر الوحش الملعون، وهاجمه بمخالبه الطويلة الحادة. وفي الوقت نفسه، بدا أن كاي قال شيئًا ما – وقد تجاهلت دودة الثلج أمره إلى حد كبير… لكن ليس كليًّا.
كاد صني أن يفوّت رؤية شخصية أنيقة أطلقت سهمًا إلى جرح مفتوح في جسد الوحش من على ظهر التنين. أرادت القاتلة أيضًا القضاء على هذا السضامي المُنهك.
كانت الشمس قد غربت بالفعل إلى نصفها خلف الأفق.
‘علينا الإسراع.’
بعد ذلك، تسارع زوال دودة الثلج.
تراكم الضرر الذي أصاب روحها وجسدها، وبدأت قدرتها على التحكم باللانهاية تنهار. كانت تُقلص جسدها أكثر فأكثر، ساحقةً دبابير السج في داخلها… لكن الوقت قد فات بالفعل.
وبعد قليل، بالكاد استطاعت أن تلف جسدها حول الجبل. ثم، ضاق فمها لدرجة لم يعد معها قادرًا على ابتلاع عملاق الظل – وهو ما جعلها، على نحو ساخر، أكثر خطرًا، إذ أصبح بمقدورها المناورة بشكل أفضل لفترة قصيرة. لذا، تخلى صني عن قشرته وأكمل المعركة على هيئة بشري.
ولم يطل الأمر، حتى تقلص حجم دودة الثلج إلى حد مثير للشفقة – لا يزيد عن كيلومتر من الرأس إلى الذيل.
ثم، صغرت أكثر، حتى أصبحت بحجم ثعبان الروح تقريبًا.
…ثم وأخيرًا، تنهد صني بتعب وهو يتكئ على أوداتشيه، ناظرًا إلى دودة شاحبة تتلوى في الوحل.
كانت تلك الدودة الصغيرة هي الوحش الملعون، الذي كان يومًا مخلوقًا شامخًا.
تأملها صني بنظرة قاتمة، وعيناه مخفيتان في ظلال الغسق المتساقط.
كيف لشيء عظيم إلى هذا الحد أن يُصبح مثيرًا للشفقة لهذه الدرجة؟.
“هل هكذا… مات السَاميين؟”
كانت نبرته حزينة بشكل غريب.
‘ربما سأعرف… قبل أن أنهي هذه اللعبة.’
ثم، أنزل صني قدمه، ساحقًا الدودة الصغيرة تحت حذائه المدرع.
ساد صمت لثانية، ثم سمع الكلمات المألوفة…
[لقد قتلتَ عدوًا.]
تنهد صني بارتياح مع اختفاء آخر خيوط الشمس عن الأفق.
لقد قتل أول مخلوق ملعون له اليوم.
ترجمة آمون