عبد الظل - الفصل 2347
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2347 : لعنة الفرط
لعب صني لعبة الغميضة مع دودة الثلج، متنقلاً بين الظلال بينما كان الجبل ينهار من حولهما. لقد جعل حجم المخلوق الهائل من الصعب عليه تدمير جسده، لكنه جعل من الصعب على المخلوق أيضًا أن يدمره.
كانت لفائف دودة الثلج الشاحبة والمجزّأة ملتفة حول الجبل بأكمله مرات لا تُحصى، تتمدد وتنقبض وهي تتحرك بسرعة مذهلة، طاحنةً الجبل ببطء إلى غبار. وبسبب ضخامتها وكثرتها، أصبح الوحش الملعون عقبةً أمام نفسه حين يلاحق خصمًا سريع الحركة كصني.
كانت دودة الثلج تلوّي لفائفها بشكل لا يمكن التنبؤ به للإمساك بصني وسحقه بينها. وعندما اصطدمت جدران من اللحم الشاحب ببعضها، أطلقت موجات صدمة عنيفة تسببت في تموج بحر السُحب، وكأن العالم بأسره يهتز. وفي الوقت ذاته، كان فكّها يطارد صني، حافرًا الأنفاق بسهولة عبر الجبل أو يحلق في السماء ليهوي بعدها بثوانٍ كمذنب شاحب مرعب.
وكانت تلك الارتطامات أشد زلزلةً من غيرها.
تعرض صني للهجوم من جميع الجهات، من الأسفل، ومن الأعلى… ومع ذلك، ورغم القوة التي لا تُوصَف لذلك الوحش الملعون، بقي سالمًا في الغالب. لقد كان سريعًا ومراوغًا إلى حد لا يُصدّق، يتنقل من موضع إلى آخر شبه فورًا ليتفادى الضربات المخيفة.
ولهذا السبب، كانت القوة الخالصة عديمة الجدوى ما لم تدعمها فطنة، أو مهارة، أو على الأقل رشاقة. لم تكن دودة الثلج بلا شك إلا مخلوقًا ذا قوة مرعبة، لكن دون وسيلة مناسبة لتوجيه تلك القوة، لم يكن بوسعها سوى أن تثور بجنون وتُفكك الجبل ببطء في سعيها العقيم والغاضب خلف الخصم الرشيق.
ومع ذلك، ومع استمرار المعركة، تبيّن لصني أن الفتك المُركز لم يكن السلاح الأقوى لدى دودة الثلج. بل بدت كمخلوق يهيمن على فرائسه من خلال… فرط وجوده.
لقد كانت دودة الثلج هائلة أكثر مما ينبغي، مفرطة الحجم، لا تنضب. مكنها جسدها اللامتناهي من تحمّل عدد لا نهائي من الهجمات، فقط ليبرز لحم شاحب جديد، يطمر العدو تحت كتلتها التي لا تنتهي. لذا، كان بوسعها ببساطة أن تصمد للأبد، حتى يُنهك العدو، ويتعب، ويُستنزف.
وفي هذه الحالة، لم يكن مطلوبًا من دودة الثلج سوى أن تصمد حتى يحلّ المساء.
كانت كائنًا أحادي الفكر وصبورًا. ومع ذلك، فإن ما جعلها مخيفة للغاية هو بالتحديد ذلك التفكير الأحادي… ذلك الإتقان المتطرف لقوة واحدة، لمفهوم واحد – استُخدم في الهجوم والدفاع معًا – ما جعلها تبدو حتمية.
…وبصفته سيّادي الموت، شعر صني بالإهانة من ذلك.
ففي النهاية، لم يكن من المفترض أن يكون هناك ما هو أكثر حتمية من الموت.
‘يا ليت فيلقي كان هنا فقط…’
زافرًا، تهرب من دودة الثلج بينما كان يمزق لحمها بسيفه العظيم. لم يكن صني يفرّق بين مهاجمة جسد الوحش الملعون أو ظله، إذ كان يلحق به ضررًا جسديًا وروحيًا في آنٍ معًا.
كانت روح دودة الثلج شاسعة ولا متناهية مثل جسدها، تُخفي في أعماقها ظلمةً فاسدة لا نهاية لها. فعندما تتعرض الأرواح لكمية معينة من الضرر، تنهار وتتفكك – ما عدا روح صني الصامدة، المُعززة بـنسيج الروح، والتي لا تخضع لمثل هذا الحد.
ومع ذلك، شعر أن روح دودة الثلج كانت ضخمة، وسحيقة، وعميقة للغاية بحيث لا يمكن تدميرها بهذه الطريقة – على الأقل وهو محروم من ظلاله ومُضعف بنطاق الثلج.
ربما كانت أرواح جميع السَاميين هكذا، أو ربما كانت روح هذه السَامية الفاسدة على وجه الخصوص غزيرة بشكل استثنائي. في كلتا الحالتين، لم يكن تدميرها أمرًا ممكنًا بسهولة.
لحسن الحظ، كان صني بارعًا في ابتكار الوسائل. فحتى لو لم يكن ممكنًا إلحاق ضرر كافٍ بالروح، كانت لديه وسائل أخرى لتدميرها.
فهو في النهاية، يمتلك قوة الظلال… قوة الموت. وكما ذكرت نيفيس، فإن كل إرادة فريدة، وإرادته تمحورت حول نية القتل. كانت إرادة رؤية الكائنات الحية تموت. كان ذلك ميوله الطبيعي، والمهارة التي طوّرها باستخدام الثعبان، نصل القتل.
بعبارة أخرى، كانت إرادته أكثر فاعلية وكفاءة مما يُفترض بها حين تُوظف لغرض القتل. ورغم أن دودة الثلج كانت كائنًا من رتبة أعلى من صني، فإن إرادتها لم تكن متقنة كإرادته.
وقد صني أدرك ذلك خلال صراعه اليائس مع ذلك الرجس. نعم، كانت دودة الثلج أقوى منه، وكانت إرادتها أشد رهبة. ومع ذلك، ومثل وحشٍ أهوج لا يستطيع فهم تقنيات القتال، لم يكن بوسع مخلوق الكابوس الضخم أن يوجّه إرادته بتركيز واعٍ أيضًا.
فإرادة دودة الثلج لم تختلف كثيرًا عن الإرادة البدائية والعشوائية لسرب الحريش. ولهذا، امتلك صني أفضلية واضحة على تلك السَامية المدنّسة.
لذا، كان بوسعه أن يغمر كل هجمة روحية بقوة الموت – بإرادة مركّزة لرؤية الخصم يموت – وتلك الإرادة كانت تتراكم ببطء، لتسمم روح دودة الثلج. قد تكون كمية الضرر الروحي التي ألحقها غير كافية، لكن نوعية ذلك الضرر الماكر كانت مسألة مختلفة تمامًا.
حتى لو كانت كل ضربة لظل الوحش الملعون ضئيلة نظرًا لضخامته، فإن كل ذلك الاتساع قد تلوث بإرادة الموت، بغضّ النظر عن طبيعته اللانهائية تقريبًا. وما إن يُعبّر صني عن إرادة قتل تكفي لتجاوز إرادة دودة الثلج في البقاء، فإن المخلوق سيموت.
وهذا لا يعني بالضرورة أنه سيتمكن من تحقيق ذلك قبل أن تغيب الشمس خلف الأفق.
ولكن… تلك لم تكن سوى نصف استراتيجية صني.
أما النصف الآخر، فكان أبسط بكثير – لقد كان ببساطة يريد تمزيق جسد دودة الثلج العملاق، وسحقه، وتدميره.
فذلك أيضًا، كان سبيلًا لقتل الوحش الملعون الهائل.
ترجمة آمون