عبد الظل - الفصل 2341
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2341 : سحابة من الرماد
كانت أرضية الكهف مغطاةً بشظايا من الكريستال المحطم. كان صني قد طرد الدبابير السجية إلى أعماق روحه المظلمة، وخلع خوذته، مستنشقًا الهواء البارد بعمق. والآن، بعد أن توقف ضجيج المجزرة، عادت خفة رنين أجراس الرياح الكريستالية الشجية لتخترق الصمت.
زفر ببطء، مدركًا أن هذا اللحن المهدّئ سيُمحى من الوجود قريبًا أيضًا.
‘لم يكن الأمر سيئًا، بالنسبة لحركتي الأولى.’
فقد أزاح أحدى قطع الثلج من على اللوح.
تقدّم بضعة خطوات للأمام، أثناء تحطم شظايا الكريستال تحت قدميه، ثم استخدم نصل أوداتشيه ليُبعد بعضها عن طريقه. هنا كان قد قتل آخر دبور كريستالي، ولذا…
‘ها هي.’
جاثيًا، مدّ يده والتقط تمثالًا صغيرًا من اليشم من تحت الشظايا. كانت قطعة وحش الثلج – الذي يمثّل خلية الجليد. تأمله صني لبضعة لحظات، ثم أخفاه داخل درعه.
وبدون إضاعة المزيد من الوقت، عبر الظلال عائدًا إلى الكهف الذي كانت المياه تتدفق فيه إلى بركة عميقة قادمة من غابة من الهوابط الكريستالية. وأثناء تجسيده لمرجل كبير، ملأه على عجل بمياه صافية، ثم سحبه معه إلى الظلال، ليظهر بعد ثوانٍ على منحدرات الجبل المغطى بالثلج.
كان كاي والقاتلة ينتظرانه هناك بالفعل، مع آخر أشعة الشمس الغاربة تلوّن ظلالهما بدرجاتٍ متوهجة من القرمزي. ابتسم لهما صني بمودة ورفع بعضًا من الماء إلى شفتيه، وشربه بشراهة.
“آه، أعتقد أنها غير مسمومة.”
ثم رفع حاجبًا.
“ماذا؟”
كان كاي يحدّق فيه بعينين واسعتين.
هزّ الرامي الساحر رأسه ببطء.
“لـ…لا، لا شيء. فقط… كانوا وحوشًا عظيمة. جميعهم… خمسون منهم…”
استطاع بصره اختراق الصخور الصلبة، فلا بد أنه رأى تمامًا كيف تعامل صني مع الدبابير الكريستالية.
ابتسم صني.
“حقًا؟ إنها نتيجة متوقعة إذًا. سيكون من المخجل ألا أكون قادرًا على فعل هذا بصفتي فائقًا، ففي النهاية، قتلت أول طاغوت عظيم لي بصفتي نائمًا!”
وأخيرًا، وجد فرصة ليقحم هذه الجملة!.
ارتجفت عينا كاي.
…وبعد لحظة، اهتز الجبل بدوره.
تنهد صني، ثم نظر إلى صديقه بتكاسل.
“أقترح أن تستعد.”
عبس كاي.
“أستعد؟ لِـمـ…”
وفجأة، اختفت الشمس أخيرًا خلف الأفق، وانفجرت قمة الجبل بهديرٍ يصمّ الآذان. ارتفع عمود شاهق من الدخان والرماد إلى السماء، متسعًا في شكل سحابة فطرية.
بقي صني غير مبالٍ بينما أزهرت كرة نارية عظيمة خلفه، وضربته موجة من الرياح الحارقة على ظهره.
“لهذا.”
اهتز الجبل وارتجف، كما لو أنه يتشنج. لقد تمّ محو قمته بالكامل بفعل الانفجار، وتساقطت الشظايا الحجرية والصخور المسننة من الأعلى. اندفعت كتل هائلة من الرماد نحو السماء وانتشرت، لتحجبها مثل حجاب من الظلام المتصاعد. انزلقت صفائح ضخمة من الثلج إلى الأسفل، متحوّلةً إلى انهيارات جليدية مدمّرة…
ثم انشق منحدر الجبل، وتدفّق طوفان من الحمم المضيئة من قمته المحطمة، مُبخّرًا الثلج.
راقب صني الجسور السجية وهي تتحول إلى سيول من الرماد بينما شيّد جدارًا من الظلال أعلى المنحدر، موجّهًا الحمم لتتجاوز الشريط الصخري الضيق حيث وقف هو، وكاي، والقاتلة.
وأشار إلى المرجل.
“ما رأيكَ في شرابٍ نخبًا لانتصارنا؟”
رمقه كاي بنظرة طويلة، ثم غرف بعض الماء وشرب بعمق.
لم تمضِ فترة طويلة حتى اختفى الجبل الثلجي، مستبدلًا ببركانٍ ثائر. وتحوّلت القمة إلى فوهة شاسعة. ذاب الثلج، كاشفًا عن صخورٍ مُتآكلة، وغُطّيت الصخور بطبقة من الرماد المتساقط…
وقد دُمّر تمامًا نظام الأنفاق الذي أنشأته الدبابير الكريستالية. فقد انهارت أغلب الأنفاق، بينما امتلأت البقية الآن بالحمم المبردة.
حلّ الليل، مُغرقًا عالم لعبة آرييل الاصطناعي في الظلام.
إذا كان هناك عيبٌ واحدٌ في البركان المُنشأ حديثًا، فهو غياب الحصن الذي يمكنهم الاحتماء فيه من الرماد المتساقط. لذا، بدلاً من ذلك، صنع صني منزلًا بسيطًا من الظلال المتجسدة، مجهزًا ببعض قطع الأثاث البدائي. كان هناك مكتب، وعدة كراسٍ، وسرير. بل وحتى أنه جسّد بطانيةً ووسادتين. لم يكن بحاجة إلى النوم بعد، لكن كان كاي على الأرجح بحاجة إلى قسط من الراحة الحقيقية.
لذا، أرسل صني الرامي الساحر إلى السرير، وجلس هو على المكتب، يُحضر له المزيد من السهام. أما القاتلة، فبقيت في الخارج تحرس منزلهم المؤقت… مع أنه لم يسبق لهم أن كانوا بهذا القدر من الأمان منذ دخولهم لعبة آرييل، ما دامت الشمس مختبئة خلف الأفق.
‘أتساءل ماذا سيفعلون عند الفجر؟’
كان صني يأمل أن تتحرك دودة الثلج والعملاق الآلي للاستيلاء على قلعة الرماد، لكنه الآن حين فكر بالأمر، أدرك أن ذلك لا طائل منه. ففي النهاية، تكمن طبيعة القلاع في أن المربعات التي يقفون عليها لا يتغير لونها أبدًا. لذا، لا يمكن غزوها حقًا.
وهذا يعني أن الوحشين الثلجيين سيلاحقانه شمالًا على الأرجح.
‘هل سنضطر إلى قتال أحدهما أو كليهما للوصول إلى الضريح؟’
سيكون ذلك مؤسفًا، إذ كان صني يودّ أن يقتلهما كقرابين للعبة آرييل.
فكر للحظة في رمي تمثال وحش الثلج الذي يملكه في فوهة البركان المُنشأ حديثًا، لكنه قرر التراجع عن الفكرة في النهاية. لم يكن ثمة مذبح أمام الفوهة الرئيسة هنا، لذا على الأرجح لن ينال رؤيا من خلال ذلك.
في الصباح، حوّلت الشمس الصاعدة الثلج مجددًا إلى جسور زجاجية. راقب صني، وكاي، والقاتلة، العملاق الآلي وهو يعبر أحدها إلى قلعة الرماد، بينما زحفت دودة الثلج عائدةً إلى الجبل حيث كان عشّها، مباشرة إلى الغرب من البركان الذي أُنشئ مؤخرًا.
تنهد صني. لقد حوصروا، وسيتم تطويقهم قريبًا. تسد دودة الثلج الطريق غربًا، بينما التوجه شرقًا سيبعدهم عن الضريح الغربي. لم يتبقَّ سوى الاتجاه الشمالي…
ولكن إذا وصلوا إلى هناك، فبعد حركة واحدة، سيُحاصرون بوحشي ثلج من الغرب والجنوب… وطاغوت ثلجي من الشمال.
قطب جبينه.
‘ياله من إزعاج.’
ترجمة آمون