عبد الظل - الفصل 2339
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2339 : غزو خلية الجليد
وجد صني نفسه داخل كهفٍ من الجليد.
هدأت أفكاره المضطربة، لتحل محلها حالة باردة وهادئة من صفاء المعركة.
كان هناك نحو خمسين دبورًا كريستاليًا متبقين في الخلية – كلٌّ منهم وحشٌ عظيم. وكان نظام الأنفاق والكهوف بمثابة حصنهم، بينما كان صني مجرد دخيل مُضعف في نطاق الثلج. وكان كل مخلوق كابوسٍ فيهم أقوى منه بحكم قوانين لعبة آرييل، لكن ذلك لم يكن يعني الكثير.
فقد بلغ صني هذه المرحلة بعد أن واجه أعداء يفوقونه قوة بكثير. بعد كل شيء. حتى لو كان قد حظي مؤخرًا بامتياز كونه أقوى وحش في ساحة المعركة، فإن عناد القاتل الماكر يجري في دمه.
كانت الدبابير الكريستالية مجرد وحوش – وحوش عظيمة، نعم، لكنها تبقى وحوشًا. آلات موتٍ بلا عقل لا تعرف سوى جنون تعطش الدماء. أما ذكاؤه، فكان سلاحًا أشد فتكًا، لذا لم يقلق كثيرًا بشأن ضعف قوته.
كانت الأعداد الهائلة لتلك الوحوش هي التهديد الأكثر إلحاحًا. فعلى الرغم من أن أنفاق خلية الجليد كانت ضيقة نسبيًا، إلا أن صني كان يعلم أنه قد يُسحق بسهولة هنا.
كان يملك ظلاله الشبحية، بطبيعة الحال، لكنها ستمزق إربًا إن أطلقها فورًا – ففي النهاية، كان عددهم أقل بكثير من عدد الدبابير الكريستالية في الوقت الحالي، وهي الأخرى أُضعفت بنطاق الثلج.
ومع ذلك، فصني في وضع أفضل بكثير من حاله في الشاطئ المنسي. ليس لأنه أصبح أقوى بما لا يمكن قياسه – فأعداؤه قد ازدادوا قوة كذلك – بل لأنه بات يمتلك أدوات أكثر تحت تصرفه.
لقد عزم على تدمير خلية الجليد باستخدام عقله، وتنوع قدراته، ومهارته الفائقة.
امتدت حاسة الظل لديه إلى أعماق الجبل، مُحيطةً بكل ركن من أركان الخلية الضخمة. وفي لحظة، أدرك كل نفق، وكل تقاطع، وكل كهف مختبئ في الجليد.
كما أدرك مواقع جميع الدبابير الكريستالية التي تحرس هذا الحصن المتجمد.
كان بعضها متجمعًا في كهوف شاسعة في مجموعات، منتظرًا. وبعضها كان يَجوب الأنفاق وحيدًا أو في أزواج. وبعضها كان منشغلًا بإعداد الحصن للغزو. لم يشعر صني بأي أفخاخ، لكنه اكتشف نظامًا معقدًا من أجراسٍ كريستالية تستجيب لأصغر تيار هواء، وبالتالي تُنبّه الدبابير الكريستالية إذا ما عبث دخيل بمقرّها.
لذلك، كانت خلية الجليد مشبعة برنينٍ رقيقٍ متناغم.
ابتسم صني.
وفي اللحظة التالية، هبّت الظلال في أرجاء شبكة الأنفاق وارتفعت. لم تحاول الظلال جرح الدبابير الكريستالية أو قتلها – بل تحوّلت إلى جدرانٍ صلبة من السجّ، تسدّ عددًا لا يُحصى من الأنفاق.
ثارَت تلك الرجسات على الفور، وأسرعت لتحطيم تلك العوائق؛ لكن، حتى مع قوتها العظيمة، فإن تدمير كتلٍ صلبة من السجّ الصوفي سيتطلّب وقتًا… خصوصًا لأنها كانت تُصلح نفسها باستمرار.
ولم يكن صني يسدّ الأنفاق عشوائيًا. بل كان كل حاجز موضوعًا بعناية، لهدفٍ واحد فقط – عزل الدبابير الكريستالية عن بعضها البعض.
ليقضي عليهم واحدًا تلو الآخر.
في النهاية، على الرغم من أن صني كان أضعف من حيث القوة، إلا أنه امتلك بعض المزايا أيضًا. ومن بين تلك المزايا، برز اثنتان على وجه الخصوص – وعيه… وقدرته على التنقّل.
‘فلنبدأ.’
بحلول هذا الوقت، كان الدبور الكريستالي الذي أمامه – باحث وحيد من خلايا الجليد – قد انقضّ نحوه بالفعل.
ورغم أن صني لم يكن أسرع من وحش عظيم مدعوم بنطاق الثلج، إلا أنه كان محاربًا. أما الدبور الكريستالي… فلم يكن سوى آفة.
كان الأوداتشي الأسود قد بدأ يتحول إلى رمحٍ طويل. غرس صني قاعدته في الأرض وثبّته بساقه، وجعل نفسه ثقيلًا لدرجة أن الجليد تحت قدميه بدأ يتشقق. ضخّ إرادته في نصل الرمح، آمرًا إياه بأن يخترق خصمه، وفي عصاه، آمرًا إياها بأن تصمد دون انكسار.
ثم أمر نفسه بأن يصمد.
كان الوحش العظيم مندفعًا نحوه بسرعة مروّعة، ولم يكن يملك الوقت للتوقف. فبقوة اندفاعه، اخترق مخلوق الكابوس الرمح، فانشطر الدرع الكريستالي المحصّن بينما اخترق النصل الأسود صدره وخرج من الشقّ بين الصدر والبطن.
وبالطبع، لم يكن ذلك الدبور الشرير قد مات بعد، بل كان يُجاهد لدفع جسده على طول الرمح كي يمزّق صني إربًا.
شدّ صني عضلاته، ورفع سلاحه… ومعه تلك الرجسة الهائلة المغروزة فيه. ثم، وبزفيرٍ حاد، دفع الرمح نحو الأعلى بكل ما أوتي من قوة، مثبّتًا مخلوق الكابوس في سقف النفق.
وقبل أن يتمكن الدبور من تحطيم عصا السلاح المتجلّي وتحرير نفسه، انطلقت سبع مسامير سوداء من الأرض كأعمدة، فمزّقت جسده وأدت إلى انهيار النفق.
[لقد قتلت عدوًا.]
…وكان صني قد أصبح في مكانٍ آخر بالفعل.
عابرًا عبر الظلال، ظهر على الجانب المقابل من خلية الجليد، في عمق الجبل، داخل كهف صغير حيث كان دبور كريستالي آخر وحيد يهضم بقايا رفاقه الساقطين. فقد كانت الرجسات التي نجت من المعركة السابقة بجراحٍ بالغة تُلتَهَم بلا رحمة من قِبَل الوحوش الأقل تضررًا، لتستخدم تلك اللحوم في شفاء جراحها.
بدا أن خلية الجليد تعمل وفق مبدأ قاسٍ من النفعية المطلقة.
لم يكن لدى صني وقتٌ لمراقبة كيف كان الدبابير الكريستالية تحوّل طعامها إلى سائلٍ كريستالي، وتستخدم ذلك السائل لشفاء نفسها وتقوية بُناها – بل استحضر سيفًا من الظلال، وقطع ساق مخلوق الكابوس عند المفصل، ثم راوغ هجمته المضادة بخفة.
أما ما تبقى، فكان مجرد مسألة تقنية ومهارة سيف.
فرغم حجم الوحش العظيم وقوته الجسدية المتفوقة، إلا أن صني شله بسرعةٍ بإصاباتٍ متتالية، ثم قطع رأسه بضربة دقيقة.
[لقد قتلتَ…]
‘وهذا ثانيهم’
وكان قد اختفى قبل أن يرتطم جسد المخلوق بالأرض.
‘تبقّى تسعة وأربعون.’
ترجمة آمون