عبد الظل - الفصل 2338
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2338 : عقوبة رهيبة
قفز صني إلى سطح الجسر السجي، مختبرًا إياه بحذر. كان الجسر يمتد لمئات الأمتار عرضًا ولعشرات الكيلومترات طولًا، مقوسًا بأناقة فوق بحر متوهّج من السُحب القرمزية. لم يكن كتلة صلبة، بل كان هيكلًا خفيفًا وأثيريًا من جداول السج المتشابكة بشكل فوضوي، والتي بدت أكثر هشاشةً ورقاقة مما يُفترض أن تكون عليه.
في الحقيقة، كان صني يشتبه أنه حتى لو استعاد كامل قوّته ‘العملاقة’، فلن يكون قادرًا على ترك أثر يُذكَر في جسر السج.
لذا، لم يكن مضطرًا للقلق من انهياره تحت قدميه. فتحوَّل إلى ظل، وانزلق فوق سطح السج الأملس بسرعة كبيرة. كانت أشعة الشمس تتوهّج في أعماق الزجاج البركاني مثل الجمر، فيما كانت الرياح تعوي من فوقه. تبعه كلًا من كاي والقاتلة، مرافقينَ من قبل الظلال الشبحية الحشرية.
كان بإمكانه أن يحملهم جميعًا إلى الجبل البعيد عبر الظلال، لكن كانت هناك احتمالية أنهم أخطأوا في فهم قواعد لعبة آرييل، وأن الكائن القابع تحت السحاب قد يتفاعل بشكل سلبي مع تقدُّم نطاق الرماد. لذا، أراد صني أن يُبقي لنفسه فرصة للتراجع إن حدث ذلك.
لحسن الحظ، لم يحدث شيء من هذا القبيل. وكان هذا خبرًا جيدًا لصني، لأنه كان يخطط للاعتماد بشكل كبير على تفوّقهم في القتال عن بُعد عند مواجهة خلية الجليد.
كان الجبل مثقوبًا بعدد لا يُحصى من الأنفاق التي تُشكِّل شبكة معقدة. ومهاجمة الدبابير الكريستالية في موطنها ستكون مغامرةً شديدة الخطورة، لذا أراد صني أن يستدرج بعضهم على الأقل للخروج أولًا.
وكان سهم كاي الجديد سيساعد كثيرًا في هذا الصدد. فبما أنه قادر على اختراق الأجسام الصلبة، يمكنه استخدامه لإصابة رجسات الثلج أثناء اختبائها في أعماق حصنها الجليدي – إصابة تكفي لإثارة جنونها، على الأقل.
كان صني يتوقّع بدرجة معينة أن تهرع الدبابير الكريستالية إلى السطح بنفسها، مُشكّلةً مصفوفةً شمسية لقصف المهاجمين بأشعة هائلة من النور الحارق أثناء عبورهم الجسر، لكن هذا لم يحدث أيضًا. بدا أن الرجسات مرتاحة تمامًا في انتظار العدو داخل أعماق الخلية، حيث تمتلك أفضلية التضاريس والتفوّق العددي.
مع ذلك، واجهت خطة صني عقبة من نوع مختلف.
فقط بعد ثوانٍ قليلة من خطوه على الجسر، خرج فجأة من الظلال واهتز، مع تعبير مُرهق يرتسم على وجهه.
“آه… هذا شعورٌ فظيع.”
كان يتوقّع أن مهاجمة بقعة من نطاق الثلج ستُضعفه، تمامًا كما كانت الدبابير الكريستالية قد ضعفت عندما هاجمت قلعة الرماد. لكنه لم يكن يعلم مدى شدة العقوبة.
شعر صني وكأن طاقته قد استُنزِفت، فأصبح هشًا وضعيفًا، كما لو أنه شاخ عدة عقود في لحظة واحدة. ازداد جسده وهنًا، وتجمّدت روحه، فيما كان الجوهر يتدفق ببطءٍ شديد، ومعدل تجدده قد انخفض بشكلٍ حاد.
خلفه، ترنّح كاي في الهواء، بينما توقّفت القاتلة فجأة وانزلقت فوق سطح السج، محافظةً على توازنها برشاقة راقصة. بقيت عيناها باردتين ومهددتين، لكن حاجبها انحنى في عبوس خافت.
بل وحتى دبابير السج بدا وكأنها تباطأت.
نظر صني إلى الخلف، نحو المنحدرات المتفحّمة للبركان الثائر، متسائلًا إن كان سحر الإضعاف سيُرفع إن عادوا. كان كاي والقاتلة قد أظهرا بالفعل أنهما يستطيعان إصابة أهداف على الجبل البعيد من حافة الفوّهة، بعد كل شيء… لذا، فإن الزحف عائدين لبدء هجوم بعيد المدى فقط كان خيارًا ممكنًا.
لكنه لم يكن قرارًا جيدًا جدًا، لأن كاي سيحتاج إلى ساعات طويلة ليُقلل بشكل ملحوظ عدد الأعداء من تلك المسافة، ناهيك عن إبادة خلية الجليد بالكامل – إن كان ذلك ممكنًا أصلًا.
وسينفد الوقت المتاح لهم للسيطرة على القمة الثلجية بمجرد أن تختفي الشمس خلف الأفق.
عبس صني.
كانوا قريبين من منتصف جسر السج، على وشك أن يخرجوا من تحت سحب الرماد ويروا السماء الصافية. ناظرًا إلى كاي، قال بنبرة متزنة:
“كاي، جرّب إصابة أحدهم من هنا.”
هبط الرامي الساحر على السج المتوهّج واستل السهم المسحور من جعبته. تلألأ رأس السهم الكريستالي وهو يضعه على الوتر، ثم…
لم يحدث شيء.
صارع كاي مع قوسه لبضعة لحظات، وهو يتمتم بشيء ما لنفسه، ثم أنزله بتعبير معقد ونظر إلى صني.
“أنا… لا أستطيع.”
عبس.
“لا أستطيع سحب القوس. إنه ثقيل جدًا.”
رمش صني بضع مرات.
‘اللعنة على كل هذا.’
هذا ما يعنيه إذًا أن يُقمع من قبل نطاق الثلج، الذي يمتد على ثمانٍ وأربعين قمة من أصل تسعٍ وأربعين قمة في لعبة آرييل.
أو بالأحرى، هذا هو ما يعنيه مهاجمة جبلٍ محاطٍ بنطاق الثلج من كل الجهات، باستثناء واحدة فقط.
تنهد صني، مدركًا أن خطته قد انقلبت رأسًا على عقب. كان بوسعه، من الناحية النظرية، التلاعب بالقوس الأسود ليجعله أسهل في السحب، لكن ذلك لم يكن ليساعد في حل الموقف – فلو أصبح أضعف، فلن يكون كاي قادرًا حتى على خدش الدبابير الكريستالية، ناهيك عن قتلها.
أما القاتلة، فكانت في حالٍ أفضل قليلًا، لكنها لن تُقدم عونًا كبيرًا أيضًا. كلاهما كانا متساميان، وقد أُضعفا أكثر بفعل نطاق الثلج، وخوض معركة ضد حشود من الوحوش العظيمة سيكون تحديًا عسيرًا لهما.
‘يبدو أنني استخففتُ من أهمية دور النطاقات في هذه اللعبة!’
إذن… فماذا يفترض أن يفعل؟.
بدا أن كاي يفكر بنفس الطريقة.
“ما العمل، صني؟”
بقي صني صامتًا لبضع لحظات، ثم نظر إلى الجبل البعيد بتعبير قاتم.
لم يتبقَّ له في الحقيقة سوى خيارٍ واحد.
ابتسم ببرود.
“…تأكدَا من أن لا أحد منهم يهرب.”
رفع كاي حاجبه في حيرة.
“يهرب؟ يهرب من ماذا؟”
خطا صني خطوة إلى الأمام، مستدعيًا خوذة عباءة اليشم.
وانطلق صوته المنخفض وهو يتحدث:
“…مني.”
وبذلك، اختفى فجأةً، مصطحبًا معه الدبابير السجية. وتركا كاي والقاتلة وحدهما على الجسر، يغمرهما توهج الشمس القرمزية الموشكة على المغيب.
وفي اللحظة نفسها تقريبًا، تحركت الظلال داخل خلية الجليد، مندفعةً إلى الأمام، وخرج منها شكلٌ رهيب، متّشحٌ بدرعٍ من اليشم الأسود الحالك، يواجه دبورًا كريستاليًا مذعورًا كأنه نذير موت.
ترجمة آمون