عبد الظل - الفصل 2320
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2320 : قلعة الرماد
كانت قلعة الرماد بناءً غريبًا شامخًا. بُنيت فوق الفوّهة الرئيسة للبركان، وكأنها معلّقة في الهواء. للوهلة الأولى، بدا أن وزنها الهائل لا يستند إلى شيء سوى أعمدة الدخان الصاعدة… لكن بنظرة أقرب، رأى صني سلاسل ضخمة تغوص في صخر الفوّهة الداكن، مكسوّة بطبقات كثيفة من الرماد.
كانت القلعة معلّقةً فوق الهاوية، وقد شكّل الفراغ الممتلئ بالدخان خندقها.
كانت القيمة الدفاعية لمثل هذا البناء محلّ شك، على أقل تقدير. صحيحٌ أن أي مهاجم سيهوى إلى أعماق البركان المتّقد ما لم يجد سبيلًا لعبور الهاوية الشاسعة، لكن في الوقت ذاته، سيكون من الصعب على المدافعين منع العدو من تدمير المراسي التي تُبقي القلعة معلّقة في الهواء.
حين مدّ صني حاسة ظلّه إلى فوّهة الهاوية السحيقة، شعر بسلاسل أخرى تربط القلعة بجدران الفوّهة من الأسفل. بدا أن هناك آلية ما مدمجة في صفيحة من السج تشكّل أساس القلعة المتفحّمة… كانت مكسورة الآن وفي حالة خراب.
…هل كانت هذه القلعة قادرة على النزول إلى أعماق البركان ذات يومٍ ما؟.
حتى لو كانت كذلك، فقد علقت في مكانها الآن، بالكاد تقوى على حمل وزنها.
تخيّل صني الهيكل بأكمله وهو ينهار ساقطًا في الدخان تحت أقدامهم. سيكون ذلك مزعجًا… لكن ليس مزعجًا جدًا. في النهاية، فهو يستطيع الطيران متى شاء.
كان الجسر المعلّق للقلعة مرفوعًا، لذا استدعى صني جناحين أسودين بلون الغراب، ومدّ يده إلى القاتلة. نظرت إليه ببرود، بينما ابتسم كاي وقال:
“أرى، إذًا فأنت رجلٌ نبيلٌ…”
وعندما أمسكت القاتلة بيده، شدّ صني عضلاته وقذفها في الهواء. اندفعت الظلّ الرشيقة عبر الهاوية كالرصاصة، واختفت في الدخان – وبعد ثوانٍ قليلة، هبطت على أحد أبراج القلعة المتداعية، دارت لتستعيد توازنها، ثم استدعت قوسها بحركة واحدة انسيابية.
تطايرت تنّورتها، وبمجرّد أن استقرت حافتها على فخذها الأسود الأملس، كان السهم قد وُضِع بالفعل على وتر القوس الأسود.
راقب كاي كل ذلك بصمت. كان الدخان يحجب الرؤية عن صني، لكنه كان يشعر بالظلال — أما الرامي الساحر، فكان يرى كل شيء بوضوح.
تنهد وقال:
“لا بأس.”
ابتسم صني:
“ماذا؟ أتوقعت أن أحملها بنفسي؟ شكرًا، لكن لا. فالمرة الأخيرة التي ركبتني فيها… كانت لا تُنسى.”
ثم توقف لحظة وأضاف بنبرة كئيبة:
“أعني، لقد قطعت جناحيّ، وخنقتني، وكادت أن تغرس خنجرًا في جمجمتي.”
رمش كاي بضع مرات.
“أفعلت ذلك؟”
وحين أومأ صني برأسه، نظر إليه كاي بنظرة عتاب:
“أتعلم… كان من المفيد لو أخبرتني بذلك قبل أن أحملها على ظهري عبر بحر السحب.”
ابتسم صني:
“خطر ببالي أن أنذرك. لكنني كنت متأكدًا أنها لن تحاول قتلك… حسنًا، شبه متأكد. واثق إلى حدٍّ ما؟ كنت على شيء من التأكد أنها لن تحاول قتلك.”
ثم، قفز إلى الهواية، وبسط جناحيه، وترك التيارات الهوائية الساخنة تحمله عبر خندق قلعة الرماد. لحقه كاي بعد لحظات بتنهيدة هادئة.
ولو كان ثمة خطر بانتظارهم في الداخل، لكانت القاتلة قد حولته بالفعل إلى هدف مثقّوب بأسهمها. لذا، هبط الاثنان بهدوء على الأرض المتشققة لساحة القلعة الشاسعة، ثم توجها إلى الحصن المتداعي.
حوّلت قاتلة الظل قوسها إلى واقٍ على شكل سلسلة رفيعة، ثم نزلت من البرج برشاقة مميتة. بدت وكأنها تهبط من دعامة إلى أخرى، وتغرس سيفيها القصيرين بين الحجارة المتآكلة حين لا تجد موضعًا ترتكز عليه – وفي ثوانٍ معدودة، وصلت إلى الأرض وانضمّت إليهما.
حين دخلوا الحصن، نظر صني حوله بوجهٍ متفاجئ.
“هاه.”
ما بدا كقلعة من الخارج… لم يكن إلا نموذجًا بدائيًا لها. لم يكن هناك شيء في الداخل حقًا – لا طوابق، ولا حجرات، ولا متاهة معقدة من الممرات والسلالم. بل مجرد فراغ واسع، تغطي أرضيته طبقات من الرماد المتراكمة كالجبال في الزوايا.
بدا أن حتى عناية آرييل بالتفاصيل لها حدود.
‘حسنًا، هذا منطقي.’
فطغاة الرماد الذين شغلوا هذه القلعة لم يكونوا من البشر، على أي حال. أحجامهم كانت لتختلف اختلافًا كبيرًا – والبوابة الشاهقة للحصن تلمّح إلى أن بعضهم كان ضخمًا بحق.
“هل ترى شيئًا تحت الرماد؟”
لم يكن صني يعلم تمامًا ما يأمل في العثور عليه، لكنه كان يتمنى أن يكتشف بعض الأدلة عن آرييل، ولعبته، وملكة اليشم.
هزّ كاي رأسه ببطء.
“كل شيءٍ مدمّر. لكن ثمة نوع من المنصة في المنتصف.”
نظر الاثنان إلى بعضهما، ثم توجها إلى قلب الحصن الخالي.
هناك، انفتحت أرضية القلعة على حفرة دائرية ضخمة. تصاعد الدخان من الفتحة كعمود خشن، متجهًا إلى فتحة مماثلة في سقف قلعة الرماد.
وأمام الحفرة تمامًا، وُجدت منصة حجرية متفحمة تشبه المذبح، وقد غطى سطحها الرماد.
اقترب صني، وتردد لبرهة، ثم أزاح الرماد. تحت يده، شعر بوجود شكلين صغيرين مدفونين. أزاح المزيد من الرماد، ثم التقط أحدهما ونظر إليه دون تعبير.
هناك، على راحة يده، استقر قطعة وحشية نُحتت من اليشم الأبيض النقي.
كانت تمثّل وحش الثلج.
“اثنتان منهما…”
كانت اثنا عشر من أصل أربع عشرة قطعة من قطع الثلج لا تزال على الرقعة، ما يعني أن لاعب نطاق الرماد تمكّن من قتل اثنتين – اثنين من الوحوش.
وهنا، استراحت قطعتين لوحشي ثلج على المذبح.
وذلك… لم يكن محض صدفة.
“برأيك، لماذا هذه القطع هنا؟”
جعل سؤال كاي صني يعبس.
بقي صامتًا لبضعة لحظات، ثم هزّ كتفيه.
“لستُ متأكدًا تمامًا.”
ثم، تذكّر فجأة شيئًا… العظام القديمة الراقدة في أعماق بركان قلب الغراب.
وبدافع من حدسٍ غريب، غيّر صني وزنه قليلًا، ثم ألقى بقطعة وحش الثلج إلى داخل الحفرة.
اختفت في الدخان بلا أثر.
مرّت بضع ثوانٍ في صمت، ثم…
فجأة، وجد صني نفسه في مكانٍ آخر.
ترجمة آمون