عبد الظل - الفصل 2681

الفصل 2681: بوابات القصر

كانت بوابة القصر تُشبه بوابة الأكاديمية أكثر من بوابة القلعة المظلمة – كانت صفيحة معدنية ضخمة واحدة، مصنوعة من معدن غريب، بدون آلية قفل ظاهرة. وبينما كانت بوابة الأكاديمية مجرد صفيحة معدنية مُقوّاة، زُيّنت هذه البوابة بنقوش لا تُحصى، جعلتها تبدو كتحفة فنية.

… تحفة فنية مدمرة، وذلك بالنظر إلى أن اللوحة المعدنية العملاقة قد تمزقت وانحنت بوحشية، وانفتحت في الظلام البارد لجزيرة القصر مثل زهرة وحشية مسننة.

توقف صني و سائر الليل أمامها لبضع لحظات، ودرسا الحواف الحادة للمعدن الممزق بتعبيرات تأملية.

رفع سائر الليل نظره بنظرة كئيبة. برزت البوابة المثقوبة ذات الامتداد الخشن فوقهما، خافتةً أمام صورة القلعة المظلمة البعيدة.

“لماذا أشعر وكأن…”

أنهى صني جملته بنبرة مظلمة: “كما لو أن شيئًا ما اخترق هذه البوابة الضخمة من الداخل؟”.

أومأ سائر الليل برأسه.

ظل صني صامتا لبضع لحظات، ثم هز كتفيه.

“حسنًا، إن حدث شيء، فهذا خبر سار لنا. أليس كذلك؟ فهذا يعني أنه لم يعد موجودًا بالداخل.”

أومأ سائر الليل مرة أخرى، ثم نظر حوله بوجه عابس.

“بالتأكيد. ولكن… هل لاحظت ذلك؟”

رفع صني حاجبه.

“لاحظت ماذا بالضبط؟”

ازداد عبوس سائر الليل عمقا.

“لا توجد مخلوقات كابوس في جزيرة القصر. إنها هادئة بشكل مخيف.”

لاحظ صني هذا التناقض الغريب بالفعل. حتى الآن، واجهوا مخلوقاتٍ بغيضةً خالدة في كل جزيرة داخل القبة الداخلية. لذا، توقع دخول المعركة فورًا بعد سحب القلعة المظلمة إلى جزيرة القصر، لكن لم يُهاجمهم شيءٌ بمجرد وصولهم.

حتى الآن، وقد انتشر فيلق الظل على طول الساحل الشمالي للجزيرة، لم يواجهوا خالدًا واحدًا. كان التهديد الوحيد الذي واجهوه هو جيش الأشباح المُقترب.

لقد تردد للحظة.

“إنه أمر غريب بعض الشيء، صحيح. ولكن من ناحية أخرى، الجسور مكسورة.”

عبس سائر الليل.

“أجل، من المنطقي ألا يتمكن الخالدون من الوصول إلى هنا. في الوقت نفسه… هذا الصمت اللعين يُشعرك وكأن شيئًا فظيعًا ينتظرنا في الداخل، أليس كذلك؟”

تنهد صني.

“لقد واجهنا بالفعل شيئًا فظيعًا.”

تردد للحظة، ثم هز كتفيه. “من الواضح تمامًا ما الذي كسر هذه البوابة وأين ذهبت، أليس كذلك؟”

استدار وألقى نظرة على المساحة الواسعة من اللحم المسحوق الذي يتدفق مثل النهر في المسافة.

“كان جسد كاناخت. قُطِّع كاناخت إلى قطع، وخُتِمَت كل قطعة. لذا… يبدو لي أن إحدى تلك القطع كانت مختومة هنا، في القصر. في الواقع، ربما كان أول سجين في المدينة الخالدة. لكن بعد سقوط المدينة، هرب.”

لقد أشرق تعبيره قليلا.

“لا بد أن ذلك كان كارثةً للخالدين الذين عاشوا هنا، ولكنه بشرى سارة لنا. فهذا يعني أننا واجهنا بالفعل أسوأ ما يمكن أن يقدمه هذا المكان. وكان الأمر مروعًا للغاية.”

سحب صني أوداتشي أسود اللون من الظلال، واتخذ خطوة إلى الأمام.

“على أي حال، أنا أسوأ. لذا، حتى لو أن هناك شيء مختبئ في القصر، فعليه أن يحذر مني… وليس العكس.”

ابتلعه ظلام القصر. بعد ثانية، تبعه سائر الليل بضحكة هادئة.

***

بينما كان صني وسائر الليل يخوضان في القصر، كانت جيت تستعد لمواجهة الهولندي وجيشه من الأشباح على شاطئ البحيرة. تجمعت صفوف الظلال في تشكيل دفاعي، مستعدة لصد هجوم المحاربين الأشباح – كان وجودهم بين جنود عاهل الظلال الصامتين شعورًا غريبًا ومطمئنًا في آن واحد.

بصراحة، كانوا مخيفين بعض الشيء. كان هناك شيءٌ مُقلقٌ للغاية بشأن هذه المخلوقات، التي تتحرك وتتصرف ككائنات حية، لكنها تفتقر إلى شرارة الحياة. لم يبدُ أن الظلال تمتلك إحساسًا بالذات، ولا يبدو أنها تمتلك إرادةً خاصة بها…

لكن في الوقت نفسه، لم يكن هناك جيشٌ أكثر موثوقيةً في العالم. ففي النهاية، لم يكن محاربو الظل يعرفون الخوف، ولم يكترثوا للألم، ولم يتخلفوا قط عن تنفيذ الأوامر. لذا، لم تكن جيت لتتخيل رفاق معركةٍ أفضل.

كان من المفارقات أنها شعرت بالراحة برفقة الظلال. امرأة ميتة تخوض معركة مع جنود أموات… تقاتل جيشًا من الأشباح في مدينة الخالدين.

لا بد أن في ذلك شاعرية. “

“هل نستطيع حتى الصمود أمام تلك الأشباح؟” بدا صوت نايف كئيبًا.

ابتسمت جيت.

“بالتأكيد. أي جيش آخر كان سيُباد في لحظات، لكن لحسن حظنا، الميزة الرئيسية لهؤلاء الأوغاد – طبيعتهم الشبحية – لا قيمة لها عند مواجهة عاهل الظلال. كل ظل من هؤلاء الأشباح هو في حد ذاته شبح، وفوق ذلك، يحمل إرادته. لذا، لم يكن الهولندي ليختار خصمًا أسوأ. أوه… هذا يشملني أيضًا.”

نظرت إلى الأمام.

“قليلاً أكثر، ويمكننا الترحيب بهم بهجمات بعيدة المدى.”

استنشق نايف بعمق.

“يبدو أنك متوتر، رغم ذلك.”

أعطته جيت نظرة فضولية.

لو كان هناك شيءٌ واحدٌ تجيده، فهو الظهور بمظهر اللامبالاة… ذلك لأنها، في أغلب الأحيان، لا تُبالي بالأمور. مع ذلك، فقد قضت هي ونايف وقتًا كافيًا معًا ليعلم قرائة تعابير وجهها.

تنهدت جيت.

“في الواقع، أنا متوتر قليلاً. ليس بسبب الأشباح، على أي حال.”

حتى لو كان عددهم كبيرًا، سيصمد فيلق الظل أمام هجومهم لفترة. كانت نيفيس هنا أيضًا، لذا إذا سائت الأمور، فسيكون لديهم تعزيزات.

كان هناك شيء ما جعلها تشعر بالقلق، رغم ذلك.

“إنه الهولندي وقائده. هذا ما يقلقني.”

نظرت إلى الصورة الظلية للسفينة الملعونة بشكل مظلم.

بمجرد انضمام الهولندي إلى المعركة…

هنا ستبدأ المشكلة الحقيقية.

كانت جيت متأكدة من ذلك.

وتوقعته أيضًا.

الترجمة : كوكبة