عبد الظل - الفصل 2595
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2595: العمالقة المختبئون
اندلعت عاصفة في الخارج.
كانت السماء مختبئة خلف حجابٍ مظلمٍ من السحب الغاضبة، ورياحٌ عاتيةٌ تعصف بالعالم، وهاج البحر اللامتناهي في وجه جبروت السماء. امتدت الأمواج العاتية المتلاطمة بلا نهاية في كل اتجاه، كلٌّ منها شامخٌ كجبلٍ متدحرج.
أبحرت حديقة الليل عبر العاصفة، صامدةً لا تلين. مُضاءةً بوهجٍ مُلوّنٍ من فوانيس لا تُحصى، كانت جزيرة الدفء والنور الوحيدة في عالم الظلام البارد… باستثناء صواعق البرق المتفرعة التي هبطت من السماء الهادرة كسهام فضية، وكأنها تُعاقب البحر على تمرده.
وبدلاً من ضرب البحر، فقد انجذبوا إلى صواري حديقة الليل، مما جعل الأمر يبدو كما لو كانت السفينة القديمة محاطة بغطاء مشع من الأقواس الكهربائية وهي تكافح العاصفة.
كانت كل موجة هائلة كجدار قلعة عظيمة، تُقزم العالم بارتفاعها المهيب. إلا أن مقدمة السفينة العملاقة كانت شامخة فوقهم، تشقهم وتسحقهم ككبش حصار لا يُقهر، وهي تتقدم بخطى ثابتة.
كان عنف كل تأثير مرعبًا، وكانت أصوات الرعد الهادرة تصم الآذان، وكانت ومضات البرق مبهرة… حسنًا، على الأقل افترض صني أنها كذلك.
لم تكن عيناه قد عادتا بعد، فهرب من الألم الجسدي متخليًا عن هيئته الجسدية ليختبئ في ظل جيت. كانت في القاعة الرونية للمعبد الرئيسي آنذاك، تقود السفينة بمهارة في رحلتها عبر العاصفة الكارثية.
كان لحديقة الليل بعض التحصينات ضد عنف العناصر. بدا وكأن هناك حاجزًا غير مرئي يحمي السطح الرئيسي لسفينة تايتانيك، مما خفف من شدة الرياح عند هجومها عليه، ومنع الأمطار الغزيرة من التسبب في فيضان – لدرجة أن الكثير من الناس تجمعوا في الخارج، مختبئين تحت مظلات زيتية ملونة للاستمتاع بمنظر العاصفة.
مع ذلك، لم يكن هذا يعني أن “حديقة الليل” كانت محصنة ضد التلف. فما زال من الممكن أن تتضرر، أو حتى تنقلب، ما لم تُسيطر عليها يد ثابتة. كان لا بد من توجيه مقدمة السفينة نحو الأمواج، والحفاظ على سرعة كافية، بالإضافة إلى مراعاة أمور عديدة للحفاظ على سلامة الركاب.
بدا أن جيت تُنجز المهمة على أكمل وجه، بمساعدة عدد من شيوخ بيت الليل الناجين الذين عملوا كمستشارين لها. كانت حديقة الليل تتلذذ بعنف العاصفة، وتُجدد مخزونها من الجوهر.
لم يستطع صني رؤية المعركة المذهلة بين السفينة والعاصفة الكارثية، لكنه ظلّ يستشعر عمقها. بالنسبة له، كانت عاصفة من الظلال – شاسعة وعميقة كالبحر، تتدفق وتضطرب بفوضى بسبب وابل الصواعق المتواصل ومرور سفينة تايتانيك.
كان مراقبة غضب العناصر من مكان آمن في ظل جيت أمرًا مهدئًا بشكل غريب.
بعد قليل، تلاشى ضجيج العاصفة في ذهنه، وبقي صني وحيدًا مع أفكاره. كان لديه الكثير ليفكر فيه.
كان الكابوس على وشك أن يأخذه إلى عالم أحلام حديقة الليل، لكن صني لم يُرِد المغامرة في عالم مجهول قبل استعادة بصره. لذا، حتى ذلك الحين، لم يكن أمامه خيار سوى التفكير.
لقد ترك مشهد القدر العظيم أثرًا عميقًا عليه، حتى وإن أصابه شلل مؤقت. كان من الممكن أن يكون الضرر الذي لحق بعينيه أسوأ، لكنه لم يكن هينًا أيضًا – سيظل صني ضعيفًا لبضعة أيام، وهناك أيضًا جروح خفية يجب مراعاتها.
حتى الآن، كانت حالته النفسية غريبة بعض الشيء. كأن عقله قد تلقى صدمة قوية، وما زال فاقدًا للوعي… من يدري ماذا سيحدث له لو تأمل القدر كثيرًا، ولفترات طويلة؟
“إذا فكرت في الأمر…”
كان استكشاف خيوط القدر أخطر مما ظنّ صني. هذه المرة، رأى ماضي حديقة الليل – الذي ارتبط، على غير المتوقع، بماضي شجرة العالم، تجسيد سامي القلب. وشهد ولادة الغابة المقدسة وبعضًا من تاريخها الطويل، الذي بلغ ذروته في بناء السفينة العملاقة على يد شيطانة الراحة…
لكن من الممكن أن يتعثر بسهولة في رؤى لشيء لم يكن من المفترض أن يراه.
ماذا كان سيحدث لصني لو رأى سامي القلب يحارب مخلوقات الفراغ؟ ماذا لو سمع أسماءهم البذيئة تُنطق بصوت عالٍ، وتعرّض للمعرفة المحرمة للفراغ؟
ارتجف صني وهي مختبئة في الظلال. امتدت خيوط القدر بعيدًا في الماضي، حتى فجر التاريخ – بل وحتى أبعد منه، إلى عصر الفوضى.
مع ذلك، كان ذلك العصر الغابر مكانًا مرعبًا. كان زمنًا كافح فيه مخلقوقات الفراغ أنفسهم في الظلام… وكان ذلك الظلام هو الرحمة الوحيدة المُقدمة للبشر الفانين – فإذا جُرِّدوا منه ورأوا وجوه العمالقة الخفية، فإن رعب الحقيقة سيُجنِّنهم ويطاردهم إلى آخر الزمان.
لذلك، لم يكن صني قادرا على النظر إلى الماضي بتهور.
“ يا الهـي . أنا حقًا عراف الآن.”
أطلق ضحكة عقلية.
ومع ذلك، كانت هديةً لا يستطيع رفضها. لقد دُمّرَ المستقبل، لكن القدرة على تعلّم أسرار الماضي وحدها كانت نعمةً بالغة الأهمية. ففي النهاية، المعرفة هي أصل القوة، وحتى لو كان لاكتسابها ثمن، كان صني مستعدًا لدفعه.
لأنه في النهاية، كان عليه أن يخوض في الظلام ويواجه مخلقوقات الفراغ شخصيًا.
كان لا بد أن تصبح القدرة على التفاعل مع خيوط القدر إحدى أدواته الأساسية. كان عليه فقط التعامل معها بحذر شديد، وألا يمد يده إليها بتهور.
خيوط القدر…
تذكر صني إحساس الخيط الذهبي تحت أطراف أصابعه.
في ذلك الوقت، كان كل ما فعله هو تحريك أصابعه على طوله.
ولكن هل يمكنه أن يفعل شيئاً آخر أيضاً؟
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.