عبد الظل - الفصل 2551
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2551: شظايا روح مكسورة
امتدت مساحة شاسعة وكئيبة من الضباب الأبيض تحت سماء قاتمة عاصفة. كانت غيوم العاصفة المتصاعدة مثقلة بالمطر، على وشك الانفجار بالرعد والبرق؛ وكان بحر الضباب الأبيض هائجًا، يتدفق مع تيارات الرياح الشبحية.
كان ضوءٌ خافتٌ يغمر الغيوم ويتدفق على البحر الضبابي في الأسفل. هناك، في السماء الهائجة، كانت سبع كراتٍ مشعةٍ تتلألأ كالشموس، تتسلل أشعتها الباردة عبر دموع حجاب العاصفة.
بدا الأمر كما لو أن رموزًا غامضة محفورة على سطح الشمس الشاحبة، مختبئة تحتها مثل الظلال.
كان رجل جالسًا على سطح البحر، محاطًا بالضباب، ينظر إلى العاصفة الصامتة. تنعكس في عينيه السحب المتلاطمة، وأشعة الضوء الباهت، والكرات السبع المشعة، كما لو كانت في مرآة. كانت نظراته رصينة، وتعابير وجهه بعيدة.
لقد كان موردريت… ذلك الجزء من موردريت الذي قضى معظم حياته في قصر الخيال، يعيش بين أشخاص يعلم أنهم لا يختلفون عن الأوهام، في عالم يعلم أنه سراب.
الآن، حتى هذا السراب قد أُخذ منه، ووجد نفسه مسجونًا هنا – في قلب عالم مرآة شقيقه التوأم المخفي.
نظر إلى الغيوم الهائجة، وتنهد. كان عالم المرآة هذا شاسعًا وضبابيًا، يعكس العالم المضطرب على نفسه. لكن قلبه – المكان الذي يسكنه – كان مختلفًا. كان مخفيًا في أعماقه، ومحميًا بشكل أفضل، معزولًا، كحصن داخلي محصن خلف أسوار قلعة عظيمة. لم يكن يعكس العالم… بل هو انعكاس لبحر روح أخيه.
كانت هناك مساحة معيشة مُجهزة له هنا. بسيطة وعملية، لكنها لم تخلُ من لمسة من الفخامة. لا بد أن شقيقه جمع أغراضًا ووسائل راحة متنوعة استعدادًا للقائهما النهائي على مدى سنوات لا تُحصى – بعضها كان فاخرًا وفخمًا، يليق بفرد من أغنى عشيرة إرث، وبعضها الآخر يناسب جنديًا عاديًا أكثر.
كان هناك قصر متواضع بحديقة خلفية أنيقة الزخرفة، يقف وسط الضباب. وفي الجوار، نُصبت ناقلة جنود مدرعة ضخمة ومطبخ معسكر، بالإضافة إلى عدة خزانات مياه معدنية. كما أن هناك مكتبة واسعة مليئة بالكتب، وأدوات الكتابة والخط، وأطقم شاي أنيقة، ومخزن كبير لمواد غذائية متنوعة.
كانت هناك مسارات للمشي، مع العديد من التحف الغريبة الموضوعة في الضباب على طولها – تكوينات صخرية ومنحوتات وآثار موجودة في مناطق نائية من عالم الأحلام، وآلات غريبة وتحف دنيوية من الأرض، وجثث شاهقة لمخلوقات كابوسية رائعة لابد أن شقيقه قتلها…
وأكثر من ذلك بكثير. كان موردريت يكتشف أشياء جديدة كل يوم.
كان الأمر مخيباً للآمال بعض الشيء مقارنةً بأسلوب حياته السابق، لكنه مرتاح. وإن يشعر ببعض الوحدة… في الوقت الحالي.
بعد كل شيء، لم يكن لدى شقيقه الوقت للزيارة في تلك اللحظة.
الغيوم الهائجة، والتيارات المضطربة في بحر الضباب، والرياح العاتية التي هبت عبر امتداد عالم المرايا الشاسع، وكأنها تحاول تمزيقه – لم يكن الأمر كما يُفترض أن يكون. بل هو علامة على أن روح أخيه تتعرض لهجوم. كان في حالة حرب، يُقاتل من أجل حياته. حتى أعمق جزء من عالمه المرآة كان في حالة اضطراب، جدرانه ترتجف، لذا لم يكن هناك من سبيل لوصف أي نوع من الغضب والدمار يسود في الخارج.
بينما رفع موردريت نظره، ظهرت شقوقٌ دقيقة على سطح إحدى الشموس السبع. انتشرت في تلك الشقوق خيوطٌ خبيثة، أو ظلامٌ مُقزز، تشوّه سطح الكرة المُشعّ وتبتلعه من الداخل كورم. وسرعان ما خفت نور نواة الروح، فأصبحت أشبه بنجمٍ مُرعبٍ مريضٍ يتسرب منه دموعٌ سوداءٌ بشعة.
بعد لحظة، تحطمت نواة الروح كالزجاج. انفتح صدع في السماء، وطُردت شظاياه بقوة، آخذةً معها كتلة الظلام المنتشر.
عوت الرياح، وتصاعد الضباب. صعد عمود أبيض ملتوٍ في السماء، رابطًا البحر الشاسع بالعاصفة الهائجة في الأعلى كإعصار ملتوٍ. ومع تدفق المزيد من الضباب في السحب، تشكّلت ببطئ نواة روح جديد نقيّ لاحل محلّ النواة المحطّمة.
كان ذلك انعكاسًا لإصابة روح أخيه بالفساد. فقد انتزع أحد نوى روحه، مُشوّهًا نفسه بقسوة، لمنع الفساد من الانتشار. ثم، باستخدام مخزون القوة الهائل الذي امتصه بعد قتله للكاستيلان، صنع نوىً جديدًا.
بهذه الطريقة، أنقذ أمير اللاشيئ نفسه.
ولكن لم يكن له فائدة تذكر.
لأنه بعد فترة وجيزة، خفت نواة روح أخرى، تعفنت بظلامٍ بغيض. تحطمت تلك النواة وطُردت هي الأخرى، وحلت محلها نواة جديدة في النهاية. تمايلت رقعة بحر روحه الكئيبة، وضباب أبيض يتصاعد تحت وطأة الرياح الباردة.
لم تكن هذه المرة الأولى أو الثانية التي يلاحظ فيها موردريت المشهد المرعب الذي يحدث في السماء فوقه… ولن تكون المرة الأخيرة.
لقد استمرت هذه المعركة لأيام.
في الوقت الحالي، كان أخوه يُوازن ثمن التضحية المُستمرة بأجزاء من روحه لقمع الفساد، ولكن إلى متى سيدوم هذا؟ لقد كسب الكثير بعد امتصاص جوهر الكاستيلان، لكن تلك النعمة المسروقة لم تكن بلا نهاية. كان بحر الضباب يفيض الآن… لكنه بدا بالفعل أقل كثافة مما كان عليه من قبل.
ماذا سيحدث لو اختفى تمامًا، كاشفًا عن الماء الراكد تحته؟ ماذا سيحدث لو رأى موردريت انعكاسًا مثاليًا للعاصفة في الأعلى على السطح الهادئ لبحر روح أخيه؟ ماذا سيحدث لو اختفت حتى غيوم العاصفة؟
كان قلقًا ومضطربًا، أراد المساعدة…
ولكن ماذا بإمكانه أن يفعل؟
كان موردريت مجرد مستيقظ، في النهاية. حتى في ذلك الوقت، عاش معظم حياته كإنسان عادي. كان نطاق ورعب المعركة الدائرة خارج جدران ملجئه المريح يفوق قدرته على الفهم، ناهيك عن التأثير.
لم يكن ذا فائدة لأخيه… ولأي أحد.
أخذ موردريت نفسًا عميقًا، ثم نظر أخيرًا إلى أسفل.
ثم أغمض عينيه وركز، وارتسمت على وجهه نظرة حازمة. لم يحدث شيء لفترة طويلة…
ثم، ارتفع ببطء خيط صغير من الضباب الأبيض من سطح البحر الضبابي، جاذبًا نحوه قوة خفية. وبعد قليل، ظهر خيط آخر.
وبعد فترة وجيزة، أحاطت به العشرات من التيارات الرقيقة من الضباب الأبيض، وتم امتصاصها ببطء في جسده.
لم يكن موردريت بقدرة أخيه القوي والمرعب على الإطلاق… لكنهما في جوهرهما كانا شخصًا واحدًا. لذا، كان بإمكانه أن يصبح شخصًا قادرًا أيضًا.
الترجمة : كوكبة
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.