عبد الظل - الفصل 2526
الفصل 2526: وليد الكوابيس.
نظر صني إلى موردريت باستياء. حتى هو بدأ يشعر ببعض القلق عند ذكر أستيريون.
لقد كان مذهولاً قليلاً أيضاً.
لم يخطر بباله قط أن يكون إنسانًا يعتبر نفسه مخلوق كابوس. والأكثر إثارة للقلق هو أن أستيريون كان له الحق قي إدعاء ذلك.
ضحك موردريت.
“ليس الأمر مُستغربًا إن فكرتَ فيه. ما هو الإنسان في النهاية؟ هناك سمات مشتركة بيننا جميعًا، مثل امتلاك يدين وقدمين… كوننا كائنات ثنائية القدمين بلا ريش. ولكن، هل يتوقف القديس عن كونه إنسانًا عندما يتخذ شكله المتسامي؟ بالكاد. في الحقيقة، نتشارك أيضًا في أمور أعمق. طريقة تفكيرنا، ثقافتنا، قيمنا… موطننا.” تنهد.
“لكن ذلك الرجل وُلد في عالم مختلف، وترعرع بين أناسٍ ذوي ثقافة وقيمٍ فريدة. بل كان فريدًا حتى بينهم – الأول من نوعه. أول طفل بشري وُلد في عالم الأحلام… أول وليد أحلام. لم يلتقِ بالحضارة البشرية إلا بعد استيقاظه. لذا، ليس من الصعب تخيّل أنه سيعتبر نفسه غريبًا عن جميعنا. أوه، وأنا أستخدم صيغة الجمع مجازيًا. في الحقيقة، أشعر أنني غريب عن البشرية نوعًا ما.”
قدم له صني ابتسامة نصفية.
“لذا ما تخبرني به هو أنه في حين أن نيفيس هي وليدة الأحلام، فمن الأفضل وصف هذا الرجل بأنه وليد الكوابيس.”
هز موردريت كتفيه.
“وليد الأحلام، وليد الكوابيس… هل هناك فرق حقيقي؟ في عالمنا هذا، الاثنان شيء واحد.”
صني ضغط شفتيه.
“هناك فرق. للأسماء قوة، كما تعلم… على أي حال، أنا مهتم أكثر بشيء آخر. ذلك الرجل، مهما كان اسمه، هل هو فاسد حقًا؟”
تردد موردريت لبعض الوقت.
“لست متأكدًا تمامًا. جميع وليدي الأحلام مخلوقات متناقضة، كما تعلم. لا أعتقد أنه فاسد حقًا. أعتقد أنه لا يزال يسير على طريق الصعود. ولكن، من يستطيع الجزم؟ قد يكون إنسانًا يسير على طريق الفساد، أو رجلًا فاسدًا يسير على طريق الصعود. أو ربما لا فرق بينهما بالنسبة له على الإطلاق.”
ابتسم.
“لو لم أعرف كل هذا عن وليد الأحلام، لما كنت هنا أستعد لعودته بيأس. لكن، يمكنني أن أخبرك بشيء واحد…”
نظر موردريت إلى صني بابتسامة.
“من بين جميع الناس في العالمين، أنا أكثرهم معرفةً به. لذا، بالعودة إلى السؤال الذي أثار هذه المحادثة غير المريحة… السبب الذي يمنعك أنت ونجمة التغيير من قتلي هو أنني أفضل حليف لكما في قتال وليد الأحلام.”
لقد أفسد هذا مزاج صني كثيرًا.
ظل صني يستوعب المعلومات الجديدة عن أستيريون بشغف. كان يعلم أن الملك الثالث سيُصبح مشكلة عاجلاً أم آجلاً… ومع ذلك، بعد سماعه لموردريت، مال إلى تصديقه.
ستأتي المشكلة عاجلاً أم آجلاً. ولعلّ الخطر الذي يُشكّله أستيريون كان أعظم مما توقعته صني ونيفيس وكاسي. والأسوأ من ذلك كله…
مهما استاء صني من الفكرة، لم يستطع إنكار تصريح موردريت الأخير. لم يكن بوسعهم تحمّل إبادة أفضل مصدر معلومات لديهم عن أستيريون، على الأقل ليس في الوقت الراهن.
سيكون قتل موردريت خطأً فادحًا، رغم فظاعته وجرائمه المروعة. بإمكانهم محاسبته على تلك الجرائم بعد القضاء على أستيريون، مهما كان. علاوة على ذلك… لم يكن صني مرتاحا تمامًا لفكرة قتل موردريت الآخر بدم بارد للتخلص من هذا الرجل. كان ذلك الرجل بريئًا، لم يرتكب أي خطأ – لا شيء يبرر إعدامه على الأقل.
لقد قتل صني الكثير من الناس في حياته، ولم يتوانى عن فعل ما يجب فعله لتحقيق أهدافه. لكنه لم يكن قاسي القلب تمامًا أيضًا، لذا شعر بالحيرة بشأن ما سيفعله بموردريت الآخر.
وهذا، بلا شك، حقيقة أخرى إعتمد موردريت عليها.
‘هذا الوغد الزلق…’
نظر صني إلى أمير العدم نظرة قاتمة.
“قد أفكر – بل قد احاول التفكير- في إبقائك على قيد الحياة. لكن، عليك أن تُعطيني لمحةً عما تُقدمه، لأساعدني في اتخاذ القرار. ما هي القوى التي يمتلكها أستيريون؟ ما هي سماته؟ ما هي عيوبه؟ لماذا يبحث عن السلالات السامية؟ وهكذا.”
ضحك موردريت.
“الكثير من الأسئلة.”
توقف للحظة، ثم تحدث بصوت بعيد، وكأنه يتأمل بصوت عالٍ:
“دعونا لا نذكر قدرته على التلاعب بالكائنات الحية وإجبارها، ومعرفة أمورٍ لا يُفترض معرفتها. هذا هو جانبه – على الأقل أظن ذلك – ولكن ليس سلالته. في هذه الأثناء، سلالته…”
عبس موردريت بشكل خافت.
“ينحدر وليد الأحلام من سلالة أكثر السامين مراوغة – سامي القلب، سامي الأرواح. بالإضافة إلى العواطف والذاكرة والنمو… والجوع. لذا، يمتلك قوة غريبة لاستهلاك الأشياء واستيعابها. هذا ما يجعله وحشًا. إنه… كائن خيالي.”
رمش صني عدة مرات.
“انتظر، أنت لا تقصد ذلك…”
أومأ موردرت برأسه.
“نعم. هذا مستحيل، كما أن وجود كائنات تجمع بين السمو والدنيوي مستحيل، لكن وليد الأحلام قادر على حمل عدة سلالات في آن واحد. ورث سلالة سامي القلب من والديه… واستوعب سلالة سامي الحرب من دمي. ورث سلالة سامي الوحش من كي سونغ، ونهب سلالة سامي العاصفة من سائر الليل.”
لقد ضحك.
“لقد أبقى نيفيس، إبنة اللهب الخالد، على قيد الحياة لأنه أرادها أن تكبر وتستيقظ ليسرق سلالة سامي الشمس. وقد انتظر طويلًا حتى تنكشف سلالة سامي الظل أخيرًا. حتى تكشف أنت عن نفسك. والآن، وقد أصبح كل ما يسعى إليه في متناول يده، سيأتي لا محالة إليكما… ليُكمل مجموعته ويستوعب السلالات السامية الستة. لماذا؟ هذا، لا أعرف.”
ألقى موردريت نظرة على صني ورفع حاجبه.
“ما رأيك بهذه النكهة؟ آه، أليست كريمة وسخية؟ انظر، لقد بدأتُ صفحة جديدة. هذه هي المرة الثانية التي أشاركك فيها معلومات قيّمة مجانًا.”
بقيت صني صامتة لفترة طويلة.
‘الجميل أن تجسيداتي قادرة على استشعار ما يحدث في مدينة السراب. لذا، سينقلون هذه المعلومات إلى نيفيس وكاسي فورًا.’
وبعد فترة من الوقت تنهد.
“حسنًا. لنتفق أنا وأنت. ماذا تريد مقابل أن تكون طُعمًا لإغراء الكاستيلان، وتساعدنا في التعامل مع وليد الأحلام مستقبلًا؟”
هز موردريت كتفيه.
“كما قلتُ. أريد الأمان. أضمن بقاء ذاتي الأخرى البائسة – ضعوه في مكانٍ أكثر أمانًا من قصر الخيال. أمن مكانٍ في العالمين… أسكنوه في جزيرة العاج، واحموه بحماسٍ كما تحمون بعضكم البعض، من وليد الأحلام ومن مورغان. بل من أي شيءٍ قد يؤذيه ولو قليلًا.”
أمال صني رأسه قليلاً.
“أتريدنا – نيفيس، وكاسي، وأنا – أن نصبح… شركاء سكن مع ذاتك الأخرى؟ هذا ثمنك؟”
ابتسم موردريت بلطف.
“كلامٌ صائبٌ تمامًا. نعم… على الأقل حتى يتمّ القضاء على وليد الأحلام. أعلم أن التعايش مع تلك الدودة أمرٌ غير سار، لكن أرجوكم تحمّلوه قليلًا.”
عبس صني.
لم يكن متأكدًا من صدق موردريت… بل كان متأكدًا تمامًا من أن ذلك الوغد يخدعه بطريقة ما. لكن صني متأكد من شيء واحد…
كان موردريت يكره أستيريون بشدة. منذ زمن بعيد، شاركه أمير اللاشيئ نواياه – كان يتمنى الانتقام من وليد الأحلام بقدر ما يتمنى الانتقام لنفسه من فالور.
وهذا ما جعل دوافعه تبدو معقولة إلى حد ما على الأقل.
‘في الواقع، إنه يعطينا رهينة’
ماذا يستطيع هذا المجنون أن يفعل لو اصبح موته بين أيديهم؟
لا شئ.
نظر صني إلى موردريت نظرة قاتمة لفترة طويلة، ثم تنهد.
“إنها صفقة.”
الترجمة : كوكبة
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.
تعليقات الفصل الفصل 2526
التعليقات :
روايات مقترحة
