عبد الظل - الفصل 2480
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2480 : أنا الأخر
في الصباح، أخبر موردريت سيباستيان أن هناك تغييرًا في الخطة. كان من المفترض أن يذهب مباشرة إلى المكتب، لكنه قرر بدلًا من ذلك زيارة مورغان.
‘السيد والسيدة أعلنا لي أنهما سيعودان إلى مدينة السراب على وجه السرعة، يا سيدي الشاب. ينبغي أن نتوقع وصولهما خلال أيام.’
ابتسم موردريت.
‘أخيرًا، بعض الأخبار السارة!’
كان السائق قد جهّز السيارة عند خروجه من القصر. أسرع الرجل بفتح مظلة ليُرافق موردريت إلى السيارة الفاخرة، ثم فتح له الباب ونظر إليه.
ربّت موردريت على كتفه.
‘سأقضي عدة ساعات مع مورغان. لا داعي للانتظار — دلل نفسك بشيء دافئ ولذيذ على حساب الشركة. فقط تأكد من العودة لاصطحابي عند الظهيرة.’
كان سائقه يخدم العائلة منذ أكثر من عقد، وكان يوصل موردريت من وإلى الجامعة. وعندما سمع أنه سيحظى بوقت فراغ اليوم، ابتسم.
‘شكرًا لك، سيدي.’
بينما كانت السيارة تتجه نحو المصحة البعيدة حيث تُعالج مورغان، تذكّر موردريت فجأة المحققين من اليوم السابق.
كانا ثنائيًا مسليًا. الرجل قصير القامة، شاحب البشرة إلى حد الشبه بالموت، خشن الأطراف، بينما كانت المرأة طويلة، ذات بشرة زيتونية، مفعمة بالحنان رغم قوامها الرياضي المثالي. بكل المقاييس، كانا نقيضين تمامًا — وكأنهما شريكان غير متطابقين خرجا من صفحات قصص المحققين التي كان يحب قراءتها قديمًا.
لكن ذلك لم يكن سبب تذكّره لهما فجأة.
‘استفق… أكان هذا ما قالته المحققة أثينا؟’
كلمات غريبة، لا تناسب الموقف على الإطلاق.
كان يكاد يشعر بحرارة لمستها على كتفه، ما تزال…
راود موردريت شك خيالي، وظهر خط رفيع على جبينه.
وفي تلك اللحظة، عبرت السيارة الجسر العريض. كانت هناك سيارة مرافقة أمامها وأخرى خلفها — وكان المطر غزيرًا لدرجة بالكاد يمكن رؤيتهما، بينما اندمجت أضواء السيارات القادمة في كتلة ضبابية.
غرق موردريت في التفكير، والتوت ملامحه الرقيقة بتعقيد.
وحينها، لفت شيء ما في طرف رؤيته انتباهه.
رفع نظره، ولم يملك سوى لحظة ليرى شاحنة مهترئة في المسار المقابل تنعطف انعطافة حادة.
ثم حدث كل شيء بسرعة تفوق رد فعله.
اصطدمت الشاحنة بالسيارة المرافقة من الخلف، فأطاحت بها في انفجار من الحطام. ثم ارتطمت بالسيارة الفاخرة خلفها بأقصى سرعة.
كان موردريت سيُقذف نحو جدار المركبة الجلدي لولا الوسائد الهوائية التي انفتحت فورًا. ومع ذلك، تعرّض لهزّة عنيفة وفقد اتزانه تمامًا.
ثم غاص حزام الأمان في صدره، فكاد يخنقه.
وبينما كان مذهولًا، سمع صوت خدش حاد يخترق الأذن، وشعر بالسيارة تنزلق جانبًا. ثم أتى ارتطام آخر…
وفجأة، شعر أن جسده أصبح خفيفًا.
كانت السيارة تسقط.
‘النهر…’
قبل أن يستوعب ما يحدث، أتى الارتطام الثالث — الأعنف على الإطلاق. ورغم أن الوسائد الهوائية المفرغة ما زالت تحميه، شعر بالماء يتدفق عبر ساقيه.
هزّ رأسه ليطرد الدوار، وحدّق حوله.
لم يستغرق سوى لحظة لتقييم الموقف.
كانت السيارة متضررة بشدة، نوافذها محطمة، وهي تغرق في النهر المنتفخ. كان الماء قد اقتحم المقصورة بالفعل، مرتفعًا بسرعة بزاوية حادة.
وكان هو عالقًا يائسًا في حزام الأمان، محبوسًا داخل قفص ناعم من الوسائد الهوائية، على وشك أن يغمره الظلام البارد.
‘آه…’
شدّ موردريت الحزام، لكن بدلاً من أن يتحرر، بدا عالقًا تمامًا.
وبالطبع… فقد صُممت أحزمة الأمان لتقاوم الحركات المفاجئة.
غطى الماء المثلج رأسه فجأة، ولم يعد قادرًا على التنفس.
وبقي هادئًا، شدّ الحزام ببطء فخف قبضته، ثم انحنى تحته وحرر نفسه. وبعد أن فك تشابكه من الوسائد الهوائية، نظر عبر الماء العكر إلى النافذة المكسورة في الجهة الأخرى من المقصورة.
كانت رئتاه تحترقان بالفعل.
لكنَ الخلاص كان قريبًا… كل ما عليه هو أن يزحف عبر النافذة، ثم يسبح إلى السطح.
كان مستعدًا لفعل ذلك حين وقعت عيناه على الجسد المغمى عليه في مقعد السائق.
توقف لحظة، ثم تحرك عكس اتجاه النافذة المكسورة، ودفع نفسه عبر الفتحة الضيقة بين المقصورة الأمامية والخلفية.
بدأت السيارة تغرق بسرعة، وقد أحاط الظلام بها. وكان جانب السائق قد تلقى أشد الضربات، فتشوّه بالكامل. يائسًا من قلة الأكسجين، بحث موردريت عن مكان مشبك الحزام وحاول فكّه. لكنه مهما حاول، بقي المشبك المنحني رافضًا أن ينفتح. وقد بدأ يختنق حينها بالفعل.
صر على أسنانه، وأدار المشبك وضغط زر التحرير بكل قوته. وأخيرًا، انفك الحزام، فتمكن من سحب السائق وجرّه معه نحو الزجاج الأمامي المحطم.
‘آه… هذا… أصعب مما يبدو في الأفلام…’
كان موردريت يتبع برنامجًا رياضيًا صارمًا، وكان مولعًا بالسباحة — لكن ملابسه الأنيقة التي يحبها أصبحت الآن تثقله مثل كتل إسمنتية، وتسحبه إلى الأعماق. والأسوأ، أن وزن جسد سائقه كان ببساطة لا يُحتمل.
لقد كان يعاني بالفعل ليشق طريقه بنفسه عبر الماء المظلم البارد — وجرّ رجل آخر معه كان أمرًا بالغ المشقة.
ومع كون رئتاه تحترقان. توسلت رئتاه إلى الأكسجين، فيما اجتاحت عقله حالة من الذعر، تأمره بأن يترك هذا العبء الثقيل ويُنقذ نفسه.
لكن موردريت رفض.
وبدلًا من ذلك، قاوم الماء بكل ما تبقى له من قوة، حتى وإن بدأت رؤيته بالتلاشي.
ثم، أخيرًا…
اخترق رأسه سطح الماء، وأخذ نفسًا محمومًا.
كان الشاطئ بعيدًا جدًا، لكنه تمكن من بلوغه، بطريقة ما، في النهاية.
وبينما يجرّ نفسه والسائق إلى اليابسة، انهار موردريت منهكًا تمامًا.
لقد كان باردًا جدًا.
وبينما يلهث بأنفاسٍ مبحوحة، انحنى فوق السائق.
‘مهلًا… مرحبًا، هل أنت…’
هل مات؟.
مشلولًا من الخوف، صفعه موردريت بخفة على خده.
ولارتياحه الشديد، تأوه السائق، وسعل ماءً كثيرًا، وفتح عينيه ببطء.
أخرج موردريت تنهيدة ارتياح.
‘الشكر للسَامين!’
لكن… بدا أن شيئًا ما في السائق ليس على ما يرام.
أصبحت عيناه زجاجيتين على نحو غريب، مليئتين بشيء بارد وغريب.
وفي اللحظة التالية، أطبقت يده المكسوّة بالقفاز على عنق موردريت.
‘ماذا…’
فجأة، وبقوة وحشية… غير بشرية… بدأ السائق يخنقه، مطيحًا به أرضًا وراكبًا فوقه.
فتح موردريت عينيه على اتساعهما محاولًا إبعاد يديه عن رقبته، لكن دون جدوى. كان الأمر كما لو أن عنقه يُسحق في ملزمة حديدية، على وشك أن ينكسر.
حتى إن نجا عنقه، فسيُخنق حتى الموت عما قريب.
‘ما الذي…’
بينما كان يكافح بيأس، بدأت رؤيته تظلم للمرة الثانية في ذلك اليوم. وكانت عينا السائق الزجاجيتان المخيفتان آخر ما يراه.
‘لـ… لا…’
وحينها، غطى ظلٌ المشهد فجأة، ولمع شيء ٌبارد في الهواء.
تناثر دم ساخن على وجه موردريت، وفجأة تمكن من التنفس من جديد.
دافعًا السائق بعيدًا، فرأى قامة نحيلة تنحني فوق الرجل المجنون. لمع السكين مجددًا، وانغرس في جسد السائق. ففاض الدم مجددًا على الأرض المبتلة.
أدار الغريب السكين، ثم ركله ببرود في موضع الجرح، مطيحًا به مجددًا إلى الماء.
‘مـ… من…’
كان الغريب الممسك بالسكين يقف بظهره إلى موردريت، مرتديًا معطف مطرٍ رثًا وقبعة عادية. وبدا ظل قامته الطويلة، تحت السماء الرمادية وخط الجسر البعيد، مهددًا وغريبًا ومألوفًا في آن واحد.
وأخيرًا، استدار الغريب ونظر إلى موردريت، بعينين باردتين مليئتين بالازدراء والانزعاج.
ارتجف موردريت حين رأى وجهه.
…كان وجه الغريب هو ذاته وجهه.
وحين انحنى الغريب، والدم يقطر من يديه، تجمّد موردريت في مكانه. وانعكس وجهه الشاحب المصدوم في عيني موردريت الآخر كالمرآة.
وظهرت ابتسامة ودودة على وجه الآخر، وهمس في أذن موردريت، بصوت خبيث مليء بكراهية بالكاد يُسيطر عليها:
‘أيها المبذر… أما زلت عاجزًا حتى عن الحفاظ على حياتك؟ أيها الأحمق الضعيف عديم القيمة. هل عليّ أن أفعل كل شيءٍ عنك؟’
انغرس رأس السكين في وجنته بشكلٍ إنتقامي، تاركًا جرحًا سطحيًا.
تعالت الصيحات وهدير صفارات الإنذار في الأفق.
…وبحلول الوقت الذي تمكن فيه من الحركة، كان الآخر قد اختفى، وكأنه لم يكن موجودًا قط.
رفع موردريت يده المرتجفة، ولمس وجنته.
هبطت يده وهي مغطاةٌ بالدماء.
نظر إلى أصابعه الملطخة بالدماء…
وفجأة، ابتسم موردريت بابتسامةٍ مشرقة.
‘لقد عاد!’
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.