عبد الظل - الفصل 2479
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2479 : الرئيس التنفيذي الشجاع
قبل حدوث ذلك بفترة، تُرك موردريت، المدير التنفيذي لمجموعة فالور، وحيدًا في مكتبه بعد أن غادر المحققان… أو بالأحرى، تُرك برفقة حاشيته الكبيرة — فشخص بمكانته لم يكن يومًا وحيدًا حقًا، وكان ذلك يناسبه تمامًا.
بقي موردريت جالسًا على كرسيه لفترة، محرّكًا إصبعه على مسند اليد وشارد الذهن.
انحنى مساعده التنفيذي بعمق.
“أنا آسف للغاية يا سيدي. لن يتكرر هذا أبدًا.”
وانحنى رئيس حراسه أيضًا.
“سأتواصل فورًا مع الجهات المسؤولة. سيتم طرد هؤلاء التافهين من قسم الشرطة بحلول الغد… وبما أن إهمالي هو ما سمح لهم بإزعاجك، فسوف أقبل أي عقوبة بامتنان.”
بقي موردريت صامتًا لبضعة لحظات، محدقًا بنظرة شاردة، ثم نظر إليهم بدهشة.
“ماذا؟ لا، لا تفعلوا شيئًا. لماذا نريد التخلص من هؤلاء المحققين الشجعان؟ في الواقع… أجدهم مثيرين للإعجاب للغاية.”
كان الرجل، بلا شمس، معروفًا بلقب المحقق الشيطان. كان أحد نجوم شرطة السراب وبطلًا غير مُحتفى به إلى حدٍ ما — ضابطًا نادرًا يجمع بين الكفاءة وعدم القابلية للفساد، حتى لو بدا أن ذلك قد أثقل كاهله. كان موردريت على دراية تامة بسجله المميز، وكذلك بشخصيته الغريبة.
أما المرأة…
فبينما استرجع موردريت ذكريات شبابه، ابتسم بحنان.
من كان يظن أنه سيلتقي يومًا بالنجمة الرياضية، أثينا؟ والآن هي محققة! حين كان شابًا، كان من أكبر معجبيها… وربما قد وقع في حب بسيط لها، وهو ما جلب عليه قدرًا كبيرًا من سخرية مورغان.
وعند ذكر شقيقته، خفتت ابتسامته قليلًا.
تنهد موردريت.
“أتعلمون، لقد كان طفولتي وحيدةً بعض الشيء. لكن كان هناك مجموعة من القصص البوليسية القديمة في علّية جدي… ربما كنت صغيرًا جدًا على قراءتها، لكن من كان سيوقفني؟ كانت تلك الكتب رفيقتي، ويا لها من رفقة مثيرة! منذ ذلك الحين، كان لدي ضعف تجاه المحققين.”
ثم هز رأسه ونظر إلى مساعده.
“على أي حال، اتركوهم وشأنهم. ما الموجود على جدولي؟ أتصور أن اجتماع مجلس الإدارة قد تأجل بسبب هذا التأخير غير المتوقع.”
اعتدل المساعد، الذي بقي منحنياً طيلة الوقت.
“المجلس بانتظارك، يا سيدي — كما ينبغي. والرئيس غير صبور الى حد ما، كما تعلم، لكنه لا يجرؤ على الشكوى. القضايا المدرجة على جدول اجتماع اليوم هي كما يلي: تخصيص الميزانية لأنشطة البحث والتطوير في الربع القادم، مناقشة أولية للعقود الحكومية المتعلقة بالإصلاح والترميم بعد أضرار الفيضان المتوقعة، مسائل تتعلق بزيادة تمويل مبادراتنا الخيرية…”
استمع موردريت بصمت، ثم أومأ.
“لا شيء خارج المألوف إذن… انتظر. إصلاحات بعد أضرار الفيضان المتوقعة؟”
أومأ المساعد.
“نعم يا سيدي.”
نظر إليه موردريت بتعبير مرتبك.
“وماذا عن التدابير الوقائية؟ لماذا لا يوجد شيء في جدول الأعمال بشأن ذلك؟”
تلعثم المساعد قليلًا، ثم قال بنبرة جافة:
“حسنًا… ذلك لأن الوقاية لا تحقق مالًا يذكر، يا سيدي. بطبيعة الحال.”
أغلق موردريت عينيه للحظة.
“بطبيعة الحال، هاه؟”
ثم نهض من مقعده، وألقى على مساعده نظرة حزينة، وتوجه نحو الباب.
“أعتقد أنني سأجري تغييرات على جدول أعمال اليوم بعد كل شيء.”
***
مرّ النهار في أزدحام العمل المعتاد. وفي وقت متأخر من المساء، أُعيد موردريت إلى منزله في سيارته الفاخرة. جالسًا على المقعد الجلدي، كان ينظر إلى مشاهد مدينة السراب التي تنساب من خلف النافذة بتعبير شارد. بقي مساعده يقرأ تقريرًا من الأمام، لكنه لم يكن يبدو منصتًا.
قد يظن المرء أن رجلًا يملك ثروة ومكانة لا تنتهي، سيقضي أوقاته الحرة متمتعًا بالملذات التي لا حصر لها، لكن في الواقع، عاش موردريت حياة شبه رهبانية. كان يقضي أيامه عادةً بين مكاتب مجموعة فالور وقصره، وما يتبقى له من وقت كان يقضيه مع العائلة.
كان مختلفًا في شبابه، لكن منذ سنوات طويلة، ركّز موردريت على أمرين فقط — العائلة والعمل. ورغم أنه كان محاطًا بالناس كل يوم، إلا أنه كان رجلًا انفراديًا. لم يكن أحد يعرف حقًا ما الذي يجول في رأسه، ولا ما المشاعر التي يخبئها خلف واجهته اللطيفة والهادئة تمامًا.
“سيدي؟”
أبعد موردريت نظره عن النافذة، وكأنه استيقظ من شروده.
“نعم؟”
ناولَه مساعده وثيقة.
“هذه خطة الوقاية من الفيضان التي طلبتها. إنها تقرير أولي، لكن شركة فالور للإنشاءات كانت فعّالة جدًا في إعداد قائمة بالإجراءات الممكنة…”
كانت السيارة مسرعةً عبر المطر، حتى وصلت إلى ضفاف بحيرة المرآة. من هنا، يمكن رؤية جدران القلعة التاريخية شامخة، تلك التي تعد المعلم الأكثر شهرة في مدينة السراب. كان قصر فالور قائمًا على ضفاف البحيرة، محاطًا بعدة أفدنة من الغابات العتيقة.
استقبله كبير الخدم، سيباستيان، عند الباب، وانحنى بأناقته الراقية المعتادة.
“مرحبًا بعودتك، يا سيدي الشاب.”
ابتسم موردريت للرجل المسن ودخل.
وبمجرد أن دخل، ألقى نظرة حوله بتعبير حائر بخفية.
بات القصر… يشعره وكأنه فارغ بشكل مريع في الآونة الأخيرة.
فقد انتقل جده منذ زمنٍ طويل إلى أحد منازل العطلات في الريف. أما والداه فكانا في إحدى رحلاتهما. ومورغان… كانت مورغان غائبة مؤقتًا أيضًا.
واجه موردريت صمتًا فارغًا لأول مرة منذ زمن بعيد.
توقف أمام لوحة عائلية معلقة فوق المدفأة في الردهة الرئيسية، وتأملها لبرهة. أما مساعده، الذي تبعه إلى الداخل، فأنهى تقريره وانحنى.
“إن لم يكن هناك ما تريده بعد، فسأنصرف الآن يا سيدي. أرجو أن تنعم براحة جيدة.”
أومأ موردريت ببطء، سامحًا له بالذهاب، لكنه أوقفه فجأة.
“انتظر.”
نظر المساعد إلى الخلف.
“نعم يا سيدي؟”
تردد موردريت لبضع لحظات.
“في الصباح… ذكر المحققون عينة دم وُجدت في مسرح الجريمة. هل كان دمي فعلًا موجودًا هناك؟”
قطب مساعده حاجبيه.
“يمكنني التحقق من صحة أقوالهم إن أردت يا سيدي. لكن لا أرى سببًا يجعلهم يكذبون في أمر كهذا.”
بقي موردريت صامتًا لحظة.
“…من أصدر الأمر بقمع التحقيق إذن؟”
رمش الرجل بضع مرات. بدا أنه كان يتوقع سؤالًا آخر — مثل: من يقف خلف زرع عينة الدم في مسرح الجريمة.
ثم خفَض نظره.
“أفترض أنه رئيس مجلس الإدارة، يا سيدي.”
ضم موردريت شفتيه.
“الرئيس مجددًا، هه؟”
وسرعان ما تُرك وحيدًا أمام اللوحة العائلية.
بقي موردريت يحدق فيها طويلًا، وتعابيره تزداد قلقًا واضطرابًا شيئًا فشيئًا.
وأخيرًا، همس:
“هل ما زلت هناك؟ هل عدت؟”
وبالطبع، لم يأتِ أي جواب.
ابتعد عن اللوحة، وسار بصمت مبتعدًا.
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.