عبد الظل - الفصل 2477
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2477 : لاشيء للمغامرة به
كان قسم شرطة مدينة السراب يغلي. حين وصل صني، لم يعد قائد قسم جرائم القتل يصرخ في مرؤوسيه بعد الآن، بل كان يتعرض للصراخ من أحدٍ أعلى منه في السلم الإداري.
والأرجح أن الأمر نفسه كان يحدث في الأقسام الأخرى، حتى وإن لم يكن هناك أي جدوى منه. أراد الناس فقط أن يُروا وهم يتظاهرون بالغضب لإثبات ولائهم. بدا أن محاولة اغتيال موردريت أهم بمئة مرة على الأقل من “اللاشيء” وضحاياه السبعة. وكأن مدينة السراب كلها تدور حول شخص واحد.
ألقى صني نظرةً عابسة حوله، وتجاهل الفوضى، ثم وجد إيفي. كانت تستند إلى الحائط في مطبخ الموظفين بقسم جرائم القتل، تقضم قطعةً من المعجنات الدائرية المتلألئة والمغطاة بطبقة وردية وحبيبات ملونة كقوس قزح. وكان أمامها صندوقٌ كبير فارغ أيضًا.
“أوه، يا شريكي! اسمع… لقد اكتشفت شيئًا يُدعى الدونات. إنها ببساطة تستحق أن يموت المرء لأجلها!”
حدق فيها طويلًا، ثم صر على أسنانه وقال:
“حقًا؟ حسنًا، إذا كانت لذيذة لهذه الدرجة… ألم تفكري أن تتركي واحدةً لي، هاه؟”
رمشت مرتين، ثم سارعت بابتلاع ما تبقى من دوناتها وابتسمت.
“أوبس. آسفة. لم يبق شيء!”
هز صني رأسه.
“على أي حال، هل هذا مهم الآن؟ ما الذي جرى لموردريت بالضبط؟”
مسحت إيفي يديها بمنشفة ورقية ثم رمتها في سلة المهملات ورفعت كتفيها.
“أحدهم حاول قتله، هذا ما حصل. والأسوأ… أن ذلك حدث خلال مؤتمري الصحفي، فبمجرد أن أُذيع الخبر أخرج جميع الصحفيين أدوات الاتصال وتجاهلوني تمامًا. كان أول ظهورٍ لي! لقد دُمّر تمامًا…”
نظرت إليه بأسى.
“على ما يبدو، كانت مركبة موردريت تعبر جسرًا حين انحرفت شاحنة من الجهة المقابلة واصطدمت بها بأقصى سرعة. سقطت المركبتان معًا في النهر… بدا الاصطدام مدبرًا أيضًا. مات السائق في الحال، وسائق موردريت في حالة حرجة. أما هو نفسه فقد نجا بإصابات طفيفة فقط.”
هزت رأسها وتنهدت.
“كانت مركبته مصفحة مثل دبابة، ومجهزة بترسانة من الوسائد الهوائية – أظن أن ذلك هو السبب في دفعها إلى الماء. لكنه تمكن من السباحة نحو الشاطئ. بل وأكثر من ذلك، بقي في البداية لينقذ سائقه وسحب الرجل فاقد الوعي إلى اليابسة معه. عملٌ بطولي حقيقي… ستكتب الصحف غدًا مقالاتٍ ملونة بلا شك.”
رفع صني حاجبه.
‘موردريت؟ يفعل أمرًا غير أناني؟’.
“ما هي هوية سائق الشاحنة؟”
أجابت إيفي بهز كتفيها:
“مجرد شخص عابر لا صلة له بموردريت. وبلا عداوة مع مجموعة فالور أيضًا. لكنه كان غارقًا في ديون المقامرة، رغم ذلك.”
تردد صني قليلًا، ثم سأل:
“أظن أننا لن نتمكن من رؤية موردريت في المستشفى، صحيح؟”
سخرت إيفي.
“مستحيل. وعلى أي حال، آسفة لأني لم أظهر. حين انفجر الخبر، أصبح الجميع مستنفرًا هنا – لم أستطع المغادرة دون إثارة الشبهات. كيف كان موعدك مع معالجتك النفسية؟”
نظر إليها صني بحسرة.
“كان سيئًا للغاية… انتظري، لا! لم يكن موعدًا غراميًا. لا تجروئي على البدء بتلك السخافات مجددًا!”
توقف لحظة، ثم أضاف بنبرة قاتمة:
“لقد هددتني بكسر ذراعي وإنهاء مسيرتي إن تجرأت على الظهور أمامها ثانية. لذا… لا نُسميه نجاحًا بالضبط.”
نظرت إيفي إلى صندوق الدونات الفارغ بحزنٍ، ثم تنهدت، ونظرت إليه بارتباك.
“على أي حال… لا يعجبني الأمر. هناك الكثير من الأمور تجري، لكن الأمور لا تترابط. موردريت، اللاشيء، والضحايا – لا شيء يصل بينهم فعلًا. ومن قد يرغب في قتل موردريت هنا؟ باستثناء مورغان، التي بقيت محتجزةً في مصحة عقلية طوال هذه الفترة.”
هزت رأسها.
“إما أننا نفوت شيئًا، أو أن هناك طرفًا ثالثًا متورطًا. شخصًا لا نعرف عنه شيئًا.”
بقي صني صامتًا برهة، متأملًا كلماتها.
“من سيرغب في قتل موردريت؟”
اشتعلت شرارة شك مفاجئ في ذهنه.
توقف لحظة، ثم قال بهدوء:
“قد يرغب عدد لا يحصى من الناس في قتل المدير التنفيذي لمجموعة فالور. لكن من الذي يريد قتل موردريت نفسه؟ هذا هو السؤال الأفضل.”
رفعت إيفي حاجبها.
“هل اكتشفت شيئًا؟”
تذكر صني لوحة التحقيق المرتجلة المخفية في خزانة المحقق الشيطان. خريطة المدينة، تفاصيل القضية، صور الضحايا…
ومض وجه الشاب المروع الذي وجدوه على ضفة النهر في ذهنه.
“ربما. لكن… فلنناقش هذا في مكان آخر. لا أظن أن القائد سيلاحظ اختفاءنا وسط هذه الفوضى.”
غادرا مبنى الشرطة، وقادا السيارة إلى شقة صني المتهالكة في صمت. و على طول الطريق بقي صني يفكر، وعبوسه يزداد عمقًا.
لابد أن إيفي شعرت بغرابة مزاجه، لأنها لم تلقي نكاتًا حتى حول دخولها منزل رجل غريب حين وصلا.
عند دخوله الشقة، توجه صني مباشرةً إلى الخزانة وفتحها، كاشفًا لوحة التحقيق. أخرج ملف الجريمة الأخيرة وعلق صورة الضحية الجديدة بجانب الآخرين، ثم تراجع خطوةً ليتفحصهم من جديد.
شاب وسيم يرتدي بذلة سوداء بسيطة، يعلو رقبته طرف وشم أسود بالكاد ظاهر. امرأة بوجه متجعد وثياب رخيصة. رجل منحنٍ بلحية مشذبة بدقة. رجل عريض الكتفين ذو ملامح حادة وجسد رياضي. شابة بملابس المستشفى… وآخرون أيضًا.
‘لقد رأيتهم من قبل.’
لم يكن هناك أي رابط واضح بينهم. أعمارهم، أجناسهم، وظائفهم، طبقاتهم الاجتماعية، وصفاتهم الجسدية – كلهم مختلفة. وكأن اللاشيء لا يكترث بمن يقتل من الأساس.
بل وحتى أماكن العثور على الجثث لم تحمل نمطًا واضحًا. كان الأمر فوضويًا إلى حد الجنون.
“ماذا ترين؟”
تأملت إيفي اللوحة، ثم رفعت كتفيها.
“الكثير من الخيوط الحمراء؟ وُجدت معظم الجثث قرب الماء، لكن ربما هو مجرد صدفة. فمدينة السراب مليئة بالأنهار، ناهيك عن البحيرتين. هذا المطر اللعين لم يتوقف منذ أسابيع.”
عبس صني.
“الضحايا. ألا يذكّرونكِ بشيء؟”
قطبت إيفي حاجبيها.
“هممم… في الواقع، إن فكرت بالأمر، فهم يبدون مألوفين. لكن ربما لأن نظيرتي رأت تقارير الأخبار عند مقتلهم.”
هز صني رأسه.
“لا. إنهم يبدون مألوفين لكِ أنتِ، لا لنظيرتكِ. استغرقني الأمر بعض الوقت لأتذكر، لكن حين سألتِ من قد يرغب في قتل موردريت، تذكرت أخيرًا.”
زم شفتيه.
“أظن أن تفكيري تلوث ببقايا مشاعر المحقق الشيطان، الذي كان مقتنعًا أن موردريت هو القاتل. ولهذا استغرقني الأمر طويلًا لأربط النقاط.”
رمشت إيفي عدة مرات.
“إذًا، أنت لم تعد تظن أن موردريت هو القاتل؟”
هز صني رأسه ببطء، ثم أشار إلى إحدى الصور – صورة الرجل الرياضي عريض الكتفين.
“هذا الرجل. كان محاميًا هنا في مدينة السراب، لكن في العالم الحقيقي، كان اسمه المستيقظ وارن. كان تابعًا لعشيرة فالور… قبل أن يتخذه موردريت وعاءً.”
قطبت إيفي حاجبيها مجددًا، ثم أعادت النظر إلى الصور. واتسعت عيناها قليلًا.
لقد تعرفت عليهم.
لقد رأوا هؤلاء الأشخاص من قبل. حدث ذلك في الكابوس الثالث… حين أخذهم موردريت إلى عالم المرآة الناشئ الخاص به.
حيث كان يخزن خزانته المروعة من الأجساد المسروقة.
“هؤلاء هم… أوعية موردريت.”
أومأ صني.
“بالفعل. لا شيء يربط هؤلاء الأشخاص في مدينة السراب، لكنهم في العالم الحقيقي جميعًا اشتركوا في القدر ذاته. أصبحوا أوعية موردريت. لهذا… موردريت ليس القاتل.”
تنهد، ثم أغمض عينيه للحظة.
“إنه الضحية.”
اللاشيء… كان يطارد موردريت.
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.