عبد الظل - الفصل 2475
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2475 : استنتاج فطن
بقيت ساينت صامتةً لوقتٍ طويل. كان معظم الناس سيجدون صمتها غير مريح، فيحاولون بارتباك ملئه بأحاديث فارغة، لكن بدا المحقق هادئًا مرتاحًا… وكأنه معتاد تمامًا على طبيعتها الصامتة.
تأملته بجدية قاتمة.
هل كانت في خطر؟.
والأهم، كيف فاتها أن تلاحظ علامات انهيار عقلي وشيك؟ عضّت ساينت شفتها قليلًا. لقد خذلت مريضها… وبذلك جُرح كبرياؤها. كان شعورًا مزعجًا، ولم يزده إلا إزعاجًا عجزها عن تحديد أصل خطئها. نظرت إلى الرجل المضطرب الجالس أمامها.
ثياب مجعدة، شعر أشعث، وجه شاحب، بريق مهووس في عينيه المظلمتين…
أعاد المحقق النظرة إليها وابتسم بخفوت، لكن ابتسامته لم تصل أبدًا إلى أعماق نظرته الباردة المخيفة.
‘سيادي الموت، هاه؟’
وفي النهاية، نقرت ساينت بقلمها على دفترها مرتين.
“دعني أشاركك ببعض الأفكار، أيها المحقق.”
اتسعت ابتسامته.
“أوه… تفضلي، يا دكتورة.”
مالت قليلًا إلى الأمام وتحدثت بنبرة هادئة باردة:
“لقد مرّت عدة أيام منذ عودتك إلى الخدمة. وبالمصادفة، تم اكتشاف الضحية السابعة للاشيء في الوقت نفسه… أشكّ بشدّة أنك وجدت فورًا وسيلة لتتسلل إلى القضية.”
رفع حاجبه.
“حسنًا، هذا تخمين بسيط. فأنتِ تعرفين تمامًا تاريخي مع ذلك الرجل، وكذلك كيف انتهى بي الأمر موقوفًا ومرسلاً للعلاج. لا يوجد في هذا العالم من يعرفني أكثر منكِ حقًا.”
تابعت ساينت، محافظًة على رتابة صوتها اللامبالي:
“لم يُكشف عن هوية الضحية بعد – وأتخيل أن ذلك سيحدث الآن في المؤتمر الصحفي الذي نظمته شرطة مدينة السراب. لكنني رأيت عنوانًا ذا صلة وأنا أراجع الأخبار هذا الصباح… يبدو أنّ المدير التنفيذي لمجموعة فالور أجرى محادثة مع اثنين من محققي جرائم القتل بالأمس. لا بد أنك كنت أحدهما، لذا فمن الآمن القول إنك لم تتخلَّ عن فرضية وجود صلة بين السيد موردريت واللاشيء.”
قطب حاجبيه.
“صحيح، ستعرفين ذلك أيضًا… لكن يا له من استنتاج فطن. يبدو أن موهبتكِ تُهدر في الطب النفسي، يا دكتورة. هل فكرتِ يومًا أن تصبحي محققة بدلًا من ذلك؟”
تجاهلت ساينت السؤال ونظرت إليه ببرود.
“بطبيعة الحال، فإن المدير التنفيذي لمجموعة فالور هو وجود رفيع – وليس شخصًا يمكن التعامل معه بأستخفاف، ولم يكن ليمنحك فرصة لاستغلاله. إذن، فشلتَ في دعم القصة التي تؤمن بها بلقائك مع السيد موردريت. لكن، وبالنظر إلى نوع شخصيتك، لم يدفعك ذلك إلى التخلي عنها. بل أقنعك فقط بتغيير التكتيك.”
هذه المرة، لم يقل المحقق شيئًا، واكتفى بالتحديق فيها بفضول.
عبست ساينت قليلًا.
“أو بالأحرى، الأهداف. أنت رجل واسع الحيلة، أيها المحقق، فلا بد أنك اكتشفتَ ما هي نقطة ضعف السيد موردريت… وأين تُحتجز.”
تغيير تعبيره بشكلٍ طفيف، لكن قبل أن يتمكن من الكلام، أنهت ساينت بنبرة متوازنة:
“إذن، هذه المحادثة كلها كانت تمثيلًا. أردت أن تتلاعب بي إلى إدخالك كمريض مقيم، مما سيمنحك وصولًا سهلاً إلى الآنسة مورغان. برافو، أيها المحقق. لم أعلم أنك ممثلٌ موهوبٌ إلى هذا الحد.”
سعل المحقق بضع مرات وتمتم بخفوت:
“أوبس…”
ثم نظر إليها وابتسم – ابتسامة كان يُفترض أن تكون مشرقة، لكنها، بالنظر إلى هيئته العامة، بدت مظلمة ومهددة قليلًا.
“أنا مذنب بالتهمة الموجهة إلي. لكن! هذا لا يعني أن ما قلته لم يكن صحيحًا. أنا رجل صادق جدًا في العالم، كما ترين – في العالمين… انتظري، بل في ثلاثة عوالم حاليًا، صحيح؟ أكثر الرجال صدقًا في ثلاثة عوالم، حتى. لذا قصدت تمامًا ما قلته عن كوني نصف سَامٍ. فأنا كذلك بالفعل.”
رمقته ساينت بنظرة لامبالية.
“آه، هاه.”
ثم أغلقت دفترها، وضعت غطاء قلمها، ونهضت من مقعدها. ناظرةً إلى الرجل الشاحب من علوٍ، وقالت:
“حاولت أن تستغلني، أيها المحقق. وجعلتني أيضًا أشكّ بكفاءتي، وهذا ما لا أقدره. لذا، أسحب عرضي لمتابعة هذه الجلسات. دعنا لا نلتقي أبدًا مجددًا… ولكنني مع ذلك، أشجعك على أن تجد معالجًا آخر. كن بخير.”
وبهذا، اتجهت نحو الباب. فتبعها على عجل، ممسكًا بذراعها.
“انتظري لحظة، يا قديـ… أعني، دكتورة ساينت. في الواقع، أردت أن تلتقي بشريكتي – إنها في طريقها إلى هنا. في أي لحظة الآن! سيسهل الأمر بمجرد أن…”
أدارت ساينت رأسها قليلًا، وقالت بصوت خالٍ تمامًا من الانفعال حتى إن الرجل بدا وكأنه ارتجف:
“أيها المحقق… إن لم تُفلِتني، فسأكسر ذراعك.”
وكانت تعني ذلك حقًا.
فإلى جانب حفاظها على جسدها في حالة مثالية، كانت ساينت بارعة بطبيعتها في الدفاع عن النفس وعدة فنون قتالية، منها الكاراتيه، التايكواندو، الجودو، الأيكيدو، وعدة أساليب جنوبية من الووشو – وهو أمر لم تكن تحب الإعلان عنه كثيرًا.
كانت الفنون القتالية هواية بقدر ما كانت ضرورة، نظرًا لمظهرها ولنوع الأشخاص الذين تتعامل معهم بسبب عملها. لكن في الغالب، كانت وسيلة تدريب. فماذا يفيد العمل على جسدها إن لم تعرف كيف تستعمله؟.
مع ذلك، لم يكن المحقق بلا شمس غريبًا عابرًا. لقد كان مقاتلًا متمرّسًا بنفسه – وعلى عكس ساينت، فقد كسب خبرته من معارك فعلية، لا على بساط نظيف. إضافة إلى أنه رجل… وحتى إن كان قوامه متواضعًا، فلم تكن تحمل أي أوهام حول من منهما أقوى جسديًا.
كان من الممكن تمامًا أن يتجاهل تهديدها…
لكن لم يفعل.
في الواقع، بدا أن المحقق صدّق وعدها عن طيب خاطر بعض الشيء، كما لو أنه يمنح ساينت تقديرًا أكبر مما تعطيه هي لنفسها.
أفلت ذراعها وأخذ خطوة سريعة إلى الخلف.
“لـ… لا داعي للعنف، يا قديـ! أعني… يا دكتورة ساينت. أترين؟ لقد تركتكِ.”
عابسةً، استدارت ساينت نحو الباب.
وقبل مغادرتها بقليل، رمت من فوق كتفها:
“لا تقترب مني مجددًا، أيها المحقق. إن فعلت، فسوف ألغي تقييمي لحالتك الذهنية وأتأكد أنك لن تعمل في مجال إنفاذ القانون مجددًا.”
كان صوتها لامباليًا، ونظرتها باردة.
أغلقت ساينت الباب خلفها بعبوس.
لماذا شعرت بعدم ارتياح؟.
‘هذا غريب.’
لقد شعرت أن تركه خلفها كان خطأً فادحًا إلى حدٍ ما.
لكنه لم يكن كذلك. بل كان ما ينبغي فعله – إحدى القواعد الذهبية في الحياة هي ألّا تُضيّع وقتك على أشخاص لا يستحقونه، واتبعت ساينت تلك القاعدة بأمانة.
ضاغطةً شفتيها، هزّت رأسها وغادرت.
متروكًا وحيدًا في المكتب، تألم صني وهمس بلعنة خافتة.
“اللعنة. لم تسر الأمور كما خططت إطلاقًا. أين بـحق الجحيم هي إيفي؟ كان من المفترض أن تكون هنا الآن!”
لكن لم يكن هناك أي أثر لشريكته.
وفي النهاية، تنهد.
“حسنًا… لننظر إلى الجانب المشرق. على الأقل عظامي ما زالت سليمة…”
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.