عبد الظل - الفصل 2474
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2474 : الطبيبة النفسية للشيطان
كان المكتب الخاص بساينت أصغر من مساحتها في مستشفى الأمراض العقلية، لكنه كان أفضل تأثيثًا. أعدّت فنجانًا من القهوة للمريض – فعل بسيط يبعث الطمأنينة في معظم الناس ويمهّدهم للدخول في الحديث. عادةً ما كانت تعرض الشاي على مرضاها الآخرين، لكن بما أنّ المحقق يعاني من أرق مزمن، فقد كانت القهوة أنسب له.
وطبعًا، كانت القهوة التي صنعتها مثالية. كانت كل حركة محسوبة ودقيقة، مصممة لتحقيق النتيجة المثلى بأكثر الطرق كفاءة.
وضعت الفنجان الأنيق أمام الرجل الشاحب، ثم جلست ساينت مقابله وفتحت دفتر ملاحظاتها.
لم تكن ستتلقى سوى أجر رمزي على هذه الجلسة. لكن ذلك لم يهم، فهي لم تُقاد يومًا بالمال.
كما أنّ ساينت لم تكن تُقاد بالرحمة أو اللطف أيضًا. في الحقيقة، ما جعلها تمدّ عرضها لمتابعة علاج هذا الرجل المهمل لم يكن إلا سببًا بسيطًا – كبرياؤها المهني. كانت تكره ترك الأشياء ناقصة أو مشوّهة، وفكرة أن تدعه يرحل من دون أن تساعده فعليًا بدت لها مقيتة.
“تبدو أكثر إنهاكًا من المعتاد اليوم، أيها المحقق. هل ازداد أرقك سوءًا؟”
نظر إليها لبرهة، ثم هزّ رأسه.
“لا. الأمر فقط أنّ… الساحرة وابن ملك الشياطين. لقد أخذ منهما ستة وخمسين حلقة ليجتمعا، أتصدقين هذا؟”
أعطته ساينت ابتسامةً خافتة وأومأت، ثم دوّنت جملةً قصيرة في دفتر ملاحظاتها.
صمت المحقق، محدقًا فيها.
كانت قد لاحظت تحديقه من قبل – فقليلون من الناس يستطيعون مقاومة سرقة نظرات باتجاهها – لكن نظرته اليوم كانت مختلفة. كانت أكثر فضولًا، بطريقة ما.
“لقد عدتَ إلى الخدمة. لا بد أن ذلك كان تغييرًا كبيرًا في الوتيرة.”
تردّد قليلًا، ثم أومأ.
“نعم، حسنًا. لقد كانت تجربة فتحت عيوني. خصوصًا بعد أن التقيت بشريكتي الجديدة.”
رفعت ساينت حاجبها بصمت، تحثه على المتابعة.
ابتسم المحقق.
“كان الأمر ساخرًا قليلًا. اجتزنا معًا النار والماء، كلانا أنا وهي – ومع ذلك، لم تكن تتذكرني من قبل إطلاقًا. لكن حين التقينا هذه المرة، كنتُ أنا الذي لم يتذكرها. لحسن الحظ، هي من ذكّرتني.”
ثم فجأة، ازدادت تعابير وجهه حيويةً.
“آه. في الواقع، يا دكتورة ساينت… لقد حققت تقدمًا حقيقيًا بفضلها. أعني شريكتي – ربما لا تذكرين، لكنكما تعرفان بعضكما. لقد تصارعتما بالأذرع ذات مرة… آه، طاولتي المسكينة…”
عقدت ساينت جبينها بخفوت.
عن ماذا كان يتحدث؟.
لكنها لم تُظهر الكثير من الانفعال على وجهها.
“أي نوع من التقدم؟”
رمقها المحقق بنظرة غريبة.
“آه… ذلك… أتمنى حقًا لو لم تطرحي هذا السؤال، يا دكتورة.”
بدت نبرته محرجة بعض الشيء. بقي صامتًا لفترة قصيرة، ثم تألم وكأنه يتذكر.
“هل تتذكرين كل تلك الكوابيس التي حدثتكِ عنها؟”
أومأت ساينت.
‘هل أصبح قادرًا أخيرًا على النوم بهدوء؟ هذا عظيم!’
تنفّس المحقق بعمق، ثم أطلق تنهيدة ثقيلة.
“حسنًا، كما ترين… أدركتُ أنها لم تكن كوابيسًا أصلًا.”
نظرت إليه ساينت، مشجعةً إياه على إخبارها بالمزيد.
أعطاها ابتسامةً شاحبة.
“بل كانت هي الواقع الحقيقي، وهذا المكان مجرّد وهمٍ ضخم.”
رمشت ساينت بعينيها.
“عذرًا؟”
أومأ المحقق.
“في الحقيقة، أنا نصف سَامٍ يُدعى بلا شمس، سيادي الموت، اللورد المظلم للشاطئ المنسي، وقائد فيلق الظل. أنا شبه خالد وأمتلك سبعة أجساد، كل منها قادر على تدمير قارات بأكملها. بالطبع، يظن معظم الناس أنني قُتلت على يد السَامية المشعة للبشرية، نجمة التغيير، الأبنة الاخيرة للشعلة الخالدة. لكن في الواقع… إنها حبيبتي. حتى لو كنا قد تخاصمنا مؤخرًا أثناء نقاش حول قدر العالم.”
بقيت ساينت صامتة لبرهة، ثم بدأت تكتب شيئًا بشراسة في دفترها، مع ملامح غامضة على وجهها.
‘ يا الهـي . انهيار كامل؟ فصام؟ هذيان عظمة؟ لكن لم تكن هناك أي علامات! مجرد اضطراب ما بعد الصدمة ومجموعة صغيرة من اضطرابات الشخصية الطفيفة…’
في هذه الأثناء، تابع المحقق:
“نعم، على أي حال… أنا أيضًا وريث ويفر، شيطان القدر، وأنا في مهمة لجمع الأجزاء السبعة لنسبه المحرّم. أحد تلك الأجزاء مخبأ في متاهة المرايا أسفل أنقاض قلعة شيطانة الخيال، حيث ذهبتُ برفقة إيفي… القديسة أثينا. في الواقع، هذه المدينة كلها وهم متقن محتوى داخل المرآة العظيمة التي تقف في منتصف متاهة المرايا. وهكذا، فأنا واحد من القلائل الحقيقيين هنا في مدينة السراب – أما البقية فمسوخ مخيفة تتظاهر بكونها بشرًا.”
كبحت ساينت عبوسها.
‘هذا سيئ… ذلك التفصيل الأخير عرض شائع بين العديد من المعتلين العنيفين.’
وماذا عن هذا؟ رفيقته المزعومة أثينا؟! أيقصد أثينا العذراء الفاتنة، إلـهة أوليمبوس؟ هل أصبح مهووسًا باختلاق علاقات غرامية مع الآلـهة الآن؟.
من أين أتى هذا؟!.
تنفست ببطء.
“هل… تعتبرني غير حقيقية، أيها المحقق؟”
نظر إليها المحقق بقلق، ثم هزّ رأسه.
“ماذا؟ لا، بالطبع لا! أنتِ حقيقية تمامًا، يا دكتورة. أعني، من الواضح أنكِ مبرمجة على الاعتقاد بأنكِ طبيبة نفسية بشرية تقيمين في مدينة السراب، لكن الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك.”
سعل قليلًا.
“في الحقيقة – في الواقع أعني – أنتِ القديسة العقيقية، ظلي الأثمن والأوفى. لقد خدمتِني بإخلاص لأكثر من عقد، تطيعين كل أوامري وتلبّين كل رغباتي… منذ أن قتلتكِ. أعني النسخة الأصلية منكِ. وبالمناسبة، يخطر لي أنني لم أشكركِ قط على ذلك… إذن شكرًا لكِ. إنه يعني لي الكثير.”
أنزلت ساينت دفترها ببطء ونظرت إلى الرجل البارد والأسر بقتامة.
كان الرجل الذي مهووسًا على نحو غريب بقاتل متسلسل يُدعى اللاشيء منذ لقائهما الأول.
وفجأة، خطر لها أنهما وحدهما في المبنى، من دون روح حيّة على مرمى السمع.
‘لقد فقد عقله تمامًا.’
لا… ربما كان مجنونًا بالكامل منذ البداية.
كيف فاتها ذلك؟.
نظرت ساينت حولها بخفية، متمعنة السيف المزخرف المعلّق على الجدار – هدية مبهرجة من أحد مرضاها، لم يكن لديها قلب لترميها.
“أيها المحقق… متى كانت آخر مرة تناولت فيها دواءك؟”
ربما كان مجرد هذيان بسبب قلة النوم…
رمش بضع مرات.
“آه، أدويتي؟ توقفت عن تناولها حين تذكرت من أكون حقًا. حتى لو كنتُ محاصرًا مؤقتًا في جسد بشري، فما زلت نصف سَامٍ، كما تعلمين. تلك الحبوب تجعلني أصاب بالدوار فحسب.”
تنهدت ساينت بندم.
‘تخطيت الغداء من أجل هذا…’
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.