عبد الظل - الفصل 2470
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2470 : البرج الزجاجي
كانت ردهة برج فالور براقةً ومهيبةً بشكلٍ خفي مثل واجهتها — إلى درجة جعلت صني وإيفي، وهما الشخصان الوحيدان غير المرتديين بذلات عمل أنيقة هنا، يبدوان في غير موضعهما على نحو مزرٍ.
كانت إيفي فاتنة بما يكفي لتجذب الأنظار، لكن بدت ملابسها الرياضية المتراخية عابثة ومتساهلة أكثر من اللازم… أما صني، فثيابه الرخيصة المبتذلة التي لا ملامح لها، على شاكلة زي شرطي، فقد بدت رثة وغير ملائمة على الإطلاق في هذا المعبد الفخم للمال والسلطة.
ومع ذلك، كانا يسيران بثقة مطلقة، وكأن المكان ملك لهما، مما جلب لهما مزيدًا من الانتباه.
‘ها نحن ذا.’
عند تقدمه إلى مكتب الاستقبال الفسيح، أبرز صني شارة الشرطة لأقرب موظفة استقبال.
“المحقق بلا شمس والمحققة أثينا من شرطة السراب. نحن هنا للقاء السيد موردريت.”
نظرت الشابة بين الاثنين بملامح محتارة — على الأقل للحظة. ثم تداركتها مهنيتها، فتحول تعبيرها فجأة إلى جدار لبق شديد الأدب، وقالت بابتسامة متزنة تمامًا:
“أوه… فهمت. هل لديكما موعد؟”
ترجم صني كلماتها في ذهنه…
‘لا فرصة لكما أبدًا. انصرفا، أيها الفلاحين!’
بالطبع، لم يكن بوسع أي أحد أن يلتقي بالمدير التنفيذي لمجموعة فالور. في الواقع، قلة نادرة من الناس فقط يمتلكون ذلك الشرف، ومحققان وضيعان لم يكونا قطعًا ضمن ذلك النادي الضيق بالغ النخبوية.
فأجاب صني ابتسامتها بابتسامة مشابهة.
“لا. هل أنتِ مصابة بضعف سمع؟”
رمشت بعينيها.
“عذرًا؟”
اتكأت إيفي على الطاولة بتراخٍ.
“شريكي يتساءل أي جزء مما قاله فشل في الوصول إليكِ. هل كلمة ‘محقق’ أم ‘شرطة السراب’؟ أم أنكِ تعتقدين أن رجال الشرطة بلا عمل طوال النهار فيسعون للقاء مديركِ التنفيذي بلا سبب؟ لدينا سبب رسمي ومهم لمقابلته، فبادري واجمعينا بغرفة.”
رفع صني حاجبه ولوّح بشارته في الهواء.
“أم أنكِ عمياء؟ ألعلّكِ لم تري بطاقتنا؟”
حافظت الموظفة على ابتسامتها المهنية.
“لست متأكدة أنني…”
هزّت إيفي رأسها وقالت بصوت مرتفع:
“انتظري، لا. لن يضعوا فتاة صماء عمياء في الاستقبال — سيكون ذلك قسوة بالغة. ربما ببساطة لا يهمهم أن اللاشيء يتجول ويقتل الناس.”
في تلك اللحظة، كان الحراس يحيطون بهما ببطء، من دون أن يحاولوا إخفاء ذلك.
تنهد صني، ثم أضاف بنبرة مرتفعة مشابهة:
“يقتل الناس، ومن ضمنهم زملاؤهم! يا للأسف… يبدو أن مجموعة فالور تحتقر الشرطة وترفض التعاون مع التحقيق. أتُرى ذلك بسبب لامبالاتهم، أم لأن لديهم ما يخفونه؟ يا للعجب، يا له من تحول محزن للأحداث…”
شعر ببعض الذنب لوضع موظفة الاستقبال المسكينة في موقف محرج. والسَاميين يعلمون أنها كانت على الأرجح تأمل فقط أن يمر يومها بسلام… لكن في النهاية، كانت تحرس بوابة الجحيم، والقليل من العذاب يأتي مع المهمة.
كان الحراس قد أحاطوا به وبإيفي عندها، رامقين بعضهم بعضًا بملامح حائرة. كما أن الأصوات المرتفعة جذبت جمهورًا صغيرًا… ومتى ما اشتهر موظفو المكاتب بشيء، فهو معاناتهم من الملل. لذا، لم يكونوا ليفوتوا مشهدًا صغيرًا يغذي أحاديثهم.
وذلك ما كان يريده صني. كان يعلم بالطبع أن الوصول إلى موردريت لن يكون أمرًا سهلًا — في الواقع، كان شبه مستحيل على المدى القصير.
حتى لو قُتل موظف من مجموعة فالور على يد اللاشيء، فهذا لا يعني أنهم قادرون على استجواب المدير التنفيذي مباشرة… بل كان عليهم المرور عبر سلسلة من الأشخاص ذوي المناصب المتزايدة، بدءًا من مسؤول صغير وصولًا إلى الأعلى.
ولذلك كان مستعدًا تمامًا لتلك العملية الطويلة الشاقة. إثارة مشهد في الردهة لم تكن سوى الخطوة الأولى — إذ سيفرض تهديد الاضطراب العلني على شخص ما في هرم فالور أن يرضيهم، وذلك سيكون بداية.
تنهدت إيفي وأخرجت شطيرة من كيس ورق. وبينما كانت تفك غلافها ببطء، قالت:
“حسنًا، ماذا بوسعنا أن نفعل؟ أظن أنني لن أجد ما أقوله للصحافة غدًا… سوى أن محاولاتنا للتعاون مع مجموعة فالور قوبلت، للأسف، بغياب واضح للحماسة. يحزنني أن أتخيل ما سيقوله الناس في المرة القادمة التي يضرب فيها اللاشيء… أكان يمكن منعه؟ أكان بمقدور مجموعة فالور أن تساعد؟ لن نعلم أبدًا…”
شحب وجه موظفة الاستقبال قليلًا، ثم تبادلت سلسلة نظرات مع زميل أعلى رتبة. وأخيرًا، ابتسمت بضعف.
“أوه، لا… أخشى أنكما أسأتما الفهم، أيها المحققان. دعاني أتواصل مع مسؤول أعلى وأرى ما يمكنني فعله. تفضلا بالجلوس! هل ترغبان بكوب قهوة؟”
ترجم صني كلماتها من جديد:
‘اصمتا وتوقفا عن إثارة الضجة، أيها الأوغاد! اذهبا واجلسا في الزاوية كالأطفال المطيعين ريثما نجد لكم كبش فداء يلهيكما لفترة!’.
وفي الوقت نفسه، على الأرجح كانت ستنهال سيولٌ من الاتصالات على قائد قسم جرائم القتل، والذي سيصرخ بوجهه مجموعة من الأشخاص لتذكيره بضرورة ضبط مرؤوسيه.
ألقى صني نظرة على الحراس القلقين، ثم على الموظفة.
وأخيرًا، هز كتفيه.
“لا أريد قهوة. هل لديكم حليب بالشوكولاتة؟”
رمقته الموظفة بنظرة غريبة.
“ماذا… أنا لستُ متأكدة؟”
عبس صني.
“إذن، هذا لا ينفع…”
لكن قبل أن يتمكن من مواصلة الضغط على أمل إنتزاع كبش فداء أكثر أهمية، ومن ثم يوفر بضع خطوات للوصول إلى المدير التنفيذي الذي لا يمكن الوصول إليه لمجموعة فالور الجبارة، دوى صوت لطيف من خلفهم فجأة:
“عذرًا. ربما أستطيع المساعدة؟”
تجمد صني في مكانه.
وكذلك فعلت إيفي.
تبادلا نظرة متوترة، ثم استدارا ببطء.
خلفهما، كان رجل لافت يرتدي بدلة مفصلة بإتقان، متألقة قليلًا لكنها أنيقة، يقف محاطًا بدائرة من الحراس الشخصيين.
بدا في نحو الثلاثين من عمره، طويلًا، وفي لياقة كاملة، ببشرة شاحبة وشعر أسود كالغراب. كان وجهه حاد الملامح… ليس وسيما بالضرورة، لكنه في الوقت نفسه فاتن وغريب الجمال. كل شيء فيه كان يصرخ بالثراء والطبقية — قماش بدلته الخضراء الزمردية المصنوعة خصيصًا له، الروعة الدقيقة لساعته الفاخرة، الأحجار الكريمة الثمينة في أزرار أكمامه ودبوس ربطة عنقه…
لكن أكثر من الثراء، كان الرجل يشع شعورًا بالقوة.
لقد كان حضورًا مختلفًا عن الهالة الكئيبة التي اعتاد والده أن يمتلكها. بل بدا الرجل ودودًا وهادئًا. ومع ذلك، كان بإمكان أي أحد أن يدرك أنه شخص استثنائي فقط من خلال مدى استرخائه وطمأنينته المطلقة — كأن شيئًا في العالم لا يمكن أن يشكل له مشكلة.
كانت ربطة عنقه مرتخية، وعدة أزرار من قميصه المصمم غائبة بطريقة أنيقة. ارتسمت على وجهه ابتسامة محببة ومسترخية، وفي عينيه بريقٌ من الفضول… وكانت عيناه اللتان تشبهان بركتي فضة سائلة، تعكسان العالم على نفسه.
وحين لاحظ تعابيرهما الغريبة، رمش عدة مرات.
“أوه، أين ذهبت آدابي؟ اسمحا لي أن أعرّف بنفسي…”
لكن بالطبع، لم يكن الرجل بحاجة إلى تعريف.
لقد كان المدير التنفيذي الشاب لمجموعة فالور…
موردريت.
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.