عبد الظل - الفصل 2469
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2469 : عالم الوفرة
في صباح اليوم التالي، أوقف صني مركبته الشخصية أمام منزل إيفي وهو في مزاجٍ عكر. كانت واقفة هناك تحمل كيسًا ورقيًا بنيًا في يد، والمظلة في الأخرى وهي تتثاءب. وعندما فتح الباب، صعدت إلى الداخل وألقت عليه نظرة معاتبة.
“لقد تأخرت.”
تمتم صني بلعنة بين أسنانه.
“هل تعلمين ماذا اضطررت أن أفعل في الطريق إلى هنا؟”
هزت إيفي كتفيها.
“لا فكرة لدي. ماذا حدث؟”
دفع صني مقود العربة بعصبية.
“اضطررت أن أملأ هذه الخردة بالوقود! مجددًا!”
حدقت به بدهشة.
“ماذا؟ مستحيل. هذه الأشياء تحتاج تعبئة وقود يوميًا؟”
أومأ عدة مرات.
“هذا ما أقوله! ذلك الوقود ذو الرائحة اللاذعة القابل للاشتعال؟ أتضح أنهم يحرقونه أسرع مما أحرق الجوهر!”
رمشت إيفي بضع مرات، ثم هزت رأسها وربطت حزام الأمان.
“لا، لكن حقًا… يوميًا؟ يا للمتاعب.”
كان صني يميل إلى الموافقة.
بينما كانوا يقودون نحو وجهتهم، شرحت إيفي ما استطاعت إنقاذه من ذاكرة نظيرتها في الليلة الماضية. معظمها كان متعلقًا بإجراءات الشرطة والبروتوكولات التي عليهم اتباعها — الأوراق الرسمية، الإحاطة الصحفية، التنسيق مع الفرق الأخرى، وما إلى ذلك.
“في الواقع، تلقيت بالفعل مكالمة هاتفية من القائد. سيعقد غدًا بعد الظهر مؤتمرًا صحفيًا، حيث من المفترض أن أدلي ببيان وأجيب عن بعض الأسئلة. يتوقع الصحفيون لمعرفة أمر اللاشيء وضحيته الأخيرة — وبالطبع، يتوقون أيضًا لتأنيب قسم الشرطة والتباكي على عدم إحراز تقدم في القبض عليه. أظن أنني كيس اللكم المخصص لهم.”
ابتسم صني ابتسامة باهتة.
“لكن ذلك ليس جديدًا عليكِ، أليس كذلك؟ لقد كنتِ المفضلة لدى آلية الدعاية منذ الشاطئ المنسي. تذكرين تلك الملصقات لكِ التي لصقوها في كل أنحاء NQSC؟ عن أول دفعة، أعني…”
حدقت به إيفي لوهلة، ثم انفجرت ضاحكة.
“آه، يا سَاميين! رأيتها إذن؟ يا للعجب… تركتُ انطباعًا، أليس كذلك؟”
حسنًا، فعل درعها بالتأكيد…
سخر صني.
“كان بعضها يغطي واجهات مبانٍ كاملة. كان من المستحيل أن تفوتني.”
ابتسمت ونظرت إلى النافذة، إلى لوحات الدعاية الملونة التي تزين مباني مدينة السراب. كانت ملصقات دعائية أيضًا… لكن من نوع مختلف، أكثر مكرًا بكثير. فبدلًا من أن تدفع الحكومة رواية زائفة لتسيطر على المواطنين، كانت هذه من صنع شركات خاصة للتلاعب بالناس كي يستهلكوا بضائعها.
كان من الصعب القول أيهما أكثر تطفلًا.
“إنه أمر رائع وشرير في الوقت نفسه، ألا تظن؟”
رفع صني حاجبه.
“ماذا تقصدين؟”
أشارت إلى المدينة خارج النافذة.
“هذا العالم… عالم الوفرة. ازدهار بالغ، لدرجة أنه أصبح مشكلة بحد ذاته. عالم قائم على نمو لا نهائي، ولذلك لا يستطيع أن يسمح لنفسه بالتباطؤ — ولو قليلًا، ولو للحظة عابرة، سواء بقي سبب يدفعه للإسراع أم لا.”
بقي صني صامتًا بضعة لحظات، ثم هز كتفيه.
“بصراحة، لست ملمًا كثيرًا بكيف كان العالم قبل العصور المظلمة. كل ما أعرفه هو النسخة الرومانسية — العصر الذهبي للبشرية قبل أن تبدأ كل المشاكل، وما إلى ذلك. عصر مفقود من السلام والازدهار. الناس عادة يتحدثون عن ذلك الوقت وكأنه نعيم مفقود.”
ابتسمت إيفي.
“أظن أنه كان كذلك، لفترة. أقرب ما وصلنا إليه من النعيم.”
تنهدت.
“بالطبع، بناء ذلك النعيم كان ممولًا بالاقتراض من المستقبل، وهو ما تسبب بكل تلك المشاكل في النهاية، عندما حان وقت السداد. ومع ذلك… يعجبني هذا المكان.”
فتحت كيسها الورقي وأخرجت علبة صغيرة مطلية باللونين البني والأبيض.
“هل تعرف ما هذا؟”
كاد صني أن يرتجف. ذلك الصوت، ذلك البريق في عينيها — كان يعرفه جيدًا! إنه مظهر الطمع الذي لا يُشبع والهوس المطلق… المظهر نفسه الذي يرتديه هو حين ينظر إلى شظايا الروح وأكوام الكنوز.
‘ما الذي…’
أخذت إيفي نفسًا مرتجفًا.
“هذا… قد يكون أعظم اختراع صنعته البشرية. يُدعى… حليب الشوكولاتة! هذا العصر يملكه، لكن عصرنا لا، فكيف أكون ناقدةً للماضي؟ انهار العالم فعليًا منذ ذلك الحين…”
فتحت العلبة، وأخذت رشفة كبيرة، ثم اتكأت للخلف بابتسامة سعيدة.
“آاااه…”
نظر إليها صني بنظرة ارتياب.
“هل سرقتِ هذا، صدفةً، من أطفالكِ؟”
رمقته إيفي بنظرة استنكار.
“ماذا؟ بالطبع لا! فقط… ما زال لديهم عصير التفاح، حسنًا؟”
هز صني رأسه بتوبيخ.
“أها. حسنًا، أمعكِ على الأقل علبة أخرى كي أجربها أنا أيضًا؟”
قرّبت إيفي الكيس الورقي إلى صدرها، ناظرةً إليه بحذر.
“لـ… لا؟”
نظر إليها باستياء.
“انتظري، لم تشرحي للتو وتمتدحي هذا الحليب بالشوكولاتة خاصتكِ دون أن تخططي لمشاركته مع كبيركِ، صحيح؟”
حدقت به إيفي بفمٍ مفتوحٍ لفترة.
“اسمع، يا كبيري. أنا فتاة ما زالت في طور النمو…”
كاد صني أن يختنق.
“فتاة في طور النمو؟ وأين تخططين أن تنمِي أكثر؟ إن نَمَيتِ أكثر من هذا، فسيخترق رأسكِ السقف!”
ابتسمت إيفي ابتسامة ماكرة.
“ماذا، أتغار؟”
بدلًا من أن يجيب، خطف كيسها الورقي.
“مهلًا! أعده!”
…تمايلت العربة قليلًا وهي تواصل طريقها.
وسرعان ما وصلوا إلى مقر مجموعة فالور. كان من الصعب تفويت المبنى— والذي يكاد يبلغ ارتفاع خلايا المساكن في NQSC، شامخًا فوق الأفق مثل برجٍ من زجاج. كان من المستحيل رؤية قمته من على الأرض مهما أجهد المرء عنقه، ومحاولة ذلك تكفي لإصابة رأسه بالدوار.
أطلقت إيفي صفيرًا.
“أتعلم؟ كانت مجموعة فالور تمتلك مكاتبها الرئيسية في ناطحة سحاب مختلفة، وكانت هي الأطول في مدينة السراب. لكن بعدها، شيّد تكتل آخر مبنى أطول. ثم شيّد ثالث مبنى أطول من ذلك… إلى أن شيّدت مجموعة فالور هذا، وهو الأطول حاليًا.”
ابتسمت بخبث.
“يبدو أن هؤلاء يحبون حقًا أن يقارنوا أي برج أطول… أتساءل ما خلف هوسهم بأحجام الأبراج…”
حدق صني بناطحة السحاب الزجاجية للحظات.
“لا يهمني كثيرًا صراع أبراجهم. وبالمناسبة… ما الذي تفعله مجموعة فالور بالضبط؟ أعني، ما مجال أعمالهم؟”
حكت إيفي رأسها.
“كل شيءٍ ضمن مجالهم. جهاز إتصالك؟ صنعوه. مركبتك الشخصية؟ بنوها. مجمعك السكني؟ هم من بنوه ويملكونه. أثاثك، ملابسك، طعامك… شرطتك، سياسيّوك — أي شيء تشير إليه في مدينة السراب، الاحتمال الأكبر أنه موجود بسبب مجموعة فالور.”
بقي صني صامتًا برهة.
‘يا للغرابة.’
ثم التفت إليها وابتسم.
“إذًا… لنذهب ونسقط الرئيس التنفيذي لمجموعة فالور، ما رأيكِ؟”
ضحكت إيفي.
“ظننت أنك لن تطلب ذلك أبدًا…”
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.