عبد الظل - الفصل 2468
📏 حجم الخط
✍️ نوع الخط
🎨 الخلفية
🖥️ عرض النص
الفصل 2468 : البيت، كم هو مريرٌ.
لقد كان الوقت متأخرًا بالفعل عندما عاد صني إلى شقته المظلمة والغابرة. فتح الباب بمفتاحه، ودخل، وأغلقه، ثم ألقى عليه نظرة طويلة.
‘يا للمتعة.’
كان الباب مصنوعًا من صفيحة معدنية عادية، أما الجدران المحيطة به فلم تكن سوى ألواح خرسانية. بعبارة أخرى، حتى مخلوق كابوسٍ خامل كان قادرًا بسهولة على تمزيق الباب أو تحطيم الجدران… ولكن، في النهاية، لم تكن هناك رجسات في هذا العالم. لذا، فإن هذه التدابير البائسة للأمان قد تكون كافية لردع أي شخص غير مدعو من دخول الشقة.
ومع ذلك، كان المحقق الشيطان رجلاً مصابًا بجنون العظمة — ولسبب وجيه. فبصفته شرطيًا، كان له الكثير من الأعداء، ولم يكن طبعه السيء يكسبه أي أصدقاء. لذلك، كان لإحدى الزجاجات الفارغة المبعثرة في الشقة فائدة عملية بالفعل.
باتباع عادة لا تعود له، أغلق صني الباب بعناية ووازن الزجاجة على مقبضه. بهذه الطريقة، إذا حاول أحدهم فتح القفل والدخول بهدوء في منتصف الليل، ستسقط الزجاجة وتتحطم بصوت عالٍ، مما ينبهه إلى وجود متسلل.
عادةً ما كانت إحدى الظلال تحرسه، لذا فإن هذا المستوى من الحذر بدا له غريبًا وجديدًا.
مبتعدًا عن الباب، تفحص مكان سكنه.
غبار في كل مكان، وزجاجات فارغة وحاويات طعام بلاستيكية متناثرة على الأرض، بقع زيت وآثار على كل سطح زجاجي…
بتنهيدة، أزال صني الزجاجة من مقبض الباب وفتح الستائر. ثم طوى أكمامه وبدأ بالتنظيف.
بعد ساعة أو ساعتين، ومع عدة زيارات إلى حاويات القمامة القريبة، بدأت الشقة أخيرًا تبدو مكانًا صالحًا لحياة البشر. أعاد قفل الباب، وجلس على كرسي مهترئ، مطلقًا تنهيدة ثقيلة.
كان من السخيف الاعتراف بذلك، لكن هذه الحركة البدنية البسيطة قد أنهكته. كانت عضلاته تؤلمه… ليس من قتال مخلوق كابوس مروع، بل من محاربة بلطجية عاديين… وغبار!
‘يا لها من… مذلة…’
شعر بالنعاس.
لكن، قبل أن يجر جسده المتعب إلى السرير، أخرج صني أداة الاتصال البدائية من جيبه، وصارع قليلًا مع واجهتها غير المألوفة، وأخيرًا تمكن من طلب الرقم الذي أعطته له القديسة.
لبضعة لحظات، انبعثت أصوات غريبة في أذنه. ثم خرج من الأداة الصوت الساحر لمعالجته النفسية المفترضة، فارتجف صني رغمًا عنه.
“نعم؟”
تردد قليلًا، ثم تكلّم بنبرة حيادية:
“دكتورة ساينت ‘1’، مساء الخير. أنا… المحقق بلا شمس من شرطة السراب. أردت مناقشة جلسات العلاج القادمة…”
بعد بضع دقائق، وضع أداة الاتصال وأغلق عينيه. لا تزال أصداء صوت القديسة تتردد في أذنيه.
‘هذا غريب جدًا. أن أسمعها تتحدث.’
وقبل أن يدرك، انجرف في أحضان النوم الناعمة.
…في جزء آخر من مدينة السراب، في وقت سابق، كانت إيفي قد أمضت وقتًا طويلًا واقفةً أمام بابٍ فيلا صغيرة دافئة. في النهاية، أخذت نفسًا عميقًا، ورسمت ابتسامة مشرقة على وجهها، ودخلت.
“مامااا!”
“مامي!”
اندفع إليها طفلان مفعمان بالطاقة، وجوههما مشرقة بالسعادة والحب. انحنت إيفي لالتقاطهما، ثم رفعتهما في الهواء، شاعرةً بالأذرع الصغيرة تلتف حول عنقها وبقبلات تُزرع على وجنتيها.
“لقد عادت ماما إلى البيت!”
“ماما! ماما!”
عاجزةً عن مقاومة فيض الطفولة الساحرة، دلّكت وجهيهما بوجهها. وتحوّلت ابتسامتها القسرية تدريجيًا إلى ابتسامة طبيعية.
“ يا الهـي ! من هذان الصغيران الجميلان؟ هل أنتما حقًا أولادي؟ لا أصدق! أولادي الأعزاء كانوا أصغر بكثير عندما غادرت المنزل… كيف كبرتما بهذا القدر في يوم واحد فقط؟ هاه؟ إذا استمر الأمر على هذا النحو، ستقومان أنتما بحمل ماما بنهاية الأسبوع…”
ضحك الطفلان بينما حملتهما إلى غرفة المعيشة.
“لاااا…”
ثم صرفت المربية، وبدأت بالاعتناء بالصغار بنفسها. أعدّت لهما طعامًا بمكوّنات غير مألوفة، وقرأت لهما كتبًا غير مألوفة، ولعبت معهما ألعابًا غير مألوفة، وساعدتهما على الاغتسال في حمام غير مألوف.
كان طفلا نظيرتها أصغر سنًا من فطيرتها… إذ كبر ابنها بسرعة بالغة، مما تركها في حنينٍ عذب. لذا، فإن قضاء الوقت مع هذين الكتكوتين رفع من معنوياتها.
بالطبع، لم يكونا طفلين على الإطلاق. الفتى الجميل والفتاة الرقيقة اللذان نادياها ماما لم يكونا سوى ‘الآخرون’… الكائنات المرعبة، الغامضة، التي أجبرتها المرآة العظيمة على هيئة أطفال.
لكن كان مظهرهما حقيقيًا للغاية، وتصرفاتهما كذلك… وأكثر من ذلك، كانت ذكريات نظيرتها من الحلم لا تزال تجري في ذهنها كنهر ضبابي — ذكريات مفعمة بحب وحنان حقيقيين لهذين الكائنين الصغيرين، تمامًا كما كانت هي نفسها ممتلئة بحب وحنان جارفين لابنها.
كان تناقضًا مجنونًا، أن تجد نفسها تهتم بأطفالٍ يعاملونها كأمهم، لكنهم ليسوا أطفالها… أطفال أبرياء وطاهرون، لكنهم في الوقت نفسه مسوخ مخيفة. شعرت إيفي بالدوار.
لكن، رغم ذلك كله، ورغم معرفتها بحقيقتهم…
لم تستطع ببساطة أن تعاملهم كمسوخ. ربما كان السبب أمومتها، لكن رؤية ابتساماتهم الطفولية كانت تجعل قلبها يخفق ويتألم في آن.
‘آه. ماذا سأفعل…’
في وقت ما، عاد زوج نظيرتها من العمل.
كان طويلًا، وسيمًا، لطيفًا وحنونًا…
لكنه لم يكن زوجها. لم يكن الرجل الذي تحب — ملامحه مختلفة، صوته مختلف، ابتسامته مختلفة… ولهذا السبب، كل ما فيه كان بغيضًا.
نام الأطفال، وحان وقت ذهابها هي وزوجها المفترض إلى الفراش أيضًا.
لكن، لم تكن إيفي مستعدة لذلك.
“هاك. اذهب لتنام على الأريكة.”
ناولته بطانية مطوية ووسادة.
نظر إليها بعينين مليئتين بالحيرة.
“آه… عزيزتي؟ مـ-ماذا فعلت؟”
ابتسمت إيفي.
في الواقع، ماذا فعل المسكين؟ لم تستطع أن تقول له ببساطة إن هناك رجلًا واحدًا فقط مسموح له أن يدخل سريرها — زوجها — وإنه ليس ذلك الرجل… وإنه ليس حتى رجلًا، بل آخر يتظاهر بأنه كذلك.
لذا، لجأت إيفي إلى حيلة مجرّبة مارستها أجيال من النساء.
مانحةً الزوج الآخر نظرةً غاضبة، قالت بنبرة ممتلئة بالسخط:
“ولديك الجرأة لتسأل؟ واو… حقًا واو. ما أنت لو مهتم كنت عرفت! ستنام على الأريكة حتى تفعل!”
شحب الرجل.
“و-ولكن، عزيزتي…”
من دون أن تسمع اعتراضاته، دفعته خارج غرفة النوم وأغلقت الباب بعنف.
أخيرًا لوحدها، أطلقت إيفي تنهيدة ارتياح.
ثم نظرت إلى سريرها الخالي، وزفرت من جديد.
“اللعنة، هل تم خداعي؟ حقًا لا أرى كيف سيساعدني أي من هذا على أن أصبح فائقة… آه، أريد العودة إلى البيت…”
***
1: لعدم ظهور أمور قبيحة مثل دكتورة قديسة، آنسة قديسة، خلال فترة الأرك راح يتم إبقاء أسمها ‘ساينت’.
ترجمة آمون
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.