عبد الظل - الفصل 2561

الفصل 2561: رحلة ترفيهية

سرعان ما اختفت نيفيس وبوابتها، أزال صني بوابته أيضًا، فوجد نفسه واقفًا وحيدًا على الأرض المحروقة في أرض قاحلة، تحت سماء الربع الشرقي الزرقاء الشاسعة. بدا له أنه في مأمن تام، ولو لمرة واحدة في حياته، غريبًا.

‘يا له من يوم غريب.’

عرف صني أن العالم سيهتز قريبًا. سيعلم الناس أن الحرب اليائسة ضدّ سائر الجلود انتهت فجأة – وهذا وحده كافٍ لإحداث ضجة كبيرة.

سيتبع هذا الخبر الكشف المذهل عن صعود ملك جديد إلى عرش السيادة … وأنه لم يكن سوى موردريت ، الابن الضال لملك السيوف.

لم يكن الجمهور يعرف الكثير عن موردريت – باستثناء حقيقة أنه خان عشيرته، ودمر بيت الليل بأوامر الملكة، وكاد أن يغزو مجال السيف بمفرده بينما كانت الحرب مستعرة في قبر السامي.

في الواقع، بعد أن فكّر صني في الأمر، ربما لن يُفاجأ الناس بوصول موردريت إلى السيادة كما هو الآن. الأهم من ذلك هو أن عامة الناس لم يكونوا على علم بوجوده، كما لم يكن الكثيرون يعلمون أن أستيريون على قيد الحياة وسيادي أيضًا.

لذا، بالنسبة لمعظم الناس، يبدو ملك اللاشيئ هو الملك الوحيد في الوجود باستثناء نجمة التغيير. ولن يكون من المبالغة القول إنه سيبدو ثاني أهم شخص في العالم…

وذلك الشخص شيطان غريب يمتلك مليون جسد واختار أن يعيش في الضباب البارد للجبال الجوفاء بدلاً من العيش بين الناس.

يا للبشرية المسكينة! يبدو أن لديها ساميين فقط، ونصف أنصاف السامين فيها مختلّون عقليًا.

الأمر الأكثر حزنًا هو أنه لو علم الجميع أن هناك أربعة من السياديين على قيد الحياة اليوم، لما تحسنت النسبة. بل ربما ستزداد سوءًا.

ناهيك عن أن من اعتبروا نيفيس شخصًا عاقلًا كانوا مخطئين تمامًا. لذا، في الحقيقة، كان جميع أنصاف السامين البشر مختلين عقليًا.

‘الجهل نعمة حقيقية.’

هزّ صني رأسه، ونظر حوله، وتأمل منظر القارة المطهرة. كانت الشمس قد بدأت تغرب نحو الأفق، فامتد ظله على الأرض. نادى، فنهض من بين ظلاله جوادٌ أسود، مُلقيًا عليه نظرةً باردةً من عينيه القرمزيتين.

تألّقت الشمس على أنيابه الشبيهة بأنياب الذئب وقرونه الماسية.

شخر الكابوس بهدوء، وكانت عاصفة الرياح الناتجة عن ذلك سبباً في رقص شعر صني بشكل فوضوي.

عبس ثم أبعد شعره عن عينيه ونظر إلى الكابوس بابتسامة.

“لقد افتقدتك أيضا يا صديقي.”

صعد صني إلى السرج، وأرسل جواده نحو الساحل.

لقد كان حاليًا بالقرب من قلب الربع الشرقي، لذلك على الاثنين عبور القارة بأكملها للوصول إلى المياه حيث تقع حديقة الليل على الأمواج… حتى يتمكن الكابوس من عبورها في غضون ساعات قليلة بوتيرة مريحة.

بالطبع، كان بإمكان صني نفسه الوصول إلى الساحل أسرع باستخدام ‘خطوة الظل’. مع ذلك، لم يكن مستعجلاً – فتجسيداته الأخرى مشغولة بالفعل، لكن هذا التجسيد استطاع أن يأخذ استراحة مستحقة. ففي النهاية، لم يكن من المعتاد أن يواجه المرء قارة بأكملها خالية من مخلوقات الكابوس… وهذا لم يحدث قط، في الواقع.

كان الربع الشرقي أشبه بحديقة في تلك اللحظة، لذا كان صني يرغب في جولة سياحية قصيرة. أراد أيضًا أن يستجمع أفكاره قبل مقابلة جيت.

حدث الكثير في الشهرين الماضيين. لم تكن تجسيداته خاملة خلال إقامته في قصر الخيال، وكان منشغلاً للغاية في الأسابيع التي تلت استعادة رشده. والآن، هذه هي القصة الكاملة مع موردريت… السامين، ذلك الوغد الماكر أصبح سياديا حقاً الآن… وأستيريون يلوح في الأفق فوق العالم أيضاً.

بطريقة ما، كان لدى صني شعور بأنه لن يختبر لحظة سلام مثل هذه لفترة طويلة.

‘آه… قد أضطر إلى تغيير خططي.’

بقيت قطعتان من سلالة ويفر غير مُطالب بهما – نسيج النفس [1] ونسيج الظل. يُفترض أن الأول كان مُخبأً في مكان ما في حديقة الليل، أو على الأقل مُرتبطًا بها، بينما فُقد الثاني في أعماق العالم السفلي المُظلمة.

كان صني قد وضع خطةً مبدئيةً لاستعادة جميع أجزاء سلالة ويفر واحدةً تلو الأخرى، أو على الأقل محاولة ذلك. لكن الآن، بدا أن رحلةً استكشافيةً إلى العالم السفلي ستُؤجَّل إلى ما بعد التعامل مع أستيريون. 

أحزنه ذلك قليلًا.

‘لقد أصبحت أقوى بكثير بعد استيعاب نسيج اللحم و نسيج العقل…’

كانت هناك أيضًا حالة فريدة من نوعها، وهي اندماج نسيج الدم ونسيج العظام ونسيج اللحم وتعزيز بعضها البعض. لذا، كان لديه سبب للاعتقاد بأن نوعًا مشابهًا من التآزر – ربما حتى على نطاق أوسع بكثير – سيحدث عند إعادة تجميع السلالة بأكملها. وكان متأكدًا أيضًا من أن امتصاص نسيج الروح ونسيج الظل معًا سيكون مؤلمًا للغاية.

تنهد صني، وهو يشعر بالفعل بعدم الارتياح لمجرد التفكير في هذا المستقبل الحتمي.

‘بمجرد أن أجمع كل القطع السبعة، على الرغم من ذلك…’

ومن ثم سيكون جاهزًا لتحدي الكابوس الخامس.

إذا كان ينوي تحديه، بعد كل شيء، بدلاً من البحث عن طريقة للوصول إلى السمو دون مساعدة التعويذة.

بينما كان الكابوس يركض عبر الأرض القاحلة، ظل صني يفكر فيما حدث في الأسابيع القليلة الماضية.

‘لا أصدق كم حدث في تلك الفترة القصيرة. لقد كان شهرً’ا مليئًا بكل أنواع الأحداث.

‘دعنا نرى…’

ماذا حدث أولا؟

‘أوه، صحيح.’

كانت الهدية الصغيرة التي أرسلها إلى المعلم يوليوس… الإنجاز الأبرز والمسمار الأخير في نعش مسيرته الأكاديمية.

عمله الضخم، في مجال البحث الأكاديمي.

الترجمة : كوكبة

——

[1] : امون كان مسميه نسيج “الكيان” ولاكني بغير لذلك لنسيج “النفس”