عبد الظل - الفصل 1300
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1300 : مواليد النهر
عندما التقى صني ونيفيس بأنانكي لأول مرة، كانا قلقين بشأن المرأة العجوز الضعيفة. التي بدت عجوزًا جدًا وضعيفة، ومستعدة للانكسار مثل غصين. كانت بشرتها السمراء رقيقة وشفافة مثل ورق الزيت، وعيناها الغائمتان دامعتان وباهتان، وجسمها الهزيل صغيرًا جدًا لدرجة أنه بدا وكأنه يغرق في الطيات السوداء لعباءتها الداكنة.
لم يكونا متأكدين من أن المرأة العجوز يمكنها البقاء على قيد الحياة ليوم سلمي آخر، ناهيك عن رحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر عبر النهر العظيم.
لكن بمرور الأيام ثبت خطأ مخاوفهم. واصلت العجوز أنانكي التشبث بالحياة… في الواقع، بدا أن حالتها تتحسن شيئًا فشيئًا. وأصبحت مفعمة بالطاقة أكثر الآن، وأمكنها أن تبقى واعية تمامًا لفترات أطول، بل واستعادت بعضًا من شهيتها.
في البداية، اعتقد صني أن هذا كان مجرد نتيجة لوجود الأمل أخيرًا بعد انتظارهما لوقت طويل للغاية، بالإضافة إلى تناولها لطعام أفضل. لكن مع مرور المزيد من الوقت، أصبح الفارق واضحًا جدًا لدرجة أنه لا يمكن تفسيره بمجرد الأمل.
كانت أنانكي… تتغير بالتأكيد.
توقفت يداها عن الارتعاش تدريجيًا، وأصبحت قبضتها على مجذاف التوجيه أكثر ثباتًا. استعادت عيناها الغائمتان بعضًا من حدتهما السابقة. لم تعد تنحني كثيرًا، ولم يعد صوتها ضعيفًا ومزعجًا كما كان من قبل.
لم تتعب بالسرعة التي كانت عليها في البداية، وأصبحت فترات الصمت الطويلة التي بدت فيها وكأنها تغفو وعيناها مفتوحتان أقل فأقل، حتى توقفت تمامًا.
كان الأمر كما لو أن أنانكي كانت تصبح ببطء أصغر سنا.
كان على صني أن يعترف بأنه لم يكن يتخيل الأمور فقط عندما فتح عينيه في أحد الأيام ليلاحظ فجأة ظهور بعض الخصلات السوداء في شعرها الطويل الأبيض الثلجي.
‘ما الذي يجري؟’
نظر إلى أنانكي لبضع لحظات، ثم خفض نظرته إلى التيار القوي للنهر العظيم. الذي تدفق إلى الماضي..
لاحظت نيفيس، التي كانت تمارس الأسماء التي علمتها إياها المرأة العجوز – دون نتيجة في الوقت الحالي – أنه كان مستيقظًا وسحبت بعناية كم سترته. ثم نظرت بصمت إلى انانكي وعادت لتكمل.
تردد صني للحظة.
‘أنا؟، لماذا علي أن أسأل؟، لكي أسأل امرأة عن عمرها، هل تعتقدين أنني أحب مغازلة الموت؟!’
حسنًا، للمصداقية… سجله الحافل يشير بالفعل إلى أنه يحب ذلك.
تنهد، وألقى نظرة ساخطة على نيفيس، واقترب من المرأة العجوز بينما راقب سرًا وجهها وهيكلها الرفيع. لم يكن هناك من ينكر ذلك – بدت أنانكي أكثر صحة مما كانت عليه سابقًا. لا يمكن وصفها بأنها شابة بأي حال من الأحوال، ولكن لا يمكن أيضًا أن يطلق عليها اسم عتيقة أو عجوز.
توقف صني لثانية أو ثانيتين، ثم سأل بأدب:
“الجدة… هل يمكنني أن أسألكِ شيئا؟”
ابتسمت له المرأة العجوز بلطف.
“بالطبع يا سيدي.”
‘والآن ماذا يفترض بي أن أقول؟’
أخت صني نفسًا عميقًا، ثم تحدث بصراحة مباشرة.
“قد يبدو الأمر غريبًا، ولكن… هل أصبحتي أصغر سنًا بأي حال من الأحوال؟”
نظرت إليه انانكي بتعبير مذهول.
سعل صني من الحرج.
“أنا آسف، الأمر فقط… لاحظت أنكِ تبدين أفضل… آه، لا أقصد أنكِ لم تكوني تبدين بصحة جيدة سابقًا…”
ضحكت المرأة العجوز فجأة.
“لا، لا. أنا من يحتاج إلى الاعتذار، يا سيدي. أنا فقط… لم أقابل شخصًا بالكامل من خارج مقبرة آرييل من قبل. ولهذا السبب ليس من السهل بالنسبة لي أن أفسر حقيقة أنك قد لا تعرف بعض الأشياء المنطقية هنا.”
هزت رأسها ثم قالت بلطف:
“نعم، جسدي هذا أصبح أصغر سنًا بالفعل. هذا لأننا نتحرك في اتجاه مجرى النهر.”
نظر صني ونيفيس إلى بعضهما البعض في حيرة من أمرهما. بعد لحظات قليلة من الصمت، راقب خلسة شكلها النحيف، بينما راقبته نيفيس علانية.
وأخيراً قالت نيفيس:
“لكن… لا يبدو أنني وصني قد تغيرنا؟”
ألم لكن ليصبحوا أطفالاً صغاراً الآن؟.
أومأت أنانكي برأسها، وكان تعبيرها حزينًا بعض الشيء.
“بالطبع لا. ذلك لأنكما غرباء، بينما أنا من وليدي النهر. الغرباء ليسوا مدينين لتدفق النهر العظيم، حيث أنهم أتوا من خارجه. إنهم أحرار في التجول فيه كما يحلو لهم، ويسافرون لأي مسافة. ولهذا السبب يُطلق عليهم أيضًا اسم الحجاج”.
إبتسمت.
“لكننا، مواليد النهر، مختلفون. منذ أن ولدنا داخل مقبرة آرييل، نحن مدينون لتدفق الوقت داخلها. لا يمكننا السفر إلا إلى الحد الذي تسمح به حياتنا… وحتى رغم ذلك، الاتجاه الوحيد المسموح به لنا هو عند المنبع، ونحن مقيدون بالسلاسل لامتداد النهر العظيم من حيث أتينا”.
نظر إليها صني محتارًا، وهو يكافح من أجل تخيل كيف ستبدو هذه الحياة.
“انتظر، انتظر… كيف يعمل هذا حتى؟”
وفي الوقت نفسه سألت نيفيس:
“إذاً، أنتم تكبرون عندما تتحركون عكس مجرى النهر، وتصبحون أصغر سناً عندما تتحركون في اتجاه مجرى النهر؟، وهذا… ينسب إلى المكان الذي ولدتم فيه؟” ‘1’
نظرت أنانكي بينهما بلا حول ولا قوة، ثم قررت أخيرًا الإجابة على سؤال نيف أولاً وأومأت برأسها.
“بالفعل.”
رمش صني عدة مرات، ثم فجأة فتح عينيه على نطاق واسع.
“انتظري، هل هذا يعني أنه طالما بقيتي في مكانكِ، فستصبحين… خالدة؟”
تنهدت أنانكي بهدوء.
“أجسادنا لن تشيخ يا سيدي. هذا ليس مثل الخلود.”
نظرت إلى الامتداد المتلألئ للنهر العظيم بحزن.
“… في الواقع، نحن وليدي النهر لا نعيش عادة كل هذا الوقت. على الأقل ليس في ويف. الحياة هنا مليئة بالمصاعب، والمياه خطيرة. وبما أننا نعيش بالقرب من المستقبل الهالك، فهناك العديد من الفاسدين القادمين من المنبع… جميعهم محصنون ضد تدفق الوقت، وكانت الأمور على ما يرام عندما كان لدينا العديد من الغرباء – كبارنا – ولكن مع تضاؤل عددهم، أصبح من الصعب أكثر فأكثر إعالة أنفسنا والدفاع عن المدينة.
أصبح وجه المرأة العجوز قاتمًا.
“بعد كل شيء، ليس من السهل محاربة عدو يمكنه مهاجمتك والتراجع بحرية بينما تفتقر إلى القدرة على ملاحقته. ومع ذلك… نجحنا. ربما لم تكن الحياة في ويف سهلة أو فخمة، لكنها كانت جميلة. على الأقل بالنسبة لي.”
صمتت أنانكي، وظهرت ابتسامة باهتة على شفتيها.
‘انتظر لحظة الآن…’
أمال صني رأسه، ولم يتمكن من السيطرة على نفسه، وقال:
“إذن يا جدتي… لا يا أنانكي… كم عمركِ حقًا؟”
‘آه!، ماذا تفعل!’
نظرت إليه المرأة العجوز وضحكت.
“أنا؟، في الواقع… بين أهل النهر، أنا أعتبر امرأة شابة تمامًا.”
تجمد.
وتجمدت نيفيس أيضًا.
“ش-شابة؟”
أومأت أنانكي بجدية.
“بالطبع!، عمري بالكاد مائتي عام…”
***
1: حسيتها تحتاج شرح أخر، دعنا نتخيل مساحة النهر العظيم من 1 ل10.
1 هو اقصى الماضي و10 هو اقصى المستقبل.
اذا انت من مواليد النهر وولدت بالمنطقة برقم 3 فما تقدر ترجع بالنهر للمنطقة رقم 2 او 1 لان بالنسبة للزمن انت ما انولدت بذا الوقت لسى، ولو قررت تروح بالغصب هتصغر ليوم تموت على حد ما فهمت، اما لو رحت لاقصى المستقبل فهتكبر ليوم توصل شيخوختك وتموت من العمر، مثلا رحت للمنطقة من 7 المستقبل؟، هيصير عمرك ”كمثال” 100 عام ولو مو مقدر لك تعيش 100 عام فهتموت من الشيخوخة طبعا الارقام من عندي للتوضيح.
اكتب الاغلاط بالتعليقات
ترجمة امون