عبد الظل - الفصل 277
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 277 : شيطان القدر
حبس ساني أنفاسه، متأثرًا بالمشهد المضطرب أمامه.
كانت الجثة راكعة على أرضية الزنزانة الصغيرة ويدها مقيدة إلى الأرض بالسلاسل. كانت هناك دائرة منحوتة في الحجر حولها، مع عدد لا يحصى من الرموز التي لم يستطع ساني فهمها تحيط بها.
ومع ذلك، كانت الدائرة مكسورة. بسبب آلاف السنين منذ سقوط المدينة المظلمة، تشققت أرضية الزنزانة، مع عديد من الكسور التي تمر مباشرة عبر النقش المعقد.
أيًا كان ما كان من المفترض أن تحتويه الدائرة، فقد هلك أو هرب منذ زمن طويل.
والآن، الشيء الوحيد المتبقي هو جثة ذابلة.
بالاقتراب منها، ألقى ساني نظرة أخرى على الشخص الذي سُجن ومات تحت الكاتدرائية المدمرة، في زنزانة تقع بالضبط تحت تمثال الإلـهة عديمة الأسم.
بسبب العباءة الداكنة والقناع الأسود المطلي، لم يستطع ساني جمع الكثير من المعلومات حول الجثة. بدت أنها تنتمي إلى بشري، لكن بخلاف ذلك، كان كل شيء عنها لغزًا.
ما الخطيئة المروعة التي ارتكبها هذا الشخص ليحكم عليه بهذا الموت الفظيع؟.
من الغريب أن حدس ساني كان صامتًا. بدا الأمر كما لو لم يكن هناك شيء أمامه على الإطلاق. لحاسته السادسة، فقد ظهر سجين الزنزانة تحت الأرض كفضاء فارغ.
‘…هذا غريب. من الواضح أن هذا الشخص كان مكروهًا أو يخشوه كثيرًا لدرجة أن يتم حبسه خلف كل هذه الحواجز. وبالتأكيد، كان العثور على مثل هذا المخلوق سوف يؤثر على قدري… لماذا لا أشعر بأي شيء، إذن؟’
بعبوس متوتر أخذ نفسًا عميقًا وخطى بحذر داخل الدائرة.
…كان عندها حيث لاحظ ساني أحرف رونية فوضوية مرسومة على الأرض بالقرب من يد السجين اليسرى. كاد مشهدهم أن يصيبه بنوبة صرع.
ترنح ساني وسقط على ركبتيه وتقيأ.
‘آغه… سحقا!’
تلك الأحرف الرونية… تلك كانت نفس الأحرف الرونية التي استخدمتها التعويذة لوصف -المجهول- الغامض. إلا أن هنا، كانت شدة التأثير المروع الذي تركوه على ذهن أي شخص يراهم أقوى بكثير.
‘ما هذا بحق؟’
بمسح ساني فمه، عبس وحدق في الجثة المقنعة بقليل من الاستياء.
ثم رفع نفسه عن الأرض، وأخذ نفسًا عميقًا… ونظر إلى الأحرف الرونية المروعة مرة أخرى.
على الفور، شعر ساني بصداع متقطع وانتشر إحساس مروع ومثير للاشمئزاز في عقله. كان الأمر كما لو أن كل أفكاره وذكرياته تتمزق وتلتوي. ولكن على الرغم من كل ذلك، ثابر ساني واستمر في التحديق في الرسالة الأخيرة التي تركها السجين خلفه.
كان يعلم أنه لا يستطيع قراءة الأحرف الرونية – لم يكن يعرف تلك اللغة بالذات، والتعويذة إما كانت ممنوعة أو غير قادرة أو رفضت ترجمتها. لكن لسبب ما، شعر ساني بأنه مضطر للمحاولة.
مناضِلًا من خلال الألم الشديد، درس ببطء الأحرف الرونية الغريبة. وفجأة اتسعت عيناه.
لأن مباشرة أسفل الفوضى العشوائية الخاصة بهم، تمت كتابة سطر من النص الذي كان مألوفًا له – اللغة الرونية المعتادة التي استخدمتها التعويذة دائمًا.
لكن هذه المرة، لم تقدم التعويذة أي ترجمة. لحسن الحظ، كان ساني قد درس هذه الأحرف الرونية وعرف ما يكفي عنها لفهم ما تمت كتابته بنفسه.
آخر شيء كتبه الشخص المسجون تحت الكاتدرائية قبل أن يستسلم إلى موته جعله يرتجف.
مخدوشًا في الحجر كان دعاءً قصيرًا:
“يحيى ويفر
شيطان القدر
الأبن البِكر
-للمجهول-“
***
حدق ساني في الأحرف الرونية حتى كان على وشك فقدان الوعي. عندها فقط ابتعد وأغلق عينيه.
بقي التنافر المقزز للأحرف الرونية الشنيعة محفوراً في ذهنه. فقط بعد مرور عدة دقائق، تلاشى قليلاً، مما سمح له بالتنفس مرة أخرى.
إذن… ويفر الغامض الذي ورث نسبه المحرّم كان في الواقع مرتبطًا بالقدر. تمامًا مثل ساني نفسه.
ما هي فرص حدوث ذلك؟.
‘…ذلك مقدرٌ لك، على ما أظن.’
لم تكن الكلمة التي تمت ترجمتها إلى ‘شيطان’ في أسمه هي نفس الكلمة المستخدمة لوصف مخلوقات الكابوس من الفئة الثالثة، بل كانت مختلفة.
ربما كانت ترجمتها الأدق هي روحًا أو روحًا شريرة أكثر ملاءمة – كائنًا إلـهيًا، لكن قوي ومشؤوم. واحد يختلف عن الآلـهة، ولكنه يشترك في نفس طبيعتهم. ومع ذلك، لم يكن ساني ضليعًا بما يكفي في المصطلحات الروحية. كل ما كان يعرفه هو أن اللغة الرونية كانت غنية بشكل لا يصدق بالكلمات التي تصف جميع أنواع الوحوش والمخلوقات، في حين أن اللغة البشرية لم تكن كذلك.
وبالتالي كان وصف ‘الشيطان’ لا بأس به معه.
بصرف النظر عن الكشف المحير عن ويفر الغامض، لقد لاحظ شيئًا مهمًا آخر بسبب إجبار نفسه على دراسة الأحرف الرونية.
من قبل، اعتقد ساني أن هناك كيانًا واحدًا رفضت التعويذة أن تناديه باسمه ووصفته ببساطة بأنه -مجهول- – مما دفعه لتسميته بالمجهول.
… نعم، لم يكن ساني مبدعًا عندما يتعلق الأمر باختيار الكلمات.
لكن، ما إذا كان -المجهولون- نوعًا من الكائنات، أو كيانًا واحدًا، أو قوة من قوى الطبيعة، فهو لم يكن يعرف.
ولكن الآن، أدرك أن هناك بالفعل نوعين من الأحرف الرونية المحظورة، وشيئين لم تعرف التعويذة كيف توصفهم، أو لم ترغب في ذكرهم.
كان النوع الأول هو نفسه المستخدم في وصف قطرة الإيكور، والتي ذكرت أن الطائر اللص الخسيس كان مكروهًا من قبل كل من الآلـهة و-المجهول-. وذكرت أيضًا ان انعكاس المجهول بقي متجمدًا إلى الأبد في أعماق بؤبؤ العين ويفر، وأن مجرد النظر إليه أدى إلى جنون الطائر اللص.
النوع الآخر كان هو نفسه الذي تم استخدامه في وصف القديسة الحجرية، التي تم إنشاؤها بواسطة ‘آخر أبناء الـ -المجهول-‘، والآن مكتوبة هنا، من قبل السجين الميت، الذي أطلق على ويفر ‘الأبن البِكر
-للمجهول-‘
‘ما الذي يفترض أن يعنيه كل هذا بحق؟’
إن شكوكه في أن ويفر كانت له علاقة بإنشاء تعويذة الكابوس ازدادت قوة فقط بعد أن علم أنها… ام لها؟… كان له علاقة بنطاق القدر. فبعد كل شيء، بدا أن التعويذة قد نُسجت من خيوط عديدة من القدر، وكان هناك هذا الكائن المسمى بويفر، الذي لم يكن لديه دماء آلـهة فقط في عروقه، بل أيضًا كان مرتبطًا بطريقة ما -بالمجهول-.
بشعوره أن الصداع يزداد قوة، جفل ساني وهز رأسه.
‘لاحقاً. سأفكر في ذلك لاحقًا.’
سيكون هناك وقت للتفكير في كل هذا لاحقًا. أو لن يوجد، إذا مات وهو يحاول الهروب من الشاطئ المنسي. في كلتا الحالتين، لم يكن ذلك الوقت الآن.
بالعودة إلى الجثة المقيدة بالسلاسل، تجنب ساني بحذر النظر إلى الأحرف الرونية الخطيرة وركع أمامها.
أراد أن يعرف ما الذي يختبئ خلف القناع.
ولكن بمجرد أن لمسها، تحطمت الجثة فجأة وانهارت، وتحولت إلى غبار أمام عينيه. حتى عباءتها الداكنة قد تعفنت واختفت، كما لو أن آلاف السنين التي مرت منذ سقوط المدينة المظلمة وتدمير الكاتدرائية قد ألحقت بها أخيرًا.
وسرعان كل ما تبقى كانت كومة من الغبار.
…ولمع سطح القناع الأسود المطلي والملقى فوقها قليلاً في النور الباهت للمشاعل الشبحية.
{ترجمة نارو…}