عبد الظل - الفصل 587
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 587 : الانفجار
قبل لحظة واحدة فقط من انفجار المنتقم الصبور، تراجع ساني إلى الخلف وانزلق داخل الظل الذي ألقته إحدى الأعمدة الحجرية العريضة. لمح لمحةً من الدهشة في عيني بيرس، وفي اللحظة التالية، غمر كل شيء نورٍ أبيض أعمى البصر.
ثم أتى الصوت، هدير مدوٍّ كان سيحطم طبلة أذنه لو لم يكن قد تحول إلى ظل على الأرجح. بعد ذلك، وصلت الموجة الصادمة، مدمّرة العمود ومحوّلة إياه إلى كتلة من الحطام المتطاير. تحطم مأوى ساني، وأُعيد إلى العالم المادي… تمامًا في الوقت المناسب ليُبتلع بنيران مدمّرة ومحرقة.
لحسن الحظ، كان قد استدعى ذكرى النار في بداية القتال. وبفضل سحرها، والسلاسل الخالدة، تمكّن ساني من الصمود أمام الحرارة المروعة. كانت عيناه مغمضتين بإحكام، ولهذا لم يُحرق سوى جفونه.
لقد اتّضح أن الانفجار… كان أقوى بكثير مما توقع.
‘الـ—اللعنة…’
دُمّرت القاعة بالكامل. تهدمت الأعمدة التي كانت تحمل السقف، وجدرانها تصدعت، بل وقد انهارت أجزاءٌ منها. مُسحت أجساد الضائعين الذين قُتلوا عمليًّا من الوجود، وكل شيء كان محجوبًا بسحابة من غبار الحجارة، ممزوجة بضباب قرمزي رقيق، ظهر بعد أن تبخرت بركة الدماء.
وسط هذا الفوضى، تمكّن ساني من تمييز بعض الأشكال المألوفة. كان الثعبان قد اندمج مع الظلال قبل أن يصل إليه الانفجار، لذا لم يصبه ضرر.
أما القديسة، فلم تكن محظوظة بهذا القدر — فذراعها اليسرى بالكامل قد انتُزعت من عند الكتف، وتمزق درعها العقيقي، كاشفًا عن بشرة عاجية محروقة. كان غبار من الياقوت الناعم يتدفق من الجرح المروّع، ساقطًا نحو الأرض وكأنه رمل في ساعة رملية مشؤومة، كما لو كان يعد الوقت المتبقي لحياتها.
هذا كان ثمن تعزيز وتضخيم قوة ذكرى صاعدة حتى أقصى حد… حتى حاملها لم يكن آمنًا من العواقب، كما اتّضح.
ارتجف فم ساني قليلًا، ثم سرعان ما طرد الفارسة الصامتة، واستدعى ظله الثالث.
في اللحظة القصيرة قبل أن يصل إليه الظل ويلتفّ حول جسده، تمكّن من استشعار بقية القاعة المدمّرة.
كانت الأصداء على ما يبدو قد مُسحت. كانت ويلث راكعة على مسافة، مضطربة ومصابة إصابات سطحية، لكنها لا تزال على قيد الحياة. كان موردريت ممددًا على الأرض، وكأنه أُخرج بالقوة من حالته غير المرئية.
…ووحده بيرس من كان لا يزال واقفًا، كما لو أن الانفجار لم يؤثر فيه إطلاقًا. كان درعه محطّمًا ومحترقًا، والدخان يتصاعد من شقوقه، لكن السيد نفسه بدا غير متأثر. في الواقع، ازدادت شدّة نية القتل فيه حتى أصبحت خانقة.
وكأنه جرفٌ صخري منيع، لا تسقطه الرياح بأعتى عواصفها.
دون أن يكشف عن نفسه، كتم ساني زئيرًا غاضبًا، واندفع بصمت إلى الأمام.
أطلق نصل المشهد القاسي بصفيرٍ خافت نحو قلب الوغد.
لكن…
في اللحظة الأخيرة، تحرّك بيرس وصدّ الضربة بسهولة بسيفه، حانيًا الرمح عن مساره. ثم ومضت قبضته المدرعة وهي تتجه نحو رأس ساني.
عندما أصابته الضربة، أصيب ساني بالعمى للحظة. كانت عيناه لا تزالان مغلقتين، لكن بدا وكأن شيئًا انفجر خلف جفنيه، وفي الوقت نفسه، أصبح عقله خاليًا تمامًا. كل ما شعر به هو دوران العالم من حوله.
مشوّش الذهن، أكمل ساني اندفاعه واصطدم بالسيد المرعب. رمى بهما الاصطدام أرضًا وسط صليل الحديد.
طارا إلى الخلف، ثم ارتطما بالأرض الحجرية. أمسك بيرس بعنق ساني، ووجه ضربة بركبته إلى بطنه، مسبّبًا انفجارًا آخر من الألم اجتاح جسده، وأرسله يتدحرج مبتعدًا.
…لكن ليس قبل أن تمتد يد ساني الحرة نحو شق في درع الفارس الصاعد وتغرس شيئًا عميقًا في لحمه.
إبرة طويلة ورفيعة مصنوعة من فولاذ أسود، ملفوف حول أحد أطرافها سلك ذهبي.
مدفوعة بكل قوة ساني، انغرست العبء السماوي في لحم بيرس بالكامل تقريبًا، ولم يظهر منها سوى بضعة سنتيمترات، بالكاد مرئية في الشق الضيق الذي يشوّه سطح درع الفارس.
بالطبع، لم تكن هذه الإبرة الصغيرة كافية لتلحق ضررًا حقيقيًا بسيد، أو حتى تُبطئه. لكن لم يكن الضرر غاية ساني منها.
تدحرج على الأرض، واستدار ليستقر على ركبتيه، منزلقًا خطوات قليلة إلى الخلف، ليستعيد توازنه بسرعة شبه فورية.
على بعد أمتار قليلة، كان بيرس ينهض بدوره. وعيناه تشتعلان بنية القتل، وسيفه الطويل يلمع بانعكاس ألسنة اللهب المحترقة من حولهم. كان مستعدًا لإنهاء القتال…
لكن عندها، حدث شيء غريب.
تأرجح السيد المهيب فجأةً، وظهر تعبيرٌ حائر على وجهه. وبعد لحظة، انفصل نعلاه المدرعان عن الأرض، وارتفع جسده في الهواء.
…كانت العبء السماوي ذكرى حصل عليها ساني مقابل نقاط المساهمة بعد مساعدته للسيدة جيت في القضاء على المستيقظ المجنون، نصل الظل كورت. وسحرها الوحيد كان بسيطًا ومباشرًا: من يُخز بهذه الإبرة، سيرتفعُ نحو السماء، الى أعلى، وأعلى، وأعلى.
كان ساني قد اقتناها ليجمع سحرها مع الجناح المظلم، ليتمكّن من الطيران خارج السماء السفلى إن اضطر لذلك.
لكن هذا لا يعني أنه لم يكن لها استخدامات أخرى.
…كان بيرس يرتفع في الهواء، وقدماه بالفعل فوق متر كامل فوق الأرض. زالت دهشته الأولى، وسرعان ما نظر للأسفل، إلى طرف الإبرة المغروسة في لحمه. امتدت يده نحوها، لكن كانت أصابع قفازه المدرع سميكة وخشنة أكثر من اللازم لانتزاعها من أول محاولة.
لم يكن ساني يشك أن بيرس سيتمكن من إخراجها قريبًا. وكان شبه متأكد أن الفارس الصاعد يمتلك في ترسانته على الأقل ذكرى واحدة تمكّنه من مقاومة أو التحكم بتأثير العبء السماوي.
لكن أيًّا من هذين الخيارين سيتطلّب وقتًا، مهما كان قصيرًا.
وذلك الوقت… لم يكن ساني ليمنحه له.
مدّ يده إلى الأمام، وأطلق شظية نور القمر نحو عين بيرس. ولأنه لم يكن يستند إلى شيء، فقد حُرم الفارس من أهم عنصر في القتال — اتصال المحارب بالأرض. لم يستطع المراوغة، ولم يستطع التحكّم في توزيع وزنه للدفاع، ولا حتى استخدام معظم قوته.
ومع ذلك، تمكّن بيرس من صد الخنجر الشبحي بسيفه…
…لكن هذا جعله مكشوفًا تمامًا لهجوم ساني الحقيقي.
فورًا بعد أن غادرت شظية نور القمر يده اليمنى، رفع ساني يده اليسرى للخلف، واستخدم كل القوة التي منحته إياها الظلال الثلاث، ووجّه سيلًا من الجوهر إلى عضلاته، ثم أطلق المشهد القاسي للأمام.
كانت الرمية مثالية، تمامًا كما علّمته إيفي.
في اللحظة الأخيرة، تدفقت الظلال الثلاث من أصابعه، ولفّت نفسها حول نصل الرمح الفضي القاتم.
اتسعت عينا بيرس.
اخترق المشهد القاسي الهواء وكأنه مذنب أسود، وانغرس في صدر الفارس المرعب. كانت قوة الرمية عظيمة لدرجة أنها اخترقت درعه التالف، وجلده وعظامه القاسية، ثم قلبه.
وبينما كان لا يزال تحت تأثير العبء السماوي، ارتفع جسد السيد بسرعة مرعبة، وانغرز في الحجارة، متدلّيًا بلا حياة من سقف القاعة المدمّرة.
انهمر سيلٌ من الدم كأنه مطرٌ قرمزي.
ترنّح ساني، ثم أسند نفسه على يديه، وأطلق نفسًا مرتجفًا.
‘هيا… هيا…’
مرت لحظة في صمت، ثم أخيرًا سمع الصوت المألوف المؤلم.
لكن همسة التعويذة هذه المرّة… كانت أشبه بموسيقى عذبة لأذنيه:
[…لقد قتلتَ بشريًّا صاعدًا، بيرس.]
[يزداد ظلّك قوة.]
‘ يا الهـي … لقد فعلتها فعلًا…’
ابتسم ساني ابتسامةً قاتمة، وسمح لنفسه بلحظة راحة، ثم وقف على قدميه، عالمًا أن المعركة لم تنتهِ بعد.
لا يزال موردريت وويلث هنا… وكلاهما مميت كذلك اللعين الذي قتله للتو.
طرد المشهد القاسي، واستدعاه مجددًا فورًا، وفي الوقت ذاته تحقّق من احتياطه من جوهر الظل. كان قد أنفق الكثير، لكن ليس إلى حد القلق… حتى الآن.
ظهر ثعبان الروح من بين الظلال، وانزلق على جلده، متحولًا إلى وشم معقد.
وبينما لا يزال مغمض العينين، جزءًا من باب الحذر، وجزءًا لأن جفنيه كانا محروقين ويؤلمان بشدة، مدّ ساني حاسة الظل إلى الأمام، محاولًا فهم ما يجري مع الطرفين الآخرين في هذه المعركة الجحيمية.
كانت ويلث تقف على مسافة، تتأرجح. ويداها كانتا مضغوطتين على وجهها.
أما موردريت…
تجمّد ساني.
كانت الحارسة الأنثى… ميّتة.
لم يلاحظ ذلك من قبل، لكنها كانت ممددة بلا حراك على الأرض، عنقها ملتوية بطريقة غير طبيعية.
‘كيف… كيف حدث هذا؟’
هناك شيء غير منطقي… كيف خسر موردريت وعاءه الوحيد بهذه السهولة؟ لقد واجه واحدًا فقط من الأسياد… لا بد أنه قادر على هزيمة ويلث بمفرده. وإلا، فماذا كان سيفعل لو تحالف ساني مع فرسان فالور؟ كيف خطط ليقاومهما معًا، ناهيك عن طرف ثالث؟.
لا يمكن أن يكون أمير اللاشيء بهذا الضعف…
وفجأة، لفت انتباهه تفصيل صغير.
كانت إحدى يدي الحارسة مشدودة على شيء، وكأنها تُمسك به بقوة.
قطعة من سلسلة ممزقة…
…ألم تكن تلك السلسلة مألوفة بشكل غريب؟.
بدأ شعورٌ بارد ومزعج يتسلل إلى صدر ساني. أدار رأسه قليلًا وركّز على الناجية الوحيدة من قوى فالور، باحثًا عن…
ضحكت ويلث فجأة. كان صوتها غريبًا ومختلفًا.
وتميمتها… تميمة السندان قد اختفت.
أنزلت السيدة يديها وابتسمت.
“آه! هذا أفضل، أفضل بكثير…”
{ترجمة نارو…}
✨ عضوية مميزة في فضاء الروايات ✨
🚫📢 تخلّص من الإعلانات المزعجة
💖 استمتع بتجربة قراءة سلسة ومميزات حصرية مقابل مبلغ رمزي
📌 ملاحظة: أرسل اسمك في الموقع عند الدفع ليتم تفعيل العضوية ✅
جميع ما يتم ترجمته في الفصول منسوب إلى المؤلفين، ونحن بريئون من أي معانٍ تخالف العقيدة أو معانٍ كفرية وشركية.
هذا مجرد محتوى ترفيهي فلا تدعه يؤثر عليك أو يلهيك عن دينك.
استغفر اللـه وأتوب إليه.