عبد الظل - الفصل 2212
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2212 : معركة ملكية
بعيدًا عن الحر الخانق لقبر السَّامِيّ، عاليًا في البرد القارس لقلب الغراب، وقف قصرٌ أسود مهيب مغطى بحجابٍ من عاصفة ثلجية عاتية. ومع عواء الرياح، تردد صوت منخفض ومجلجل في الثلج، مما جعل الناس في المدينة على الجانب الآخر من الجسر العظيم يتجمدون في أماكنهم ويلتفتون برؤوسهم.
كان ذلك أنين الحجر، ثم، ولأول مرة منذ لا حصر له من السنين، انفتحت البوابات الرئيسية الشاهقة للقصر الأسود على مصراعيها.
خلف البوابات، عميقًا في الداخل، كان هناك ظلام مروع.
بعد لحظة، خرجت أشكال مشوهة من ذلك الظلام، ودخلت إلى النور، تتحرك بلا اكتراث عبر البرد القاتل للعاصفة الثلجية.
تدفق نهرٌ هائل بدا وكأنه لا ينتهي من الموتى السائرين من القصر الأسود، عبر الجسر الحجري، متجهًا نحو الصدع الشاهق لبوابة الأحلام. كان هناك مخلوقات الكابوس بأشكال وأحجام شتى في ذلك النهر، إلى جانب عدد لا يُحصى من البشر.
اختلفت الدمى في الشكل والحجم… لكن بعضها كان أكثر رعبًا من البقية.
تلك كانت الدمى المصنوعة من جثث ‘العملاقة’ المقتولين.
بينما كانت الأعاصير من الشرارات القرمزية تولد عاصفة شاسعة من السيوف، عبر أول ‘العمالقة’ بوابة الأحلام، وخطى على سطح عظام القفص الصدري للسَامي الميت.
ارتجف العالم تحت خطواته.
بدا الموتى الذين وقفوا أمام جيش السيف كفيلق عظيم، ولكن الآن، مع انفتاح القاعات الجليدية لقلب الغراب، بدت أعدادهم فجأة تافهة وضئيلة.
راقب جنود الجيشين في صمت مذهول بينما كانت مواكب دمى الملكة التي لا تنتهي تتقدم من بين الثلوج العاصفة، ولم يتوقف تدفقهم حتى غمر جيشٌ كاملًا من الموتى سهل العظام، وكلهم يحدقون إلى السحب اللامحدودة من السيوف بنظرات خاوية ومرعبة.
كان ‘العمالقة’ يعلون فوقهم كجبال من اللحم المشوه، وكان بعضهم هائلًا إلى درجة أنه بالكاد تمكن من العبور خلال الصدع العظيم لبوابة الأحلام.
واجه بحر الدمى عاصفة السيوف، وبينهما وقف سياديان، يواجه كل منهما الآخر في المنتصف.
حينها فقط، أدرك جنود الجيشين العظيمين ما الذي يعنيه ذلك، وما الذي كان على وشك الحدوث.
سَاميين البشرية الأثنين كانا على وشك التصادم، والقتال حتى يموت أحدهما.
بعض الجنود ارتجفوا ارتياحًا، مدركين أنهم لن يدخلوا المعركة اليوم. آخرون اكتفوا بالتحديق بصمت في المشهد المذهل.
لكن الأكثرية شعروا بالرعب، عالمين أن البشر مثلهم ليسوا أهلًا لمشاهدة السَاميين يتقاتلون. فقد كانت معارك المتسامين قد هددت بحصد أرواحهم كأضرار جانبية… فأي نوعٍ من الكوارث سيُطلق العنان لها عندما تصطدم الفائقون؟.
في مكان ما داخل تشكيل جيش الأغنية، ظهرت ريفل وحجاب القمر فجأة من العدم، وقد حملهما أحد قديسي الأغنية إلى قبر السَّامِيّ بعد عودتهما من عالم اليقظة من ظلام محيط العمود الفقري. كان كلاهما ملطخًا بالدماء ومصابًا بجروح بالغة – خاصةً ريفل، التي كان جسدها الممزق مغطى بجروحٍ لا حصر لها.
بينما هرع أحدهم لإحضار المعالجين، سقطت على ركبة واحدة ورفعت وجهها الشاحب للأعلى. فاتسعت عيناها.
…تحركت جثث قديسي السيف الأربعة الذين أحضروهم معهم، ونهضت من الأرض لتنضم إلى جيش الموتى.
عبر بحر الدمى وعاصفة السيوف، داخل تشكيل جيش السيف، ظهر فارس الصيف بطريقة مشابهة. كان جسده في حالة أفضل من بنات الملكة، لكن نظراته كانت كئيبة وقاتمة، خالية من بريقها المعتاد.
نظر إلى ساحة المعركة بصمت، ثم خفض بصره، وتردد لبضعة لحظات طويلة، قبل أن يستدعي درعه وأسلحته.
تقريبًا في اللحظة نفسها، هوت سبعة سيوف مهيبة من السماء، متوقفة لتحوم خلف أنفيل. رفع ذراعه، فهبط أحدها في يده.
بدا العالم نفسه وكأنه قد انحرف، كما لو كان يُطوى ويتمزق بفعل النصل الرمادي الغريب.
نظرت كي سونغ إلى السيف المرعب بهدوء.
“أرى أنك لا تزال جامعًا متقنًا. نصل مقدس، صحيح؟”
خفض أنفيل رأسه قليلًا، متحركًا بريشة خوذته القرمزية. كان صوته البارد غير مكترث حين أجاب، موجهًا سيفه نحو الملكة غير المسلحة.
“إنه لا يزال مخيبًا للآمال… لكنه سيفي بالغرض. على الأقل، لستُ من هواة اللعب بالدمى الميتة.”
ضحكت كي سونغ، وكان صوتها يضيع وسط همسات السيوف التي لا تحصى.
“لدي بعض الدمى الحية أيضًا.”
بقولها ذلك، خفتت ابتسامتها، وحل محلها تعبير بارد وقاتم. اشتعلت شعلتان قرمزية مفترسة في عينيها.
“لن تنقذك هذه الألعاب.”
…بعد لحظة، أصبحت أمام أنفيل فجأة. اصطدمت يدها العارية على صدر درعه، غارزة فيه انبعاجًا عميقًا. تركت أصابعها أخاديد غائرة في المعدن المسحور، تكاد تمزقه.
كانت قوة ضربتها مرعبة إلى درجة أنها أطلقت موجة صدمة مدمرة، دافعة ملك السيوف عدة خطوات إلى الخلف.
في الوقت نفسه، اندفع بحر الدمى إلى الأمام مثل مدٍّ هائل.
طمست عاصفة السيوف السماء الرمادية المتوهجة، ملقية بظلٍ عميق على ساحة المعركة. والآن، هوت السيوف من الأعالي، كما لو أن السماء نفسها قد سقطت على جيش الموتى. أنارت السيوف الطائرة أثناء هبوطها، عاكسةً النور الساطع، وبدا للحظة وكأن العالم كله قد اشتعل نيرانًا.
وعندما اصطدمت سحابة الفولاذ بموج الموتى، بدا وكأن العالم المشتعل قد تحطم.
كانت قوة الاصطدامات هائلة إلى حد أنها أنتجت وميضًا أعمى وموجات من حرارة لا تُحتمل. تمزقت بعض الدمى، في حين تعرض البعض الآخر لأضرار جسيمة.
لكن الأكثر رعبًا كان أن العديد منها تفادى أو صدّ السيوف الطائرة، متحركًا بمهارة باردة ومدروسة، بمهارة محاربين مهيبين. كانت مثل هذه المهارة سلاحًا مروعًا في أيدي كائن يتحكم في جسد مخلوق كابوسي قوي – ففي النهاية، كانت المهارة والذكاء هما ما منحا البشر الضعفاء فرصة في معاركهم ضد الأوعية الرجسة للفساد.
وما كان أشد رهبة من ذلك…
هو أن اللحم الميت للعديد من الدمى التي قطعتها السيوف قد شُفي ببساطة، مما أدى إلى محو معظم الضرر.
لم يكونوا كائنات حية، بعد كل شيء. وبما أن الملكة تستطيع التحكم بدماها بدقة كافية لجعلها تتعفن أو تستعيد نفسها من العفن، فقد كان بإمكانها محو هذه الجروح أيضًا.
مع وصول الحرارة والنور وموجات الصدمة المضعفة بسبب المسافة إلى الجيشين، تراجع الجنود، مذعورين من الاصطدام الكارثي.
…لكن راقبت الجمجمة الهائلة بصمت، بعد أن شهدت معارك أشد رعبًا من ذلك بكثير.
ترجمة آمون