عبد الظل - الفصل 2211
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2211 : أصحاب القوة
هبَّت رياحٌ باردة عبر الامتداد الخانق لقبر السَّامِيّ، مما جعل الجنود يرتجفون. وبينما نظرت كي سونغ إلى أنفيل بابتسامة خافتة، تحركت كتيبة الموتى. انفتحت ثغرةٌ شاسعة في جدارهم الصامت بينما تحركت دمىً لا حصر لها، مفسحةً طريقًا مباشرًا إلى تشكيل المعركة لجيش الأغنية.
لكن لم يبقَ ذلك الطريق مفتوحًا طويلًا.
بعد لحظة، ارتجف الهواء وانشق إلى أجزاء مثل صدعٍ عمودي يقطع العالم. ثم تمدد، ولأول مرة منذ آلاف السنين، تساقط الثلج على السطح الحارق للعظام القديمة.
عندما انفتحت بوابة الأحلام، أصبحت عاصفة ثلجية هائجة مرئية في شقها الشاهق. وبالإمكان رؤية قصر أسود مهيبٍ وغامض وسط الثلوج المتراكمة، وكذلك الجبل الذي يستقر عليه.
ذابت على الفور غيوم الثلج التي هربت من بوابة الأحلام، وتبخرت المياه المغلية بينما حجب الضباب المحترق الصفوف الأمامية من جنود سونغ.
راقب أنفيل المشهد بهدوء.
“أنا فضولي. كيف تمكنتِ من إرساء بوابة الأحلام في نفس العالم الذي تتجذر فيه؟”
هزت كي سونغ كتفيها برشاقة.
“إنها أحد مكونات حديقة الليل… لماذا، ألم تكن تعلم؟”
كان في نبرتها إشارة خفية للسخرية، لكنه لم يتفاعل.
“حديقة الليل… هاه، هذا منطقي. سَامي العاصفة هو سَامي التوجيه والسفر، في النهاية، وتلك السفينة صُنعت لتُبحر في ظلام بحره.”
تحول نظره من الصدع الشاهق في الواقع إلى كي سونغ.
“هل كان هذا هو السبب خلف إطعامكِ بيت الليل لذاك الرجس؟”
تريّثت في الإجابة، ثم ضحكت.
“كنت آمل أن تُظهر على الأقل بعض التوجس، يا صديقي القديم. لكنكَ قد ضُللت تمامًا، هاه؟ ماذا سيستلزم الأمر لجعلك ترتجف؟”
هزّت كي سونغ رأسها.
“لقد أخذتُ حديقة الليل. وأخذت القلاع الأخرى في بحر العاصفة أيضًا. بوابة النهر تلاشت، وباستيون قد سقطت. أصبحت مملكتي أقوى من أي وقت مضى، بينما أنت لا تملك حتى ما يكفي من القديسين لتحكم مملكتك… هل تشعر بذلك، فال؟ هل تشعر بأن نطاقك يتداعى؟”
بقي أنفيل صامتًا لبضعة لحظات، محدقًا بها بلا مبالاة.
“لماذا عليّ أن أهتم؟”
لكن حينها، تغير تعبيره بشكل طفيف.
اختفت ابتسامة كي سونغ، وحلّ محلها تعبير بارد وخبيث.
“هل تشعر به الآن؟”
نظر إلى الأسفل، إلى سطح العظام تحت قدميه، وكأنه يحاول اختراقه ببصره. فاسودّت عيناه قليلًا، معبّرةً عن أثر من الازدراء.
“أرى… لقد استوليتِ على محيط العمود الفقري، في النهاية. والرجال الذين أرسلتهم لقتل بناتك يحتضرون… بل قد ماتوا بالفعل. وأصبحت القلاع التي حكموها الآن بلا سيد.”
نظرت إليه كي سونغ بصمت، دون أي تعبير خاص، وللحظة، بدت كما هي حقًا – جثة محفوظة بلا عيب، مُتحكم بها بمهارة.
قابل أنفيل نظرتها بهدوء.
“يا له من هدر. هل تشعرين بالثقة الآن بعد أن جمعتِ كل هذه القوة، سونغ؟”
ابتسمت الجثة الجميلة.
“إنه شعور لطيف حقًا.”
هز رأسه.
“لطالما كانت تلك هي نقطة ضعفكِ. منذ أيامنا في الأكاديمية وحتى الآن، لطالما تحكمت بكِ مشاعر عقدة النقص… ودائمًا ما سعيتِ إلى القوة لتحمي نفسكِ من الشعور بالنقص. كان الأمر ليكون مسليًا لو لم يكن مثيرًا للشفقة، ومبتذلًا، ومثير للاشمئزاز. ولكن مجددًا، ماذا يتوقع المرء من شخص من نسلكِ؟”
نظر إليها أنفيل ببرود.
“شخصٌ مثلكِ، وُلِد بلا شيء، لا يمكنه حقًا فهم معنى القوة. القوة لها استخداماتها، بلا شك… لكن في نهاية المطاف، فالقوة بحد ذاتها بلا معنى. الشخص الذي يستخدمها هو ما يهم. فلماذا ينبغي لي أن أرتجف؟ يمكنكِ أن تأخذي قلاع بحر العاصفة، يا سونغ. يمكنكِ أن تدمري بوابة النهر. يمكنكِ حتى أن تقتلي قديسيَّ – لكن ذلك لن يكون ذا أهمية. لأنكِ في النهاية، ستضطرين إلى مواجهتي.”
رمقها بنظرة يعلوها مسحة من الازدراء.
“وأنا… متفوقٌ. فقد صيغتُ من فولاذٍ أنقى، ومهما بلغتِ عنان السماء، فلن نكون متساويين أبدًا.”
ضحكت كي سونغ بهدوء.
ثم صمتت للحظات، قبل أن تواجهه بعينين تحملان مسحة من القتامة.
“وفقط شخص مثلك يمكنه حقًا أن يظن أنني وُلدت بلا شيء.”
بينما كانت الرياح الباردة لقلب الغراب تهب عبر الامتداد الخانق لقبر السَّامِيّ، أخذت نفسًا عميقًا، ثم رفعت نظرها إلى السماء الرمادية القاسية.
“هل صيغتَ من فولاذ أنقى من السيف المكسور أيضًا؟”
مرّ ظلٌ على وجه أنفيل.
أجاب بهدوء:
“بطبيعة الحال.”
ابتسمت كي سونغ.
“هل لهذا السبب اضطررت إلى عقد صفقة مع وليد الأحلام؟ يبدو أن فولاذك لم يكن نقيًا بما يكفي لهزيمة شخص… من نسله… بنفسك.”
قابل أنفيل ابتسامتها بأخرى باردة.
“تجعلين الأمر يبدو كما لو أنكِ لم تكوني هناك، تقتلينه معي. لماذا، هل تندمين عليه الآن؟ هل كنتِ تتمنين لو اخترتِ خيارًا مختلفًا؟”
هزت رأسها ببطء.
“لا… أنتَ وأنا نعلم أن ذلك كان ضروريًا. تمامًا كما كان محو كل أثر للشعلة الخالدة ضروريًا. إذا كان هناك من يشعر بالندم، فهو أنتَ، فال. وإلا، لما كنتَ سمحتَ لابنته بالنمو لتصبح شخصًا لا يمكن لأيٍّ منا القضاء عليه بسهولة.”
نظرت إليه كي سونغ بهدوء.
“سأصحح خطأك بعد موتك، مع ذلك. فلا تقلق.”
وبينما نطقت بهذه الكلمات، انتشر فجأة في الهواء عبقٌ خفيف من الحديد، وتعمّق حضور أنفيل القمعي ليصبح أشد رعبًا وحدة، وكأنه قد استيقظ أخيرًا بعد سباتٍ طويل.
هز رأسه.
“بالنسبة لشخص يفترض أنه ليس لديه شيء ليقوله، فقد تحدثتِ كثيرًا. كفى. دعينا نحل هذا الآن وإلى الأبد. لِنرَ من يستحق حقًا ارتداء التاج.”
خفضت كي سونغ رأسها للحظة، وابتسمت.
“وداعًا، فال.”
استدعى أنفيل خوذته، ودوّى صوته في الرياح كضجيج عدد لا يُحصى من النصال:
“…وداعًا لكِ أيضًا، سونغ.”
ثم أغرق إعصارٌ من الشرارات القرمزية العالم.
ترجمة آمون