عبد الظل - الفصل 2206
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2206 : كبريائها
كانت مورغان شبه متأكدة من أن حاصدة الأرواح، وربتها الذئاب، والعندليب قد أصبحوا مدركين للحلقة الزمنية. لم يبدُ أنهم قادرون تمامًا على الاحتفاظ بذكرياتهم، على الأقل ليس بعد، لكن شيئًا – أو شخصًا – كان يطلعهم على ما يحدث مع بداية كل يوم جديد.
كانت العلامات خفية، لكنها لا تقبل الجدل. تغيّرت ردود أفعالهم قليلًا، والكلمات التي نطقوا بها لم تكن دائمًا متطابقة مع ما قالوه في المرات السابقة. كان هناك أيضًا تلك المرة عندما اختفت ربتها الذئاب لمكان ما لمدة تقارب الساعة، ثم عادت وعلى عينيها العسليتين أثر انزعاج دفين.
لاحظت مورغان كل هذه التغيرات، لكنها التزمت الصمت حيالها.
لم يكن من الصعب على شخص محاصر في هذه الحلقة أن يدرك وجودها. في نهاية المطاف، لم تكن سوى فقاعة من الزمن المتكرر – واسعة بما يكفي لتشمل أطلال باستيون الحقيقية والأراضي المحيطة بها، لكنها صغيرة نسبيًا في المخطط الأكبر للأمور. استمر الزمن في التدفق خارج الفقاعة، وواصل العالم الدوران.
…إن كان عالم الأحلام يدور في مدار أصلًا، بالطبع.
كانت مورغان على دراية بالأحداث التي جرت داخل مقبرة آرييل – ليس أقلها بسبب تقرير الاستكشاف المفصّل بشكل غريب الذي نشره مؤلف مجهول، والذي فشلت عشيرة فالور في العثور عليه رغم جهودها الكبيرة. كان سحر الساعة الرملية يعمل بشكل مشابه للنهر العظيم المروع الذي أنشأه شيطان الرعب، ولكن على نطاق أصغر بكثير.
على أي حال، رغم أن التواصل مع العالم الخارجي كان صعبًا، إلا أنه لم يكن مستحيلًا. كانت مورغان نفسها تتلقى أخبارًا عن سير الحرب في قبر السَّامِيّ بين الحين والآخر… واحتفظ شقيقها على الأرجح بوعاء أو اثنين مخبأين خارج الفقاعة، بلا شك. ربما كان هذا هو السبب في قدرته على الاحتفاظ بذكريات معاركه السابقة حتى.
لذا، من المحتمل جدًا أن يكون قديسي الحكومة قد تلقوا تواصلًا من العالم الخارجي بأنفسهم – إما رسالة متكررة تخبرهم بالوضع كل يوم، أو ببساطة شيئًا ما بقي معهم أثناء عودتهم إلى الماضي.
في الواقع، لم يكن من الضروري حتى أن تأتي المعلومات من الخارج. فلربما تواصل موردريت معهم بنفسه، وعقد نوعًا من الصفقات.
ابتسمت مورغان بخفوت.
هل كان هذا هو الأمر؟ هل ستتعرض للخيانة؟ هل تمكن من التأثير على مرؤوسيها – ليس باستهلاك أرواحهم، بل فقط بإقناعهم بكلماته المعسولة ببساطة؟.
كانت الخيانة دائمًا احتمالًا. فكل شخصٍ لديه مفتاح… بعضهم يمكن شراؤه، بعضهم يمكن إكراهه. البعض يمكن خداعه، والبعض لا يحتاج إلا إلى فرصة لطعن الآخرين في الظهر. كانت مورغان على كلا الجانبين من هذه المعادلة بما يكفي لتعرف أن الوثوق بأي شخص بشكل كامل هو حماقة.
ومع ذلك، لم تستطع تخيل أن حاصدة الأرواح أو ربتها الذئاب قد يعقدون صفقة مع موردريت بعد أن قاتلوا جنبًا إلى جنب مع القديسين الناجين من بيت الليل لفترة طويلة. أقل من ذلك حتى، نايتنغيل… ذلك الممل الصارم.
لذا، فإن وعيهم المكتشف حديثًا أتى على الأرجح من أختها العزيزة، نجمة التغيير. فقد كانوا أعضاءً في فوجها ذات يوم، على أي حال، وعلى الرغم من أن الحياة قادتهم إلى طرقٍ مختلفة، فإن ارتباطًا كهذا لا يمكن قطعه بسهولة بسبب الانتماء السياسي.
إذن… ما الذي كانت نيفيس تخطط له؟.
فجأة، بدت الخيانة أمرًا لا مفر منه أكثر من أي وقت مضى.
ضحكت مورغان ونظرت إلى العندليب بابتسامة متسلية.
“لا، لستُ واحدة من ‘الآخرين’. هيا، تعالوا لتناول الطعام. الطعام يبرد.”
خيانة أم لا… لم تهتم حقًا. لذا، تظاهرت مورغان بأنها غافلة عن نظراتهم المتوترة، ورفعت المقلاة عن النار، مستعدة لغرف الحساء في الأوعية.
تناولوا طعامهم، كما كانوا يفعلون دائمًا. ثم استعدوا للمعركة، كما كانوا يفعلون دائمًا.
ثم، تحولت الأطلال المغمورة بنور القمر الى مشهد من الجحيم حيث مزق الوحوش وأنصاف الساميين بعضهم البعض في وليمة مجنونة من الدمار والدماء، كما كانوا يفعلون دائمًا.
تحركت الأشكال الهائلة لتيفاون وكنوسوس عبر البحيرة الضحلة. وأمطرت تيارات من نور النجوم من سماء الليل، مدمرةً الأرض. ثم هبط الشكل العملاق لساميةٍ من الفولاذ من منحدرات الجبل، مرتطمًا بالمدينة الغارقة أدناها، مما جعل العالم يرتجف. وانتشر ضبابٌ بارد من بين الأطلال، مع أغنية تنين الليل المسكونة تتسلل عبر السماء العاتمة.
رافعًة سيفها، ناضلت مورغان ضد شعور طاغٍ من الديجافو.
لماذا كانت تصرّ على الاستمرار؟ بالتأكيد، هذا القتل العبثي اللامتناهي كان أكثر مما يمكن لعقل سليم أن يتحمله.
فرغبتها في الانتصار لم تكن سوى إحساس خبيث بالالتزام. رغبتها في إثبات نفسها للآخرين تحولت إلى رماد منذ زمن طويل، بعدما أدركت أن من يرونها غير جديرة لم يكونوا أنفسهم أهلاً للحكم عليها.
وقد فقدت رغبتها في كسب رضا والدها… في ألّا تصبح خيبة أمل في عينيه الباردتين وغير المباليتين… فقدت معناها أيضًا، في مرحلة ما.
لماذا حدث ذلك؟.
بينما تحطمت أوعية مردريت واحدًا تلو الآخر، وسقط قديسوها واحدًا تلو الآخر، ملوّنين الأطلال بدمائهم القرمزية، أخذت مورغان نفسًا عميقًا.
هل كان ذلك لأنها أصيبت بخيبة أمل فيه هو الآخر؟.
على الأرجح، نعم. لكنه لم يكن ليهتم.
إذن، لماذا كانت تقاتل؟.
التوت ابتسامة قاتمة على شفتي مورغان.
حسنًا… أليس فقط لأنها استمتعت بذلك ببساطة؟.
ربما لم تكن رغبتها في الانتصار بنفس قوة شغف شقيقها الجارف، المشتعل بالكراهية… لكنها كانت تمتلك كبريائها هي الأخرى.
كانت تكره الهزيمة.
وذلك كان سببًا كافيًا لتصرّ على القتال من أجل هذه الأطلال حتى تتحطم السماء ذاتُها، وتسقط شظايا القمر المحطم كأمطارٍ من اللهب.
فقط لأنها كانت عنيدة جدًا لتستسلم ببساطة، وعرفت كيف تقدر المعارك الجيدة.
والحروب الجيدة.
‘أجل… أحب ذلك. إنه شعور لطيف.’
كانت مورغان على وشك إيقاف شقيقها – ليس من أجل أي شخص آخر، بل من أجل نفسها فقط.
انعكس نور القمر الشاحب على نصل سيفها، بينما قفزت مورغان من فوق الجدار المدمر لمواجهة موردريت…
كما كانت تفعل دائمًا.
ترجمة آمون