عبد الظل - الفصل 2091
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2091 : شظايا الحرب (28)
كانت المعركة بين ملك السيوف والإدانة أشبه بكارثة. تم إحراق الأدغال الرجسة التي تغطي أطلال المدينة القديمة بالكامل؛ وذابت الأطلال نفسها لتتحول إلى أنهار من الحمم، مما حوّل المنطقة بأكملها إلى جحيم مشتعل.
ومع ذلك، لم يتوقف الدمار عند هذا الحد. فقد تم تدمير الأرض نفسها، وكشفت عن سطح العظام البيضاء أدناها – والعظام، بدورها، كانت مغطاتٍ الآن بشبكة من الشقوق الخشنة.
وبالمثل، تعرضت قُبة التجاويف البعيدة في الأعلى للضرر أيضًا.
ووصل النصل غير المرئي الذي صنعه أنفيل – المظهر المدمر لسلطته وإرادته القاتلة – إلى القبة بعد لحظات من شطر بحيرة الحمم إلى نصفين وتوجيه جرح للطاغوت الملعون.
تجمدت صني لجزء من الثانية، محدقًا في الأفق بعينين متسعتين.
في الثانية التالية، ضرب النصل غير المرئي القبة المتشققة للتجاويف بقوة مطلقة لا تلين.
وانتشر اهتزاز خفيف عبر الأرض تحت أقدامهم.
وكان هناك صوت لا يوصف اجتاحهم كموجة، وأمطار من شظايا العظام الهائلة، بعضها بحجم الملاعب، تساقطت من المرتفعات المظلمة.
اهتز جزء من القُبة وانهار، وتسبب النصل غير المرئي بشقٍ مسننٍ فيها.
وانسكب نور خافت عبر الشق، منيرًا الشكل العملاق للإدانة. وهناك في البعيد، تبدد الظلام الأحمر الغاضب تحت الإشراق اللطيف، وطاردته الأشعة، وفي وسطها، انكشف الطاغية الملعون بكامل مجده المدنس.
ولكن لم تستنفد ضربة أنفيل نفسها بعد.
لم يكن مجرد قطع مادي – أو حتى مجرد هجوم سحري مشبع بقوة جوهر الروح الفائق. بل كان النصل الخفي أشبه بقانون تم إنشاؤه في لحظة، ومصمم ليبقى للحظة فقط.
ولكن في تلك اللحظة، كان لقانون النصل القدرة على شطر العالم.
وقد فعل.
بعد أن اخترق القبة التالفة للتجاويف، شق النصل غير المرئي السماء فوق قبر السَّامِيّ، تاركًا جرحًا ضيقًا فيها.
ولكن بالطبع لن تُدمر السماء بجرحٍ فقط.
ومع ذلك… فإن حجاب السُحُب الذي يحمي قبر السَّامِيّ من أشراقها المتوهج قد تمزق. وظهرت فيه ثغرة تمتد لعشرات الكيلومترات، مما سمح لأشعة الشمس المدمرة بالاختراق.
لتسقط على سطح بروز عظمة القص… ومن خلال الشق الجديد الذي شُق في سطحها، متدفقة إلى التجاويف.
وفي نبضة قلب واحدة بعد أن تحطمت القبة، تغيّر النور الساقط من الثغرة في العظام القديمة. ولم يعد يحمل نعومة لطيفة. بدلًا من ذلك، سقط عمود من الإشعاع القاسي، الساطع، والمتوهج.
منيرًا قلب الأرض القاحلة المنصهرة، والشكل الهائل للإدانة الواقف أسفل الشق مباشرة.
شهق صني.
‘هـ–هذا…’
كان الطاغية الملعون سَاميًا، ولا يمكن للبشر أن يتحدوا السَاميين.
ومع ذلك…
حتى السَاميين الملعونين عليهم أن ينحنوا أمام قوة السماء. على الأقل أمام السماء البيضاء المروعة لقبر السَّامِيّ.
مع سقوط أشعة الشمس الساطعة على المخلوق العملاق، كان أول ما اشتعل هو ذراعه المصابة. اندفعت أعمدة شاهقة من اللهب من الجرح الذي تركه نصل أنفيل على معصمه، وبدأ اللحم المحيط – والأرضية، وشظايا الأنقاض، والأشجار المقتلعة – في الاحتراق والتفحم.
أطلق الإدانة صوتًا غريبًا ومخيفًا منتشرًا عبر الأرض القاحلة والمشتعلة وغلف القديسين، مما جعلهم يترنحون. صمد صني أمام صوت السَامي الملعون بشكل جيد، ولكن بدا الآخرين مذهولين. أمسكت هيلي رأسها وأطلقت صرخة، بينما انهار روان وريفالين على الأرض. شحبت كاسي، ولكنها بقيت واقفة.
بعيدًا، كان الطاغية الملعون يذوب تحت عمود النور الساطع. محترقًا ومتحولًا إلى رماد، محاولًا طي الزمان والمكان على نفسيهما للهروب من الإشعاع الساطع.
ولكن لم يكن هناك مهرب.
لم تكن التربة ولا الحجارة ولا الأشجار وحدها هي التي كانت تحترق. بل كل شيءٍ يُكوّن الجسد الهائل للرجس كان يُفنى ويتحول إلى رماد. تم القضاء على الشفق والظلال، وانطفأت توهجات اللهب البرتقالية المتجمد. وحتى الحمم التي امتصها السَامي الملعون داخل جسده تحولت إلى رماد.
وقبل أن يتمكن الرجس من التحرك، انهارت إحدى ساقيه، مما أدى إلى سقوطه.
ثم ارتجف العالم عندما سقط السَامي الملعون على ركبتيه.
وهو راكع ومحاصر تحت نور الشمس، بدا الطاغية الملعون كأنه جبلٌ من اللهب، يذوب ببطء في الإشعاع الساطع.
اخترق عويله أذني صني، مما جعل عقله يدور.
بدا وكأنما العالم ينهار.
فهم بشكل غامض أن ما ينهار هو وعيه، وليس العالم. ومع ذلك، في تلك اللحظة، لم يكن صني يعرف الفرق.
تحولت الحقيقة إلى كابوس محموم ومجتزأ.
كان يبدو أنه يرى الشكل المشوه للإدانة وهو يذوب في نور الشمس الساطع. وبدت كتلته الضخمة أشبه بشمعة تذوب، تصغر شيئًا فشيئًا.
وفي الوقت نفسه، رأى عاصفة السيوف تنفجر إلى إعصار من الشرر القرمزي… فقط لتشتعل بعض تلك الشرارات وتحترق في عمود النور.
كما رأى الآسورا وهم يراقبون سَاميهم وهو يصارع على عتبة الموت بصمتٍ مهيب.
ورأى أشياء كثيرة لم يكن لديه كلمات لوصفها أو قدرة على فهمها.
‘آررغه…’
هز صني رأسه، محاولًا استعادة السيطرة على عقله.
شعر وكأنه تمكن من التعافي من عويل الموت للسَامي بسرعة كافية… ولكن عندما استعاد وعيه أخيرًا، كان العالم مختلفًا بشكل طفيف عما كان عليه.
لم تعد الأرض القاحلة المهجورة المحيطة بهم تحترق. وفقدت أنهار الحمم معظم توهجها، وقد بردت.
اختفى عمود النور المبهر، واستُبدل بالوهج الناعم المتدفق من الشق المسنن في قبة التجاويف.
هطل الرماد من الأعلى، متساقطًا على الأجساد الثابتة للآسورا.
حيث وقفت الغولمات الرجسة بلا حراك مثل التماثيل، خاليةً من الحياة.
وهناك، في الأفق البعيد…
اختفى الإدانة.
لم يعد الجسد العملاق الذي بدا وكأنه جبل موجودًا في أي مكان… وكل ما تبقى هو الرماد، والفراغ، وشظايا عظام سوداء عملاقة.
كان أنفيل واقفًا بجانب تل الرماد، ينظر إليه بوجه قاتم.
كان درعه مثقوبًا ومكسورًا، وكان وجهه مغطى بالسخام. اختفت عاصفة السيوف التي استدعاها، واختفت أيضًا السيوف السبعة المرعبة.
ومع ذلك…
كان السيادي يحمل سيفًا جديدًا في يده، تنبعث منه هالة أكثر برودة. كان سيفًا عظيمًا يحمل نقشًا متدفقًا جميلًا يخترق فولاذه، مرعبًا بشكل لا يوصف… وبطريقة ما، مألوفًا بشكل غريب.
ناظرًا إلى الأسفل، تأمل أنفيل السيف العظيم للحظات، ثم طرده بنظرة حزن قاتمة في عينيه الرماديتين الباردتين.
مديرًا ظهره لرماد السَامي، أخذ ملك السيوف خطوة مبتعدًا متجهًا نحو قديسيه.
انتهت المعركة.
ترجمة آمون