عبد الظل - الفصل 2021
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2021 : نهاية المعركة
كان هناك وضع مشابه يحدث في مكان آخر على ساحة المعركة.
هناك، امتدت مساحة شاسعة من العظام المبيضة وقد احترقت بالكامل بفعل نيران مدمرة وتحولت إلى اللون الأسود. بدا الأمر وكأنها كانت على وشك الاشتعال، حيث كانت شرارات حمراء غاضبة وألسنة دخان لا تزال تنبعث من مكان ما أسفلها.
كان الهواء مثقلاً برائحة الدخان، وكانت النيران البيضاء تتراقص هنا وهناك على بقايا العبيد والحجاج المتفحمة.
كان هذا هو المكان الذي خاضت فيه نيفيس معركتها مع سيشان ومغنية الموت، بالإضافة إلى القديسين الخمسة الذين دعموا هجومهم.
كانت المعركة شرسة.
كانت سيشان قوية، وتضاعفت قوتها بشكل مذهل على ساحة معركة ملطخة بالدماء. بدت مغنية الموت وكأنها تمتلك شكلاً من أشكال السيطرة على الدم، حيث كانت تستخدمه للهجوم وتعزيز مهارات شقيقتها الهائلة بشكل أكبر.
أما القديسون الخمسة الذين انضموا إلى بنات الملكة، فلم يكونوا ضعفاء بأي شكل.
ومع ذلك، كان كل ذلك بلا جدوى.
بمجرد أن أطلقت نيفيس حقًا لهيبها وأحرقت الدماء التي أُريقت على العظام القديمة من قبل الجنود المستيقظين، وجدت سيشان ومغنية الموت نفسيهما في موقف ضعيف.
قام القديسون الذين كان من المفترض أن يبطئوا من تقدم نجمة التغيير بكل ما هو متوقع منهم. عملت جوانبهم معًا بتناغم رائع، خاصة ضد شخص مثلها.
حاصرت شبكة معقدة مصممة بعناية من الذكريات القوية الابنة الأخيرة لعشيرة الشعلة الخالدة بسحر شرير.
وانقض العبيد والحجاج عليها مثل الطاعون.
ومع ذلك…
لم ينجح شيء من ذلك.
تمكنت نيفيس من التحرر من الشبكة، وصمدت أمام سيل الهجمات القريبة والبعيدة التي أطلقها القديسون الخمسة، وحولت العبيد والحجاج إلى رماد، وواجهت ابنتي كي سونغ كروح مشرقة ومهيبة من اللهب.
كانت مهارتها، قوتها، وعزيمتها المطلقة ساحقة.
شعر قديسو الأغنية بالصدمة والارتباك.
ثم، تسلل الخوف إلى قلوبهم.
وحتى مغنية الموت بدت مرتجفة أمام القوة الشرسة لنجمة التغيير…
فقط سيشان هي التي لم تبدُ مندهشة.
فهي بعد كل شيء شهدت من هي نيفيس، وما تستطيع فعله، منذ أيام الشاطئ المنسي.
في الواقع، كانت تدرك بوضوح أن نجمة التغيير كانت تكبح أقوى قدراتها التدميرية.
الشيء الوحيد الذي لم تستطع فهمه هو…
لماذا؟.
هل كان بدافع شعور فارغ من العاطفة؟.
لا، فالمرأة الشابة التي عرفتها في المدينة المظلمة لم تكن ممن ينجرفون خلف مثل هذه المشاعر.
إذاً لماذا؟.
ارتسم عبوس خفيف على حاجب سيشان الجميل.
في النهاية، كانت نتيجة المواجهة بين نجمة التغيير وقديسي الأغنية السبعة متوقعة تمامًا.
بحلول الوقت الذي أُعلن فيه تراجع جيش الأغنية، كان السبعة جميعًا مثخنين بالجراح، في عذاب، وبالكاد متشبثين بالحياة…
ومع ذلك، كانوا أحياءً.
تلاشى النور الساطع للشخصية المشعة، وفي دوامة من الشرر، ظهرت سترة بيضاء نقية تغطي جسدها النحيل. نظرت إليهم نجمة التغيير، الابنة الأخيرة للشعلة الخالدة، بعيون بلا مشاعر.
لم تكن المرأة الشابة الجميلة ذات الشعر الفضي اللامع ترتدي درعًا ولا تحمل سلاحًا. كانت نقية وغير ملوثة بالدم أو السخام، وبدت وكأنها كائن سماوي… مذهلة وخارجة تمامًا عن سياق هذا الجحيم القاتم والمشتعل.
لم تكن تبدو أبدًا كالوحش الذي لا يمكن إيقافه والذي سحقهم جميعًا وأحرقهم وحطمهم بلا رحمة.
فقط كانتا عيناها الرماديتان المذهلتان تكشفان البرودة اللاإنسانية لذلك الفراغ الأبيض المتقد المختبئ في روحها.
كتمت سيشان تأوهها، وهي تحدق في جسدها المحترق.
حان وقت التراجع…
بعار وذل.
ولكن لم يكن الجميع يعرف كيف يتراجع بكرامة.
رفع أحدهم رأسه — القديس الشاب من عشيرة ماهارانا — نحو نجمة التغيير وسأل بصوت أجش ومرتجف:
“…لماذا لم تقتليني؟”
نظرت إليه، بلا مشاعر ظاهرة في عينيها الرماديتين الباردتين.
وبعد بضعة لحظات من الصمت، اكتفت نيفيس بهز كتفيها بخفة.
“لأنك لست عدوي.”
ومع تلك الكلمات، استدارت نيفيس وغادرت بخطوات خفيفة.
بدا الشاب مرتبكًا، غير قادر على فهم معنى كلماتها.
أما عبوس سيشان، فقد ازدادت عمقًا قليلاً.
في مكان آخر من ساحة المعركة…
كانت ثلاث جثث تنزف ممددة على الأرض، تحدق في القديس جيست بعيون فارغة. مسح الرجل العجوز يديه الملطختين بالدماء على قميص إحداها، ثم نقر بلسانه وسحق رأس الأخرى عندما حاولت الجثة النهوض.
نظر إلى يده التي عادت لتتلطخ بالدماء بتعبير مقزز، ثم هز رأسه بابتسامة ساخرة.
“تلك الفتاة… لا تزال تلعب لعبة المنزل ‘1’، في سنها. ينبغي لأحدهم أن يذكرها بأن الدمى للصغار.”
بعد ذلك، رفع بصره بنظرة ارتباك.
“آه… صحيح. يجب أن ألقي نظرة على الصغير ميرسي وأرى كيف حاله. لا بد أن هذا اليوم كان قاسيًا عليه…”
مدندنًا لحنًا مرحًا تحت أنفه، استقام القديس جيست، وتمدد، ثم التقط عصاه وغادر.
وفي مكان آخر…
بدأت كومة من المعادن الخردة ببطء تتكشف وترتفع عن الأرض. كان الشرير في حالة مروعة، وجسده الفولاذي ممزق بشكل فظيع ووحشي لدرجة أنه بدا كتمثال مجرد.
كان القتال مع ديدان السلاسل معركة شاقة بالنسبة له، خاصة مع تقييد بعض قواه بسبب تحطم الفضاء.
رفع الظل إحدى يديه الباقيتين، واستخدم مخلبًا حادًا لانتزاع قطعة زجاج منصهر من بين أنيابه، وحدق باتجاه المكان الذي ذهبت إليه الانعكاسات المتبقية بنظرة مليئة بالكراهية.
وبعد لحظات قليلة، صدر صوت أشبه بزئير منخفض يشبه صوت اللهب المنتشر من فمه الناري:
“بؤؤؤسسااء…”
في تلك اللحظة، اتخذ الشرير قرارًا.
كان سيشكوهم…للأخت الكبرى!.
وليس بعيدًا جدًا، سحبت القديسة ظلامها، وشاهدت بلا مبالاة عدوها الأخير يعرج مبتعدًا.
أما الثعبان، فقد كان محاطًا بالصمت فقط.
لأن جميع أعدائه قد ماتوا.
وهكذا انتهت المعركة.
ولكن توابعها كان مقدراً لها أن تنتشر على نطاق واسع، لتشكّل الكثير مما هو آتٍ.
***
1: لعبة المنزل بمعنى التظاهر والتمثيل عند الأطفال وهم يلعبون الى ما ذلك…
ترجمة آمون