عبد الظل - الفصل 2017
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2017 : طعنة ظهر لائقة
كان صني يعلم أن ما يفصل بينه وبين النصر هي سيدة الوحوش.
فقد كانت وحدها السبب خلف معظم معاناته في هذه المعركة الكارثية. لم تكن الساحرة شرسة مثل العواء الوحيد، ولا خطيرة مثل المطاردة الصامتة – في الواقع، مقارنة بهما، لم تكن محاربة متميزة. كانت قديسةً بالطبع، وبالتالي مقاتلة مميتة. ولكنها كانت أضعف من البقية في القتال المباشر.
ومع ذلك، كانت قوتها الأكثر إثارة للرعب.
حتى صني لم يكن على طبيعته المعتادة، رغم قوته العقلية الجبارة. كان أبطأ وأضعف، بالكاد يستطيع مجابهة الهجمات العنيفة للقديسين السبعة… أو الخمسة الآن.
في جميع أنحاء ساحة المعركة، كانت قوى مدمرة تُطلق، ودماء المتساميّن تُسفك. كان أداء معظم هؤلاء المحاربين – قوة وفخر البشرية – أسوأ من صني.
ولكن لم يكن وضعه أفضل بكثير.
لهذا كان عليه أن يُقصي سيدة الوحوش بسرعة.
كانت المشكلة أن أعداءه كانوا يدركون مدى أهميتها أيضًا.
ولم يسمحوا له أبدًا بالاقتراب منها.
كانت الساحرة تتحرك في ساحة المعركة بخطوات رشيقة، وتبقى دائمًا بعيدة عن متناوله. أما القديسون الأربعة الآخرون، فكانوا كجدارٍ منيع يفصل بينهما – ومهما كانت حالتهم خطرة، حرصوا دائمًا على حماية طريق الوصول إلى سيدة الوحوش.
إذا تجرأ صني على استهدافها، فقد كان عليه التضحية بالكثير لاختراق ذلك الجدار. وبحلول الوقت الذي يصل فيه إلى حيث سيدة الوحوش، ستكون قد انتقلت بالفعل إلى مكان آخر.
كان الطريق مسدودًا.
ولكن آمن صني بقدرته على التكيف أكثر مما شعر باليأس عند رؤية القديسين الخمسة الغاضبين.
كان سيكون سعيدًا جدًا لو أنهم على الأقل فقدوا بعضًا من بصيرتهم بسبب الغضب… ولكن بقي أعداءه مسيطرين تمامًا على أنفسهم. بل إن الأمر كان أسوأ من ذلك حتى.
كانوا يبدون وكأنهم يتأقلمون مع قدرته على تنبؤ تحركاتهم. كان ذلك يحدث ببطء، ولكنه كان أمرًا لا يمكن إنكاره – كان قديسو الأغنية يعيدون تفكيك أسس استراتيجيتهم القتالية ويعيدون بناء واحدة جديدة أثناء المعركة.
وكلما طال أمد المعركة، كلما وجد صني نفسه في مواقف متزايدة حيث لم تكن حتى معرفته بما سيفعله العدو كافيةً لإنقاذه من التعرض للضرر.
كانوا ببساطة يبنون هجماتهم بطريقة تمنعه تمامًا من الهروب. مع وجود خمسة مصادر للتهديد، لم يكن من الصعب بناء قفص لا يستطيع صني الخروج منه، حتى مع علمه بمكان قضبانه وأين ستكون.
استمرت قشرته في الانكماش، وأصبحت أصغر بشكل أسرع فأسرع.
وفي الوقت نفسه، بدأت طاقة قديسي العدو تُستنزف ببطء.
وعند نقطة ما…
أطلقت الهاربي الجميلة نداءً عالياً وسقطت من السماء. ولكن هذه المرة، لم يكن الهدف هو توجيه هجوم مميت أو لإضافة زخم إلى أحد رماحها المدمرة – بل هبطت على ساحة المعركة في دوامة من الأجنحة والمخالب، وتحولت إلى امرأة فاتنة في لحظة.
للأسف، لم يحصل صني على فرصة لمهاجمتها في فترة ضعفها القصيرة الناتجة عن التحول… لأنه كان سيدفع ثمن تعريض نفسه لهجوم العدو أيضًا.
كانت قشرته في حالة سيئة، وقد توقف عن إصلاح الأضرار التي لحقت بها قبل فترة قصيرة – ولو استمر في ذلك، كانت العواء الوحيد وسيريس ستحصلان على ميزة حقيقية عليه من حيث الكتلة.
نجح في دفع الكلبة ثلاثية الرؤوس إلى الخلف وضحى بقطعة من اللحم لتوجيه جرح سطحي آخر للذئبة الشرسة. وبحلول الآن، أصبح فروها أحمرًا بقدر ما كان أسودًا، ولكنها لم تبدُ وكأنها فقدت أيًا من قوتها الهائلة… بل على العكس.
فشل صني في الانفصال بسرعة كافية، مما جعله مكشوفًا لجزء من الثانية لفترة أطول مما ينبغي.
وفي تلك الثانية، أصابه سهم المطاردة الصامتة مباشرة في صدره.
كان الإطار الداخلي لقشرة وليد الظلال قد تضرر بشدة بالفعل، ويبدو أن هذه الضربة الأخيرة كانت القطرة الأخيرة.
انفجر الجزء العلوي بأكمله من جسد شيطان العقيق، متحولًا إلى مدٍ من الظلال. وسقطت الظلال على الأرض كالدخان الأسود، ذائبةً في العدم. وخلف النهر المتلاشي من الظلام، ما تبقى من المخلوق المخيف قد انهار أيضًا.
ولم يتبقَ سوى شخصية بشرية منهكة مستلقية على الأرض.
عبس صني، ثم تدحرج، متجنبًا سهمًا آخر، وقفز على قدميه.
أصبح الألم الوهمي الذي كان يحرق عقله فجأة لا يطاق. وأصبح الحضور الهادئ الذي ينمو في قلبه فجأةً أكثر إغراءً، مما جعله أكثر صعوبة في مقاومة نداءه الرقيق.
‘آررغه… اللعنة…’
كان درعه متصدعًا ومكسورًا، وكانت وقفته منحنية.
ومع ذلك، فهو… لورد الظلال… لم يبدو أقل رعبًا في حالته المتضررة.
إذا كان هناك أي شيء، ففي الواقع، بدا أكثر خطورة من أي وقت مضى، مثل وحش تم دفعه إلى الزاوية.
أحاطه الأعداء، مستعدين للهجوم. والآن بعد أن عاد صني إلى شكله البشري، كان عليه أن يرفع رأسه لينظر إلى الشخصيتين العملاقتين للعواء الوحيد وسيريس… ومن هذا المنظور، بدا الوحشان الشامخان مروعين للغاية.
كانت الهاربي، سيورد، مستعدة للانضمام إلى القتال في شكلها البشري أيضًا.
وفي مكان ما خلفه، كانت المطاردة الصامتة تسحب قوسها.
وفي مكان ما أمامه، خلف جدار من ثلاثة قديسين قاتلين، كانت سيدة الوحوش تدير مقلاعها في الأفق.
لم تكن الأمور… تبدو جيدة بالنسبة لصني.
ابتسم خلف قناع ويفر.
وتحدث بنبرة تحمل لمسة من الازدراء البارد في صوته المراوغ:
“الساميين. هذا… لم يكن جزءًا من الخطة.”
زمجرت العواء الوحيد وانحنت للأمام، مستعدةً للانقضاض عليه في إعصار من الأنياب والغضب البدائي.
ولكن في نفس الوقت تقريبًا…
وصل ظلٌ سريع كان قد فر بهدوء عندما تحولت قشرة وليد الظلال إلى مدٍ من الظلام، أخيرًا إلى هدفه.
نهضت شخصية أخرى ترتدي درعًا عقيقًا مرعبًا من الظلال خلف سيدة الوحوش، دون أن تصدر أي صوت.
وبعد لحظة…
لامس النصل البارد لخُنيجر أسود رقبتها’1’، مما جعل الساحرة ترتجف.
تجمدت، غير قادرةً على الحركة.
وثم، صدى صوت بارد من خلفها:
“لا أصدق حقًا… أنني تمكنت أخيرًا من فعل شيء كمغتال لائق، ولو لمرة واحدة في حياتي اللعينة…”
وبتلك الكلمات، ضربها شيء ما في مؤخرة رأسها، وغرِقَ العالم في الظلام.
***
1: الخُنَيْجر هو خنجر أو سكين بشفرة رفيعة طويلة ورأس يشبه الإبرة، ويُستخدم في المقام الأول كسلاح طعن.
ترجمة آمون