عبد الظل - الفصل 1980
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1980 : إبداع معيب
فتحت مورغان عينيها في الظلام. كانت قد غفت وهي جالسة على الأرضية الحجرية الباردة، مستندة بظهرها إلى لوح من الحجر المتفتت. كانت الرياح تعصف وهي تمر عبر أنقاض القلعة الرئيسية، وانسكب نور القمر الشاحب عبر الفجوات الكبيرة في قبتها المنهارة جزئيًا.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم استندت على سيفها لتقف.
تحولت عباءتها القرمزية إلى خِرَق، وكان درعها الأسود مكسورًا ومتضررًا. طردت مورغان كلتا الذكريتين لإعطائهما الوقت لإصلاح نفسيهما، وشعرت برياح باردة تلامس بشرتها بلطف. كان إحساسًا منعشًا، خاصةً بعد أيام من القتال المحموم.
رفرف قميصها الأسود قليلاً، كاشفًا عن كمّ من التمزقات، أغلبها مغطاة بدماء متيبسة.
تنهدت وأصغت إلى أصوات القلعة المدمرة، محاولةً تقييم ما إذا كانت هناك تهديدات فورية.
لم يبدو الأمر كذلك. لو كان هناك هجوم جديد من العدو، لكان رفاقها قد حذروها… أو على الأقل كانوا سيقاومون بشدة قبل أن يُهزموا. وكذلك، لم تكن لتغفل عن أي اضطراب من هذا القبيل.
بدا أن موردريت لا يزال يلعق جراحه بعد الهجوم الأخير، مثلهم تمامًا.
‘جيد…’
سارت مورغان تحت نور القمر ونظرت إلى المنصة العالية التي تعلو قاعة الأنقاض.
لم يكن هناك عرش على المنصة، ولا مذبح. فقط سندان حديد واحد.
تناثرت سيوف جميلة على الأرضية أسفل المنصة، متلألأة في نور القمر البارد. كان هناك كومة ضخمة منها سابقًا، ولكن أخذ والدها معظمها إلى قبر السَّاميّ لاستخدامها في المعركة ضد ملكة الغربان.
تأملت مورغان السيوف المتروكة لفترة، مع مزيج غريب من الندم والتسلية يتألق في عينيها القرمزيتين المذهلتين الساحرتين.
كانت في الماضي معجبة بالسيوف التي صنعها والدها، ولم تكن تفوت فرصة للتحديق فيها. ولكنها الآن رأت ما هي عليه حقًا — إبداعات معيبة تخلّى عنها صانعها الصارم لفشلها في الارتقاء إلى مستوى توقعاته القاسية.
كانت مورغان تعرف هذا، لأنها كانت أحد هذه الإبداعات بنفسها.
…الشكر للسَامِيين.
كان البعض سيشعر بالانزعاج من الفكرة، ولكنها كانت تعرف دائمًا أن والدها يراها كنصل يجب تشكيله إلى سلاح لا تشوبه شائبة أكثر مما يراها كبشرية. وهكذا كان يراهم جميعًا، والفرق الوحيد بينها وبين الآخرين هو أنها كانت أكثر الأنصال وعدًا.
واحد مصنوع من أرقى الفولاذ، سيف كان يعقد عليه أكبر الآمال، وصنعه بعناية فائقة.
عرفت مورغان أن الناس دائمًا ما أساؤوا فهم والدها. بالنسبة لهم، كان أشياءً كثيرة: محاربًا عظيمًا، ساحرًا عبقريًا، حاكمًا حكيمًا… طاغية مرعبًا.
ولكن ما كان عليه فعلاً، أولاً وأخيرًا، هو فنان. فنان يحتقر العيوب العميقة في العالم ويثور ضدها، ساعيًا لصنع شيء واحد لا تشوبه شائبة بكل شغفه.
سيف لا تشوبه شائبة.
كان يُفترض أن تصبح مورغان ذلك السيف، لذا كانت تفهمه بشكل أفضل، وكانت على ما يرام – بل وسعيدة، حتى – بتحمل هذه المسؤولية، رغم برودتها وقسوتها. كانت فخورة.
ولكن كل شيء قد تغير بعد القارة القطبية الجنوبية، بالطبع.
نظرت مورغان إلى السيوف المتناثرة، وتنهدت.
هناك، تعلمت خطأ طريقتها. ومنذ الطفولة، كانت تفعل كل ما يُطلب منها. اتبعت توجيهات والدها، وتحملت تدريبه القاسي بتضحيات، متخلية عن ما يتمتع به الأطفال الآخرون، وما يعتز به معظم الناس. لقد تفوقت دائمًا، ولم تفشل أبدًا، وأرضت كل مطالبه.
ومع ذلك، خسرت.
وهذا دفعها للتفكير في سبب هزيمتها، بالطبع.
وما أدركته مورغان نتيجة لذلك… كان مزعجًا للغاية.
إذا كانت قد نفذت كل ما طُلب منها بإتقان ودون شكوى، ومع ذلك خسرت، فالخطأ ليس فيها.
بل الخطأ يكمن في معلميها، وفي النموذج الذي كانوا يحاولون تشكيلها به…
في الواقع، لم يكن ملك السيوف وحده من خاب ظنه بابنته بعد القارة القطبية الجنوبية.
فـ مورغان أيضًا خاب أملها في والدها.
‘من الجيد أني أدركت ذلك.’
ابتسمت مورغان بحنين وهي تنظر إلى سيف جميل ملقى عند قدميها.
لربما أصبحت سيفًا حقيقيًا لو استمرت في اتباع إرادة والدها بشكل أعمى. كان ذلك ليكون تحولًا متساميًا مناسبًا لفتاة نشأت كأداة مثالية… نصل جميل وقاتل يُحمل بيد شخص آخر.
ومع ذلك، لم تكن مورغان تريد حقًا أن تكون سيفًا، ولا تريد أن يستخدمها شخص آخر.
بدا هذا قدرًا مثيرًا للشفقة بالنسبة لها.
لذلك، أخذ تحولها المتسامي منحى آخر.
بالطبع، كان بإمكانها أن تتحول إلى سيف — إن أرادت.
ولكن ذلك لم يكن على الأطلاق كل ما يمكنها أن تصبح عليه.
رفعت مورغان السيف المتروك، وامتصته في جسدها بصمت وابتسمت.
‘…يا للطف. كان يجب أن أفعل هذا منذ زمن طويل.’
وبعد لحظة، تحول جسدها إلى نهر من المعدن السائل. تدفق عبر القاعة المنارة بنور القمر، وأغرقها. أحدثت قوة تدفقه شقوقًا في الأرضية الرخامية وجعلت ألواح الحجر تتداعى إلى غبار.
وبعد أن مسحت كل نصل مهجور أسفل المنصة، صعدت مورغان الدرجات وابتلعت السندان القديم أيضًا.
وأخيرًا، تجمعت مجددًا إلى هيئة بشرية. ولحظات بعد ذلك، استعادت لونها، وعادت مورغان إلى نفسها الأصلية.
نظرت للأعلى، متأملةً بقايا قمرها المحطم المنيرة، وتنهدت.
“حان الوقت لمواجهة يوم آخر.”
ترجمة آمون