عبد الظل - الفصل 2
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2 : قافلة العبيد
حلم ساني بجبل.
متعرج ومهجور، بدا الجبل شاهقًا فوق القمم الأخرى في السلسلة الجبلية، وقطع سماء الليل بحوافه الحادة. غمر القمر المشع منحدراته في نورٍ شبحيٍ باهت.
وعلى أحد المنحدرات، تشبثت بقايا طريق قديم بالصخور بعناد. هنا وهناك، كان يمكن رؤية الحجارة المعرضة للتجوية من خلال الثلج. على الجانب الأيمن من الطريق، ارتفعت واجهة جرف شديد الانحدار مثل جدارٍ المنيع. وعلى الأيسر، أشار بحرٌ أسود صامت من اللاشيء إلى هاوية لا نهاية لها. ارتطمت الرياح القوية بالجبل مرارًا وتكرارًا، لتصرخ في غضب عاجز.
وفجأة، سقط القمر خلف الأفق. وأشرقت الشمس من الغرب، حيث عبرت السماء واختفت في الشرق. قفزت رقاقات الثلج من الأرض وعادت إلى أحضان السُحُب. أدرك ساني أنه كان يرى تدفق الوقت في الاتجاه المعاكس.
وفي لحظة، مرت مئات السنين. تراجع الثلج ليكشف عن الطريق القديم. وسرت قشعريرة باردة على ظهر ساني عندما لاحظ عظامًا بشرية متناثرة على الأرض. وبعد لحظة، اختفت العظام، وفي مكانها، وظهرت قافلة عبيد، متحركةً للخلف نحو أسفل الجبل مع ضجيج من أصوات السلاسل.
تباطأ الوقت، وتوقف، ثم استأنف وتيرته المعتادة.
[أيها الطموح! مرحبًا بك في تعويذة الكابوس. استعد لأختبارك الأول…]
‘ما … ما هذا بـحق الجحيم؟’
خطوة. وخطوة أخرى. ثم خطوة أخرى.
كان هناك ألم خفيف يشع في أقدام ساني النازفة بينما أرتجف جسده بردًا. كانت سترته الرثة عديمة الفائدة تقريبًا في مواجهة الرياح العاتية. ومعصميه هما المصدر الرئيسي للعذاب، فقد أصابتهم الأغلال الحديدية بشدة، حيث أرسلوا موجة ألم حادة في كل مرة يلامس فيها المعدن المتجمد جلده المشوه.
‘أي نوع من المواقف هو هذا؟!’
نظر ساني لأعلى ولأسفل، ولاحظ سلسلة طويلة تختتم الطريق، مع العشرات والعشرات من الأشخاص ذوي العيون الفارغة – عبيدٌ مثله تمامًا – مقيدين بها بمسافاتٍ قصيرة تفصلهم عن بعض. وكان أمامه رجل ذو أكتاف عريضة وظهر ملطخ بالدماء يسير بمشية محسوبة. وخلفه، كان رجلٌ ماكر المظهر بعيونٍ يقظة ويائسة يتمتم بهدوء اللعنات بلغةٍ لم يكن ساني يعرفها، ولكن بطريقة ما كان لا يزال يفهمها. من وقت لآخر، كان الفرسان المسلحين بدروع من الطراز القديم يمرون، ويعطون العبيد نظرات مهددة.
بغض النظر عن رؤيته لها، كانت الأمور سيئة حقًا.
كان ساني حائرًا أكثر من كونه مذعورًا. حقًا، فلم تكن هذه الظروف كما كان من المفترض أن تكون عليه الكوابيس الأولى. عادةً، سيجد الطامحون المختارون حديثًا أنفسهم في سيناريو يقدم لهم قدرًا لا بأس به من الدعم: وسيصبحون أعضاء في مجموعات مميزة أو محاربين، مع إمكانية الحصول على الأسلحة الضرورية لحل أي عقبة.
البدء كعبد لا حول له ولا قوة، مقيدٌ بالأغلال ونصف ميت بالفعل، كان بعيدًا كل البعد عن البداية المثالية.
ومع ذلك، كانت التعويذة تتعلق بالتحدي بقدر ما كانت تتعلق بالتوازن. وكما قال الشرطي العجوز، فقد أنشأت الأختبارات وليس عمليات إعدام. لذلك كان ساني واثقًا من أنه لتعويض هذه البداية السيئة، فإنها سوف تكافئه بشيء جيد. جانب قوي على الأقل.
‘دعنا نرى… كيف أفعل هذا؟’
تذكر المجلات الهزلية المشهورة التي قرأها عندما كان طفلاً، ركز ساني وفكر في كلمات مثل “الحالة” و”أنا” و “المعلومات”. وفعلاً، بمجرد أن ركز، ظهرت أحرف رونية متلألئة في الهواء أمامه. مجددًا، على الرغم من أنه لم يكن يعرف هذه الأبجدية القديمة، إلا أن المعنى الكامن خلفها كان واضحًا إلى حد ما.
وسرعان ما وجد الرونيات التي تصف جانبه… ثم، أخيرًا، أصابته الصدمة.
‘ماذا؟! ما هذا بـحق؟!’
***
[الاسم: بلا شمس.]
[الاسم الحقيقي: -]
[الرتبة: طموح.]
[نواة الروح: خاملة.]
الذكريات: –
الأصداء: –
السمات: [مقدّر]، [علامة السمو]، [طفل الظلال].
الجانب: [عبد المعبد].
وصف الجانب: [العبد هو بائسٌ عديم الفائدة بلا أي مهارات أو قدرات تستحق الذكر. وعبد المعبد هو الشيء نفس، باستثناء أنه أندر بكثير.]
حدق ساني في الأحرف الرونية، محاولًا إقناع نفسه أنه ربما كان يتخيل الأمور فقط. من المؤكد، أنه لا يمكن أن يكون سيء الحظ إلى هذا الحد… صحيح؟.
‘لا توجد جوانب عديمة الفائدة مؤخرتي!’
بمجرد أن ظهرت هذه الفكرة في ذهنه، فقد إيقاع خطواته وتعثر، وسحب السلسلة إلى أسفل بثقله. على الفور صرخ الرجل الماكر خلفه:
“يا ابن السافلة! انتبه إلى أين تذهب!”
استبعد ساني بسرعة الحروف الرونية، التي كانت مرئية له فقط، وحاول استعادة توازنه. وبعد لحظة، كان يسير بثبات مرة أخرى – ومع ذلك، قام بسحب السلسلة مرة أخرى عن غير قصد.
“أيها الوغد الصغير! سأقتلك!”
ضحك الرجل عريض الكتفين أمام ساني دون أن يدير رأسه.
“لماذا تهتم؟ سيموت هذا الضعيف مع شروق الشمس على أي حال. سوف يقتله الجبل.”
وأضاف بعد ثوان:
“سوف يقتلك أنت وأنا أيضًا. بعد قليل فقط. أنا لا أعرف حقًا ما يفكر فيه الإمبراطوريون، ليدفعوا بنا في هذا البرد.”
شهق الرجل الماكر.
“تكلم عن نفسك أيها الأحمق! أنا أخطط للبقاء على قيد الحياة!”
هز ساني رأسه بصمت وركز على عدم السقوط مرة أخرى.
‘يا لهما من ثنائي جميل.’
فجأة، انضم صوت ثالث إلى المحادثة من مكان بعيد. بدا هذا الصوت لطيفًا وذكيًا.
“عادة ما يكون هذا الممر الجبلي أكثر دفئًا في هذا الوقت من العام. كان حظنا سيئًا للغاية فقط. أيضًا، أنصحك بعدم إيذاء هذا الفتى.”
“لماذا هذا؟”
أدار ساني رأسه قليلاً، مستمعًا.
“ألم ترَ العلامات على جلده؟ إنه ليس مثلنا، من وقعوا في العبودية بسبب الديون أو الجرائم أو سوء الحظ. بل ولد عبدًا. عبدًا لمعبد على وجه الأدق. منذ وقت ليس ببعيد، دمر الإمبراطوريون المعبد الأخير لإلـه الظلال. وأظن أن هذه هي الطريقة التي انتهى بها المطاف بالفتى هنا.”
ألقى الرجل العريض الكتفين نظرة إلى الخلف.
“وماذا إذن؟ لماذا نخاف من إلـه نصف منسي وضعيف؟ فهو لم يستطع حتى إنقاذ معابده.”
“إن الإمبراطورية محمية من قبل إلـه الحرب العظيم. بالطبع هم ليسوا خائفين من حرق بعض المعابد. ولكننا هنا لسنا محميين من قبل أي شيء أو أي شخص. هل تريد حقًا المخاطرة بإغضاب إلـه؟”
نخر الرجل ذو الأكتاف العريضة، غير مستعد للإجابة.
أوقف محادثتهما محارب شاب يركب على ظهر حصان أبيض جميل. كان يرتدي درعًا جلديًا بسيطًا، مسلحًا برمح وسيف قصير، بدا كريمًا ونبيلًا. وما أغضب ساني أكثر، أن الأحمق كان جميلًا حقًا أيضًا. لو كان هذا عمل درامي تاريخي، لكان المحارب بالتأكيد البطل الذكر.
“ما الذي يجري هنا؟”
لم يكن هناك تهديد معين في صوته، بل ما يشبه القلق حتى.
عندما تردد الجميع، أجاب العبد ذو الصوت اللطيف:
“لا شيء يا سيدي. نحن جميعًا متعبون ونشعر بالبرد. خاصةً صديقنا الصغير هناك. هذه الرحلة صعبة للغاية حقًا على شخص بمثل هذا الصغر.”
نظر المحارب إلى ساني برأفة.
‘إلى ماذا تنظر؟ أنت لست أكبر مني بكثير! فكر ساني.’
بالطبع، لم يقل أي شيء بصوت عالٍ.
تنهد المحارب وأخذ قارورة من حزامه قبل أن يمدها إلى ساني.
“تحمل أكثر قليلاً، أيها الطفل. سوف نتوقف لحلول الليل قريبًا. في الوقت الحالي، خذ، اشرب بعض الماء.”
‘طفل؟ طفل؟!’
نظرًا لجسده النحيف وقامته القصيرة، وكانا الاثنين ناجمين عن سوء التغذية، غالبًا ما كان الناس يخطئون كون ساني شخص أصغر سناً. في العادة، لم يتردد في استخدام ذلك لصالحه، ولكن الآن، لسبب ما، دعوته بالطفل أثارت غضبه حقًا.
مع ذلك، كان عطشانًا حقًا.
كان على وشك أخذ القارورة عندما ضرب سوط في الهواء، وفجأة أصبح ساني في عالم من الألم. تعثر، ومرة أخرى، مما سحب السلسلة وجعل العبد الماكر خلفه يلعن.
كان محارب آخر أكبر سنًا وأكثر غضبًا قد أوقف حصانه على بعد خطوات قليلة. وكان السوط الذي مزق الجزء الخلفي من سترة ساني ملكًا له. ودون حتى إلقاء نظرة خاطفة على العبيد، اخترق المحارب الأكبر سنًا زميله الأصغر سنًا بنظرة ازدراء.
“ماذا تظن نفسك فاعلاً؟”
أغمق وجه المحارب الشاب.
“كنت فقط أعطي هذا الفتى بعض الماء.”
“سيحصل على الماء مع الباقين بمجرد أن نخيم!”
“ولكن…”
“أغلق فمك! هؤلاء العبيد ليسوا أصدقائك. فهمت؟ إنهم ليسوا حتى بشرًا. عاملهم مثل البشر وسيبدأون في تخيل الأمور.”
نظر المحارب الشاب إلى ساني، ثم أنزل رأسه وأعاد القارورة إلى حزامه.
“لا تدعني أمسكك وأنت تكون الصداقات مع العبيد مرة أخرى، أيها المبتدئ. وإلا في المرة القادمة سيكون ظهرك هو الذي يتذوق سوطي!”
و كما لو أنه أراد أن يوضح نيته، جلد المحارب الأكبر سنًا سوطه في الهواء وتجاوزهم، مشعًا بالتهديد والغضب. راقبه ساني بحقد مخفي جيدًا.
‘لا أعرف كيف، ولكنني سأشاهدك تموت أولاً.’
ثم أدار رأسه ونظر في اتجاه المحارب الأصغر، الذي كان في الخلف ورأسه لا يزال منخفضًا.
‘وأنت ثانيًا.’
{ترجمة نارو…}