عبد الظل - الفصل 1
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 1 : الكابوس يبدأ
جلس شابٌ ضعيف المظهر ذو بشرة شاحبة وهالات سوداء تحت عينيه على مقعدٍ صدئ مقابل مركز الشرطة. محتضًنا كوبًا من القهوة في يديه – ليس النوع الاصطناعي الرخيص الذي يمكن لفئران الأحياء الفقيرة مثله شراؤه، بل القهوة الحقيقية. فقد كلفه هذا الكوب من القهوة النباتية الذي عادةً ما يكون متاحًا فقط للمواطنين ذوي الرتب العليا معظم مدخراته. ولكن في هذا اليوم بالتحديد، قرر ساني تدليل نفسه.
فبعد كل شيء، كانت حياته على وشك الانتهاء.
مستمتعًا بدفء المشروب الفاخر، رفع الكوب وشم الرائحة. ثم، بتردد، أخذ رشفة صغيرة… وعبس على الفور.
“آه! مُرة جدا!”
بإعطاء كوب القهوة نظرة حادة، تنهد ساني وأجبر نفسه على شرب المزيد. مُر أم لا، كان مصممًا على الحصول على قيمة ما دفعه من المال – ولتذهب براعم التذوق إلى الجحيم.
“كان ينبغي علي شراء قطعة من اللحم الحقيقي بدلاً من ذلك. من كان يعلم أن القهوة الحقيقية مقرفة جدًا؟ حسنًا. ستبقيني مستيقظًا على الأقل.”
حدق ساني في الأفق، وكاد يغفو، ثم صفع نفسه على وجهه ليستيقظ.
“تسك. يا لها من سرقة.”
هز رأسه وشتم، ثم أنهى ساني القهوة ووقف. كان الأثرياء الذين يعيشون في هذا الجزء من المدينة يندفعون متجاوزين الحديقة الصغيرة في طريقهم إلى عملهم، ويحدقون فيه بتعبيرات غريبة. بدا قذرًا في ملابسه الرخيصة ومن قلة النوم، نحيفًا وشاحبًا بشكل غير صحي، كان ساني حقًا خارج مكانه هنا. وبدا الجميع طويلي القامة أيضًا. ألقى الكوب في سلة المهملات بينما كان يراقبهم ببعض الحسد.
“أعتقد أن هذا ما ستفعله لك ثلاث وجبات كاملة في اليوم.”
أخطأ الكوب الصندوق بفارق كبير وسقط على الأرض. أدار ساني عينيه في سخط، وسار والتقطه ثم وضعه بعناية في سلة المهملات. بعد ذلك، بابتسامة طفيفة، عبر الشارع ودخل مركز الشرطة.
في الداخل، ألقى ضابط متعب نظرة سريعة عليه ثم عبس بإستياء واضح.
“هل أنت تائه يا فتى؟”
نظر ساني حوله بفضول، ملاحظًا الدروع الصفيحية المعززة على الجدران وأعشاش البنادق الآلية المخفية بشكل سيء في السقف. وبدا الضابط أيضًا، رثًا ولئيمًا. على الأقل بقيت أقسام الشرطة كما هي أينما ذهبت.
“مرحبًا! أنا أتحدث إليك!”
نظف ساني حلقه.
“آه، لا.”
ثم حك مؤخرة رأسه وأضاف:
“كما هو مطلوب في التوجيه الثالث من التوجيهات الخاصة، أنا هنا لأسلم نفسي بصفتي حاملًا لتعويذة الكابوس.”
تغير تعبير الضابط على الفور من الإنزعاج إلى الحذر. نظر إلى الشاب مرة أخرى، هذه المرة بحدة شديدة.
“هل أنت متأكد من إصابتك؟ متى بدأت تظهر الأعراض عليك؟”
هز ساني كتفيه.
“منذ أسبوع؟”
أصبح الضابط شاحبًا بشكل واضح.
“اللعنة.”
ثم، بحركة مستعجلة، ضغط على زر على مكتبه وصرخ:
“تنبيه! الرمز الأسود في الردهة! أكرر! الرمز الأسود!”
***
ظهرت تعويذة الكابوس لأول مرة في العالم منذ بضعة عقود. في ذلك الوقت، كان الكوكب قد بدأ للتو في التعافي من سلسلة من الكوارث الطبيعية المدمرة والحروب على الموارد التي تبعتها.
في البداية، لم يجذب ظهور مرض جديد تسبب في جعل ملايين الناس يشكون من التعب الدائم والنعاس الكثير من الاهتمام. ولكن عندما بدأوا في السقوط في سبات غير طبيعي، دون أي علامة على الاستيقاظ حتى بعد أيام، أصيبت الحكومات بالذعر أخيرًا. وبالتأكيد، بحلول ذلك الوقت كان الأوان قد فات بالفعل – ليس وكأن الاستجابة المبكرة كانت ستحدث فرقًا.
عندما بدأ المصابون يموتون أثناء نومهم، وجثثهم تتحول إلى وحوش، لم يكن أحد مستعدًا. وسرعان ما طغت مخلوقات الكابوس على الجيوش الوطنية، وأغرقت العالم في فوضى كاملة.
لم يعرف أحد ماهية التعويذة، وما القوى التي امتلكتها، وكيفية محاربتها.
وفي النهاية، كان المستيقظون – أولئك الذين نجوا من الأختبار الأول للتعويذة وعادوا أحياء – هم الذين وضعوا حداً لهيجانها. مسلحين بقدرات خارقة حصلوا عليها في كوابيسهم، وأعادوا السلام وأنشأوا ما يشبه النظام الجديد.
بالطبع، كانت هذه فقط أولى الكوارث التي جلبتها التعويذة. ولكن فيما يتعلق بساني، لم يكن لأي منها علاقة به – ليس حتى قبل أيام قليلة، أي عندما بدأ يواجه مشكلة في البقاء مستيقظًا لأول مرة.
بالنسبة لشخص عادي، كان أن يتم اختيارك من قبل التعويذة له مخاطرة بقدر ما كانت فرصة. فقد تعلم الأطفال مهارات النجاة وأساليب القتال في المدرسة في حال تعرضهم للإصابة. واستأجرت العائلات الميسورة مدرسين خاصين لتدريب أطفالهم على جميع أنواع فنون الدفاع عن النفس. حتى أن أولئك الذين ينتمون إلى عشائر مستيقظة كانت لديهم إمكانية الوصول إلى الورثة الأقوياء، حيث يحملون الذكريات والأصداء الموروثة في زيارتهم الأولى إلى عالم الأحلام.
كلما كانت عائلتك أكثر ثراءً، كلما كانت فرصك في البقاء على قيد الحياة وأن تصبح مستيقظًا أفضل.
ولكن بالنسبة إلى ساني، الذي لم يكن لديه عائلة وقضى معظم وقته في البحث عن الطعام بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، فإن اختياره من قبل التعويذة لم يقدم له أي فرصة على الإطلاق. بالنسبة له، كان ذلك عمليًا حكمًا بالإعدام.
***
وبعد بضعة دقائق، كان ساني يتثاءب بينما كان العديد من رجال الشرطة مشغولين بوضع القيود عليه. وسرعان ما تم تثبيته في كرسي ضخم بدا وكأنه مزيجٌ غريب بين سرير مستشفى وجهاز تعذيب. كانت الغرفة التي كانوا بداخلها تقع في الطابق السفلي من مركز الشرطة، بجدران مصفحة سميكة وباب قبو قوي المظهر. كان ضباط آخرون يقفون بالقرب من الجدران، مع بنادق آلية في أيديهم وتعبيرات قاتمة على وجوههم.
لم يهتم ساني بهم بشكل خاص. الشيء الوحيد الذي كان يفكر فيه هو مدى رغبته من النوم.
وأخيرًا، انفتح باب القبو، ودخل شرطي أشيب الشعر. كان لديه وجه رجلٍ مخضرم وعينان صارمتان، بدا كشخص قد رأى الكثير من الأشياء الفظيعة في حياته. بعد فحص القيود، نظر الشرطي بسرعة إلى ساعة يده ثم التفت إلى ساني:
“ما اسمك يا فتى؟”
رمش ساني عدة مرات، محاولاً التركيز، ثم أجاب بشكل غير مريح.
“بلا شمس.”
رفع الشرطي العجوز حاجبه.
“بلا شمس؟ هذا اسمٌ غريب.”
حاول ساني أن يهز كتفيه ولكنه وجد نفسه غير قادر على الحركة.
“ما الغريب فيه؟ على الأقل لدي اسم. في الضواحي، عادة لا يحصل الجميع على اسم.”
وأضاف بعد تثاؤب آخر:
“هذا لأنني ولدت أثناء كسوف الشمس. وكان لأمي روح شاعرية، كما ترى.”
لهذا السبب حصل على هذا الاسم الغريب، وكانت أخته الصغيرة تُدعى رَين – مطر… عندما كانت لا تزال تعيش معه على الأقل. سواء كان ذلك نتيجة خيال شاعري أو مجرد كسل، لم يكن يعرف.
سخر الشرطي العجوز.
“هل تريد مني الاتصال بأسرتك؟”
هز ساني رأسه ببساطة.
“لا يوجد أحد. لا تهتم”.
لثانية، كانت هناك نظرة قاتمة على وجه الشرطي. ثم أصبح تعبيره جادًا.
“حسنًا يا بلا شمس. إلى متى يمكنك البقاء مستيقظًا؟”
“اه… ليس طويلاً”.
تنهد الشرطي.
“إذن ليس لدينا وقت للإجراء الكامل. حاول المقاومة لأطول فترة ممكنة واستمع لي بعناية شديدة. حسنًا؟”
وأضاف دون أن ينتظر ردًا:
“كم تعرف عن تعويذة الكابوس؟”
أعطاه ساني نظرة تساؤل.
“بقدر ما يعرفه أي شخص، أظن؟ من لا يعرف شيئًا عن التعويذة؟”
“أنا لا أتحدث عن الأشياء المبهرجة التي تراها في الأعمال الدرامية وتسمعها في البرامج الدعائية. أعني كم تعرف حقًا؟”
كان هذا سؤالاً يصعب الإجابة عليه.
“ألست أذهب فقط إلى عالم الأحلام، وأقتل بعض الوحوش لإكمال الكابوس الأول، ثم احصل على قوى سحرية وأصبح مستيقظًا؟”
هز الشرطي العجوز رأسه.
“استمع بعناية. بمجرد أن تنام، سيتم نقلك داخل كابوسك الأول. والكوابيس هي اختبارات تم إنشاؤها بواسطة التعويذة. بمجرد دخولك، ستلتقي بالوحوش بالتأكيد، ولكنك ستلتقي أيضًا بالبشر. تذكر: إنهم ليسوا حقيقيين. إنهم مجرد أوهام تم استحضارها لأختبارك.”
“وكيف علمت بذلك؟”
حدق الشرطي في وجهه فقط.
“أعني، لا أحد يفهم ماهية التعويذة وكيفية عملها، صحيح؟ إذن كيف تعرف أنهم ليسوا حقيقيون؟”
“قد تضطر إلى قتلهم يا فتى. لذا اسدي لنفسك معروفًا وفكر فيهم كأوهام.”
“أوه.”
انتظر الشرطي العجوز لثانية ثم أومأ رأسه وواصل.
“تعتمد الكثير من الأشياء في الكابوس الأول على الحظ. بشكل عام، لا ينبغي أن يكون صعبًا للغاية. يجب أن يكون الموقف الذي تعيش فيه، والأدوات التي لديك تحت تصرفك والمخلوقات التي يتعين عليك هزيمتها في نطاق قدراتك، على الأقل. ففي النهاية، ما تقوم به التعويذة هو إعداد اختبارات، وليس عمليات إعدامٍ مؤكدة. وأنت معدومٌ بعض الشيء بسبب… حسنًا… ظروفك. ولكن أطفال الضواحي أقوياء. فلا تستسلم بعد.”
“اه-ها.”
كان ساني يشعر بالنعاس أكثر فأكثر. وأصبح من الصعب متابعة المحادثة.
“حول تلك ‘القوى السحرية’ التي ذكرتها… ستحصل عليها بالفعل إذا نجوت حتى نهاية الكابوس. ستعتمد ماهية تلك القوى بالضبط على تقاربك (ارتباطك) الطبيعي، بالإضافة إلى ما تفعله أثناء الأختبار. ولكن بعضها سيكون تحت تصرفك منذ البداية…”
بدا صوت الشرطي العجوز بعيدًا أكثر فأكثر. كانت جفون ساني ثقيلة لدرجة أنه كان يكافح من أجل إبقاء عينيه مفتوحتين.
“تذكر: أول شيء يجب عليك فعله بمجرد دخولك الكابوس هو التحقق من سماتك وجانبك. إذا حصلت على جانب مخصص للقتال، شيء مثل المبارز أو رامي السهام، فستكون الأمور أسهل. وإذا كان معززًا بسمة جسدية، فسيكون هذا أفضل. الجوانب القتالية هي الأكثر شيوعًا، لذا احتمالية تلقي واحدًا مرتفعة.”
كانت الغرفة المصفحة تصبح خافتة.
“إذا لم تكن محظوظًا وكان الجانب الخاص بك لا علاقة له بالقتال، فلا تيأس. جوانب السحر والمنفعة مفيدة أيضًا بطريقتهما الخاصة، عليك فقط أن تكون ذكيًا بشأنهم. لا توجد جوانب عديمة الفائدة ابدًا. حسنًا، تقريبًا. لذا فقط افعل أي شيء في وسعك للبقاء على قيد الحياة.”
“إذا نجوت، ستكون في منتصف الطريق لتصبح مستيقظًا. ولكن إذا مت، ستفتح بوابة لمخلوق كابوس للظهور في العالم الحقيقي. مما يعني أنه سيتعين علي أنا وزملائي التعامل معه. لذا… من فضلك لا تموت، يا بلا شمس.”
بينما كان نصف نائمٍ بالفعل، تأثر ساني قليلاً بكلمات الشرطي.
“أو، على الأقل، حاول ألا تموت على الفور. لن يتمكن أقرب مستيقظ من الوصول إلى هنا حتى بضعة ساعات، لذلك سنكون ممتنين حقًا إذا لم تجعلنا نحارب هذا الشيء بأنفسنا…”
‘ماذا؟’
مع هذه الفكرة الأخيرة، انزلق ساني أخيرًا في سباتٍ عميق.
وأصبح كل شيءٍ أسودًا.
وبعد ذلك، في الظلام، تردد صوتٌ مألوف بشكلٍ ضعيف:
[أيها الطموح! مرحبًا بك في تعويذة الكابوس. أستعد لأختبارك الأول…]
——————————-—
[ملاحظة: أسم البطل هو بلا شمس ولقبه هو مشمس وبالانجليزية هم sunless و sunny. أحترت بين مشمس وساني ولكن بالنهاية رح اكمل مع ساني :)…]
راح أعيد العمل وأصحح كل مصطلحاته وأثبتها بسبب كون العمل تشوه بتغير المترجمين لثلاث مرات، لو وصلت لفصول بترجمة سيئة جدًا فاعرف انك سبقت الإعادة.
والإعادة طويلة الأمد ولذا قد ترى أسم صني لو تخطيتني.
{نارو…}