عبد الظل - الفصل 2255
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2255 : فيلق الظلال
في ساحة المعركة، تدحرجت سِيد متجنبة فكَّ مخلوق الكابوس البشع الذي كانت تقاتله هي وفيليز. تحرك الرجس على الحافة بين الإشعاع المنبعث من جيش البشر والظلام الدامس الذي يحيط به، وكان شكلها ضخماً ومروعاً بشكل لا يوصف.
تحسَّن الوضع كثيراً بعد أن غمرت النيران المعجزة الجنود اليائسين. مغمورين بالنور النقي ومفعمين ببريقه، تخلوا عن يأسهم وألقوا بأنفسهم في القتال بحيوية متجددة. لم يصبحوا أقوى فحسب، بل كانت جراحهم تلتئم وتختفي دون أن تترك أثراً…
وكأنهم أصبحوا خالدين.
جيشٌ خالد من مئات الآلاف من المستيقظين – هل يمكن أن يكون هناك شيء أكثر رعباً؟.
فجأة، لم يعد الطوفان اللامتناهي للرجسات المروعة يبدو بذلك الرعب كما كان. لكن المشكلة تكمن هنا… فرغم أن الجنود بدا وكأنهم قد أصبحوا خالدين، فإنهم لم يكونوا كذلك حقاً. كانوا يتعافون من الجروح القاتلة في لحظات، ولكن إن قُتل أحدهم تماماً أو تمزق إلى أشلاء، فلن تستطيع حتى النيران المعجزة إنقاذه.
لذا، لم تكن المعركة قد انتهت بعد، ولم يكن البقاء على قيد الحياة مضموناً.
لهذا السبب لعنت سِيد وهي تحاول التملص من هجوم مخلوق الكابوس.
ولكن…
لم يصل مخلوق الكابوس إليها قط.
هبَّت رياحٌ باردة عبر ساحة المعركة، وتحركت الظلال. وفي اللحظة التالية، ارتطم الوحش المندفع بالأرض، وبدأ يتلوى مطلقاً عواءً مذعوراً. كان هناك شيء ضخم في الظلام خلفه، يثبته على الأرض، يؤذيه.
بينما كانت سِيد تراقب برعبٍ مذهول، جُرّ هذا المخلوق الضخم إلى الظلام في لمح البصر. وانقطع عواؤه فجأة.
كل ما رأته كان لمحة عن منقار مرعب، وأطراف هزيلة متشابكة، وكتلة من الريش الأسود.
ارتفع من قلبها خوفٌ عميق اعتقدت أنها قد نسيته، ليقبض عليه بمخالب جليدية.
نظرت إلى فيليز، وارتجفت وهي تقول بصوتٍ مذهول مليء بعدم التصديق:
“مر—مرسول البرج؟ هل كان مرسول البرج؟”
ما الذي يفعله أحد تلك الأشياء الملعونة في قبر السَّامِيّ؟.
…في الوقت ذاته، عبر ساحة المعركة، انقض الفيلق الصامت من الظلال على نسل الأدغال القرمزية.
فبدأت مجزرةٌ مروعة لم يشهد محاربو الجيوش العظيمة مثلها من قبل، مما أغرق العظام البيضاء بالدماء.
في إحدى زوايا المعركة، كانت ريفل راكعةً على الأرض، شاحبةً وضعيفة بعد أن دفعت ثمن تحدي عيبها للانضمام إلى القتال في وضح النهار. كانت بالكاد تستطيع التحرك…
لكن قبل أن يبتلعها رجسٌ عظيمٌ شامخ، ارتطم به ظلٌ عملاق برأس ابن آوى، وغرس ظل محارب ذئبي هائل أنيابه في حنجرته.
اتسعت عيناها.
في مكانٍ آخر، كانت سيشان وكاسي وحجاب القمر يقاتلون جنباً إلى جنب — كانت الأخيرة قد تعافت من جراحها بفضل ألسنة اللهب البيضاء، لكنها ما زالت تعاني من بعض الدوار. وبينما كانوا محاصرين بسرب من الوحوش العنكبوتية البشعة، شقّ ظلّان توأمان لامرأةٍ فاتنة الجمال طريقهما في السرب، ممزقين الرجسات إربًا إربًا.
في جميع أرجاء ساحة المعركة، راقب الجنود بدهشة ورعب بينما تدفق الفيلق الصامتة للظلال خارج الظلام مثل نهرٍ، قاتلينا أعداءهم. كانت معظم الظلال مخيفةً تماماً مثل مخلوقات الكابوس التي حاصرت الجيش المشع، ومع ذلك لم يكن هناك شك فيمن كان يقودها.
“لورد الظلال!”
كان من المستحيل ألا يدركوا أن ذلك القديس المرتزق الشرير هو من استدعى الفيلق المظلم من أعماق جحيمٍ منسي، خاصة أن صداه الشهيرة كانت تقود الهجوم الصامت، وهي تمتطي جوادها المرعب بينما يرتفع نصلها الأسود ويسقط، حاصدًا أرواح الرجسات القوية وكأنه منجل الموت ذاته.
اشتعلت شعلتان قرمزيتان هائجتان خلف قناع خوذتها، تاركة خلفها درباً من الأجساد المقطعة.
لكن لم تكن فارسة الظلام الرشيقة الكائن الوحيد الذي تعرف عليه الجنود.
عبر ساحة المعركة، أولئك الذين كانوا في المركز القطبي الجنوبي خلال سلسلة الكوابيس ترددوا للحظة، ناظرين إلى هيئة ‘العملاق’ الساقط، جالوت.
لمح حراس النار والخادمات مخلوقات الكوابيس من الشاطئ المنسي.
وآخرون أصابهم الفزع لرؤية الأشكال الضخمة للرجسات المرعبة التي قُتلت أمام أعينهم أثناء غزو قبر السَّامِيّ.
وكأنما بوابات أرض الموتى قد فُتحت.
كانت هناك العديد من اللحظات المشابهة، مما غرس في قلوب الجنود مزيجًا متناقضًا من الارتياح والامتنان والخوف.
حتى مع علمهم بأن الفيلق الصامت ينتمي الى لورد الظلال، كان من الصعب ألا يخافوه… وألا يخافوا لورد الظلال ذاته أيضًا.
في مكانٍ ما من ساحة المعركة، تنهدت رَين بعمق وخفضت سيفها التاتشي للحظة. كانت تمار تنظر حولها بوجهٍ شاحب بجانبها، بينما حدقت فارسة الريشة إلى شكلٍ غريب يتحرك عبر السماء في الأفق، نصفه محجوب بسبب الإعصار الهائل من السيوف الطائرة.
“هذا… هذا هو… وحش الشتاء.”
كان صوتها مشحونًا بالحذر والاشمئزاز.
رمقها رَين بنظرةٍ طويلة، ثم أرغمت نفسها على الابتسام.
“لا تقلقي. أنا واثقةٌ تمامًا من أن هذه الأشياء لن تؤذينا. أعتقد أنها تتبع أخي.”
استدارت كلًا من تيل وتمار إليها بتعبيرات متشابهة من الارتباك.
“أخوكِ؟”
“هل لديكِ أخ؟”
سعلت رَين وحكت مؤخرة رأسها بإحراج.
“أه… نعم. في الواقع، لقد قابلتموه بالفعل.”
رفعت تمار حاجبها.
“هل فعلت؟”
لاحظت رَين مخلوق كابوس آخر مندفعًا نحوهم، فرفعت سيفها التاتشي.
“نعم. أخي… إنه الـ…”
لكن غُمرت بقية جملتها بعواء وحشي للرجس المهاجم.
بعيدًا عن هناك، كان الوعاء الضخم للملكة يُلتهم بكتلة متراقصة من اللهب الأبيض. كانت تمزق جسدها بأظافرها، محاولة إخماد اللهب الذي يلتهمها، لكن دون جدوى.
كانت النار تُبيد الغوليم اللحمي أسرع من قدرة كي سونغ على إصلاحه. وفي الوقت ذاته، كانت نيفيس تشفي روحها بسرعة تفوق قدرة كي سونغ على تدميرها…
حتى غيّرت الملكة استراتيجيتها، محوّلة الضرر الذي يتلقاه وعائها إلى مكانٍ آخر.
في لحظةٍ، اشتعل عدد لا يحصى من الدمى عبر ساحة المعركة كالمشاعل وتحولت إلى رماد.
وبعد لحظة أخرى، احترقت المزيد… ثم المزيد…
منحها ذلك بعض الوقت، مما سمح لها بإطلاق كامل قوة جانبها الخبيث على نيفيس واللحاق بها مؤقتًا في معركة الاستنزاف الضارية بينهما.
لكن لم يبق الكثير من دُماها على ساحة المعركة.
وحتى أولئك الذين بقوا كانوا يحترقون بسرعة بفعل اللهب أو يُقتلون على يد الظلال.
ترجمة آمون