عبد الظل - الفصل 2251
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2251 : الظل الفائق
انتشرت برودةٌ مفاجئة عبر ساحة المعركة، وبعد لحظات، بدا أن الظلام، الذي تراجع بفعل بحر الإشعاع الناعم، قد ازداد عمقًا وكثافة، ملتهمًا النور الأبيض النقي.
بعيدًا عن المكان الذي كانت فيه رَين ترتجف من البرد، وقف ملك السيوف فوق قناعٍ أسود مرعب ملقىً على الأرض. كانت أشعة الشمس القاسية تتدفق من خلال الحجاب الممزق للسُحب، لذا بقي ساكنًا، وسيفه لا يزال ممتدًا نحو العدو الذي تحول إلى رماد.
بدا وجههُ خاليًا من التعابير، لكن تواجدت في عينيه الرماديتين الفولاذيتين لمحةٌ من القلق.
رحل لورد الظلال، ولم يُقتل بنصل عدو، بل بنصله الخاص…
ومع ذلك، فقد بقي ظله.
كانت رؤية ظلٍ بلا جسد مشهدًا غريبًا، لكن القناع هو ما جعل الملك متيقظًا.
مستقرًا فوق الظل المهجور، كان القناع المرعب يحدق فيه، بظلامٍ لا يمكن اختراقه يتربصُ في عينيه…
ثم ارتجف.
في اللحظةِ نفسها تقريبًا، خفت الإشعاع الساطع للهاوية البيضاء المتوهجة. وأصلح حجاب السُحُب نفسه، وأعيدت المساحة التي قطعها إلى ما كانت عليه.
وفجأةً، وجد أنفيل نفسه محاطًا بظلامٍ بارد.
ارتفع القناع الأسود المخيف في الهواء، وارتفع معه ظل عدوه المقتول، متخذًا شكلًا… حتى تحول إلى هيئة مألوفة.
نظر لورد الظلال إلى ملك السيوف ببرود، كما لو كان جديدًا تمامًا.
لأول مرةٍ منذ سنواتٍ طويلة جدًا، بدا أنفيل مضطربًا.
“…مستحيل.”
لم يكن الأمر أن عدوه بدا وكأنه عاد إلى الحياة بعد أن أُحرق حتى الرماد تحت سماء قبر السَّامِيّ القاسية… بل أن حضوره الخافت، ولكنه المزلزل، قد أصبح أقوى بكثير، لدرجة أنه طغى حتى على أنفيل نفسه.
تلاشى القناع في الظلال، كاشفًا عن وجهٍ شاحب وفاتنٍ. ارتسمت ابتسامةٌ شريرة على شفتي الشاب، لكن عينيه السوداوين بقيتا باردتين بحدة.
ابتسم صني ابتسامة مظلمة ونظر إلى أنفيل.
“أوه، لكنه كذلك… إنه ممكن، يا ملك السيوف.”
رفع يده، آمرًا ثعبان بأن يتخذ شكل أوداتشي أسود، واستنشق الهواء العذب لعالم الأحياء بصدر ممتلئ.
…لقد شعر بأنه لا يُقهر.
كان جسده يعج بقوةٍ شرسة – قوة أكبر مما شعر بها في أي وقت مضى. لم يكن الفرق بين بنية فائق وبنية متسامي بقدر الفرق بين قديس وسيد، لكنه كان لا يزال كبيرًا. أما التغييرات الأخرى التي طرأت عليه، فكانت عميقة بما يكفي لتعوض عن تواضع تطوره الجسدي النسبي.
كان لا يزال يحاول استيعاب بعضها، لكن الفوارق الأخرى كانت واضحة تمامًا.
أولًا، كان هناك تحول جوهره. فقد أصبح أكثر شدة، يغمره مقدار لا يمكن تصوره من القوة الباردة والمرعبة.
ثانيًا، كان هناك مقدار جوهره. باختصار، بدا… بلا حدود.
لطالما امتلك صني سبعة أنوية ونسيج الروح، لذا كان معدل استعادته للجوهر سريعًا على نحو غير طبيعي. وقد تحسن هذا المعدل أكثر الآن بعد أن أصبح فائقًا، لكنه لم يكن السبب الرئيسي في أن احتياطياته من الجوهر بدت وكأنها لا تنضب.
بل كان ذلك بسبب الطريقة التي يمتص بها جوهر النفس. في السابق، كان يمكنه امتصاص كميات صغيرة منه بشكل سلبي عندما يكون محاطًا بعنصره المصدر. أما الآن، فقد أصبح يتلقى تدفقًا ثابتًا منه من نطاقه – من كل ظل صامت مستقر في روحه.
تعمّق ارتبطه بالظلال الصامتة وتطوّر، وبما أن عددها كان بعشرات الآلاف، فإن تدفق الجوهر القادم منها جعله من شبه المستحيل أن يستنزفه تمامًا.
بعبارة أخرى، كان للسياديين وصول إلى كمية شبه غير محدودة من جوهر الروح طالما أنهم كانوا داخل نطاقهم. كان هذا يفسر كثيرًا كيف تمكن أنفيل وكي سونغ من استخدام قواهم الهائلة، وكذلك بعض تصرفاتهم أثناء الحرب…
لكن لم يكن صني مثلهم.
كان مميزًا للغاية في الواقع. بل وفريدًا من نوعه.
لأنه، وعلى عكس الفائقين الآخرين، كان يحمل نطاقه داخل روحه. وبالتالي، كان نطاقه مغلقًا على ذاته، وسيبقى معه أينما ذهب. لم يكن بحاجة إلى قلاع لتعزيزه… ولم يكن بحاجة إلى أتباع مخلصين أو إلى إيمان الناس به أيضًا.
كل ما احتاجه هو جمع ظلال الكائنات الحية بقتلها.
‘ويا لها من مسالةٍ مرعبة.’
كان صني يخشى حتى مجرد تخيل مثل هذه القوة في أيدي شخص ليس بعقلانية واستقرار نفسي يمكن الاعتماد عليه مثله…
أما التغيير الأكثر جذريةً، فكان بالطبع إرادته. فقد أصبحت قوة ملموسة أكثر الآن، كما أصبحت أكثر حسمًا. كان صني يعرف كيف يستخدمها من قبل، لكنه لم يفهم حقًا كيفية التحكم بها إلا بعد مواجهته مع أنفيل ومراقبته وهو يستخدم الإرادة كسلاح.
كيف يُخضع العالم لإرادته.
سيحتاج إلى بعض الوقت لإتقان هذه المهارة تمامًا، بالطبع، وكذلك دمجها في أسلوب قتاله… لكنه كان يعرف بالفعل ما يكفي ليتمكن من استخدامها في المعركة.
وكانت هناك تغييرات أخرى، وإن كانت أقل حجمًا.
عباءة العقيق، على سبيل المثال… لم تعد عقيقًا. كان درعه لا يزال أسود، لكن ملمس سطحه المصقول قد تغير، فأصبح أغمق وأكثر نعومة… يكاد يكون خاليًا من العيوب. لقد اكتسبت سمة نبيلة، بل وغريبة نوعًا ما، كما لو كانت منحوتة من اليشم الأسود.
وتطورت عباءة العقيق أيضًا، لتصبح عباءة اليشم.
أوه، وبالطبع…
لقد تغيرت طبيعة روحه ذاتها.
كانت روح الصاعد محتواة داخل جسده. وروح امتدت المتسامي إلى ما يتجاوز الجسد، مندمجةً جزئيًا مع العالم. أما الروح الشاسعة للفائق، من ناحية أخرى… فكان يمكن إطلاقها بحرية في العالم عبر وسيط نطاقه، لإخضاعه.
وكان هذا المبدأ الأساسي لماهية النطاق منذ البداية.
وهكذا…
ناظرًا إلى أنفيل، أطلق صني العنان لروحه.
وأظهر نطاقه.
وبينما فعل، تحركت الظلال عبر ساحة المعركة المتهالكة.
ترجمة آمون