عبد الظل - الفصل 2249
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 2249 : أعماق اليأس
قبل ذلك بوقت قصير…
سقطت سِيد على الأرض، وتدفق الدم على المعدن الممزق والمنحني لدرع صدرها. كان الدم يسيل أيضًا من فمها، لكنها كانت أكثر قلقًا بشأن الدرع… فقد كانت الذكرى تلفظ أنفاسها الأخيرة، وهي على وشك الانهيار إلى وابلٍ من الشرر.
كان ذلك مؤسفًا، لأن الساحر الجذاب، السيد بلا شمس، قد قام بتحسينه شخصيًا من أجلها. والأهم من ذلك، أنها لم ترتدي الكثير حقًا تحت الدرع. وأن تصبح واحدة من دمى الملكة الميتة سيكون سيئًا بما فيه الكفاية، ولكن التجول في ساحة المعركة ميتة ولا ترتدي سوى ملابسها الداخلية بدا ببساطة أمرًا مروعًا.
‘آه… سيكون ذلك محرجًا…’
مدت يدها نحو سيفها ونظرت للأعلى، وهي تعلم جيدًا أنها لن تتمكن من الهرب من مخلوق الكابوس الذي ألقاها أرضًا.
ظهر الوحش الضخم فوقها، واللعاب الرغوي يسيل بين أنيابه الفاسدة. لكن قبل أن يتمكن من العض، ظهرت فجأة أمام سِيد، بينهما وبين الرجس، فتاة نحيلة بفستان أحمر ممزق، متشبثة بموقفها بعناد. بدا الخنجر المتموج في يدها وكأنه لعبة مقارنة بحجم المخلوق المروع الهائل.
‘فيليز، أيتها الحمقاء…’
هل كانت عازمةً على الموت معها؟.
أخيرًا، قبضت سِيد على مقبض سيفها، متسائلة عما إذا كانت ستتمكن من الوقوف. كان الاثنان على الأرجح قد انتهيا…
ولكنهما ستشكلان زوجًا جميلًا من الجثث، على الأقل. لذا… هناك جانب مشرق لكل شيء.
متكئة على سيفها كعكاز، تأوهت سِيد ونهضت على قدميها.
***
على مسافةٍ بعيدة، كان راي وفلور يحاولان يائسين البقاء على قيد الحياة وسط بحر من الرجسات. فقد فقدا راني وتمار في فوضى المعركة منذ فترة، ولم تكن مخلوقات الكابوس حولهما شيئًا يمكن أن يقاتله اثنان من المستيقظين.
فكر راي في محاولة الهرب عبر التخفي، لكنه لم يكن ليتمكن من أخذ فلور معه… ولم يكن ليتخلى عنها أيضًا، لذا بالكاد كانا يتشبثان بالحياة.
…متشبثين بالحياة حتى الآن.
في مرحلة ما، وجدا نفسيهما يحميان ظهري سيدين غير مألوفين – وبالنظر إلى عمرهما ودروعهما، بدا أنهما من عشائر إرث جيش السيف. لم يكن أي من الفارسين الشابين في حالة جيدة، لكن أحدهما بالكاد كان على قيد الحياة، ينزف بغزارة من جرح عميق في رأسه، يتمتم بكلمات غير مفهومة ويطلب الرحمة.
“هيه، ميرسي… أنت… قد رأيته، أليس كذلك؟”
أمسك السيد الآخر بصديقه وسحبه إلى الخلف، منقذًا الشاب من مخالب رجس بشع.
“رأيت ماذا؟!”
بمعجزة، تمكن الفارس النازف من قطع رأس مخلوق الكابوس ووقف مترنحًا.
“ذلك… ذلك الوغد الفاجر! ذلك الفاسق المنحط، السيد بلا شمس! إنه… إنه لورد الظلال! كنت أعلم ذلك. لقد أخبرتك! لقد كان يخدع السيدة نيفيس طوال هذا الوقت، ذلك الشرير الماكر!”
نظر إليه الفارس الآخر – ميرسي – بقلق.
“هل أصبت في رأسك، تريستان؟ انتظر، لا تُجب… لقد أصبت. على أي حال، هذا مستحيل…”
هز تريستان رأسه، غير مكترث بالدماء التي تسيل على وجهه.
“لا… لا، رأيته بوضوح! إنه هو!”
في تلك اللحظة، أطلقت فلور صرخة وسقطت. اهتز راي أيضًا، فجأة وجد صعوبة في التنفس. شعر حضور مرعب، جنوني، اجتاح عقولهم، وظهر أمامهم مخلوق كابوس جديد – هذا كان أكثر رعبًا من جميع البقية.
مخلوق عظيم.
شحب وجه ميرسي، ورفع تريستان سيفه بضعف. لم يكن لأي منهما أي فرصة في مواجهة رجس عظيم، خاصة وهما مصابان ومنهكان كما كانا. لكن ماذا كان بإمكانهما أن يفعلا؟.
فمجرد الحركة تحت نظر الكائن المرعب لهي مهمة شاقة، بينما كان بإمكانه القضاء على الأربعة في حركة واحدة.
بدا الأمل باهتًا…
حتى سقط فجأة شيءٌ هائل من السماء، ساحقًا مخلوق الكابوس العظيم.
كان…
رمش راي، غير مصدق عينيه.
…كان كوخًا صغيرًا من الطوب، بنوافذ زجاجية وشرفة خشبية.
‘هاه؟’
تحرك مخلوق الكابوس الملطخ بالدماء تحت الكوخ، وقطع عظام حادة تخترق جلده. لكن قبل أن يتمكن من الفرار، انفتح فك مرعب في وسط جدار الطوب، وقضم الكوخ رأس الكائن العظيم، ممزقًا إياه بأسنانٍ لا حصر لها.
‘…ماذا؟’
تجمد راي وفلور وميرسي وتريستان في أماكنهم، محدقين في الكوخ المرعب بتعابير مذهولة. للحظة، نسوا حتى بحر الرجسات الذي كان يحيط بهم.
في تلك اللحظة، انفتح باب الكوخ، وظهرت شابة ضئيلة الحجم على الشرفة، تطفو بضعة سنتيمترات فوق الألواح الخشبية.
نظرت إليهم بوجه شاحب، ثم صاحت:
“ماذا تنتظرون؟! ادخلوا إن أردتم النجاة، أيها الحمقى!”
حدق راي في الفتاة الصغيرة الطافية للحظة، ثم نظر خلفها وارتجف من المشهد المروّع. كانت الغرفة الفسيحة على الجانب الآخر من الباب تعج بالجثث، والدماء ملطخة على الأرض. بدا الأمر وكأنها بطن وحشًا مفترسًا لا يشبع من أكل البشر.
كان مرعوبًا.
‘يـ–يا له من رجس عجيب…’
لكن الأكثر رعبًا، أن بعض الأجساد كانت لا تزال تتحرك، مما يشير إلى أنها قد ابتُلعت وهي على قيد الحياة.
لا، انتظر. لم تكن تلك جثثًا… بل كانوا عشرات الجنود المصابين، متكئين على الأرض بإرهاق ويعالجون جراحهم!.
تريث راي للحظة.
ثم التقط فلور في وضعية حمل الأميرة وقفز إلى الشرفة.
‘آه، لا يهم! لم أعد أهتم!’
تباطأ السيدان المذهولان قليلًا، ثم تبعاهما وهما يتمتمان باللعنات بأصواتٍ مرتجفة.
***
في مكانٍ آخر، كانت رَين تقاتل جنبًا إلى جنب مع تمار وفارسة الريشة – الذي اتضح أن اسمها تيل. لم تكن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة للجيشين العظيمين، ولم تكن تسير على ما يرام بالنسبة لهم أيضًا.
خاصةً بالنسبة لرَين، التي كانت تشعر بالاختناق من عجزها عن القتل.
ومع ذلك، ومع ذلك…
كانت تشعر به. الشعور المجهول الذي كان يتضخم في صدرها، يصبح أكثر وضوحًا مع كل لحظة.
كان جانبها يستيقظ.
بدا وكأن خَتمًا وُضع على روحها كان ينهار ببطء، مستعدًا للانهيار بالكامل. رعب المعركة الكارثية، الألم والسخط اللذان شعرت بهما وهي تشهد هذا الدمار العبثي، الرغبة اليائسة في منع هذه الأرواح من الضياع…
ربما، كل ما كانت بحاجة إليه لكشف جانبها هو العثور على الاسم الصحيح لهذه العاطفة.
لكن الكلمات الصحيحة لم تكن تأتي، وكأنها لم تكن موجودة في لغة البشر.
وكان الثلاثة على وشك أن يُبادوا بأنفسهم…
كان قد مزق مسخٌ هائل فارسًا صاعدًا إلى أشلاء، وبدأ الآن يندفع نحوهم، مع جنونٍ دموي يحترق في عينيه المحمرتين.
شحب وجه رَين ورفعت سيفها التاتشي، وهي تعلم أن نصلها لن يكون قادرًا حتى على خدش جلد الوحش.
لكن في اللحظة التالية، ظهرت من الظلام هيئة مروعة من الفولاذ الأسود الفضي، تتوهج عيناها بلهب قرمزي جهنمي. امتدت أربعة أيدي ذات مخالب نحو الرجس المهاجم، واخترقت جسده ورفعته في الهواء. ثم، بصوت تمزق مقزز، قُطّع مخلوق الكابوس إلى أربعة أشلاء دامية.
بينما كانت الدماء تتدفق على درع الشرير ذي الأذرع الأربعة وتتبخر، وجّه نظراته النارية إلى الأسفل وحدّق مباشرة في رَين.
انفتح فمه الجهنمي… وانبعث منه صوتٌ خشن.
…كان يخاطبها.
“حمايةُ… عمتي…”
رمشت رَين.
هاه؟.
‘عـ—عمتي؟ أنا؟’
حدقت في الشرير العملاق، مذهولةً.
لكن… لكنها بالكاد تجاوزت الواحدة والعشرين من عمرها…
ترجمة آمون